كثيرًا ما تتردد جملة “مست شغاف قلبي” وخاصةً في الروايات الرومانسية، وتعبر عن مدى إحساس صاحبها بشيء ما وكأنه توغل إلى داخل قلبه، وهذا هو المعنى الصحيح بالفعل فإن التهاب الشغاف هو التهاب بداخل القلب وصماماته.
يصيب البطانة الداخلية للقلب التي يطلق عليها (شغاف القلب)، وقد يهدد الحياة لدى الأشخاص ذوي القلوب المريضة.
هيا بنا عزيزي القارئ نتعرف في السطور القليلة القادمة إلى التهاب الشغاف، وأعراضه، وطرق علاجه.
ما هو التهاب الشغاف؟
هو التهاب يصيب البطانة الداخلية للقلب ويؤدي إلى إتلاف أو تدمير صمامات القلب، يحدث بسبب انتشار البكتيريا في الأغلب، وقد ينتج من عدوى تصيب القلب وعندها يسمى (التهاب القلب المعدي).
تنتشر البكتيريا أو الفطريات أو غيرها من الجراثيم، من أي جزء من الجسم عبر مجرى الدم إلى أن تلتصق بالمناطق التالفة من القلب، وتسبب الالتهاب ويُعالج المرض إما بالأدوية أو أحيانًا بالجراحة.
عادةً يكون الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، هم من لديهم صمامات القلب تالفة، أو صمامات اصطناعية، أو أي عيوب أخرى في القلب.
هناك نوعان من التهاب الشغاف:
- الالتهاب الحاد وهو يتطور فجأة وقد يصبح مهددًا للحياة في غضون أيام.
- الالتهاب المزمن أو تحت الحاد وهو يتطور ببطء من أسابيع إلى عدة أشهر.
ما هي أسباب التهاب الشغاف؟
السبب الرئيسي هو فرط نمو البكتيريا، مع أنَّ البكتيريا تعيش بشكل طبيعي على الأسطح الداخلية أو الخارجية للجسم، إلا أنها تنفذ إلى مجرى الدم عن طريق الأكل أوالشرب أو جروح الجلد، أو تجويف الفم، وعادةً يحارب الجهاز المناعي الجراثيم قبل أن تسبب مشكلة صحية، لكن مع ذلك قد تحدث بعض المشكلات الصحية عند بعض الأشخاص.
في حالة التهاب الشغاف المعدي تنتقل الجراثيم والفطريات عبر مجرى الدم إلى القلب، حيث تتكاثر وتسبب المرض.
الأكل والشرب ليسا الوسيلتين الوحيدتين لدخول الجراثيم إلى جسمك؛ إذ يمكن للجراثيم الوصول إلى مجرى الدم عبر عدة طرق مثل:
- فرشاة الأسنان.
- سوء نظافة الفم أو أمراض اللثة.
- إجراء جراحة الأسنان التي تقطع اللثة.
- الإصابة بمرض ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي.
- استخدام إبرة ملوثة.
- استخدام قسطرة بولية ثابتة أو قسطرة وريدية.
من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالتهاب الشغاف؟
إذا كان لديك حالة قلبية حالية أو خضعت لجراحة سابقة في القلب، أو تركيب صمام قلب اصطناعي فأنت من هؤلاء الأشخاص، وأيضًا هناك بعض الأسباب التي تزيد من فرص الإصابة بالمرض، وهي:
- كبار السن: يحدث أحيانًا عند كبار السن فوق سن الستين.
- إذا كان لديك مرض يُتلف صمام القلب مثل الحمى الروماتيزمية.
- صمامات القلب الاصطناعية: من المرجح أن تلتصق الجراثيم بصمام قلب اصطناعي أكثر من ارتباطها بصمام قلب طبيعي.
- عيوب خلقية في القلب مثل: الداء القلبي الخلقي، أو صمامات غير طبيعية.
- جهاز القلب المزروع: يمكن أن تلتصق البكتيريا بجهاز مزروع مثل جهاز تنظيم ضربات القلب، مما يتسبب في التهاب بطانة القلب.
- تعاطي المخدرات الوريدية أو عقاقير غير مشروعة عن طريق الوريد.
- مرحلة التعافي من مرض جرثومي خطر، مثل: التهاب السحايا أو الالتهاب الرئوي.
- جهاز مناعي ضعيف بشكل مزمن بسبب داء السكري، أو فيروس نقص المناعة أو السرطان أو العلاج الكيميائي.
- تدهور حالة صمامات القلب.
ما هي أعراض التهاب الشغاف؟
لا تكون أعراضه شديدة دائمًا إنما تتطور ببطء مع مرور الوقت، في المراحل المبكرة منه تكون الأعراض مشابهة لأعراض العديد من الأمراض الأخرى، وهذا هو السبب في أن الكثير من الحالات لا تُشخَّص مبكرًا.
تتشابه أعراضه مع حالات الإنفلونزا أو حالات العدوى الأخرى مثل الالتهاب الرئوي، ولكن قد يعاني بعض الأشخاص أعراضًا حادة قد تظهر فجأة.
الأعراض الشائعة لالتهاب الشغاف، هي:
- النفخة القلبية هي صوت قلبي غير طبيعي ناتج عن اضطراب تدفق الدم في القلب.
- شحوب الجلد.
- حمى أو قشعريرة.
- تعرق ليلي.
- آلام في العضلات أو المفاصل.
- الغثيان أو انخفاض الشهية.
- شعور بالامتلاء في الجزء الأيسر العلوي من البطن.
- فقدان الوزن غير المبرر.
- تورم القدمين أو الساقين أو البطن.
- سعال أو ضيق في التنفس.
الأعراض الأقل شيوعًا هي:
- ظهور دم في البول.
- فقدان الوزن.
- تضخم الطحال الذي قد يكون مؤلمًا عند اللمس.
- قد تحدث بعض التغييرات في الجلد مثل:
- بقع حمراء أو أرجوانية رقيقة (تدعى عقد أوسلر) تحت أصابع اليد أو القدم.
- وهناك آفات جانواي، وهي بقع حمراء على باطن القدم أو راحة اليدين.
- بقع حمراء أو أرجوانية متسربة من الأوعية الشعرية الممزقة التي تظهر عادةً على بياض العين أو داخل الخدين أو على سقف الفم أو الصدر.
تختلف علامات التهاب الشغاف المعدي وأعراضه، بشكل كبير من شخص لآخر ويمكن أن تتغير بمرور الوقت، وتعتمد على سبب العدوى وصحة القلب ومدة الإصابة به.
إذا كان لديك تاريخ طبي عن مشكلات في القلب أو جراحة سابقة، فيجب عليك الاتصال بطبيبك على الفور إذا كان لديك أي من هذه الأعراض، أو إذا كنت تعاني حمى مستمرة أو تعب بشكل غير اعتيادي.
المضاعفات المصاحبة لالتهاب الشغاف
قد تتطور عدوى التهاب الشغاف وتؤدي إلى عدة مضاعفات، مثل: الرجفان الأذيني والجلطات الدموية وعدم انتظام ضربات القلب، وفرط البيلروبين في الدم والصفراء، وتتسبب المضاعفات في انتقال الجلطات إلى أجزاء أخرى من الجسم، مثل:
- تلف الكُلى.
- الرئتين.
- الدماغ.
- العظام وخاصةً العمود الفقري.
- مشكلات قلبية مثل النفخات القلبية، وتلف صمامات القلب وفشل القلب.
- السكتة الدماغية.
- النوبات.
- فقدان القدرة على تحريك جزء من جسمك(الشلل).
- تضخم الطحال.
- الانصمام الرئوي.
- جيوب من القيح (الدمامل) المتجمع التي تصيب القلب، والدماغ والرئتين وغيرها من الأعضاء.
وتتسبب الجراثيم أيضًا في وجود خراريج تنتقل من القلب إلى أجزاء أخرى من الجسم، وقد تشمل بعض المضاعفات الخطرة مثل السكتة الدماغية وإخفاق القلب.
كيفية التشخيص
يعتمد التشخيص على وجود الأعراض، ونتائج الفحص البدني، والفحوصات والاختبارات الأخرى، وهي:
- أعراض العدوى.
وخاصةً الحمى (إذ قد تزيد درجة حرارة الجسم عن 38.4 درجة سليزية).
- إجراء فحص مزرعة الدم.
إذ ينتج عن فحص مزارع الدم وجود بكتيريا أو كائنات دقيقة، توجد عادةً مع الالتهاب، كما يجب أخذ عينات الدم قبل البدء في تناول المضادات الحيوية.
- إجراء فحص الموجات فوق الصوتية للقلب.
قد يظهر تخطيط القلب نمو أو ثقوب أو تسرب أو ضيق في صمام القلب، أو انسحاب صمام قلب اصطناعي بعيدًا عن الأنسجة، وفي بعض الأحيان يدخل الأطباء مسبار الموجات فوق الصوتية في المريء، للحصول على نظرة أكثر تفصيلا للقلب.
- تخطيط القلب الكهربي.
قد يطلب الطبيب مخطط القلب (ECG أو EKG) للحصول على رؤية أفضل للنشاط الكهربائي للقلب، ويكشف هذا الاختبار إذا كان القلب يعمل بمعدله الطبيعي أم لا.
- الأشعة السينية على الصدر.
يمكن أن تتسبب بعض أمراض الرئة في أعراض تشبه أعراض التهاب الشغاف، ويساعد فحص الرنين المغناطيسي الطبيب على معرفة الفرق بينهما.
ما هو علاج التهاب الشغاف؟
العلاج الأساسي لمرض التهاب الشغاف هو المضادات الحيوية، ولكن أحيانًا تكون الجراحة ضرورية وإليك طرق العلاج:
المضادات الحيوية
يعتمد نوع الدواء على سبب الالتهاب؛ إذ يتلقى معظم مرضى الالتهاب الناتج عن البكتيريا مضادات حيوية، وتُعطى عن طريق الوريد أو عن طريق التنقيط، لذلك قد يحتاج المريض إلى البقاء في المستشفى إذ سيراقب الطبيب فاعلية الدواء عن طريق فحوصات الدم.
ويمكن للمرضى العودة إلى منازلهم عندما تستقر درجة الحرارة، لكن معظمهم سيستمر في تناول المضادات الحيوية في المنزل.
المضادات الحيوية الأكثر شيوعًا هي البنسلين(Penicillin) والجنتاميسين (gentamicin)، أما المرضى الذين لديهم حساسية من البنسلين يمكن إعطاؤهم فانكومايسين (Vancomycin)، ويستمر العلاج عادةً من 2 إلى 6 أسابيع اعتمادًا على شدة العدوى.
إذا كان المرض ناتج عن عدوى فطرية فسيصف الطبيب دواءً مضاد للفطريات، وقد يحتاج بعض الأشخاص إلى حبوب مضادة للفطريات مدى الحياة؛ وذلك لمنع ظهوره.
الجراحة
قد يحتاج المريض إلى جراحة صمام القلب لعلاج التهابات الشغاف المستمرة، أو لاستبدال صمام تالف ناتج عنه.
قد يوصي الطبيب بإصلاح الصمام التالف أو استبداله بصمام اصطناعي، إما مصنوع من أنسجة حيوانية (صمام نسيج بيولوجي)، أو مصنوع من مواد من صنع الإنسان (صمام ميكانيكي اصطناعي)، وهذا يعتمد على مدى حالة الالتهاب.كيف يمكن منع التهاب الشغاف؟
- يساعد الحفاظ على نظافة الفم في تقليل مخاطر تراكم البكتيريا في الفم، ودخولها إلى مجرى الدم وهذا يقلل من خطر الإصابة به، الناتج عن عدوى أو إصابة في الفم.
- عند إجراء عمليات في الأسنان تأكد من تناول المضادات الحيوية الخاصة بها.
- إذا كان لديك الداء القلبي الخلقي أو تاريخ طبي عن جراحة القلب، فاحذر من أعراضه وانتبه بشكل خاص إلى الحمى المزمنة والتعب غير المبرر.
- يجب عليك أيضًا تجنب الوشم، وتعاطي المخدرات.
ختامًا، مرض التهاب الشغاف من الأمراض التي قد تهدد الحياة للأشخاص ذوي القلوب الضعيفة، لكن مع العلاج المبكر وتنظيف الأسنان بانتظام، وإجراء فحوصات بشكل مستمر تحافظ على صحة قلبك، وتبعد عن خطر الإصابة بالأمراض.
اقرأ أيضًا
كيف تتجنب الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية؟
