كنت أشتكي كثيرًا من آلام شديدة في كل جسمي وأشعر بوهن شديد، فذهبت إلى الطبيب حتى يفحصني وأعلم ما سبب هذه الآلام، وعند الفحص قال لي “أتوقع أن سبب شكوتك هو الفيبروماليجيا، ولكن لابد من عمل تحاليل لاستبعاد وجود أي سبب آخر”.
فاستغربت كثيرًا من هذا المصطلح فلم أسمع به من قبل، وبدأت أبحث عن هذا المرض، ولكي تعرف المزيد عنه عليك قراءة هذا المقال.
ما المقصود بالفيبروماليجيا؟
الألم العضلي الليفي أو الفيبروماليجيا (fibromyalgia) هو مرض مزمن يسبب ألمًا شديدًا ينتشر في العظام والعضلات، ووهنًا عامًا وإرهاقًا للجسم، واضطرابات في النوم.
ويُعد ثاني أكثر الأمراض انتشارًا التي تؤثر في العضلات والعظام، فيوجد نحو 4 مليون أمريكي مصاب بالمرض عمرهم يفوق 18 عامًا تعدادهم حوالي %2 من إجمالي سكان الولايات المتحدة الأمريكية.
أعراضه تشبه إلى حدٍ كبير أعراض الروماتيزم أو التهاب المفاصل، ولكن لا يكون السبب التهابًا وتبقى المشكلة في الجهاز العصبي بالمخ والحبل الشوكي.
اكتشف الباحثون أن هذا المرض يسبب زيادة غير طبيعية في المواد المسؤولة عن إرسال إشارات الألم بالإضافة إلى أن مستقبلات الألم أصبحت اكثر حساسية له، مما يسبب تداخل بين الإشارات المسببة وغير المسببة للألم.
أعراض الفيبروماليجيا
يوجد عديد من الأعراض التي يعانيها المصاب بالمرض وهي:
- ألم وتيبس منتشر في جميع أنحاء الجسم.
- التعب والإرهاق.
- الاكتئاب والأرق.
- اضطراب في النوم.
- مشكلات متعلقة بالذاكرة والتركيز تُعرف بالضباب الخفيف“fibro-fog”.
- صداع.
- تنميل في الأيدي والأقدام.
- ألم في الوجه والفك (مثل متلازمة المفصل الصدغي الفكي).
- مشكلات في الجهاز الهضمي مثل وجع في البطن، أو انتفاخ أو إمساك، أو القولون العصبي.
- حساسية زائدة تجاه البرد، والحرارة.
- آلام شديدة للدورة الشهرية.
مضاعفات الفيبروماليجيا
للألم العضلي الليفي بعض المضاعفات الخطرة التي تؤثر في حياة مصابيه مثل:
- كثرة دخول المشفى: يدخل المصاب بهذا المرض المشفى بمعدل الضعف عن غير المصابين به.
- تغير نمط الحياة للأسوأ.
- زيادة معدل الإصابة بالاكتئاب: يُصاب المريض بالاكتئاب بمعدل 3 أضعاف عن غيره لذا العلاج النفسي ضروري في هذه الحالة.
- ارتفاع معدلات الانتحار.
- زيادة نسبة الإصابة بالأمراض الروماتيزمية مثل هشاشة العظام، والتهاب المفاصل الروماتيزمي، والذئبة الحمراء، والتهاب الفقرات التيبسي.
عوامل الخطورة التي تسبب الفيبروماليجيا
يوجد بعض العوامل التي تزيد الإصابة بالمرض منها:
- الجنس: وُجد أن النساء أكثر عرضةً للمرض بمقدار الضعف مقارنةً بالرجال.
- السن: ينتشر المرض بنسبة أكبر في مرحلة منتصف العمر، وكلما تقدم العمر زادت احتمالية الإصابة وكذلك يُصاب به الأطفال.
- التاريخ العائلي: إذا كان أحد أفراد العائلة لديه المرض فهذا يزيد من احتمالية الإصابة.
- وُجد أن مرض الذئبة الحمراء أو التهاب المفصل الروماتويدي يزيدان احتمالية الإصابة بالمرض.
- الإصابات المتكررة خاصةً في الركبة.
- السمنة.
أسباب الألم العضلي الليفي
إذا تساءلنا عن أسباب الفيبروماليجيا فلن نجد سببًا محددًا لها، ولكن طبقًا لأحدث الأبحاث قد يكون السبب مجموعة من العوامل منها الجينات الوراثية بالإضافة إلى العدوى، والصدمة، والضغط العصبي.
- الجينات الوراثية
يعتقد الباحثون أن الجين الوراثي له دورٌ هام في الإصابة بالمرض، إذ إنه يحتمل وجود جين وراثي يؤثر في انتقال إشارات الألم بين الخلايا العصبية.
- الصدمة النفسية
تتسبب الصدمات النفسية أحيانًا في المرض وهذا مرتبط بحالة تعرف باسم اضطراب ما بعد الصدمة.
- الضغط العصبي
يؤثر الضغط العصبي مثل الصدمة في حالة الجسم الصحية وذلك لعدة أسباب منها التغير الهرموني، أو يقلل المخ من مدى احتمال الجسم للألم، أو يبالغ العصب في ردة فعله تجاه إشارات الألم.
- العدوى
تتسبب أحيانًا العدوى مثل الإنفلونزا، أو الالتهاب الرئوي، أو عدوى الجهاز الهضمي مثل السالمونيلا في الإصابة بالمرض أو تجعل الأعراض أسوأ.
الفيبروماليجيا والمناعة الذاتية
في أمراض المناعة الذاتية مثل التصلب اللويحي، والتهاب المفاصل الروماتيزمي، يستهدف الجسم خطأً نسائجه وأعضائه السليمة مثل المفاصل بالأجسام الذاتية المضادة بدلًا من مهاجمة الفيروسات والبكتيريا.
لذا تتشابه أعراضها مع أعراض الألم العضلي الليفي وتتداخل فيما بينها، ولكن يختلفان في كون الفيبروماليجيا لا يسبب أي التهاب ولا ينتج أي أجسام ذاتية مضادة.
كيفية تشخيص الفيبروماليجيا
لا توجد أي أشعة أو تحاليل تثبت هذا المرض ولكن اعتمدت الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم 3 معايير لتشخيص المرض:
- وجود الألم والأعراض طوال أسبوع ماضٍ في أجزاء جسم محددة بالإضافة إلى مستوى الإرهاق، والنوم غير المرضي، والمشكلات المتعلقة بالذاكرة.
- استمرار الأعراض لأكثر من 3 أشهر.
- عدم وجود مرض آخر يفسر الأعراض الموجودة.
علاج الألم العضلي الليفي (الفيبروماليجيا)
للأسف الفيبروماليجيا ليس لها علاج محدد، ولكن التدخل الطبي ضروري لتقليل الأعراض وتحسين جودة الحياة، ويسارع تمييز كل عرض بالاهتمام والعناية في الشفاء.
ويتضمن العلاج بعض النقاط:
- العلاج بالأدوية.
- استراتيجيات الرعاية الذاتية.
- تغيير نمط الحياة اليومي.
يهدف العلاج بالأدوية إلى الحد من الآلام الجسدية وزيادة عدد ساعات النوم وجودته، والهدف من العلاج الفيزيائي زيادة القوة الجسمانية وتقليل الضغط على الجسم، ونسعى من التمارين الرياضية الراحة النفسية، وتقليل القلق، وإحساس المريض كونه أفضل سواء نفسيًا أو جسديًا.
أولًا: الأدوية
- مسكنات الألم
تُعالج مسكنات الألم التي تستخدم دون وصفة طبية مثل الإيبوبروفين، أو الأسيتامينوفين الأوجاع الجسدية البسيطة.
وتوصف المخدرات أحيانًا في علاج الآلام الجسدية الشديدة، ولكن لأن هذه الأدوية تزداد جرعتها تدريجيًا؛ مما يسبب إدمانها لذا ينصح الأطباء بعدم استعمالها.
- مضادات الاكتئاب
تستخدم الأدوية المضادة للاكتئاب مثل دولوكستين أوميلناسبران في علاج الألم والقلق الناتجين عن الإصابة بالمرض، فتحسن من جودة ساعات النوم وتقليل عدم التوازن في إرسال الإشارات العصبية.
- مضادات الصرع
يستخدم الجابابنتين عادةً في علاج الصرع، ولكنه يستخدم كذلك في الحد من أعراض المرض.
ويعد البريجابلين (دواء مضاد للصرع) الخيار الأول الموثق من منظمة الغذاء والدواء لعلاج الفيبروماليجيا؛ إذ أنه يغلق الخلايا العصبية من إرسال إشارات الألم.
أُجريت القليل من التجارب المعملية لمساعدة المصابين على هذا المرض المؤلم.
ثانيًا:البدائل الطبيعية
إذ لم تكن الأدوية التي وصُفت من قبل الطبيب كافية للحد من الأعراض، فمن الممكن البحث عن بدائل أخرى وهي البدائل الطبيعية.
وتستخدم البدائل الطبيعية بمفردها أو جنبًا إلى جنب الأدوية، وتتركز في الحد من القلق والاكتئاب والألم المصاحب للمرض.
وتتضمن هذه البدائل الطبيعية ما يلي:
- العلاج الفيزيائي.
- العلاج بالإبر.
- التأمل.
- اليوجا.
- التمارين الرياضية.
- المساج.
- الطعام الصحي المتوازن.
- تاي تشي (نوع من الرياضات الروحية التي تطورت من الفنون القتالية في آسيا).
- 5 هيدروكسي تريبتوفان(5 hydroxytryptophan).
يعد العلاج وسط مجموعة تعاني هذا المرض من الخيارات المفضلة، إذ تعطي معرفة المزيد من طرق الشفاء، ويوصف العلاج السلوكي المعرفي للمصاب إذا كان لا يفضل المساعدة وسط مجموعة، ولابد من سؤال الطبيب عن فوائد وعيوب هذه البدائل قبل استخدامها.
ثالثًا:النظام الغذائي الصحي
التغذية الصحية المتوازنة لها دور بارز في الحفاظ على صحة الجسم، وألا تسوء الأعراض أكثر، وإمداد المصاب بالمزيد من الطاقة ولكن لم يثبت العلماء أي من ذلك.
تتضمن التغذية الصحية ما يلي:
- أكل الخضراوات والفواكه مع الحبوب الكاملة والبروتين والوجبات قليلة الدسم.
- شرب كمية كبيرة من الماء.
- تقليل كمية السكر في الطعام.
- السعي للحصول على الوزن المثالي والحفاظ عليه.
لابد من تجنب بعض الأغذية التي تجعل الأعراض أسوأ مثل الجلوتين، ويجب استشارة الطبيب المعالج في نوعية الأغذية التي تناسب الحالة الصحية.
وختامًا إذا أحسست بأي عرض من أعراض الفيبروماليجيا، فعليك استشارة طبيبك ليجد لك التشخيص والعلاج المناسب لك وبذلك تحافظ على صحتك، فإن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء.