“مازال وزني ثابتًا ولا يتغير، لقد سئمت اتباع الحميات الغذائية دون جدوى”. هكذا أخبرتني صديقتي أنها سوف تتوقف عن اتباع حميتها الغذائية الجديدة.نصحتها بزيارة طبيب متخصص؛ لمعرفة السبب وراء عدم خسارتها للوزن، وعند زيارة الطبيب طلب منها إجراء بعض التحاليل الطبية، من ضمنها تحليل نسبة فيتامين د، وشرح لها العلاقة بين فيتامين د والسمنة، وتأثير كل منها على الآخر.
هيا بنا -عزيزي القارئ- نبدأ رحلتنا المعرفية لفهم العلاقة بين فيتامين د والسمنة، وهل نقص فيتامين د يزيد الوزن أم ينقصه؟
السمنة مرض العصر
أصبحت السمنة من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا في عصرنا الحديث، إذ يبلغ عدد الأشخاص المصابين بالسمنة حوالي 2 بليون شخصًا حول العالم، وفقًا لأحدث إحصاءات عام 2019.
لا تقتصر خطورة السمنة على تأثيرها في سهولة حياتك، ومظهرك الخارجي، وحالتك النفسية، لكنها تُزيد من خطر الإصابة بأمراض أخرى، على سبيل المثال لا الحصر أمراض القلب والشرايين، وبعض أنواع السرطان.
كذلك تؤثر على المعدل الطبيعي لبعض الفيتامينات والمعادن في الجسم، مثل فيتامين د.
مؤشر كتلة الجسم (BMI)
مؤشر كتلة الجسم هو أحد المعايير المعتمدة لتشخيص السمنة، إذ يعتمد على قياس الوزن نسبة إلى الطول، وبذلك يعطينا مؤشرًا لإجمال معدل الدهون في الجسم.
يمكننا تشخيص السمنة إذا بلغت قيمة مؤشر كتلة الجسم 30 أو أكثر، الآن دعنا نوضح لك -عزيزي القارئ- بعض الحقائق عن فيتامين د.
فيتامين د (كنز أشعة الشمس)
حصد فيتامين د اهتمامًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، إذ يُعد واحدًا من أهم الفيتامينات المسؤولة عن الحفاظ على صحة الإنسان، وتعزيز مناعته.
يستطيع جسم الإنسان تصنيع كفايته من فيتامين د، وتبدأ أولى خطوات التصنيع بالتعرض لأشعة الشمس (UV-B).
يتبع ذلك، سلسلة من التفاعلات الكيميائية في الكبد والكلى، تتحول فيها الصورة غير الفعالة (Cholecalciferol)، إلى الصورة الفعالة (Calcitriol).
يحتفظ الجسم بفيتامين د غير النشط في الخلايا الدهنية؛ لأنه أحد الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون.
ما أسباب نقص فيتامين د؟
يُعد نقص فيتامين د أحد أبرز المشكلات الصحية في الوقت الراهن، إذ يعاني ما يقرب من نصف سكان العالم نقصًا في نسبة فيتامين د، ويعود ذلك لعدة أسباب، أهمها:
- عدم التعرض لأشعة الشمس بشكل كافٍ، إذ يلزم تصنيع فيتامين د التعرض لأشعة الشمس من مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا، مدة لا تقل عن 10 دقائق.
- أصحاب البشرة السمراء؛ إذ تُضعف صبغة الميلانين قدرة الجلد على تصنيع فيتامين د.
- عدم احتواء النظام الغذائي على مصادر فيتامين د، خاصة في حال اتباع نظامًا غذائيًا نباتيًا خالٍ من المصدر الحيواني لفيتامين د.
- الإصابة باضطرابات الجهاز الهضمي مثل مرض كرون، أو التليف الكيسي؛ إذ تحد تلك الاضطرابات قدرة الأمعاء على امتصاص فيتامين د.
- الإصابة بأمراض الكلى والكبد؛ ما ينتج عنه نقص الإنزيمات المصنعة لفيتامين د النشط.
- التقدم في العمر، إذ تقل قدرة الجلد على تصنيع فيتامين د عند كبار السن.
- يُحد تناول بعض الأدوية من قدرة الجسم على امتصاص وتصنيع فيتامين د، مثل الأدوية الخافضة للكوليسترول.
- زيادة الوزن، والسمنة المفرطة.
إذًا، علينا الآن فهم العلاقة بين فيتامين د والسمنة، وكيف يؤثر كل منها على الآخر.
ما العلاقة بين فيتامين د والسمنة؟
أُجريت العديد من الدراسات لفهم العلاقة بين فيتامين د والسمنة، ولماذا تُعد السمنة واحدة من ضمن أسباب نقص فيتامين د؟
رجحت الدراسات أن هناك مجموعة من الأسباب وراء ذلك، تشمل:
- احتباس فيتامين د داخل الخلايا الدهنية المنتشرة في الجسم -كونه قابلًا للذوبان في الدهون- عوضًا عن تصنيع الصورة الفعالة والاستفادة منها.
- زيادة حجم الجسم تؤدي إلى زيادة التخفيف الحجمي (Volumetric dilution)؛ ما يؤدي إلى نقص المعادن والفيتامينات ومن ضمنها فيتامين د.
- تجنب التعرض لأشعة الشمس وضعف النشاط البدني، ينعكس سلبًا على نسبة فيتامين د.
- اتباع عادات غذائية غير صحية، تفتقر إلى مصادر فيتامين د الطبيعية.
- تؤدي جراحات إنقاص الوزن -مثل عملية تكميم المعدة- إلى خفض معدل امتصاص فيتامين د من المعدة.
لعلك تتساءل الآن -عزيزي القارئ- هل نقص فيتامين د يمنع نزول الوزن؟
هل نقص فيتامين د يزيد الوزن أم ينقصه؟
برغم أن نقص فيتامين د لا يعد السبب الرئيس للسمنة، لكن نقصه يمنع نزول الوزن، ويساعد على تراكم المزيد من الدهون داخل الجسم.
أثبتت الدراسات الحديثة أن نقص فيتامين د يمنع نزول الوزن نتيجة الأسباب التالية:
- ارتفاع مستوى هرمون الغدة الجار درقية، وزيادة تدفق الكالسيوم إلى داخل الخلايا الدهنية؛ ما يؤدي إلى زيادة تكوين الدهون.
- تحفيز تراكم الدهون في الخلايا الشحمية (Adipocytes)، ولا سيما في منطقة البطن، والكبد خاصة عند الذكور.
- زيادة الشهية والشعور بالجوع.
لا يتسبب نقص فيتامين د في منع نزول الوزن فقط، لكن قد يكون له يد في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، أو مرض السكري من النوع الثاني لدى مرضى السمنة.
هنا يتبادر إلى ذهننا سؤالًا.
هل تناول فيتامين د ينقص الوزن؟
بعد فهم العلاقة بين فيتامين د والسمنة، نحتاج الآن لمعرفة هل تناول فيتامين د ينقص الوزن؟
أُجريت العديد من التجارب للإجابة على هذا السؤال.
جاءت الإجابة شافية، إذ أكدت الدراسات أن توفير احتياج الجسم من فيتامين د، بالإضافة إلى اتباع حمية غذائية قليلة السعرات الحرارية، وممارسة الرياضة، لهم القدرة على تحفيز الجسم على خسارة الوزن، وتقليل نسبة الدهون.
لكن، ما الاستراتيجية الخفية وراء قدرة فيتامين د على إنقاص الوزن؟!
كيف يساعدك تناول فيتامين د على خسارة الوزن؟
يتمكن فيتامين د من مساعدتك على خسارة الوزن بتحقيق ما يلي:
- تثبيط تراكم الدهون داخل الخلايا الشحمية.
- رفع نسبة الإنزيمات المحللة للدهون؛ لذا يقل معدل تكوين خلايا شحمية جديدة في الجسم.
- رفع نسبة هرمون التستوستيرون (Testosterone)، الذي يؤدي دورًا هامًا في حرق الدهون.
- زيادة نسبة مادة السيروتونين (Serotonin) في الجسم، التي من شأنها التحكم في الشهية، وزيادة الشعور بالشبع، ورفع معدل حرق السعرات الحرارية.
الجرعة اليومية المناسبة لفيتامين د
يتراوح المعدل الطبيعي لفيتامين د في الدم بين 25-80 نانوجرام/ملليلتر.
لكن، يختلف احتياج الجسم لفيتامين د من شخصٍ إلى آخر، باختلاف المرحلة العمرية والحالة الصحية، وكذلك وزن الجسم.
يُنصح بإجراء تحليل نسبة فيتامين د قبل البدء في تناول أي جرعات علاجية.
الآن، هيا بنا نستعرض سويًا الجرعة اليومية المناسبة لفيتامين د، فيما يلي:
العمر | الجرعة بالوحدة الدولية (IU) | الجرعة بالميكروجرام (mcg) |
من 0 إلى 12 شهر | 400 IU | 10 mcg |
من 1 إلى 13 سنة | 600 IU | 15 mcg |
من 13 إلى 70 سنة | 600 IU | 15 mcg |
فوق 70 سنة | 800 IU | 20 mcg |
الحوامل والمرضعات | 600 IU | 15 mcg |
لكن، أشارت الدراسات أن مريض السمنة يحتاج إلى جرعات يومية أعلى من فيتامين د؛ لكي تتناسب مع وزن الجسم.
قد تصل الجرعة اليومية لمريض السمنة إلي 70-80 وحدة دولية/ كيلوجرام.
لذلك يفضل تناول فيتامين د تحت إشراف الطبيب؛ لمعرفة الجرعة المناسبة لكل حالة.
ختامًا
علينا تذكرتك -عزيزي القارئ- أنه برغم من العلاقة بين فيتامين د والسمنة، لكن تناولك فيتامين د وحده لا يكفي لخسارة الوزن، لكن عليك اتباع حمية غذائية مناسبة، وممارسة الرياضة؛ للوصول إلى الوزن المثالي.
اقرأ أيضًا
الهرم الغذائي والحصة الغذائية من مكوناته