د.مروة وائل
هل سمعت من قبل عن مصطلح الانغماد المعوي (الانغلاف المعوي) أو intussusception disease؟
سنأخذك في رحلة قصيرة لنتعرف على أسبابه، وأعراضه، وطرق علاجه.
لذا فلتربط أحزمة الأمان، لأن رحلتنا ستقلع الآن.
ما هو الانغلاف المعوي؟
يُعد الانغلاف المعوي حالة طبية خطرة، وتحدث عندما ينزلق جزء من الأمعاء داخل الجزء المجاور له.
يشبه ذلك انزلاق أجزاء التلسكوب داخل بعضها البعض، لذلك من الممكن أن يُسمى بالتداخل التلسكوبي، مما يتسبب في ثني الأمعاء حول نفسها وبالتالي يؤدي إلى الانسداد المعوي.
ينتج عن ذلك صعوبة مرور الطعام والسوائل عبر الأمعاء، كما أنها تقلل من تدفق الدم إلى المنطقة المصابة، وقد ينتج عن ذلك:
- تمزق في جدار الأمعاء.
- عدوى.
- موت الأنسجة.
يُعد الانغماد المعوي أكثر شيوعًا في الأطفال الذين يتراوح أعمارهم من 3 إلى 36 شهرًا.
ما هي أسباب الانغماد المعوي؟
يحدث الانغلاف المعوي عادة بالأمعاء الدقيقة، وهي أنبوب طويل متعرج يسمح للجسم بامتصاص العناصر الغذائية المهمة، يصعب تحديد سبب الانغماد المعوي في أغلب الحالات، ولكن في بعض الحالات يحدث الانغماد المعوي نتيجة لنمو كتلة بالأمعاء مثل السليلة أو الورم.
عندما تتحرك العضلات داخل جدار الأمعاء ذهابًا وإيابًا في أثناء عملية الهضم، تلتقط هذه الكتلة التي تسمى بنقطة الارتكاز، مما يؤدي إلى ثني بعض الأنسجة المجاورة على نفسها.
أسباب إضافية عند الأطفال
يُحتمل أن يكون السبب فيروسيًا، وذلك لأن الكثير من الأطفال الذين يعانون الانغلاف المعوي تظهر عليهم أعراضه شبيهة بالإنفلونزا، وتزداد في فصلي الخريف والشتاء عندما يصل موسم الإنفلونزا إلى ذروته.
ويمكن أن تُشخص هذه المشكلة على أنها رتج ميكل (كيس يتشكل في الأمعاء الدقيقة)، وهذا في حالة إذا كانت نقطة الارتكاز هي السبب.
أسباب إضافية عند البالغين
ما هي عوامل الخطر؟
- العمر: الانغلاف المعوي شائع أكثر في عمر من 6 أشهر إلى 3 سنوات.
- الجنس: الانغلاف المعوي أكثر شيوعًا في الذكور عن الإناث.
- حالات معينة: بعض الحالات تزيد الفرص بالإصابة بالانغماد المعوي مثل داء كرون، والتليف الكيسي.
- تاريخ العائلة المرضي.
- الشكل غير الطبيعي للأمعاء عند الولادة.
ما هي أعراض الانغماد المعوي؟
تتسم أعراض الانغماد المعوي بظهورها المفاجئ عند كل من الصغار والكبار. ويُعد الألم هو أكثر أعراض الانغماد المعوي شيوعًا، وقد يعاني الأطفال الأكبر سنًا والبالغون من الألم فقط دون ظهور أي أعراض أخرى.
الأعراض عند الأطفال
من المؤشرات الأولى التي تدل على حدوث الإصابة هي البكاء المفاجئ، ويمكن أن تجد الأطفال يضمون ركبهم إلى صدورهم.
تظهر نوبات من آلام البطن وتختفي كل 15 إلى 20 دقيقة، وتستمر النوبات لفترة أطول حتى يبدأ العلاج.
وقد تشمل الأعراض الأخرى عند الأطفال ما يلي:
- الشعور بالغثيان والقيء.
- الإسهال.
- الحمى.
- قلة النشاط.
- براز ممزوج بالدم والمخاط.
الأعراض عند البالغين
يُعد تشخيص الانغلاف عند البالغين من التحديات التي يواجهها الطبيب وذلك لندرة حدوثه وعدم وجود أعراض محددة.
تشمل أعراض الانغلاف عند البالغين ما يلي:
- الشعور بالغثيان والقيء
- آلامًا في البطن
الفرق بين البالغين والأطفال
يُعد الانغلاف أكثر شيوعًا عند الأطفال منه لدى البالغين.
عادةً ما يعاني الأطفال الأعراض الكلاسيكية الموصوفة أعلاه، بينما يعاني البالغون غالبًا من أعراض مزمنة غير محددة قد تكون ناجمة عن انسداد جزئي، ويُظهر البالغون تباينًا في الأعراض أكثر من الأطفال.
لا يوجد سبب معروف للانغلاف المعوي عند الأطفال إلا في 10٪ فقط من الحالات، وبالعكس في البالغين حيث 90٪ من الحالات التي تعاني الانغلاف تحدث نتيجة لوجود حالة كامنة.
ما هي مضاعفات الانغماد المعوي؟
يمكن أن يؤدي الانغلاف المعوي إلى قطع الإمداد الدموي عن الجزء المصاب بالأمعاء، وإذا تُرك بدون علاج يمكن أن يتسبب ذلك في موت الأنسجة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تمزق جدار الأمعاء (انثقاب)، الذي قد يتسبب بدوره في حدوث التهاب الصفاق.
تشمل المضاعفات الأخرى الآتي:
- الفتق الداخلي أو الالتصاقات التي تسبب الانسداد المعوي.
- الإنتان (تعفن الدم) من التهاب الصفاق غير المكتشف.
- النزيف المعوي.
يندر حدوث المضاعفات إذا شخصت الحالة مبكرًا وعولجت، فإن معدل الوفيات سيقل عن 1% في الأطفال، مقارنة بترك الحالة بدون علاج فتصبح مميتة في مدة تتراوح من يومين إلى 5 أيام.
تشخيص الانغماد المعوي
يقوم الطبيب بأخذ تاريخ الأعراض الناتجة عن الانغماد المعوي، وقد يتمكن من الشعور بوجود كتلة عند الضغط على البطن ويطلب إجراء بعض الفحوص الأخرى مثل:
- تصوير البطن بالأشعة السينية: قد يُظهر الانسداد في الأمعاء الناتج عن الانغماد المعوي.
- الموجات الفوق الصوتية: تستطيع الكشف عن المشاكل بالأنسجة واضطرابات الدورة الدموية.
- حقنة شرجية تباينية: هذه هي الطريقة التقليدية والأكثر دقة لتشخيص الانغلاف عند الأطفال.
- حقنة الباريوم الشرجية: يُحقن الباريوم السائل في المستقيم (نهاية الأمعاء الغليظة) للحصول على صورة مفصلة بالأشعة السينية للجزء السفلي من الأمعاء الدقيقة.
يمكن أن يؤدي ضغط إدخال الباريوم في بعض الأحيان إلى عودة الأنسجة المطوية لوضعها الطبيعي في حالات الانغلاف الخفيف.
علاج الانغلاف المعوي(علاج Intussusception)
تعد شدة الانغلاف المعوي أحد العوامل الرئيسية التي تحدد وسيلة العلاج سواء كانت جراحية أم غير جراحية، مع الأخذ في الاعتبار عمر الطفل، وصحته العامة.
- الوسائل غير الجراحية:
حقنة الباريوم الشرجية أو حقنة الهواء الشرجية: تبدأ بحقن الهواء في الأمعاء، وقد يدفع ضغط الهواء الأنسجة المصابة إلى موضعها الأصلي.
- الوسائل الجراحية:
نلجأ إلى الجراحة عندما تصبح الحقنة الشرجية غير فعالة، ويعمل الجراح على إعادة الأمعاء إلى وضعها الطبيعي والصحي. وقد يحتاج إلى إزالة جزء من الأمعاء في حالة تلف أي نسيج، ثم يتم خياطة الأجزاء المتبقية معًا مرة أخرى.
تٌعد الجراحة هي الطريقة الرئيسية للبالغين الذين يعانون الانغلاف، وللأطفال المصابين بمرض شديد.
ختامًا، يجب عليك عزيزي القارئ أن تتعامل مع الأعراض مثل ألم البطن المفاجئ والتغيرات في براز طفلك بجدية.
وتذكر أنه كلما طلبت المساعدة الطبية مبكرًا بشأن هذه الأعراض، كلما خرج طفلك من تلك الضائقة بشكل أسرع، وقللت من خطر حدوث مضاعفات.
ما الفرق بين الانغماد المعوي وانفتال الأمعاء؟
ما معنى volvulus أو انفتال الأمعاء والفرق بينه وبين الانغماد المعوي؟!
ولكن قبل أن نعرف الفرق بينهم، فلنلقي نظرة خاطفة أولًا على أنواع الانسداد المعوي.
أنواع الانسداد المعوي
يوجد نوعان من الانسداد المعوي:
- انسداد وظيفي: لا يوجد انسداد مادي، ومع ذلك، فإن الأمعاء لا تستطع نقل الطعام عبر الجهاز الهضمي وقد يكون هذا بسبب تلف العضلات أو الأعصاب الذي قد يكون نتيجة جراحة في البطن، أو اضطرابات مثل مرض باركنسون.
- انسداد ميكانيكي : هناك انسداد يمنع حركة الطعام، ويمكن أن يكون السبب هو ورم، أو انفتال الأمعاء، أو الانغماد المعوي.
- يسبب كل من الانغماد المعوي والانفتال المعوي انسداد الأمعاء، ولكن يكمن الاختلاف بينهما في أن الانفتال المعوي يحدث عندما تلتف الأمعاء حول نفسها، حيث تلتف حلقة من الأمعاء حول جزء آخر من الأمعاء جنبًا إلى جنب مع الأنسجة المحيطة بها (المساريق).
ويتسبب هذا الالتواء في حدوث الانسداد المعوي بحيث لا يمكن لمحتويات الأمعاء أن تمر من خلالها، ويمكن أن يقطع هذا إمداد الدم إلى ذلك الجزء من الأمعاء، مما يتسبب في موت هذا الجزء إذا لم يتم علاجه بسرعة.
