طب العظامطبي

متلازمة التراجع الذيلي (Caudal regression syndrome)

أنا أعيش بربع جسد، ولكن هذا لم يمنعني يومًا من الأيام من أن أكون سعيدًا في حياتي” كانت هذه كلمات الطفل القطري غانم المفتاح الذي ألهم العالم كله بكلماته الإيجابية. يعاني الطفل غانم المفتاح متلازمة التراجع الذيلي ومع هذا لم يمنعه تطور حالته، وفقد بعض عظامه نتيجة حالته الصحية من التميز في مختلف الرياضات وأن يتمتع بإيجابية وحب للمغامرة قلما يتمتع بها الأصحاء.

يعاني هذا البطل متلازمة التراجع الذيلي منذ ولادته فما هي هذه المتلازمة، وما أسبابها؟ كن معنا عزيزي القارئ في هذا المقال لتتعرف إلى هذه المتلازمة بصورة أفضل.

ما هي متلازمة التراجع الذيلي؟

هي اضطراب خلقي نادر يُضعف من نمو النصف السفلي (الذيلي) من الجسم.

تشمل المناطق المصابة أسفل الظهر والأطراف والجهاز البولي التناسلي والجهاز الهضمي.

تُسمى هذه الحالة أحيانًا عدم التخلق العجزي أو نقص التنسج العجزي لأن العجز، وهو العظم الذي يربط العمود الفقري بالحوض، يتطور جزئيًا فقط أو لا يتطور على الإطلاق.

في هذا الاضطراب، غالبًا ما تكون فقرات العمود الفقري السفلي مشوهة أو مفقودة، والأجزاء المقابلة من الحبل الشوكي تكون أيضًا غير منتظمة أو مفقودة.

ربما يعاني الأفراد المصابون بهذه المتلازمة  إغلاق غير كامل للفقرات حول الحبل الشوكي، أو وجود كيس مملوء بالسوائل على الظهر مغطى بالجلد ربما يحتوي على جزء من النخاع الشوكي، أو خصلات من الشعر في قاعدة العمود الفقري.

يمكن أن يعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة التراجع الذيلي أيضًا انحناء غير طبيعي من جانب إلى جانب في العمود الفقري (الجنف).

في بعض الحالات تؤثر تشوهات العمود الفقري على حجم وشكل الصدر، مما يؤدي إلى مشكلات في التنفس.

أنواع متلازمة التراجع الذيلي

بعد إجراء التشخيص، يستخدم الطبيب اختبار الموجات فوق الصوتية أو التصوير بالرنين المغناطيسي لتحديد مدى خطورة الحالة، وتنقسم أنواع متلازمة التراجع الذيلي إلى خمسة أنواع:

  1. يكون التشوه أو عدم التطور في جانب واحد فقط من عظمة العجز، ويسمى هذا النوع جزئي أو أحادي الجانب.
  2. يكون التشوه أو عدم التطور في كلا جانبي عظمة العجز، ويعرف هذا النوع بالمتماثل أو الثنائي.
  3. لم يتطور العجز على الإطلاق، واندمجت بعض الفقرات السفلية الموجودة فوق العجز في أسفل الظهر معًا.
  4. اندمجت أنسجة الساق معًا تمامًا.
  5. تكون مجموعة واحدة من أنسجة الساق مفقودة.

ويعد النوعان الأول والثاني الأكثر شيوعًا وغالبًا تكون بعض العظام حول العجز مفقودة بينما يكون النوعان الثالث والرابع أكثر شدة، إذ تصاب بعض الحالات بتشوهات في الدماغ، والوظائف الجسدية الأخرى.

في حالات نادرة، يشخص فيها إصابة الطفل بمتلازمة التراجع الذيلي من النوع الخامس. هذا يعني أن الطفل لديه مجموعة واحدة فقط من عظام الساق وعظام الفخذ، وهما اثنان من العظام الرئيسية التي تتكون منها الساق.

يطلق على النوع الخامس أحيانًا اسم (Sirenomelia)، أو “متلازمة حورية البحر“، بسبب وجود ساق واحدة فقط.

أسباب متلازمة التراجع الذيلي

السبب الدقيق لمتلازمة التراجع الذيلي ليس مؤكدًا.

لكن تشير بعض الأبحاث إلى أن الإصابة بمرض السكري أو عدم الحصول على ما يكفي من حمض الفوليك في النظام الغذائي في أثناء الحمل يمكن أن يزيد من فرصة عدم نمو المنطقة الذيلية للطفل بشكل كامل.

متلازمة التراجع الذيلي والأمهات

يكون معدل حدوث هذه المتلازمة أعلى بكثير عند الرضع المولودين لأمهات مصابات بداء السكري، خاصة إذا كانت الأم لا تسيطر على نسبة السكري جيدًا.

ولكن نظرًا لأنه يحدث أيضًا عند الرضع الذين لا تعاني أمهاتهم مرض السكري، فربما تكون هناك عوامل وراثية وبيئية أخرى.

أعراض متلازمة التراجع الذيلي

تعتمد أعراض متلازمة التراجع الذيلي على النوع المُصاب به الطفل فبينما لا تُظهر الحالات الخفيفة أي اختلاف واضح في المظهر، تكون الاختلافات واضحة في الحالات الشديدة.

في الحالات الشديدة، تظهر اختلافات واضحة في منطقة الساق والورك، فمثلًا تكون أرجلهم مثنية بشكل دائم في وضع “يشبه الضفدع” بينما تشمل الأعراض المرئية الأخرى:

  • انحناء العمود الفقري (الجنف).
  • الأرداف المسطحة.
  • ثني القدمين لأعلى بزاوية حادة (calcaneovalgus).
  • حنف القدم، أو اعوجاج القدم (Clubfoot).
  • انسداد فتحة الشرج.
  • فتحة القضيب على الجانب السفلي بدلاً من الطرف (الإحليل التحتي).
  • الخصيتين معلقتين.
  • عدم تكون الأعضاء التناسلية.

ربما يعاني الطفل كذلك المضاعفات الداخلية التالية:

  • عدم تطور الكليتين أو تطورهما بصورة غير طبيعية.
  • التحام الكليتان معًا من الطرف السفلي (كلية حذوية أو كلية حدوة الحصان) (Horseshoe kidney).
  • تلف الأعصاب في المثانة (المثانة العصبية).
  • المثانة التي تقع خارج البطن (انقلاب المثانة للخارج) (Bladder inversion).
  • تشوه الأمعاء الغليظة.
  • الأمعاء التي تخرج من المناطق الضعيفة في الفخذ (الفتق الإربي).
  • اتصال المهبل بالمستقيم.

يمكن أن تؤدي هذه الخصائص إلى ظهور أعراض مثل:

  • قلة الإحساس بالساقين.
  • الإمساك.
  • سلس البول.
  • سلس البراز.

تشخيص متلازمة التراجع الذيلي

تظهر العلامات الأولى لمتلازمة الانحدار الذيلي عادةً بين الأسبوعين الرابع والسابع من الحمل، في معظم الحالات يمكن تشخيص الحالة بنهاية الثلث الأول من الحمل.

إذا كانت الأم مصابة بداء السكري -أو إذا أصيبت بسكري الحمل- فربما يُجري الطبيب فحص بالموجات فوق الصوتية للبحث عن علامات هذه الحالة، كذلك ستظهر فحوصات الموجات فوق الصوتية الروتينية أي تشوهات جنينية.

إذا اشتبه الطبيب في متلازمة الانحدار الذيلي، فربما يطلب إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي بعد 22 أسبوعًا من الحمل.

الرنين المغناطيسي يسمح بمشاهدة صور أكثر تفصيلاً للجزء السفلي من جسم الطفل، ويمكن استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي بعد ولادة الطفل لتأكيد التشخيص.

علاج متلازمة التراجع الذيلي

يعتمد العلاج على مدى شدة الأعراض ونوع المرض.

في بعض الحالات، يحتاج الطفل فقط إلى أحذية خاصة أو دعامات للساق، أو عكازات لمساعدته على المشي والتحرك.

ربما يساعد العلاج الطبيعي الطفل على تقوية وبناء بعض العضلات التي تدعم الجزء السفلي من الجسم، وتمكنه من التحكم في حركاته.

إذا لم تتحسن ساقي الطفل، فربما يتمكن من المشي باستخدام الأطراف الصناعية.

أو كان الطفل يعاني صعوبة في التحكم في مثانته، فهو يحتاج إلى قسطرة لتصريف البول.

أو كان طفلك يعاني فتحة الشرج غير المثقوبة، فربما يحتاج إلى جراحة لفتح ثقب في أمعائه وتمرير البراز خارج الجسم إلى كيس.

يمكن أيضًا إجراء الجراحة لعلاج بعض الأعراض، مثل انقلاب المثانة إلى الخارج والفتق الإربي، الجراحة التي تجرى لعلاج هذه الأعراض عادةً ما تحلها تمامًا.

كذلك عند معاناة الطفل حنف القدم تبدأ العلاجات بعد الولادة بأسبوع أو أسبوعين على الأكثر وتشمل خيارات العلاج مرحلتين:

المرحلة الأولى: مد الجزء المصاب وتجبيره (طريقة بونسيتي)

طريقة بونسيتي هي الأكثر شيوعًا وفعالية لعلاج هذه الحالة وتعتمد هذه الطريقة على استخدام سلسلة من الجبائر والأقواس لتصحيح وضع القدم. 

في مرحلة العلاج، يعيد الطبيب وضع قدم الطفل ببطء باستخدام سلسلة من الجبائر. وتتضمن هذه المرحلة شهرين إلى ثلاثة أشهر من شد القدم وإعادة وضعها.

يمد الطبيب قدم الطفل ويصحح وضعها، ثم يضع القدم والكاحل والساق في جبيرة لتثبيت القدم في الوضع الجديد.

يزيل الطبيب الجبيرة بعد حوالي أسبوع، ثم يعيد الطبيب تصحيح وضع القدم ومدها ثم يضعها مرة أخرى في جبيرة جديدة.

تتكرر هذه العملية كل أسبوع حتى تتحرك قدم الطفل من الوضع غير الصحيح المواجه للداخل إلى الوضع الصحيح للخارج.

عادةً ما يتطلب الأمر من خمس إلى ثماني عمليات إعادة ضبط وإلقاء تغييرات لتحريك القدم إلى الوضع الصحيح.

المرحلة الثانية الجراحة

بعد تصحيح وضع القدم على قدر الاستطاعة، يحتاج معظم الأطفال إلى جراحة بسيطة (بضع الوتر) لإطالة وتر العرقوب.

المرحلة الأخيرة

دعم القدم بارتداء أحذية مناسبة، وتستمر هذه المرحلة حتى سن أربع سنوات وهي مهمة جدًا لأنها تحافظ على الوضع الصحيح للقدم وتعمل على تقويتها.

في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاجات السابقة. ربما يجري الطبيب جراحة أكثر تدخلًا تتضمن إطالة الأوتار والأربطة لمساعدة القدم على اتخاذ الوضع الصحيح.

في النهاية متلازمة التراجع الذيلي مرض نادر ليس له علاج ولكن تهدف العلاجات إلى تحسين الأعراض ومحاولة الوصول للحياة الطبيعية.

اقرأ أيضًا

متلازمة فترة QT الطويلة

مريض متلازمة توريت | ماذا حلَّ بصغيري؟!

متلازمة تولوز لوتريك (Toulouse-Lautrec Syndrome)

المراجعة والتدقيق د/ نسيبة تركي

مراجعة طبية/ سمر البدري

تحرير/ نهال المغربي

المصدر
childrenshospital.orgncbipubmed

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى