الصحة النفسيةطب الأطفالطب عامطبي

رهاب الماء | فوبيا الماء (أكوافوبيا) عندما تخشى سر الحياة!

لطالما هاتفت صديقتي من أجل الذَّهاب إلى عطلة صيفية، نقضيها سويًا على إحدى الشواطئ، وكانت دائمًا تتحجج بمختلف الأعذار رافضة الذَّهاب، وعندما اجتمعنا سويًا صارحتها بإحساسي بالضيق منها لرفضها المتكرر لطلبي، فإذا بالدموع تتلألأ بعينيها وملامح القلق والذعر تعتلي وجهها مخبرةً إياي بالحقيقة المزعجة، إنها تعاني رهاب الماء!

عزيزي القارئ، ستتعرف معي في هذا المقال على أسباب هذا الرهاب، وأعراضه، وكيفية علاجه.

ما هو رهاب الماء؟

من الوارد جدًا أن نشعر جميعًا بالخوف تجاه بعض الأشياء أو الأشخاص فهذا جزء من طبيعتنا كبشر.

لكن عندما يتعدى هذا الخوف الحد العقلاني فإنه يتحول إلى رهاب أو فوبيا، وعادة ما تظهر في مرحلة الطفولة أو المراهقة.

فرهاب الماء هو شعور غير عقلاني بالخوف الدائم من الماء والإحساس بالقلق والذعر فور رؤيته، وتختلف حدته من شخص إلى آخر، فالبعض يخشى مياه المحيطات والبحار، والبعض الآخر يخشى أحواض السباحة والاستحمام، وقد يصل الأمر بآخرين لدرجة الإحساس بالقلق والتوتر عند رؤية صورة للمياه.

أسباب هذا الرهاب

لا تزل أسباب الإصابة بأنواع الرهاب المختلفة غير مفهومة إلى حد ما؛ ولكن تشير الدِراسات إلى أن النساء أكثر عُرضة للإصابة بهذا النوع من الرهاب عن الرجال، وترجع أسباب الإصابة به إلى الآتي:

  • العوامل الوراثية: إذا كنت تنتمي إلى عائلة ذات تاريخ للإصابة بالأمراض العقلية والنفسية، كالاكتئاب والاضطراب الوجداني ثنائي القطب، فمن المحتمل إصابتك بهذا الرهاب.
  • العوامل البيئية: يمكن أن تساهم البيئة التي ينشأ فيها الفرد في تعزيز الإصابة بهذا الرهاب عن طريق ملاحظة الشخص لبعض أفراد العائلة الذين يعانون فوبيا الماء.
  • التعرض لبعض أنواع الحوادث الصادمة: كالغرق، أو رؤية شخص عزيز يتعرض للغرق.
  • الخلل في بعض وظائف المخ: حدوث اضطراب في كيمياء الدماغ ممكن أن يؤدي إلى الإصابة بهذا الرهاب.

أعراض رهاب الماء

يمكن تقسيم الأعراض إلى:

أعراض نفسية:

  • الشعور المفاجئ بالخوف الشديد فور رؤية الماء، مما يدفع المريض لتجنب المياه بشتى الطرق.
  • نوبات القلق والذعر.
  • الشعور بالارتباك والتوتر.

أعراض جسدية:

  • الغثيان.
  • التعرق الشديد وجفاف الفم.
  • ضيق الصدر وصعوبة التنفس.
  • زيادة معدل ضربات القلب.
  • الإحساس بالدوار المفاجئ.
  • الشعور بالارتجاف والقشعريرة.

تشخيص رهاب الماء

يُشخص الأطباء حالات الصحة العقلية بناءًا على الإصدار الجديد من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DMC-5)، ولكن لا يتضمن هذا الدليل تشخيصا محددًا وواضحًا لفوبيا الماء. بدلا من ذلك يدرج الخوف من الماء ضمن تشخيص أنواع الرهاب المحددة.

ووفقًا لمعايير ذلك الدليل يمكن تشخيص مريض هذا الرهاب إذا استمرت الأعراض المذكورة لمدة 6 أشهر على الأقل، ومع استبعاد بعض الأمراض النفسية الأخرى مثل: الوسواس القهري، واضطراب ما بعد الصدمة، واضطراب الهلع.

علاج رهاب الماء

يعتمد الطبيب في علاج هذا الرهاب على محورين رئيسين، تبعًا لحدة المرض وتأثيره على حياة المريض. فينقسم العلاج إلى نفسي ودوائي.

  1. العلاج النفسي: ويشتمل على الآتي:
  • علاج معرفي سلوكي (Cognitive behavioral therapy): يهدف هذا النوع من العلاج إلى مساعدة المريض على إدراك الأفكار الخاطئة والسلبية المسببة للخوف، واستبدال تلك الأفكار بأخرى صحيحة وإيجابية. 
  • علاج بالتعرض (Exposure therapy): في هذا النوع يلجأ الطبيب إلى تعريض المريض لمصدر خوفه (الماء) تدريجيًا بأشكال مختلفة حتى يعتاده، ويستطيع التعامل معه دون خوف.
  1. العلاج الدوائي: ويتضمن استخدام بعض الأدوية كالآتي:
  • استخدام بعض أنواع المهدئات التي تساهم في علاج نوبات القلق.
  • استخدام حاصرات بيتا (Beta blockers)؛ لتخفيف الأعراض الجسدية مثل: زيادة معدل ضربات القلب.

رهاب الماء عند الأطفال

تشيع ظاهرة الخوف من الماء لدى الأطفال خاصة عند رؤيتهم للمسطحات المائية المختلفة (حمامات السباحة والبحار والمحيطات)،
وتتمثل مظاهر ذلك الخوف في:

  • نوبات البكاء والصراخ.
  • الامتناع عن الكلام والحركة.
  • التشبث بأحد الوالدين، ورفض الاقتراب من الماء مطلقًا.

يجب على الوالدين في هذه الحالة تهدئة الطفل وبعث الطُمَأنينة فيه، وعدم إجباره على الاقتراب من الماء مطلقًا. ويُفضل إلحاق الطفل بدورات السباحة تحت إشراف متخصصين، لمساعدته على تعلم مهارة السباحة وتخطي مخاوفه تجاه الماء. 

رهاب الماء وداء الكلب

غالبًا ما يخلط العامة بين فوبيا الماء كاضطراب النفسي وبين عَرض الخوف من الماء (هيدروفوبيا)؛ الذي يظهر في المراحل المتأخرة من داء الكلب؛ إذ يعاني المريض بداء الكلب من تشنجات عضلية بالحلق والبلعوم، مُسببة له صعوبة في البلع لذا يخاف من الماء فور رؤيته.

وختامًا -عزيزي القارئ- إذا كنت تعاني رهاب الماء، فلا تخجل من الإفصاح عن ذلك، ولا تتردد في طلب الدعم ممن حولك،
أو اللجوء إلى الطبيب النفسي لكي تتخلص من هذا الرهاب وتستمع بحياتك.

اقرأ أيضًا
الأكوافوبيا | أنقذوني إني أغرق!

المصدر
healthlinemedicalnewstoday

د.ناريمان عاطف

أخصائي تحاليل طبية وكاتبة محتوى، شغوفة بالعلوم والطب، أعشق القراءة منذ الصغر وأجيد البحث عن المعلومة من أدق مصادرها. عملت بالتدريس، مما جعلني أكتشف شغفي في نشر العلم وتبسيطه للجميع؛ لذلك أكتب من أجل إثراء الثقافة العلمية والطبية في مجتمعنا العربي بلغة الضاد.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى