قد نرغب في أن تكون بشرة أطفالنا وشعرهم ناعمة كالحرير، ولكن من المؤكد لا نتمنى أن تصبح عظامهم ناعمة ولينة، لذا يجب أن نقي أطفالنا من لين العظام الذي قد يهدد مستقبل أطفالنا وحياتهم.
سنتحدث في هذا المقال عن لين العظام عند الأطفال، وأعراضه وأسبابه وطرق الوقاية منه.
ما لين العظام (Osteomalacia)؟
يصنف بأنه اضطراب في الهيكل العظمي وأحد اضطرابات نقص المعادن؛ لأنه ينتج عن نقص المعادن والعناصر الغذائية الضرورية اللازمة؛ لنمو عظام قوية وصحية.
يختلف هذا المرض عن هشاشة العظام في أنه يسبب انحناءات وتشوهات في الهيكل العظمي، بينما تحدث هشاشة العظام مع تقدم العمر، إذ تصبح العظام ضعيفة وهشَّة وبذلك تكون أكثر عرضة للكسور.
يصيب مرض لين العظام البالغين ويكون أكثر شيوعًا عند النساء، وعادة ما يحدث خلال الحمل، وعندما يُصيب الأطفال، فإنه يُسمَّى كساح الأطفال (Rickets).
يعد الكساح أكثر شيوعًا عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 و36 شهرًا؛ لأنهم في مرحلة النمو، ويحتاجوا إلى العناصر والمعادن اللازمة لبناء عظام قوية.
أسباب لين العظام عند الأطفال
يحدث بسبب النقص الشديد لفيتامين (د)، أو ناتج عن خلل جيني أو مشكلات صحية أخرى.
(1) نقص فيتامين (د)
يعد السبب الأكثر شيوعًا للإصابة بلين العظام عند الأطفال، إذ تكمن أهمية فيتامين (د) في أنه يعزز امتصاص الكالسيوم والفوسفور من الطعام.
يؤدي عدم الحصول على ما يكفي من فيتامين (د) إلى الإصابة بالكساح.
(2) الأمراض الوراثية
ينتج لين العظام عن نقص الفوسفات الذي يعُد اضطرابًا وراثيًا، ولا تستطيع الكلى في هذه الحالة -نادرة الحدوث- التعامل مع الفوسفات بشكل طبيعي، مما ينتج عنه انخفاض مستوى الفوسفات في الدم، وهذا يؤدي إلى ضعف العظام ورقتها.
(3) مشكلات صحية أخرى
يصاب بعض الأطفال بمشكلات صحية تؤثر في قدرة أجسامهم على امتصاص فيتامين (د)، مثل:
- الداء البطني أو الداء الزلاقي.
- أمراض الأمعاء الالتهابية.
- التليف الكيسي.
- مشكلات الكلى والكبد.
عوامل خطر الإصابة بلين عظام الأطفال
تتضمن العوامل التي قد تزيد خطر الإصابة ما يلي:
البشرة الداكنة
لا تتفاعل البشرة الداكنة مع أشعة الشمس بنفس القوة التي تتفاعل بها البشرة الفاتحة؛ لاحتوائها على كمية أكبر من صبغة الميلانين؛ لذا تقل قدرة الجلد على إنتاج فيتامين (د) من أشعة الشمس.
التعرض المحدود لأشعة الشمس
يتعرض الأطفال الذين يعيشون في مناطق جغرافية تقل فيها أشعة الشمس، أو يقضون كثير من أوقاتهم داخل بيوتهم لمخاطر الإصابة بلين العظام.
الولادة المبكرة
يتعرض الطفل المُبتسر (المولود مبكرًا قبل إتمام مدة الحمل) إلى خطر الإصابة بنقص فيتامين (د)؛ لأن لديه وقت أقل لتلقِّي الفيتامين من أمِّه في الرحم.
نقص فيتامين (د) لدى الأم في أثناء الحمل
قد تلد الأم المصابة بنقص فيتامين (د) طفلًا بعلامات لين العظام، أو تظهر عليه العلامات بعد شهور من الولادة.
الرضاعة الطبيعية المُطلَقة
لا يحتوي حليب الأم على ما يكفي من فيتامين (د)، لذا يجب أن يحصل الأطفال الرضَّع الذين تقتصر تغذيتهم على الرضاعة الطبيعية فقط على قطرات فيتامين (د).
عدم تحمُّل اللاكتوز
يواجه الأطفال الذين يعانون عدم تحمُّل اللاكتوز صعوبة في هضم منتجات الحليب، مما يسبب صعوبة امتصاص فيتامين (د).
الأدوية
توجد أنواع معينة من الأدوية المضادة للصرع، والأدوية المضادة للفيروسات القهقرية تتعارض مع قدرة الجسم على الاستفادة من فيتامين (د).
الأعراض
تشمل الأعراض ما يلي:
- ضعف النمو وقصر القامة.
- تأخر المهارات الحركية.
- ألم في الحوض والعمود الفقري والساقين.
- ضعف وتشنج العضلات.
- تشوهات الهيكل العظمي مثل:
- تقوّس الساقين أو تفكك الركبتين.
- بروز عظمة الصدر.
- سَماكة الرسغ والكاحل.
- لين عظام الجمجمة.
- استمرار اتساع منطقة اليافوخ.
- ازدياد حجم الجمجمة، وتغير شكلها الدائري وبروز الجبهة.
المضاعفات
إذا لم يُعالج لين عظام الأطفال يمكن أن يؤدي إلى المضاعفات الآتية:
- انحناء العمود الفقري بشكل غير طبيعي.
- عدم النمو.
- تشوهات العظام.
- انكسار العظام بسهولة.
- مشكلات الأسنان مثل: تأخر تكوين الأسنان وضعف وثقوب في مينا الأسنان، وزيادة التجاويف.
- النوبات المَرَضية.
- حدوث إعاقة مدى الحياة.
التشخيص
يفحص الطبيب طفلك بدنيًا بالضغط على عظامه برفق، للتحقق من وجود أي تشوهات. وقد يسأل الطبيب عن النظام الغذائي لطفلك، وهل يتعرض لأشعة الشمس أم لا؟
سيلاحظ الطبيب من خلال الفحص الأعراض والعلامات التي سبقنا ذكرها، إذا كان طفلك يعاني لين العظام، وقد يوصي بالفحوص الآتية:
- فحوص الدم: لقياس مستويات فيتامين (د) والكالسيوم والفوسفور في الدم، وكذلك قياس مستوى هرمون الغدة جار الدرقية، إذ تشير المستويات المرتفعة له إلى نقص فيتامين (د).
- الأشعة السينية: تكشف عن وجود تشوهات العظام.
- فحص خزعة من العظم: يتضمن أخذ عينة صغيرة من العظم، وإرسالها إلى المختبر لتحليلها، ولا يلجأ إليه الطبيب إلا عند الضرورة.
الوقاية من لين العظام
يعد التعرض لأشعة الشمس أفضل مصدر لفيتامين (د)، لذا يكفي جلوس طفلك تحت أشعة الشمس مدة 15 دقيقة عدة مرات أسبوعيًا؛ للحصول على قدر كافٍ من فيتامين (د)، ولكن هذا لا يناسب أصحاب البشرة الداكنة، فهم يحتاجون إلى وقت أطول.
أثبتت الدراسات أن أفضل وقت للتعرُّض للشمس ما بين الساعة 8.30 صباحًا إلى الساعة 11 صباحًا، وينصح بتعرُّض ظَهر طفلك لأشعة الشمس، فإنه يعطي نتائج أفضل من الوجه واليدين والساقين.
ويجب توخِّي الحذر من التعرُّض المفرط لأشعة الشمس، فقد يؤدي إلى مشكلات في الجلد مثل: الحروق أو سرطان الجلد.
تأكَّد من تناول طفلك الأطعمة الغنية بفيتامين (د) مثل: صفار البيض وزيت السمك والأسماك الدهنية كالسلمون والتونة والماكريل، أو الأغذية المدعمة بفيتامين (د) مثل: الخبز واللبن وتركيبة حليب الرضاعة والحبوب.
ينبغي للأم الحامل أن تسأل طبيبها عن تناول مكملات فيتامين (د).
تُوصي الإرشادات بأن يتناول جميع الرُضَّع والأطفال من سنتين إلى أربع سنوات 400 وحدة من فيتامين (د) يوميًا.
وتُوصي أيضًا بأن يتناول الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 4 و70 عامًا 600 وحدة من فيتامين (د) يوميًا، والأشخاص ما فوق 70 عامًا يتناولون 800 وحدة من فيتامين (د).
علاج لين العظام
يعتمد علاج معظم الحالات على تعويض الفيتامينات والمعادن المفقودة في الجسم.
يُوصي الطبيب بتناول طفلك مزيد من الأطعمة الغنية بفيتامين (د)، ومُكمِّلات الكالسيوم وفيتامين (د). اسأل الطبيب عن جرعات الأدوية؛ لأن الإكثار من تناول فيتامين (د) قد يكون ضارًا.
قد يُنصح بزيادة الوقت الذي يقضيه طفلك في الخارج؛ إذ تساعد أشعة الشمس أجسامنا على إنتاج فيتامين (د).
سيتابع الطبيب مستوى تقدم شفاء طفلك من خلال إجراء الأشعة السينية وفحوصًا للدم.
إذا كان طفلك يعاني اضطرابات وراثية تُسبب نقص مستويات الفوسفور في الدم، فإنه يمكن وصف مزيج من مكملات الفوسفات ومستوى مرتفع من فيتامين (د).
يمكن أن يحتاج طفلك في حالات تشوهات الهيكل العظمي إلى دعامات؛ لضبط موضع جسده بطريقة مناسبة في أثناء نمو العظام. وقد تحتاج التشوهات الأكثر شدة إلى إجراء جراحة تصحيحية.
في الختام، يجب أن نُدرك أن أطفالنا أمانة في رِقابنا، والحفاظ على صحتهم مسؤولية كبيرة، لذا ينبغي لنا الاهتمام بصحة عظامهم، حتى وهم في أرحام أمهاتهم، وحمايتهم من الإصابة بلين العظام.
