بينما لم يُفق العالم بعد من جائحة فيروس كورونا التي أصابت الملايين من البشر، إذا بظلال فيروس جديد يلوح في الأفق، ولكنه أشد فتكًا، يعرف بفيروس نيباه. تسبب في وفاة ما يقرب من 40% إلى 75% من الحالات المصابة به.
فما هو هذا الفيروس القاتل؟ وهل يستحق كل هذا الذعر! دعونا نعرف أولًا ماهو فيروس نيباه؟
ما هو فيروس نيباه؟
- فيروس نيباه هو أحد فيروسات الحمض النووي الريبوزي، المنتمي لعائلة الفيروسات المخاطية (Paramyxoviridae) من جنس فيروسات الهينيبا (Henipavirus) حيوانية المنشأ.
- وهو مرض معدي ناشئ ظهر أول مرة في الخنازير المستأنسة في ماليزيا وسنغافورة ما بين عامي ١٩٩٨م و ١٩٩٩م. وتسبب في آثار تنفسية وعصبية مدمرة.
- ثمة أدلة على إصابة عديد من الحيوانات المستأنسة مثل الكلاب، والقطط، والماعز، والخيول.
- التهاب الدماغ هو أحد الحالات المحتملة المعقدة والقاتلة لفيروس نيباه.
- وترجع تسمية الفيروس باسم “نيباه” إلى قرية صغيرة في ماليزيا حيث اكتشف الفيروس عام ١٩٩٩م بعد وفاة أحد الأشخاص متأثرًا به.
- تعد خفافيش الفاكهة، المعروفة أيضًا باسم “الثعالب الطائرة”، عائلًا طبيعيًا لفيروس نيباه حيث يوجد الفيروس في بول الخفافيش، وربما في البراز واللعاب وسوائل الولادة أيضًا.
- ونتيجة لبرامج إزالة الغابات في ماليزيا؛ كانت مزارع الخنازير التي نشأ فيها المرض في البداية تحتوي على أشجار الفاكهة. التي اجتذبت الخفافيش من الغابة الاستوائية، مما عرض الخنازير المحلية لبول الخفافيش وبرازها، وأدى إلى إصابتها بالعدوى التي أعقبها انتشار سريع بواسطة الخنازير التي رُبيت بشكل مكثف.
- إضافةً إلى ذلك، قد يكون انتشار العدوى بين المزارع نتيجة حمل الفيروس على الملابس، والمعدات، والأحذية، والمركبات وما إلى ذلك.
فيروس نيباه في الهند
خلال شهري يناير وفبراير من عام ٢٠٠١م، لوحظ تفشي مرض حموي مصحوب بتغير مستوى الوعي الحسي والعقلي في سيليجوري، غرب البنغال، الهند. وهي مركز تجاري مهم يبلغ عدد سكانه ٥٠٠٠٠٠ نسمة. وقريبة من الحدود مع الصين وبنغلاديش ونيبال وسيكيم.
حدث تفشي للمرض بين المرضى المقيمين في المستشفيات والمخالطين لأسر المرضى والطاقم الطبي في أربع مستشفيات. وشخص المرض في البداية بالتهاب الدماغ الياباني- المستوطن في هذه المنطقة، ولكن الفئة العمرية المصابة والسمات الوبائية تشير إلى مرض مختلف. فشلت الفحوص المخبرية التي أُجريت في وقت تفشي المرض في تحديد العامل المعدي.
سبّبَ فيروس نيباه تأثيرًا قاتلًا في حالات التهاب الدماغ الحموي (بنسبة ٣٨% إلى ٧٥%) عام ١٩٩٩م في ماليزيا وسنغافورة. وسبَب ذات الـتأثير في بنجلاديش شتاءً عام ٢٠٠١م، ٢٠٠٣م و ٢٠٠٤م بعد انتقاله من خفافيش الفاكهة التي ثبُتت إصابتها بالفيروس.
وثقت حالات انتقال فيروسي لعدوى نيباه بين البشر في بنجلاديش القريبة من سيليجوري وتشابه أعراض المرض في كل منهما. لذلك أجريت عدة اختبارات لمعرفة ما إذا كان فيروس نيباه متسببًا في جائحة سيليجوري بالهند.
بالفحص الجيني، تبين وجود تطابقًا -يكاد يكون تامًا- تصل نسبته إلى ٩٩% بين العينات المأخوذة من كل من سيليجوري وبنجلاديش؛ مما يؤكد تفشي الإصابة بفيروس نيباه في مدينة سيليجوري بالهند.
الأمراض حيوانية المنشأ
تحدثنا في بداية المقال عن أن فيروس نيباه هو مرض حيواني المنشأ. فماذا يعني مرض حيواني المنشأ؟
هو مرض ينتقل من الحيوان أو الحشرة للإنسان، وعلى الرغم من أنه قد لا يسبب مرضًا للحيوان؛ فإنه يؤذي الإنسان مسببًا له أمراض تتراوح شدتها ما بين الطفيفة إلى المؤدية للوفاة.
ومن أمثلة الأمراض حيوانية المنشأ:
إنفلونزا الحيوانات، والجمرة الخبيثة، والسل البقري، والحمى المالطية، وحمى خدش القطط، وداء الكُيَيْسَات المُذَنّبَة، والإيبولا، والالتهاب الكبدي من الفئة هاء، و داء لايم، والملاريا، وداء الكلب.
ولكن كيف تنتقل هذه الأمراض للإنسان؟
-عن طريق الهواء.
-أكل اللحوم أو مشتقات الألبان الملوثة.
-الاحتكاك المباشر بالحيوانات المصابة.
-لمس الأماكن الملوثة بلعاب أو فضلات الحيوانات.
-عن طريق لدغ الحشرات كالبعوض والقراد.
إذا أُصبت بمرض حيواني المصدر أو اعتقدت أنك قد تعرضت للإصابة؛ فعليك التماس العناية الطبية على الفور ولا سيما إذا كنت أحد الأفراد المعرضون لخطورة عالية مثل الحوامل، وكبار السن أكثر من ٦٥ عامًا، والأطفال ذو الخمس سنوات أو أقل، ومرضى المناعة وأيضًا مرضى السرطان.
خفافيش الفاكهة
تنتمي خفافيش الفاكهة إلى عائلة (pteropodidae) كما يطلق عليها أيضا خفافيش فاكهة العالم القديم أو الثعالب الطائرة. وتتفوق على معظم أنواع الخفافيش الأخرى في رؤيتها الحادة إذ تستخدمها بالإضافة لحاسة الشم القوية لإيجاد طعامها.
تميل خفافيش الفاكهة للعيش في الغابات الكثيفة التي تنتشر بها الكثير من أشجار الفاكهة لذلك قد تضطر إلى السفر لمسافات طويلة بحثًا عن الطعام. وتعد عائلًا للكثير من الفيروسات التي يمكن أن تصيب الإنسان وتسبب المرض مثل الفيروسات الخيطية (فيروس الإيبولا وفيروس ماربورغ).
الثعالب الطائرة (خفافيش الفاكهة) تعد مستودعًا لفيروسات هينيبا مثل فيروس هيندرا Hendra virus وفيروس نيباه Nipah virus الذي نحن بصدد الحديث عنه اليوم.
يمكن أن يصاب البشر بفيروس نيباه من الاتصال المباشر مع الثعالب الطائرة أو سوائلها، أو بالتعرض لمضيف وسيط مثل الخنازير الأليفة، أو بالاتصال بشخص مصاب.
أجريت دراسة عام ٢٠١٤م عن الثعلب الطائر الهندي وفيروس نيباه بينت أن تفشي فيروس نيباه أكثر احتمالًا في المناطق التي تفضلها الثعالب الطائرة. لكن لا يعد وجود الخفافيش في حد ذاته عامل خطر للإصابة بالفيروس.
الوقاية من انتشار فيروس نيباه
- توعية سكان المناطق التي يوجد بها خفافيش الفاكهة بعدم الاقتراب من الخفافيش أو الخنازير. واستهلاك منتجاتها التي قد تكون ملوثة بالفيروسات ومنها فيروس نيباه.
- ضرورة غسل وتقشير الأطعمة والفاكهة المحتمل وصول الخفافيش إليها. حيث تضع الفيروس المحملة به على هذه الفاكهة وبذلك ينتقل إلى الإنسان عند التعامل معها.
- غسل الأيدي بصفة مستمرة وتجنب وضعها على الفم أو الأنف أو الوجه والتأكد من تنظيفها جيدًا.
- استخدام إجراءات الوقاية في المستشفيات ومراكز الرعاية للتقليل من انتشار الفيروس.
- التغييرات المناخية عليها عامل في انتشار الفيروس وانتقاله من الحيوانات إلى البشر، ومن هذه العوامل: (الجفاف، الفيضانات، قطع الغابات)، لذلك على البشر محاولة التعامل بطرق صحيحة مع هذه العوامل.
اتباع سبل الوقاية يحمينا من الإصابة بالفيروسات والأمراض الخطرة، وفيروس نيباه مثل باقي الفيروسات يمكن تجنب الإصابة به باتخاذ تدابير الوقاية المعروفة عالميًا.
اقرأ أيضًا
فيروس جديد يشبه كورونا بنسبة 94% وتنقله الخفافيش
فيروس الإيبولا | تعرف إلى شبيه كورونا الدموي
الفيروسات | كيفية التشخيص والعلاج