التعافي من كورونا | إلى متى تستمر الأعراض؟

كان وقتًا عصيبًا، مرت الساعات أيامًا طويلةً بل عمرًا بأكمله. عانيت كثيرًا ما بين الحمى والسعال والآلام في كل خلية من خلاياي، إلى أن بدأت مرحلة التعافي من كورونا.

عزيزي القارئ، أحدثك في هذا المقال عن التعافي من كورونا، وما له من تأثيرٍ على أجسامنا. هيا بنا.

التعافي من كورونا

يتعافى معظم من يصاب بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) بسرعة خلال أسابيع قليلة. لكن يصاب بعضهم بأعراض مستمرة بعد التعافي.

يصف هؤلاء أنفسهم بأنهم “حاملون مستمرون للمرض”. سُميت هذه الحالة بمتلازمة ما بعد فيروس كورونا المستجد.

يمثل كبار السن والأشخاص الذين لديهم حالات طبية خطيرة الفئة الأكثر عرضة للإصابة بمتلازمة ما بعد فيروس كورونا المستجد. كذلك يشعر بعض الشباب الأصحاء بعد تعافيهم بالتوعك لأسابيع وربما أشهر بعد الإصابة. 

تشمل علامات وأعراض متلازمة ما بعد فيروس كورونا المستجد ما يلي:

تلف الأعضاء وفيروس كورونا المستجد

يمكن لفيروس كورونا المستجد إلحاق الضرر بكثيرٍ من أعضاء الجسم، رغم كونه يؤثر في الرئتين بشكل رئيس.

هذا الضرر الذي يصيب أعضاء الجسم، ربما يؤدي للتعرض لمشاكل صحية تمتد لفترات طويلة.

من أمثلة الأعضاء التي تتضرر ما يلي:

أظهرت الموجات الصوتية التي أُجريت بعد التعافي من فيروس كورونا المستجد حدوث ضرر في عضلة القلب، حتى لدى غير المصابين إلا بأعراض خفيفة. ربما يزيد ذلك خطر التعرض لفشل القلب أو مضاعفات قلبية في المستقبل.

يحدث التهاب الرئة نتيجة الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وربما يسبب تلفًا طويل المفعول في الشعب الهوائية الصغيرة، يؤدي بدوره إلى مشكلات تنفسية.

ربما يسبب فيروس كورونا المستجد السكتة الدماغية، والتشنجات، ومتلازمة غيلان باريه، التي تسبب شللًا مؤقتًا. كذلك يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بداء باركنسون وداء ألزهايمر.

التعافي من كورونا وجلطات الأوعية الدموية

يمكن أن يزيد فيروس كورونا المستجد تَكتُّل خلايا الدم وبالتالي تكوين الجلطات. يُعتقَد أن أغلب الجلطات التي تصيب القلب نتيجة للفيروس جلطات صغيرة، تسد الشعيرات الدموية في عضلة القلب.

من الأعضاء الأخرى التي تتأثر بالجلطات الدموية الكبد والكليتان والساقان والرئتان. كذلك يمكن أن يضعف فيروس كورونا المستجد الأوعية الدموية ويُحدث تسريب فيها، مما يسبب مشاكل طويلة الأمد في الكبد والكلى.

التعافي من كورونا وفقدان حاسة الشم والتذوق

أظهرت نتائج الدراسات الحديثة أن عديدًا من الأشخاص الذين يتعافون من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، تضعف لديهم حاسة الشم والتذوق وقد يفتقرون إليها حتى 5 أشهر بعد التعافي.

يقول الخبراء إن الإصابة بفيروس كورونا المستجد يمكن أن تسبب التهابًا يضر بالأعصاب الرئيسية، وربما يؤثر على جزء الدماغ الذي يتعامل مع الحواس.

يؤكد الخبراء أن معظم الناس يستعيدون حاسة الشم والتذوق، على الرغم من أن ذلك ربما يحتاج إلى بعض الوقت.

فيروس كورونا المستجد ومشكلات متعلقة بالمزاج واستعادة النشاط

تمثل تجربة الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وإدخال البعض إلى العناية المركزة، وتوصيلهم بأجهزة تساعد على التنفس، ثم النجاة بعد ذلك، تجربة مريرة ربما تصيب البعض بالاكتئاب والقلق.

يعكف العلماء حاليًا على دراسة الآثار طويلة المفعول لفيروسات مرتبطة بفيروس كورونا المستجد، وذلك لصعوبة التنبؤ بآثار الفيروس. من أمثلة تلك الفيروسات الفيروس المسبب للالتهاب التنفسي الحاد الوخيم (سارز).

أصيب كثيرٌ من المتعافين من سارز بمتلازمة الإرهاق المزمن، وهو اضطراب يتصف بالإرهاق الشديد الذي يزداد مع النشاط الذهني أو البدني، ولا يتحسن بأخذ قسط من الراحة. ربما ينطبق ما سبق على المتعافين من كورونا.

التعافي من كورونا واستعادة النشاط

يصعب التنبؤ بالتأثيرات طويلة الأمد للإصابة بفيروس كورونا المستجد، كما يصعب تحديد متى يستطيع الشخص استعادة كامل لياقته، والعودة ثانيةً لأنشطته السابقة للإصابة.

يستطيع بعض الأشخاص العودة مباشرةً بعد التعافي إلى أنشطتهم السابقة، بينما يجد آخرون صعوبة في ذلك. لكن نستطيع القول أن الغالبية العظمى من الأشخاص المتعافين يحتاجون إلى الصبر والتروي، للعودة إلى سابق نشاطهم بمعاونة الطبيب المختص وتحت إشرافه.

يحتاج الجميع إلى الراحة حد أدنى مدة عشرة أيام من تاريخ التشخيص، دون مزاولة أي نشاط، بالإضافة إلى التركيز على النظام الغذائي المتوازن. بعد ذلك يحدد الطبيب المختص بناءً على درجة الإصابة والأعراض متى يستطيع الشخص العودة إلى سابق أنشطته.

التعافي من كورونا والضعف الجنسي

في دراسة أجريت على الرجال المتعافين من فيروس كورونا المستجد، وعلاقة ذلك بصحتهم الجنسية والتناسلية، أظهرت النتائج أنه ربما يعاني الرجال المتعافين ضعفًا جنسيًا. 

ربطت الدراسة هذا الضعف الحاصل بثلاثة عوامل هامة هي:

يمكن لفيروس كورونا المستجد، أن يسبب التهابات في أجزاء الجسم المختلفة، خاصة القلب والعضلات المحيطة. وربما يحدث انسداد في تدفق الدم الواصل للقضيب نتيجة إصابة الأوعية الدموية.

 يرتبط النشاط الجنسي ارتباطًا وثيقًا بالصحة النفسية. يمكن ربط التوتر والقلق والاكتئاب الناجمين عن الفيروس بالضعف الجنسي وسوء الحالة المزاجية.

يكون الضعف الجنسي عادةً أحد أعراض مشكلة صحية أساسية، إذ يكون الأشخاص أصحاب المشكلات الصحية المتعددة أكثر عرضة للإصابة بضعف الانتصاب. نظرًا لأن الفيروس يمكن أن يسبب عددًا كبيرًا من المشكلات الصحية، لذا فإن الصحة العامة المتدهورة أحد أسباب الضعف الجنسي.

 التعافي من كورونا والإصابة بالسكري

يمكن أن تتسبب الإصابة بفيروس كورونا المستجد في الكثير من المشكلات الصحية الخطيرة، التي تستمر في بعض الأحيان، مثل تلف الرئة وتلف الكلى ومشاكل القلب. 

أشارت الأبحاث في الآونة الأخيرة، إلى أنه قد يتسبب أيضًا في ظهور مفاجئ لداء السكري المعتمد على الأنسولين.

رصد تقرير طبي حالة ألمانيٍ يبلغ من العمر 19 عامًا أصيب بفيروس كورونا المستجد دون أعراض، ثم انتهى به الأمر إلى دخول المستشفى والإصابة بداء السكري المعتمد على الأنسولين.

قبل خمسة إلى سبعة أسابيع من إصابة الشاب بداء السكري، أصيب والداه بأعراض فيروس كورونا المستجد بعد رحلة تزلج في النمسا، لكن لم تظهر على الشاب الأعراض.

عندما أُدخل الشاب إلى المستشفى، كان مرهقًا وفقد أكثر من 26 رطلًا من وزنه في غضون أسابيع قليلة، وكان يتبول كثيرًا، ويعاني آلامًا في جانبه الأيسر. كان مستوى السكر في دمه أكثر من 550 ملليجرام لكل ديسيلتر (مجم / ديسيلتر) – المستوى الطبيعي أقل من 140 مجم / ديسيلتر في اختبار الدم العشوائي.

اشتبه الأطباء في إصابته بداء السكري من النوع الأول. كانت نتيجة اختباره إيجابيةً لمتغير جيني نادرًا ما يكون مرتبطًا بداء السكري من النوع 1، وسلبيةً للمتغيرات الجينية الموجودة عادةً في النوع 1. كذلك لم تكن لديه الأجسام المضادة الموجودة عادةً لدى الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 1.

نوع جديد من داء السكري!

حار الأطباء في حالة الشاب. هل كان هذا النوع 1 أو النوع 2 من داء السكري أو نوع جديد من داء السكري؟ إذا لم يكن الشاب مصابًا بداء السكري من النوع الأول، فهل يمكن أن يختفي هذا المرض المفاجئ من تلقاء نفسه؟ 

وأخيرًا، لم يتمكنوا من التأكد من أن الفيروس تسبب في داء السكري أم لا. ما زالت الأبحاث قائمة.

تأثيرات فيروس كورونا المستجد طويلة المفعول غير المعروفة

ينصح الباحثون بمراقبة المتعافين من كورونا عن كثب، للتأكد من سلامة وظائفهم العضوية بعد التعافي، إذ لا زال الأمر يخضع للدراسات والملاحظات، ولا شيء مؤكد حتى الآن.

هكذا عزيزي القارئ، وصلنا إلى نهاية حديثنا عن التعافي من كورونا وتأثيرات ذلك على وظائف الجسم المختلفة.

أدري أن الأمر صعبٌ. ربما تحتاج بعض الوقت لاستعادة حياتك السابقة قبل الإصابة. لكن صبرك وثقتك في قدرتك على تخطي هذه المرحلة، إضافةً إلى نظامك الصحي ومتابعتك المنتظمة مع الطبيب، ستوصلك حتمًا ولو بعد حين إلى بر الأمان.

اقرأ أيضًا

رهاب كورونا | عندما يصير الخوف أكثر عدوى من الفيروس

تحاليل الكورونا | رحلة البحث عن كورونا

لقاح كورونا | هل ينقذ العالم من الفيروس القاتل؟

المصدر
webmdclevelandclinichopkinsmedicinemayoclinic
Exit mobile version