الأدوية والمستحضرات الطبيةطبي

هرمون الكورتيزول والرياضة | هل كثرة التمارين مفيدة؟

د.أحمد بكورة
أحب الذهاب إلى النادي الرياضي حتى أحافظ على لياقتي، وأحسن مظهر جسمي، لكني أرى بعض الأشخاص يتدربون يوميًا ولساعات طويلة، ويحاولون حمل أوزان ثقيلة جدًا. شخصيًا أرى هذا الأمر مبالغ فيه، لكن أتسائل هل للمبالغة في ممارسة الرياضة تأثير عكسي؟

سنتحدث في هذا المقال عن العلاقة بين هرمون الكورتيزول والرياضة عمومًا، وعن عمله في الجسم عندما يكون بمستويات طبيعية، أو مرتفعة، أو منخفضة.

ما هو هرمون الكورتيزول؟

يعد الكورتيزول هرمون ستيرويدي، وأحد الكورتيكوستيرويدات التي تصنّعها الغدة الكظرية من الكوليسترول، وذلك بتحفيز من هرمون ACTH الذي تفرزه الغدة النخامية.

تفرز الغدة الكظرية هذا الهرمون إلى الدم، الذي يحمله إلى كل أنحاء الجسم، ليؤثر في الخلايا الحاملة لمستقبلاته.

يعرف هذا الهرمون أيضًا بهرمون التوتر أو الشدة، فهو يؤدي دورًا كبيرًا في الاستجابة للخطر، بالإضافة إلى كل ما يسبب التوتر والشدة، مما يفسر العلاقة بين هرمون الكورتيزول والرياضة خاصةً العنيفة.

وظائف هرمون الكورتيزول

تحمل معظم الخلايا مستقبلات للكورتيزول ما يفسر تأثيراته وتحكمه في كثير من وظائف الجسم، مثل:

  • تنظيم استقلاب السكر، والشحوم، والبروتينات.
  • العمل كمضاد التهاب.
  • التأثير في تشكيل الذاكرة.
  • التوازن بين الماء والملح.
  • تنظيم ضغط الدم.
  • المساعدة في تطور الأجنة في حالة الحمل.
  • المساهمة في استجابة الجسم لحالات الخطر.

العلاقة بين هرمون الكورتيزول والرياضة

ينتج الجسم عددًا من الهرمونات للتعامل مع حالات الشدة، سواءًا كانت نفسية أو جسدية، مثل هرمون الكورتيزول وتعد الرياضة جهدًا جسديًا، إذ يفسرها الدماغ على أنها حالة توتر وشدة يتعرض لها الجسم.

كذلك، تحفز التمارين الرياضية إفراز هرمون الكورتيزول، الذي يعمل على تحفيز الجهاز العصبي الودي، مما يولد استجابة الجسم للمواجهة أو الهرب، إذ يحتاج الجسم فيها لكثير من الطاقة.

هنا يأتي دور هرمون الكورتيزول أيضًا في تعديل الاستقلاب بما يتناسب مع هذه الحالة، إذ يسرع تكسير الشحوم، والكربوهيدرات، ويرفع سكر الدم، لتزويد الجسم سريعًا بالطاقة، كما يكبح مناعة الجسم، حتى يركز طاقته على التعامل مع حالة الشدة.

ارتفاع هرمون الكورتيزول والرياضة

أظهرت الدراسات أن زمن وكثافة التمارين يمكن أن تؤثر على كمية الكورتيزول المفرزة.

كما بينت الدراسات أيضًا أن أداء التمارين العالية إلى متوسطة الكثافة يزيد إفراز الكورتيزول، إذ إن القيام بالكثير من التمارين الرياضية لا يعد أمرًا مفيدًا للجسم بالضرورة، فأداء التمارين لأكثر من 60 دقيقة يستهلك كل مخازن الجليكوجين في الجسم، مما يحفز إطلاق الكورتيزول إلى الدم.

لكن يرتفع تركيز الكورتيزول في الدم ارتفاعًا أقل من السابق، وذلك في التمارين العنيفة مثل:

  • العدو السريع.
  • التمارين المتواترة عالية الكثافة.
  • رفع الأثقال.

وذلك بغض النظر عن مدة التمرين، إلا إذا كانت الراحة قليلة بين التمارين، فذلك يؤدي إلى ارتفاع كبير فيه.

تتجلى العلاقة بين ارتفاع هرمون الكورتيزول والرياضة تجليًا معتبرًا عند ممارسة التمارين في حالة المجاعة، أو في حال استنزاف العناصر الغذائية، أو في الصباح الباكر، حيث يكون الكورتيزول مرتفعًا في الدم بشكل طبيعي.

لماذا كل هذا الاهتمام بالعلاقة بين ارتفاع هرمون الكورتيزول والرياضة عند الأفراد؟

يكون الارتفاع في الكورتيزول في أثناء التمارين حادًا، أي ليس له تأثير على المدى الطويل، لكن إذا مُورست التمارين العنيفة أكثر من مرة في اليوم الواحد وعدة أيام في الأسبوع، فإن مستوى الكورتيزول سيبقى مرتفعًا.

سيؤدي هذا الارتفاع على المدى الطويل إلى المشاكل الصحية ذاتها التي يتمرن الناس لتجنبها، كارتفاع ضغط الدم، والسكري، وزيادة الوزن، وهشاشة العظام، وحتى قلة الخصوبة.

كما يسبب الارتفاع المزمن للكورتيزول ارتفاع هرمونات أخرى كالتستسترون ثم الاستروجين، بينما ينخفض تركيز هرمونات أخرى كالبروجسترون.

هذه الاضطرابات الهرمونية ستؤدي إلى اضطرابات الدورة الشهرية، وظهور حب الشباب، كما قد يسبب ما يعرف بثالوث الأنثى الرياضية، وهو اضطراب أو غياب الدورة الشهرية، وهشاشة العظام، واضطرابات في التغذية.

انخفاض هرمون الكورتيزول والرياضة

لا تقتصر العلاقة بين هرمون الكورتيزول والرياضة على ارتفاعه فقط، لكن قد يحدث انخفاض بهذا الهرمون أيضًا.

عمومًا، كلما تحسنت لياقتك تحسن تعامل جسدك مع الشدة الفيزيائية، مما يعني أن كمية الكورتيزول المفرزة في أثناء التمارين، والاستجابة للحالات العاطفية، والنفسية ستكون أقل.

أثبتت الدراسات العلاقة بين انخفاض هرمون الكورتيزول والرياضة الخفيفة، كما لا تسبب كل أنواع الرياضة شدة جسدية وإرهاق، فبعضها قد يمارس في سبيل تحقيق الاسترخاء والراحة، مثل هذه الرياضات تعمل على تقليل مستوى هرمونات الشدة في الدم، ومن الأمثلة عليها:

نصائح لتوازن هرمون الكورتيزول عند ممارسة الرياضة

إن فوائد الرياضة الكثيرة للجسم، وأهمية ممارسة التمارين الرياضية للحفاظ على الصحة، دفعت الناس للبحث عن نصائح لتوازن هرمون الكورتيزول عند ممارسة الرياضة بمختلف أنواعها، من أجل تجنب الآثار السيئة التي قد تحدث عند اختلال هذا التوازن.

إليك بعض النصائح بخصوص هرمون الكورتيزول والرياضة قد تفيدك:

  • لا تبالغ في أداء التمارين، وخذ استراحات منتظمة من التمارين الكثيفة.
  • اترك التمارين الكثيفة لوقت متأخر من النهار، حيث تكون مستويات الكورتيزول منخفضة.
  • تناول الغذاء الصحي الذي يمد الجسم بالطاقة، واحرص على تناول الكربوهيدرات والبروتين بعد انتهاء التمرين، لتقليل استجابة الكورتيزول.
  • احرص على تناول الأدابتوجين (Adaptogens) (محسنات التكييف)، لتحسين استجابة الجسم للشدة.
  • تعلم كيف تتغلب على التوتر وصعوبات الحياة.

مخاطر عدم توازن هرمون الكورتيزول في الجسم

إن اختلال تركيز هرمون الكورتيزول اختلالًا مزمنًا، يؤدي إلى الكثير من التغيرات، ويسبب مشاكل مزعجة للمريض.

تكمن مخاطر عدم توازن هرمون الكورتيزول في الجسم والدم، في التغيرات التي تطال مختلف الوظائف والأعضاء كذلك التأثير على ضغط الدم، ومستوى سكر الدم.

ارتفاع هرمون الكورتيزول في الجسم

بعد أن عرفنا العلاقة بين هرمون الكورتيزول والرياضة عمومًا، سنتحدث عن المشاكل التي يسببها ارتفاع الكورتيزول وانخفاضه للمريض.

إن الارتفاع المزمن لهرمون الكورتيزول يعرف بداء كوشينغ، ومن أهم أعراضه:

  • زيادة الوزن.
  • الوجه القمري.
  • حدبة الجاموس (أو الحدبة الدهنية)، وهي نسيج شحمي بين الكتفين.
  • خطوط أرجوانية على الجلد.
  • يُصبح الجلد رقيقًا سهل التكدم.
  • بطء شفاء الجروح.
  • ظهور حب الشباب، والشعرانية.
  • انقطاع أو عدم انتظام الدورة الشهرية عند الإناث.
  • ضعف العضلات والتعب.
  • الاكتئاب والقلق.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • هشاشة العظام.

عليك مراجعة الطبيب عند ظهور أعراض داء كوشينغ، حتى يُوضع التشخيص سريعًا، ويكون العلاج حسب السبب (دوائي أو ورمي).

انخفاض هرمون الكورتيزول في الجسم

داء أديسون هو اسم المرض الذي يحدث عند انخفاض مستوى الكورتيزول في الدم تحت القيم الطبيعية انخفاضًا مزمنًا.

يصنف داء أديسون إلى أولي ناتج عن خلل في الغدة الكظرية (غالبًا مناعي ذاتي، وقد يكون خمجي، أو دوائي، أو سرطاني ورمي)، وثانوي ناتج عن نقص إفراز هرمون ACTH من الغدة النخامية (ورمي، ودوائي، ورضي، ووراثي).

أعراض داء أديسون (Addison’s disease)

قصور الغدة الكظرية يؤدي لهبوط مستوى الكورتيزول، والألدوستيرون في الدم، فتظهر الكثير من الأعراض، أبرزها:

  • الضعف العضلي.
  • الإرهاق والتعب.
  • زيادة تصبغ الجلد.
  • نقص الوزن وانخفاض الشهية.
  • انخفاض ضغط الدم وسرعة القلب.
  • انخفاض سكر الدم.
  • نوبات غشي.
  • تقرحات فموية.
  • شهوة الملح.
  • الغثيان والقيء.
  • الاكتئاب أو الهياج.
  • اضطرابات النوم.

تشخيص وعلاج داء أديسون

يعتمد التشخيص على الفحص السريري، بالإضافة إلى إجراء بعض التحاليل الدموية، وقياس مستوى الهرمونات في الدم، كما قد يطلب الطبيب إجراء بعض الاختبارات الشعاعية حسب الحالة.

يتوجه العلاج أساسًا حسب السبب، وقد نعطي الهرمونات لتعويض النقص الحاصل في الإفراز، وذلك عندما يكون السبب غير قابل للعلاج، أو الحالة تستدعي ذلك.

في الختام بعد أن سلطنا الضوء على العلاقة بين هرمون الكورتيزول والرياضة بمختلف أشكالها، أنصحك -عزيزي القارئ- أن تمارس الرياضة باعتدال، ولا تنسى الاسترخاء والسيطرة على توترك، حتى لا تحصل على نتائج عكسية من ممارسة التمارين.

اقرأ المزيد

هرمون الهيدروكورتيزون وأدوية الهيدروكورتيزون

ديكساميثازون | استخداماته وآثاره الجانبية

ورم القواتم | ورم الغدة الكظرية الغامض

الغدة الدرقية: بين صغر حجمها وتعقيداتها

هرمون النوم | الميلاتونين والأرق

المصدر
yourhormonesmayoclinichealth.harvard.edu/pubmed.dnafitncbi.nlm

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى