مرض الفيل، هل تعلم أن لدغات من أحد أنواع البعوض قد تُسبب الإصابة بهذا المرض؟
حركة ثقيلة وجلد سميك متقرح، حياة تتبدل بسبب لدغات من بعوض!
ترى كيف ينتشر مرض الفيل وما هي أسبابه وأعراضه، وطرق علاجه؟
كل هذا وأكثر سنتعرض إليه في هذا المقال، فقط تابع معنا.
ما هو مرض الفيل؟
يعد مرض الفيل (Elephantiasis) واحدًا من الأمراض الطفيلية الاستوائية، إذ ينتشر في المناطق الحارة من الكرة الأرضية القريبة من خط الاستواء مثل: جَنُوب شرق آسيا وأفريقيا؛ إذ نجد الكثير من البعوض الناقل لهذا المرض في هذه المناطق.
أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد المصابين بمرض الفيل في عام 2000 وصل إلى 120 مليون شخص حول العالم.
كذلك أعلنت المنظمة أنه في عام 2018 كان هناك ما يقرب من 893 مليون شخص يحتاجون إلى العلاج الكيميائي الوقائي؛ للحد من انتشار هذا المرض في بلدانهم الاستوائية.
ما هي أسباب داء الفيل؟
تعد ديدان الفيلاريا المُنتمية إلى عائلة الديدان الأسطوانية (nematodes) هي المسبب الرئيسي لمرض الفيل.
يصبح الشخص مصابًا بهذا المرض بعد مدة زمنية طويلة من التعرض إلى لدغات متكررة من البعوض الحامل ليرقات الفيلاريا.
بمعنى أن العدوى تنتقل من عائل إلى آخر عندما يتغذى البعوض على دَم العائل المريض وينقله إلى عائل آخر، وهو مُحمل بيرقات الفيلاريا.
تعيش هذه اليرقات في الدَّم وتنمو، حتى تصبح ديدانًا بالغةً وتتخذ من الجهاز اللمفاوي موطنًا لها، وكذلك تبقى هذه الديدان في الجهاز اللمفاوي من ست إلى ثماني سنوات.
ماذا يحدث عندما تتجمع هذه الديدان في الجهاز اللمفاوي؟
يساعد الجهاز اللمفاوي الجسم في حربه ضد العدوى ويُعد جزءً أصيلًا من الجهاز المناعي.
يتكون الجهاز اللمفاوي من قنوات أنبوبية تسمى الأوعية اللمفاوية، تعمل هذه الأوعية على تصفية السائل اللمفاوي من مختلف أجزاء الجسم ونقله إلى مجرى الدَّم.
تجمع الفيلاريا في هذه الأوعية اللمفاوية يؤدي إلى انسدادها وتراكم السائل اللمفاوي بها، مما ينتج عنه تورم في مختلف أجزاء الجسم مثل القدمين.
هل داء الفيل وداء الفيلاريات يشيران إلى نفس المرض؟
إن الإجابة المباشرة لهذا السؤال هي: لا.
تعد الفيلاريا واحدة من الأسباب الأكثر شيوعًا لداء الفيل، وخصوصًا في البلدان التي يستوطن بها هذا الداء، وفي هذه الحالة يُسمى هذا المرض باسم داء الفيلاريات أو داء الخيطيات (Lymphatic filariasis).
ولكن عند كتابة التقارير الطبية لا يمكن اعتبار المرضين -مرض الفيل وداء الفيلاريات- مرضًا واحدًا؛ لأننا نجد في بعض البلدان أمراضًا أخرى تؤدي إلى تلف الجهاز اللمفاوي وتراكم السائل اللمفاوي.
وبالنظر إلى هذه الصورة الشائعة عن داء الفيل من التورم الزائد للقدمين سنجد أن مصطلح مرض الفيل استخدم مجازًا لوصف هذه الأمراض.
نذكر من هذه الأمراض ما يلي:
- الورم الحبيبي المزمن (Lymphgranuloma venereum).
- داء الليشمانيات (Leishmaniasis).
- العدوى المتكررة بالبكتريا العقدية (Recurrent streptococcal infection).
- الجذام (Leprosy).
- في بعض الحالات لا يوجد سبب مباشر لظهور مرض الفيل، وتصنف هذه الحالات بأنها مجهولة السبب.
عوامل الخطورة
هناك مجموعة من العوامل التي تجعل الشخص أكثر عرضةً للإصابة بداء الفيل، نذكر منها ما يلي:
- نجد مرض الفيل في المناطق الاستوائية الحارة مثل: أفريقيا، وجنوب شرق آسيا والهند، وأمريكا الجنوبية.
- التعرض إلى كميات كبيرة من البعوض الناقل لمرض الفيل لمدة زمنية طويلة.
- ينتشر مرض الفيل في المجتمعات البدائية المُكدسة؛ نتيجة إلى تدني مستوى النظافة العامة وتقل العناية بصحة الفرد.
لماذا سُمي مرض الفيل بهذا الاسم؟
سمي داء الفيل بهذا الاسم نسبةً إلى أعراضه التي تصيب الأطراف والجلد، إذ تعطي صورة مشابهة لأطراف وجلد الفيل.
فما هي أعراض داء الفيل؟
يشتمل مرض الفيل على ثلاثة أنواع من الحالات، وتختلف الأعراض من حالة إلى أخرى كما يلي:
- قد تكون الحالة عديمة الأعراض.
أغلب حالات مرض الفيل لا يظهر عليها أعراض، ولكنها تحمل الديدان في دمها وتساهم في انتشار المرض.
مع أنّ هذه الحالات لا يظهر عليها أي أعراض إلا أنها معرَضة إلى تلف الجهاز اللمفاوي والكليتين، كذلك تعاني هذه الحالات ضعف الجهاز المناعي.
- الحالات المزمنة، يصاحب هذه الحالات الأعراض الآتية:
يعد التورم هو العرض الأساسي لداء الفيل، إذ يظهر التورم في الثدي والقدمين والذراعين والأعضاء التناسلية.
نجد أن القدم هي أكثر مناطق الجسم تورمًا، مما يؤدي إلى إحساس المريض بالألم وفقدان القدرة على الحركة بشكل طبيعي.
وبالنظر إلى الجلد نجد فيه العديد من التغيرات، فيظهر جافًا وسميكًا وداكنًا ولا يخلو من التقرحات.
غالبًا تؤدي هذه التورمات والإصابات الجسدية إلى شعور المريض بأن هناك وصمة اجتماعية تلازمه أين ما ذهب، كذلك تتأثر قدراته العقلية وقدرته على جلب قوت يومه.
- الحالات الحادة، تتميز هذه الحالات بالأعراض الآتية:
نوبات مفاجئة من التهاب الجلد، والحمى الناتجة عن التهاب الغدد اللمفاوية.
قد تظهر هذه النوبات بشكل عرضي مع أعراض الحالات المزمنة، وتستمر هذه النوبات لمدة أسابيع.
معظم حالات التهاب الجلد سببها وجود عدوى بكتيرية ثانوية، نتيجة ضعف الجهاز المناعي والجهاز اللمفاوي.
بعض هذه النوبات تمثل ردة فعل الجهاز المناعي لوجود العدوى الطفيلية.
ما هي مضاعفات مرض الفيل؟
في حالة تأخر العلاج قد يؤدي التورم المنتشر في الجسم إلى إعاقة الحركة تمامًا، قد يعجز المريض عن ممارسة تفاصيل حياته اليومية أو الذَّهاب إلى عمله.
ينشغل المريض بنظرة المجتمع له، مما قد يؤدي إلى شعوره بالقلق الدائم وإصابته بالاكتئاب.
تشخيص مرض الفيل
في البداية يحاور الطبيب مريضه لمعرفة ظروفه المعيشية وتفاصيل تاريخه المرضي، والتعرف إلى الأعراض التي يعانيها المريض.
إذ تعد ظروف المريض الحياتية وطبيعية المكان الذي نشأ به، ووجود البعوض من عدمه، عوامل أساسية يعتمد عليها الطبيب في تشخيصه.
بعد ذلك يجري الطبيب فحصًا شاملًا لمريضه باحثًا عن الأعراض الخاصة بداء الفيل.
يطلب الطبيب من المريض إجراء تحاليل دَم شاملة؛ لمعرفة ما إذا كان هناك عدوى طفيلية أم لا.
قد يلجأ الطبيب إلى وسائل تشخيصية أخرى مثل: الموجات فوق الصوتية والأشعة السينية، حتى يستثني الأمراض الأخرى التي تظهر أعراضًا مشابهة لأعراض مرض الفيل.
علاج داء الفيل
تحدد خطَّة العلاج بعد أن تظهر التحاليل ما إذا كان طفيل الفيلاريا ما زال موجود في الدَّم أم لا، فبعض الأشخاص يعانون أعراض داء الفيل بسبب وجود عدوى سابقة بالفيلاريا ولكنها لم تعد موجودة في الدَّم وقت تلقي العلاج.
يهدف العلاج إلى محاربة العدوى الطفيلية النشطة بالدم والحد من انتشار الأعراض.
الأدوية المضادة للطفيليات، نذكر منها ما يلي:
ثنائي إيثيل كاربامازين (Diethylcarbamazine, DEC)
يستخدم هذا الدواء في مختلف أنحاء العالم منذ أكثر من خمسين عامًا؛ إذ أثبت فاعليته ضد الفيلاريا في مختلف أطوارها -الطور البالغ واليرقات- ولكنه يسبب بعض الأعراض الجانبية مثل: دوّار وحمى وآلام في العضلات والمفاصل والشعور بالقيء.
يمنع إعطاء هذا الدواء إذا كان المريض مُصاب بداء العمى النهري؛ إذ أنه يزيد من التهاب العينين الناتج عن هذا الداء.
الايفرمكتين (Ivermectin)
يستخدم كبديل لعقار DEC لعلاج حالات داء الفيل المصابة بالعمى النهري.
الدوكسيسيكلين
أثبتت بعض الدراسات فاعليته في قتل الطور البالغ من الفيلاريا، وجرعته هي 200 مجم يوميًا لمدة أربعة إلى ستة أسابيع.
أما بالنسبة إلى الحالات الحادة ونوبات الالتهاب العارضة، فإن الطبيب يوصي مريضه بالاعتماد على الأدوية الآتية:
- المسكنات.
- مضادات الهستامين.
- المضادات الحيوية.
علاج أعراض الورم اللمفاوي الخاص بالحالات المزمنة
هدف الطبيب في هذه الحالات المزمنة هو علاج التورمات المنتشرة في الجسم، وعلاج تقرحات الجلد، لذا يلزم الطبيب المريض بتنفيذ الخطوات التالية:
غسل الأماكن المتورمة والمتقيحة يوميًا بالماء والصابون.
الاهتمام بترطيب الجلد وتطهيره، لتجنب الإصابة بعدوى بكتيرية ثانوية.
الحرص على رفع الأرجل المتورمة في أثناء الجلوس؛ لتحسين سريان الدَّم واللمف.
ينصح الطبيب مريضه بممارسة تمارين رياضية معينة هدفها تحسين وظيفة الجهاز اللمفاوي.
تغليف الأرجل المتورمة بطريقة معينة -يوصي بها الطبيب- لتجنب المزيد من التورم.
التدخل الجراحي
قد يلجأ الطبيب إليه في حالات نادرة؛ لإزالة الأنسجة اللمفاوية التالفة أو تقليل الضغط -الناتج عن التورم- من بعض أجزاء الجسم مثل وعاء الخصيتين.
ختامًا لعلك لاحظت عزيزي القارئ أن الأمر كله متروك للطبيعة، لدغات بسيطة قد تنقل أخطر الأمراض، لذا لا تتأخر في تقديم الدعم لمن أصابهم مرض الفيل وقت ما أتيحت الفرصة.
اقرأ أيضًا
حمى الوادي وحمى الوادي المتصدع