“العضو الذي تستعمله يقوى ويكبر، والعضو الذي تهمله يضمر” هذا ما تعلمته في كلية الطب، وما أراه في معاملاتي اليومية، فهذا الشاب مفتول العضلات لم يولد هكذا، وإنما قضى ساعات طويلة يتدرب في صالة التمارين الرياضية، وهذا الطفل الصغير المولود بارتخاء الجفن لم يولد بضعفٍ في نظره، وإنما أهمل المخ العين بسبب عدم استخدامها لفترةٍ طويلةٍ، وهو ما يعرف بالكسل البصري. فهل من علاج؟
تعريف الكسل البصري
يُعد الكسل البصري (الغمش) السبب الرئيس لانخفاض الرؤية لدى الأطفال. وهو ضعف النظر في إحدى العينين (أو كلتاهما في قليل من الأحيان) نتيجة لمرض ما، أعاق تطور النظر في مرحلة الطفولة حتى سن السابعة. وهذا الضعف من الصعب علاجه بعد السابعة، وهنا تكمن أهمية التشخيص المبكر للمرض.
أكثر الحالات عرضة لحدوث الكسل البصري
- الأطفال الخُدّج (المبتسرين).
- الأطفال قليلو الوزن عند الولادة.
- وجود تاريخ مرضي للكسل البصري بالعائلة.
- الأطفال المصابون بمشكلات النمو الوظيفي مثل الشلل الدماغي ومتلازمة داون.
أعراض الكسل البصري
- الرأرأة وهي حركة مستمرة ومتكررة للعين في اتجاهات مختلفة.
- عدم تناسق حركة العينين معًا.
- عدم استطاعة الطفل تقدير العمق والمسافات.
- الحول أو إغلاق عين واحدة باستمرار لتجنب ازدواج الرؤية.
- وضع الرأس المائل باستمرار.
- ضعف النظر: قد لا يلاحظ الطفل أو والديه انخفاض النظر في إحدى العينين.
متى يجب الذهاب للطبيب؟
في حالة ملاحظة أي من الأعراض السابق ذكرها، أو حدوث بعض حالات أمراض العيون في مرحلة الطفولة في العائلة، مثل الحول وإعتام العدسة.
أسباب الإصابة بالكسل البصري
يتطور مركز الإبصار في المدة الأولي من عمر الطفل، وفي حالة وجود أية مشكلات تعوق الرؤية السليمة يتوقف هذا التطور، ومن أمثلة هذه المشكلات:
- عدم التناسق في حركة العين، مما يسبب الرؤية المزدوجة والحول، وهو أشهر أسباب الكسل البصري، إذ يتجاهل المخ إحدى العينين؛ ليتجنب ازدواج الرؤية، فتصاب بالكسل البصري.
- الاختلاف الشديد في قوة الإبصار بين العينين، يؤدي إلى كسل العين الأضعف، ويحدث ذلك نتيجة طول النظر غالبًا، أو الاستجماتيزم مع وجود فارقٍ كبيرٍ بين العينين.
- وجود ما يعوق الرؤية في إحدى العينين، مثل إعتام العدسة أو ارتخاء الجفن.
تشخيص الكسل البصري
من المهم أن يفحص الطبيب أكثر الحالات عرضة للإصابة بالكسل البصري، وينصح مركز السيطرة على الأمراض CDC أن يفحص الأطفال في الأوقات التالية:
- خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العمر.
- عند سن ستة أشهر.
- في عمر ثلاث سنوات.
- في عمر خمس سنوات.
خطوات التشخيص:
١. أخذ التاريخ المرضي للطفل وأسرته، والسؤال عن الأعراض.
٢. فحص الطفل: ويوجد طرق مختلفة للفحص بناءً على سن الطفل، ويساعد الفحص الطبيب على معرفة قوة الإبصار، وتشخيص الكسل البصري، ومعرفة أسبابه.
٣. قد يطلب الطبيب إجراء بعض الفحوص مثل:
- الأشعة المقطعية.
- أشعة الرنين المغناطيسي.
- فحص شبكية العين بالفلوريسين.
- فحوص كهروفسيولوجية.
- المسح الضوئي المقطعي المترابط.
التشخيص المبكر
يجب فحص النظر لكل الأطفال قبل سن الرابعة؛ كي نستطيع تشخيص الكسل البصري وعلاجه قبل فوات الأوان؛ ولذا يجري فحص أطفال المدارس في بداية المرحلة الابتدائية.
علاج العين الكسولة
يجب أولًا علاج الحالة المسببة للكسل البصري، مثل: جراحة إزالة العدسة في حالة إعتام العدسة، أو ارتداء النظارة في حالة الاستجماتيزم، وبعد ذلك نبدأ علاج الكسل البصري.
إذا كان الحول هو سبب الكسل البصري، نعالج الحول عادة بعد علاج الكسل البصري، واستطاعة الطفل أن يركز بكلتا العينين بالتبادل.
تعتمد فكرة العلاج على إجبار المخ على الاعتماد على العين الكسولة بإحدى هذه الطرق:
تغطية العين السليمة
يكون ذلك لوقت محدد مع الالتزام بتعليمات الطبيب والمتابعة، باستخدام غطاء لاصق للعين، أو عدسة لاصقة معتمة، وكون المريض طفلًا قد يجعله يحاول استراق النظر بالعين السليمة المغطاة، ويجب عدم المبالغة في تغطية العين السليمة؛ حتى لا تصاب بالكسل كذلك.
مواصفات غطاء العين المثالي:
- مريح، لكن ثابت في مكانه.
- يجب ألا يسمح للطفل باستراق النظر بالعين السليمة.
- يفضل أن يكون ملونًا؛ حتى يرغب الطفل باستعماله، ويتوافر بالصيدليات أنواع ملونة وأشكال يحبها الأطفال.
تجنب استعمال غطاء العين الأسود المزود بشريط مطاطي، الذي يذكرك بالقراصنة؛ فمن السهل على الطفل أن يحركه ليري بالعين القوية.
يثبت غطاء العين على الجلد المحيط بالعين، وفي حالة ارتداء الطفل نظارة يمكن أن يستعمل غطاء العين بنفس الطريقة السابق ذكرها، أو قد تستعمل أغطية خاصة بالنظارات فقط إذا كان الطفل كبيرًا ومعتادًا على استخدام غطاء العين.
لتجنب التهاب الجلد المحيط بالعين؛ حاول أن تستخدم أحجام مختلفة من غطاء العين، وألا تضعه في نفس المكان كل مرة.
إضعاف العين السليمة مؤقتا
وذلك إما باستخدام القطرات الموسعة للعين، أو تشويش الرؤية بها باستخدام العدسات اللاصقة، أو ارتداء نظارات خاصة تشوش العدسة التي أمام العين السليمة.
توقع في بداية العلاج ارتباك طفلك وكثرة سقوطه، أو يصطدم بما حوله، فاحرص على مراقبته والتدخل في الوقت المناسب لتحميه.
كيف تساعد طفلك على تقبل العلاج
ليس من السهل على الطفل تقبل تغطية عينه التي يرى بها جيدًا، ومحاولة استعمال العين الضعيفة؛ لذا عليك أن تكون متفهمًا وداعمًا له. يمكنك تجربة التالي:
- اشرح لطفلك أهمية العلاج، وطمئنه بأن الكثير من الأطفال يستعملون أغطية العين لنفس السبب.
- اسمح لطفلك بتزيين غطاء العين الخاص به.
- يفضل أن يمارس الطفل في أثناء العلاج أنشطته المفضلة، مثل الرسم أو حل الألغاز أو ألعاب الكمبيوتر؛ فذلك يشجعه على استعمال العين المصابة بالكسل البصري وتنشيطها، ويسهل على الطفل تقبل تغطية عينه التي يرى بها جيدًا.
- اثن على طفلك وكافئه على تحمل هذه المشقة.
- تحدث مع مدرسيه، واطلب منهم الثناء عليه لالتزامه بتعليمات الطبيب.
- بالنسبة للأطفال الأصغر سنًا، يمكنك تغطية عين لعبته المفضلة؛ فذلك يشجعه على تقليدها.
النتيجة المتوقعة للمرض
في معظم الأحوال يمكن منع أو علاج الكسل البصري، إذا كان اكتشافه وعلاجه بصورة صحيحة في الوقت المناسب. إذا عولج الطفل قبل سن السابعة، فإن فرصة الشفاء عالية جدًا، وقد يستجيب الأطفال والمراهقون حتى سن السابعة عشر أيضًا للعلاج، ويستغرق العلاج أسابيع عدّة، حتى ستة أشهر.
يجب أن يحرص المريض على الكشف الدوري والمتابعة، حتى بعد الشفاء؛ ليتجنب حدوث الكسل البصري مرة ثانية.
مضاعفات كسل العين
في حالة عدم تشخيص الحالة ومعالجتها خلال السنوات السبع الأولى من عمر الطفل، فإن المخ يهمل هذه العين، فتفقد النظر تدريجيًا ودون رجعة، حتى وإن عولج المرض المسبب للمشكلة؛ ولذا يعاني الطفل مشكلات الرؤية بعين واحدة مثل:
- عدم القدرة على تحديد المسافات والعمق.
- عدم التأهل للحصول على رخصة قيادة السيارات.
- التعرض لفقدان البصر التام في حالة إصابة العين السليمة.
وختامًا قد تكون رحلة العلاج طويلة ومرهقة، لكن استعادة نظر طفلك بالتأكيد هدف يستحق العناء.