ما لا تعرفه عن عدوى الملاريا | طرق الإصابة والعلاج

عدوى الملاريا، يعيش حولنا العديد من الكائنات الحية، من ضمنها البعوض، ولكن -عزيزي القارئ- هل سبق أن سمعت بأنثى بعوضة الأنوفيليس؟

هل تدري أن هذه البعوضة صغيرة الحجم تسبب مرضًا فتاكًا بالجنس البشري؟

وهل سمعت مسبقًا بما يسمى حمى الملاريا؟ هل سمعت بشخص يتلقى تطعيمًا ضد الملاريا عند سفره إلى دول جنوب أفريقيا؟

إليك -عزيزي القارئ- في هذا المقال أهم الحقائق حول تلك العدوى، وأسبابها، وأعراضها، ووسائل الوقاية المختلفة.

عدوى الملاريا (Malaria)

مرض خطير ومميت في بعض الأحيان، يسببه طفيل يصيب عادةً نوعًا معينًا من البعوض الذي يتغذى على البشر.

طفيل البلازموديوم (Plasmodium)

يوجد حوالي 156 نوعًا من الطفيل، لكن يوجد أربعة أنواع تصيب البشر كالآتي:

بعوض الأنوفيليس (Anopheles mosquito)

ينتقل الطفيل من خلال لدغات إناث بعوضة الأنوفيليس، إذ يوجد أكثر من 400 نوع مختلف من بعوض الأنوفيليس.

تتغذى الإناث على دَم الإنسان؛ لذلك توجد في أماكن تجمعات البشر، بينما يتغذى الذكور على رحيق الأزهار.

لكل نوع من أنواع بعوض الأنوفيليس موطنه المائي المفضل -على سبيل المثال يفضل البعض مجموعات صغيرة ضحلة من المياه العذبة، مثل البرك.

إحصائيات تَهُمك

ينتشر المرض في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية الفقيرة من العالم؛ بذلك تسمى بالملاريا الحبشية.

تنتشر الإصابة بين الأطفال الصغار، والنساء الحوامل، وفقًا للتقرير الصادر عن منظمة الصحة العالمية عام 2020.

في عام 2019، تسببت العدوى في حوالي 229 مليون نوبة إكلينيكية، و409000 حالة وفاة.

يحتفل العالم في الخامس والعشرين من أبريل من كل عام باليوم العالمي للملاريا.

أنواع الملاريا

يوجد أربعة أنواع رئيسية حسب نوع الطفيل مثلما ذكرنا في السابق، لكن أهم نوعين الآتي:

المتصورة المنجلية

تعد الأكثر شيوعًا في إفريقيا، وتتسبب في معظم الوفيات المرتبطة بالمرض في العالم، وتتكاثر بسرعة كبيرة؛ لذلك يصاحبها مضاعفات شديدة الخطورة.

المتصورة النشيطة

تعد الأكثر شيوعًا خارج إفريقيا جَنُوب الصحراء الكبرى، خاصةً في آسيا وأمريكا اللاتينية.

يمكن أن تظل هذه الأنواع خاملة، ثم تنشط لتصيب الدَّم بعد شهور أو سنوات من لدغة البعوض.

المتصورة النولسية

تصيب القرود التي تعيش في مكاك في جنوب شرق آسيا، وتصيب البشر أيضًا مسببًا العدوى التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان (الملاريا حيوانية المنشأ).

دورة حياة الطفيل

يتضمن التاريخ الطبيعي للملاريا عدوى دورية للإنسان وأنثى بعوض الأنوفيليس.

في البشر

ينمو طفيل البلازموديوم ويتكاثر في خلايا الكبد ثم في خلايا الدَّم الحمراء، حيث يتكاثر في غضون 48 إلى 72 ساعة؛ مما يؤدي إلى انفجار الخلايا المصابة.

تستمر الطفيليات في إصابة خلايا الدَّم الحمراء، مما يؤدي إلى ظهور أعراض تحدث في دورات تستمر من يومين إلى ثلاثة أيام في كل مرة.

في أنثى بعوض الأنوفيليس

تتغذى أنثى البعوضة على وجبة الدَّم من إنسان مصاب، لتتناول أنواع معينة من طفيليات مرحلة الدَّم الخلايا المشيجية (العرسية) (Gametocytes).

تتزاوج الخلايا المشيجية في أمعاء البعوضة وتبدأ دورة النمو والتكاثر في البعوض.

يهاجر نوع من الطفيل يسمى الحيوان البوغي، أو الاسبوروزويتات (sporozoite) إلى الغدد اللعابية للبعوض بعد 10-18 يومًا لتستعد لإصابة إنسان آخر.

عندما تتناول بعوضة وجبة دَم على إنسان آخر، يحقَن اللعاب مع الاسبوروزويتات التي تهاجر إلى الكبد، وتبدأ دورة جديدة.

وهكذا فإن البعوضة المصابة تنقل المرض من إنسان إلى آخر، بينما ينقل الإنسان المصاب الطفيل إلى البعوضة.

هل مرض الملاريا مُعدٍ؟

ربما يعتقد البعض أن المرض معدي مثل الإنفلونزا، لكن في الحقيقة لا تنتقل العدوى من شخص لآخر مثل الزكام أو الإنفلونزا.

كذلك لا يمكن أن تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي، ولا يمكن الإصابة من خلال الاتصال العَرَضِي مع المصابين، مثل الجلوس بجوار المصاب.

طرق انتقال العدوى

تنتقل العدوى بالدم من خلال:

يمكن أن تصيب الأم الجنين في أثناء الحمل.

أعراض الملاريا

تنقسم الأعراض إلى غير المعقدة (غير مصحوبة بمضاعفات) والحادة.

الملاريا غير المعقدة (Uncomplicated malaria)

ربما لا تظهر أي أعراض تشير إلى عدوى شديدة أو خلل وظيفي في الأعضاء الحيوية.

يمكن أن يصبح هذا الشكل شديدًا دون علاج، أو إذا كان المصاب يعاني ضعف المناعة.

تستمر الأعراض عادةً من 6 إلى 10 ساعات وتتكرر كل يومين.

يمكن أن يكون لبعض سلالات الطفيل دورة أطول أو تسبب أعراضًا مختلطة.

تتطور الأعراض على النحو التالي، من خلال مراحل البرد والسخونة والتعرق كالآتي:

  1. إحساس بالبرد مع رجفة.
  2. الحمى، والصداع، والقيء.
  3. التعرق، يليه العودة إلى درجة الحرارة العادية، مع التعب.

الملاريا الحادة (Severe malaria)

تظهر الأدلة السريرية والمختبرية علامات خلل وظيفي في الأعضاء، وتشمل الأعراض ما يلي:

  1. حمى وقشعريرة.
  2. قلة وعي، والإغماء.
  3. تشنجات متعددة.
  4. التنفس العميق، وضيق التنفس.
  5. نزيف غير طبيعي وعلامات فقر الدَّم.
  6. اليرقان السريري، وضعف حيوي في الأعضاء.

الملاريا والحمل

تزيد العدوى أثناء الحمل من خطر الإصابة بفقر الدَّم لدى الأم والجنين، والإجهاض التلقائي، وانخفاض الوزن عند الولادة، ووفاة الأطفال حديثي الولادة.

يعد الأطفال دون سن الخامسة أكثر الفئات عرضة للإصابة، في المناطق التي ترتفع فيها معدلات انتقال العدوى في العالم.

يعد فقر الدَّم الحاد، ونقص السكر في الدَّم، والملاريا الدماغية سمات العدوى الحادة التي تظهر بشكل شائع عند الأطفال أكثر من البالغين.

يزيد فيروس نقص المناعة البشرية مخاطر الإصابة والوفاة، وربما تؤدي إلى تفاقم مرض الإيدز السريري.

يمكن أن يكون للتفاعل بين الطفيل وعدوى فيروس العوز المناعي البشري عواقب وخيمة، خاصةً بالنسبة للنساء الحوامل.

مضاعفات المرض

تعد العدوى قاتلة، خاصة مع أنواع البلازموديوم الشائعة في إفريقيا، إذ تُقدر منظمة الصحة العالمية أن حوالي 94٪ من جميع وفيات المرض تحدث في إفريقيا.

عادة ما ترتبط الوفيات الناجمة عن العدوى بمضاعفات خطيرة مثل:

الملاريا الدماغية (Cerebral malaria)

تسد خلايا الدَّم المليئة بالطفيليات الأوعية الدموية الصغيرة المُغذية للدماغ، وربما يحدث تورم، أو تلف في الدماغ، أو نوبات صرع أو غيبوبة.

مشكلات التنفس (Breathing problems)

يمكن أن يؤدي تراكم السوائل في الرئتين (الوذمة الرئوية) (Pulmonary edema) إلى صعوبة التنفس.

فشل الجهاز (Organ failure)

يمكن أن تتسبب العدوى في تلف الكلى أو الكبد أو تسبب تمزق الطحال، ويمكن أن تكون أي من هذه الحالات مهددة للحياة.

فقر الدَم (Anemia)

ربما تؤدي الإصابة إلى عدم وجود ما يكفي من خلايا الدَّم الحمراء لتزويد أنسجة الجسم بالأكسجين.

انخفاض سكر الدَّم (Low blood sugar)

يمكن أن تتسبب الأشكال الحادة من العدوى في انخفاض نسبة السكر في الدَّم.

يمكن أن يؤدي الكينين (Quinin) -دواء شائع يستخدم لمكافحة الطفيل- إلى انخفاض شديد في نسبة السكر في الدَّم أو الغيبوبة أو الموت.

التشخيص

يعتمد التشخيص على التشخيص السريري والتشخيص المعملي.

الفحص السريري

يعتمد الفحص السريري على أعراض المريض والنتائج الجسدية عند الفحص.

غالبًا ما تكون الأعراض الأولى للملاريا (الحمى، والقشعريرة، والعرق، والصداع، وآلام العضلات، والغثيان، والقيء) غير محددة، وتوجد أيضًا في أمراض أخرى مثل الإنفلونزا.

كذلك تكون النتائج الجسدية غير محددة (ارتفاع درجة الحرارة، والعرق، والتعب).

في العدوى الشديدة (التي تسببها المتصورة المنجلية في المقام الأول)، تكون النتائج السريرية (الارتباك، والغيبوبة، والعلامات البؤرية العصبية، وفقر الدَّم الشديد، وصعوبات التنفس) أكثر وضوحًا وربما تزيد من مؤشر الاشتباه في الإصابة.

التشخيص المعملي

لا يمكن تشخيص الملاريا إلا بعد نتائج التشخيص المعملي.

أهمية الاختبارات المعملية

تهدف إلى الآتي:

من أهم الاختبارات المعملية المستخدمة في تشخيص العدوى الآتي:

التشخيص المجهري (Microscopic diagnosis)

يمكن التعرف على طفيليات الملاريا بفحص قطرة من دَم المريض تحت المجهر، للتعرف إلى الطفيل وتحديد نوعه.

اختبار كشف المستضد (Antigen Detection)

تتوفر مجموعات اختبار مختلفة للكشف عن المستضدات المشتقة من طفيليات الملاريا.

غالبًا ما تستخدم الاختبارات المناعية (الكروماتوجرافي المناعي) مقياس العمق أو تنسيق الكاسيت، وتقدم النتائج في غضون 2-15 دقيقة.

الاختبارات التشخيصية السريعة (RDTs)

تُعد بديلًا مفيدًا للفحص المجهري في المواقف التي لا يتوفر فيها التشخيص المجهري الموثوق به.

تُستخدم RDTs الخاصة بالطفيل حاليًا في بعض البرامج والبرامج السريرية.

ربما يؤدي استخدام RDT هذا إلى تقليل مقدار الوقت الذي يستغرقه تحديد إصابة المريض بالعدوى.

التشخيص الجزيئي

كُشِف عن الأحماض النووية الطفيلية باستخدام تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR).

مع أن هذه التقنية ربما تكون أكثر حساسية من الفحص المجهري، إلا أنها ذات فائدة محدودة لتشخيص المصابين.

اختبارات الأمصال (Serology)

يكتشف علم الأمصال الأجسام المضادة ضد طفيليات الملاريا، باستخدام إما التألق المناعي غير المباشر (IFA) أو مقايسة الممتز المناعي المرتبط بالإنزيم (ELISA).

لا يكتشف علم الأمصال العدوى الحالية ولكنه يقيس التعرض السابق.

اختبارات مقاومة الأدوية (Drug- resistance testing)

يجب إجراء اختبارات مقاومة الأدوية في مختبرات متخصصة لتقييم مدى الحساسية للمركبات المضادة للملاريا التي جُمعت من مريض معين.

تتوفر طريقتان معمليتان رئيسيتان:

تنمو الطفيليات في المزرعة في وجود تركيزات متزايدة من الأدوية؛ يستخدم تركيز الدواء الذي يثبط نمو الطفيل كنقطة نهاية.

تسمح الواسمات الجزيئية التي قُيمت باستخدام PCR أو التسلسل الجيني أيضًا بالتنبؤ بمقاومة بعض الأدوية.

علاج عدوى الملاريا

يهدف العلاج إلى القضاء على طفيل البلازموديوم في الدَّم.

يمكن علاج ممن ليس لديهم أعراض للعدوى، لتقليل خطر انتقال المرض في السكان المحيطين.

توصي منظمة الصحة العالمية (WHO) بالعلاج المعتمد على مادة الأرتيميسينين (ACT) في علاج الملاريا غير المعقدة.

يشتق مادة الأرتيميسينين من نبات Artemisia annua، المعروف باسم الشيح الحلو، إذ يقلل من تركيز طفيليات المتصورة في مجرى الدَّم.

يجب أن يحتوي العلاج على دواء شريك فعال في الأماكن التي يكون فيها الطفيل مقاوم لدواء ACT.

حذرت منظمة الصحة العالمية من عدم احتمالية وجود بدائل متاحة لمادة الأرتيميسينين لعدة سنوات.

الوقاية خير من العلاج

عزيزي القارئ، بعد أن تعرفنا إلى هذا المرض، دعني أخبرك كيفية الوقاية، وتجنب التعرض لمثل هذا المرض الخطير.

التطعيم 

تتواصل الأبحاث لتطوير لقاحات عالمية آمنة وفعالة للملاريا، حيث رُخِّص بالفعل لِقاح واحد في أوروبا.

نصائح للمسافرين

رغم أن العدوى ليست متوطنة في جميع أنحاء العالم، إلا أن السفر إلى العديد من البلدان حول العالم ينطوي على مخاطر.

تنصح مراكز السيطرة على الأمراض المسافرين باتخاذ الاحتياطات التالية:

  1. التعرف إلى مخاطر الإصابة بالعدوى في المنطقة التي يزورونها.
  2. اسأل الطبيب عن الأدوية التي يجب عليهم استخدامها لمنع العدوى في تلك المنطقة.
  3. الحصول على الأدوية المضادة للملاريا قبل مغادرة المنزل، لتجنب مخاطر شراء الأدوية المزيفة خلال السفر.
  4. انتبه للمخاطر التي يتعرض لها المسافرون، خاصةً الأطفال وكبار السن والنساء الحوامل.
  5. ينبغي للمسافرين إلى الأماكن التي تنتشر فيها الإصابة اتخاذ الاحتياطات مثل استخدام الناموسيات.
  6. تأكد من الحصول على الأدوات الوقائية مثل مبيدات الحشرات وشبكات الأسِرَّة المعالجة مسبقًا والملابس المناسبة.
  7. انتبه للأعراض.
  8. ربما يكون المسافر عرضة للأعراض لمدة عام بعد العودة إلى المنزل لذلك لا يكون التبرع بالدم ممكنًا خلال تلك المدة.

وختامًا، لا تنس -عزيزي القارئ- أن مرض الملاريا تسببه أنثى بعوضة الأنوفيليس، وينتشر في دول جنوب إفريقيا، ولا تنس أن المرض خطير ومميت؛ لذا عليك اتباع الإجراءات الوقائية للحفاظ على سلامتك.

اقرأ أيضًا

طفيل الإنكلستوما | كل ما تود معرفته عنه

مرض حمى الضنك | الأعراض والوقاية والعلاج

مرض الفيل | كيف ينتشر وما أعراضه وطرق علاجه؟

المصدر
www.mayoclinic.orgwww.cdc.govwww.medicalnewstoday.comwww.who.int
Exit mobile version