طب عامطبي

غيلان باريه | متلازمة الصديق الخائن!

غيلان باريه مرض مناعة ذاتية، فما معنى هذا؟

هل تخيلت يومًا أن تُطعن في ظهرك من صديق، بينما تعطيه الأمان تأتيك طعنة الغدر.

بل هل تصورت يومًا أن يحارب جيشًا مواطنيه بدلًا من محاربة العدو، تصور قسوة الموقف عزيزي القارئ.

إذا تصورت بشاعة الموقف، فهذا هو ما يحدث حين يصاب شخص بمرض من أمراض المناعة الذاتية، ففي هذه الأمراض يهاجم الجهاز المناعي خلايا الجسم بدلًا من الدفاع عنها فيصبح في دور الجندي الخائن.

ومن أمراض المناعة الذاتية، الروماتويد، والذئبة الحمراء، وغيلان باريه.

ما هي متلازمة غيلان باريه

تُعد متلازمة غيلان باريه من أمراض المناعة الذاتية النادرة، إذ يهاجم الجهاز المناعي الأعصاب الطرفية فيؤثر على كفائتها في نقل الإشارات من المخ إلى الأطراف.

سنتعرف إلى أسباب المرض، وأعراضه، والعلاج في هذا المقال.

أسباب متلازمة غيلان باريه (GBS)

لا يوجد سبب معروف لمتلازمة غيلان باريه، ولكن المرجح أنها استجابة خاطئة من الجهاز المناعي لعدوى سابقة.

وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض، فإن معظم المرضى المصابين بهذه المتلازمة، أُصيبوا بها بعد إصابتهم بالإسهال، أو عدوى الجهاز التنفسي.

يرجح الأطباء أن رد فعل مناعي خاطئ تجاه العدوى يحفز هذه المتلازمة.

ترتبط متلازمة غيلان باريه بالعدوى ببكتيريا كامبيلوباكتر، وتوجد هذه البكتيريا في الأطعمة غير المطهوة جيدًا وخاصةً الدواجن.

كذلك ربط الأطباء بعض الإصابات الأخرى بالمتلازمة مثل:

  • الإنفلونزا.
  • العدوى بالفيروس المضخم للخلايا (CMV) وهو سلالة من فيروس الهربس.
  • العدوى بفيروس ابيشتاين بار(داء كثرة الوحيدات mononucleosis).
  • فيروس نقص المناعة المكتسبة الإيدز.
  • المفطورة الرئوية (بكتيريا تسبب الالتهاب الرئوي).
  • فيروس زيكا.
  • التهاب الكبد A وB وC وE.
  • لمفومة هودجكين.

في بعض الحالات النادرة يصاب الشخص بالمتلازمة بعد أيام، أو أسابيع من تلقي التطعيمات؛ لذا يتحرى مركز السيطرة على الأمراض، وإدارة الغذاء والدواء المراقبة على التطعيمات، وآثارها الجانبية.

يمكن أن تصيب متلازمة غيلان باريه أي شخص، ولكنها تكثُر في كبار السن.

أنواعها

هناك عدة أنواع من المتلازمة منها اعتلال الجذور والأعصاب الالتهابي الحاد المزيل للميالين (AIDP)، ومتلازمة ميلر فيشر (MFS)، التي تصيب الأعصاب القحفية، والاعتلال العصبي المحوري الحاد 

(AMAN).

لكن النوع الأكثر شيوعًا هو ما سنتحدث عنه في هذا المقال، وهو يسبب اعتلال الجذور العصبية، والتهاب الأعصاب الحاد المزيل للميالين.

أعراض متلازمة غيلان باريه

في متلازمة غيلان باريه يهاجم الجهاز المناعي الأعصاب الطرفية المسؤولة عن نقل الإشارات من المخ إلى عضلات اليدين، والقدمين؛ لذا تتأثر الأطراف أولًا قبل الأماكن الأخرى بالجسم وتنقسم الأعراض إلى (أعراض مبكرة، وأعراض لاحقة).

تتطور أعراض المرض، وخطورته في غضون ساعات، أو أيام لذلك فالتشخيص المبكر، وبداية العلاج أمران في غاية الأهمية للمريض.

الأعراض المبكرة

  • تنميل بالأطراف.
  • وخز بأصابع اليدين والقدمين.
  • ضعف وألم بالعضلات.
  • مشكلات في التوازن.

تصيب هذه الأعراض عادة جانبي الجسم في نفس الوقت.

الأعراض اللاحقة

تتطور الأعراض عند البعض إلى:

  • صعوبة في المشي دون مساعدة.
  • عدم القدرة على تحريك الساقين والذراعين.
  • صعوبة في التنفس.
  • عدم وضوح، أو ازدواج الرؤية.
  • صعوبة الكلام.
  • مشكلات في البلع أو المضغ.
  • صعوبة التبول والإمساك.
  • ألم مستمر.

تصل متلازمة غيلان باريه عادةً إلى أشد مراحلها خلال أربعة أسابيع، وربما تظل مستقرة بعد ذلك لبضعة أسابيع أو شهور قبل أن تتحسن تدريجيًا.

ينبغي للمريض طلب المساعدة الطبية إذا شعر بالآتي:

  • صعوبة في البلع، أو المضغ، أو التنفس.
  • مشكلات في تحريك الأطراف، أو الوجه.
  • اختناق باللعاب.

عوامل الخطورة

تؤثر متلازمة غيلان باريه على الأعصاب؛ لذا يمكن أن يؤثر الضعف والشلل الذي يحدث على أجزاء متعددة من الجسم.

ربما يحتاج المريض إلى جهاز التنفس الصناعي لمساعدته على التنفس إذا حدث ذلك.

يمكن أن تشمل المضاعفات أيضًا:

  • ضعف، أو تنميل، أو أحاسيس غريبة أخرى حتى بعد الشفاء.
  • مشكلات في القلب أو ضغط الدَّم.
  • ألم العضلات.
  • بطء حركة الأمعاء أو المثانة.
  • جلطات الدَّم والتقرحات الناتجة عن الشلل.

تشخيص متلازمة غيلان باريه

يصعب تشخيص متلازمة غيلان باريه في البداية لأنها تتشابه في أعراضها مع الكثير من أمراض الأعصاب، مثل التسمم بالمعادن الثقيلة، والتهاب السحايا، والتسمم الغذائي.

يستخدم الأطباء بعض الاختبارات للمساعدة في التشخيص ومنها

البزل القَطَني (البزل الشوكي)

يسحب الطبيب بإبرة مخصصة للبزل القطني كَمّيَّة صغيرة من السائل النخاعي، وذلك بإدخال الإبرة بين الفقرات القَطَنية في أسفل الظهر.

يطلب الطبيب فحص مستويات البروتين في السائل النخاعي، وتكون عادةً مرتفعة في المرضى المصابين بالمتلازمة.

تخطيط كهربية العضلات

هو اختبار لوظيفة الأعصاب، إذ يساعد الطبيب على معرفة إذا ما كان ضعف العضلات ناتجًا عن تلف الأعصاب، أو تلف العضلات.

اختبارات التوصيل العصبي

يُستخدم في معرفة مدى استجابة الأعصاب والعضلات للنبضات الكهربية الصغيرة.

العلاج

مع أن متلازمة غيلان باريه مشكلة مناعة ذاتيه، وليس لها علاج قاطع؛ لأن غالبية هذه المشكلات تُحل من تلقاء نفسها، إلا أنها يمكن أن تتطور بشكل سريع وربما تكون مهددة للحياة؛ لذا ينبغي إدخال المريض المستشفى ووضعه تحت الملاحظة المستمرة.

في الحالات الشديدة، يمكن أن يعاني المريض شللًا كاملًا بالجسم، وتكون قاتلة إذا أثرت على عضلات الحجاب الحاجز، أو الصدر، مما يمنع التنفس السليم.

الهدف من العلاج هو تقليل شدة الهجوم المناعي، ودعم وظائف الجسم، مثل وظائف الرئة، بينما يتعافى الجهاز العصبي، ويشمل العلاج:

استخراج (تنقية) البلازما

هو إجراء يهدف إلى تنقية دَم المريض من الأجسام المضادة التي تهاجم الأعصاب، ويحدث ذلك بتنقية البلازما بالآلات المخصصة لذلك، وإعادتها مرة أخرى إلى جسم المريض.

حقن الجلوبيولين المناعي بالوريد

هي أجسام مضادة صحية، نحصل عليها من المتبرعين، ولها فائدتها في علاج الكثير من الأمراض.

يُنقي الجلوبيولين المناعي الدَّم من الأجسام المضادة الضارة فيشبه في عمله تنقية البلازما، وهو طريقة فعالة في علاج المرض.

طُرق أخرى للعلاج

هي طُرق مساعدة بينما يخضع المريض للعلاج ومنها:

  • ربما يصف الطبيب بعض الأدوية لمنع تجلط الدَّم في أثناء المرحلة الحرجة من المرض.
  • وضع المريض على جهاز التنفس الصناعي إذا واجه صعوبة في التنفس.
  • تركيب أنبوب تغذية إذا وُجدت مشكلات في البلع.
  • المسكنات لتخفيف الألم.
  • تحريك المريض برفق بشكل منتظم لتجنب تقرحات الفراش والحفاظ على صحة المفاصل، ومرونة العضلات.
  • تركيب قسطرة بولية، عند وجود صعوبة في التبول.
  • أدوية ملينة لعلاج الإمساك.
  • الأدوية، وجوارب الساق الخاصة لمنع تجلط الدَّم.

بمجرد بَدْء التعافي يبدأ الأطباء في إعداد برنامَج تأهيلي للمريض لاستعادة مرونة، وقوة العضلات.

ربما يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يشعر المريض بالتحسن، ربما يظل يشعر بالضعف ويحتاج إلى كرسي متحرك أو مشاية للالتفاف.

يعاني بعض المرضى تلف دائم في الأعصاب.

وتستمر المتلازمة عادةً ما بين 14 و 30 يومًا، إذا استمرت الأعراض لفترة أطول، فربما يكون نوعًا مزمنًا من المتلازمة يسمى اعتلال الأعصاب الالتهابي المزمن والمزيل للميالين.

وفي النهاية-عزيزي القارئ- تُعد أمراض المناعة الذاتية لغزًا لكثير من الأطباء والعامة، فهي تظهر وتتطور دون أسباب واضحة؛ وقانا الله وإياكم شر الأمراض.

المصدر
www.healthline.comwww.mayoclinic.orgwww.ninds.nih.govwww.webmd.comwww.nhs.uk

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى