نصاب كثيرًا بالجروح والخدوش خلال المشي في الحدائق العامة والمتنزهات والشوارع، أو نتيجة السقوط على أرض الملعب خلال ممارسة الرياضة، ولا نلقي لهذه الجروح بالًا، ولا نحذر من التيتانوس.
انتبه عزيزي القارئ، ربما تلوث البكتيريا هذه الجروح؛ مسببة أمراض عديدة منها مرض التيتانوس، الذي سنتحدث عنه في هذا المقال.
ما مرض التيتانوس؟
عدوى بكتيرية خطرة تسببها البكتيريا المطثية الكزازية (Clostridium Tetani)، الموجودة في التربة والغبار وبراز الحيوانات، عندما تدخل جسم الإنسان من خلال الجروح.
تسبب تيبس العضلات وتشنجها، وتصيب عضلات الفك والرقبة أولًا، لذلك يسمى التيتانوس تصلب مفصل الفك (Lock Jaw)، ويؤثر في القدرة على البلع والتنفس.
ما سبب الإصابة؟
توجد جراثيم بكتيريا المطثية الكزازية (Bacterial spores) في التربة والغبار وبراز الحيوانات، وتدخل جسم الإنسان من خلال الجروح.
تتكاثر البكتيريا سريعًا بعد دخولها الجسم، وتنتج سم التيتانوسبازمين ( Tetanospasmin) العصبي، ليصل إلى الدم، ومنه إلى كل أعضاء الجسم.
يعرقل سم التيتانوسبازمين الإشارات العصبية الخارجة من المخ إلى النخاع الشوكي، وكذلك الإشارات العصبية من النخاع الشوكي إلى العضلات، مسببًا تيبس العضلات وتشنجها.
لا يمكن انتقال العدوى بين الأشخاص.
الجروح الأكثر عرضة للتلوث بالبكتيريا المطثية الكزازية
- الجروح الملوثة باللعاب أو البراز.
- الحروق.
- الجروح الغائرة الناتجة عن اختراقات الجسم، أو دق الوشم، أو الجبائر، أو الطلقات النارية.
- وجود كثير من الأنسجة الميتة.
- الجروح الناتجة عن حوادث التصادم.
جروح يندر تلوثها بالبكتيريا المطثية الكزازية
- الجروح الناتجة عن العمليات الجراحية.
- الكسور المركبة.
- الجروح السطحية.
- لدغات الحشرات أو عضات الحيوانات.
- الجروح الناتجة عن تعاطي العقاقير عن طريق الحقن الوريدي.
- الحقن العضلي.
- عدوى الأسنان.
- وعدوى جدعة الحبل السري في الأطفال حديثي الولادة، إذا لم تتلقْ الأم التطعيم ضد التيتانوس.
- عدوى القرح في القدم.
أعراض الإصابة بالكزاز
تظهر أعراض الكزاز (Tetanus) بعد مدة تتراوح من 3 إلى 21 يومًا من الإصابة، غالبًا بعد 7 إلى 10 أيام.
يتأخر ظهور الأعراض، كلما بعدت الإصابة عن الجهاز العصبي المركزي (المخ والنخاع الشوكي).
تتسم الإصابة بالتيتانوس بالأعراض التالية:
- تيبس عضلات الفك والرقبة والبطن وتشنجها.
- تيبس شديد ومستمر في عضلات الوجه، يؤدي إلى ابتسامة عريضة تسمى الضزز السردوني (Risus sardonicus).
- صعوبة البلع.
- صعوبة التنفس نتيجة تيبس عضلات الصدر.
- انحناء العمود الفقري إلى الوراء، في الحالات الشديدة، وعند إصابة الأطفال بالتيتانوس.
- الإسهال.
- البراز المدمم.
- التعرق.
- سرعة ضربات القلب.
- الصداع.
- الحمى.
- التحسس من الضوء واللمس.
- ألم بالحلق.
- ارتفاع ضغط الدم.
تشخيص الكزاز
يُشخص الأطباء الإصابة بالتيتانوس من خلال الأعراض -خاصةً تيبس العضلات وتشنجها بعد حدوث قطع أو جرح غائر- والتاريخ المرضي وتاريخ التطعيمات، لا يعتمد التشخيص على الفحوصات المختبرية.
يؤدي التشخيص المبكر إلى زيادة فاعلية العلاج، وسرعة تحسن الأعراض.
علاج الكزاز
ينقسم العلاج إلى:
- الاعتناء بالجرح: يمنع تنظيف الجروح، وإزالة الأجسام الغريبة والأوساخ والأنسجة الميتة نمو البكتيريا المسببة لمرض التيتانوس.
- مضادات الذيفان (Antitoxin): يعادل السم الذي لم يصل بعد إلى النسيج العصبي.
- المضادات الحيوية الفموية أو الوريدية مثل: البنسلين أو الميترونيدازول (Metronidazole)، أو تتراسيكلين (Tetracycline) عند وجود الحساسية تجاه هذه الأدوية، للقضاء على البكتيريا.
- لقاح التيتانوس.
- التغذية: يؤدي زيادة النشاط العضلي إلى الاستهلاك العالي من السعرات الحرارية اليومية لمرضى التيتانوس.
- جهاز التنفس الاصطناعي (ventilator support): يحتاجه بعض المرضى، نتيجة تيبس العضلات التنفسية والأحبال الصوتية.
- الجراحة: يزيل الأطباء الخلايا الميتة والملوثة والأجسام الغريبة جراحيًا، إذا كان الجرح كبيرًا، وتسمى هذه العملية الإنضار (Debridement).
علاج تيبس العضلات
- باسطات العضلات (Muscle Relaxants) مثل الباكلوفين، لتقليل تقلصات العضلات.
- مضادات الاختلاج (Anticonvulsants) مثل الديازيبام (Diazepam) لإرخاء العضلات، وتقليل التوتر، يستخدم أيضًا كمنوم.
- الحاصرات العضلية العصبية (Neuromuscular blocking agents) مثل البانكورونيوم أو فيكورونيوم.
- ماغنسيوم سلفات وحاصرات مستقبلات بيتا (Beta blockers)، لتنظيم حركة العضلات غير الإرادية مثل: نبضات القلب والتنفس.
مضاعفات الكزاز
تنتج مضاعفات تهدد حياة مصاب التيتانوس، عند عدم تلقيه العلاج، ويرتفع كذلك معدل الوفاة ليصل إلى (40%-76%) من الحالات، ومن هذه المضاعفات:
- الكسور: تؤدي التشنجات والتقلصات العضلية الشديدة إلى كسور العظام.
- ذات الرئة الاستنشاقية (Aspiration pneumonia): يؤدي استنشاق الطعام أو العصارة معدية إلى عدوى الجهاز التنفسي السفلي، والالتهاب الرئوي.
- تشنج الحنجرة (Laryngospasm): تضيق الأحبال الصوتية مدة تصل إلى دقيقة كاملة؛ مؤديةً إلى صعوبة الكلام والتنفس، والاختناق في الحالات الشديدة.
- نوبات تكززية (Tetanic seizures): تحدث عند وصول العدوى إلى المخ.
- الانصمام الرئوي (Pulmonary embolism): انسداد أحد الشرايين الرئوية، ما يؤثر في التنفس والدورة الدموية، ويتطلب علاجها الأكسجين ومضادات التخثر.
- الفشل الكلوي الحاد: يؤدي تقلص العضلات الشديد إلى تدمير العضلات الهيكلية، وتتسرب البروتينات العضلية إلى البول، ما يؤدي إلى الفشل الكلوي الحاد.
الوقاية
تظهر الإصابات غالبًا في الأفراد الذين لم يتلقوا جرعات لقاح التيتانوس الأساسية أو الجرعات المنشطة، لذلك إن تلقي اللقاح الطريقة المثلى للوقاية من التيتانوس.
أنواع اللقاحات
يتوفر أربعة لقاحات للوقاية من مرض التيتانوس اليوم: (DTaP) و(Tdap) ضد التيتانوس والخناق والسعال الديكي، و(Td) و(DT) ضد التيتانوس والخناق فقط.
أوصت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بإعطاء الأطفال والرضع دون سن السابعة DTaP أو DT، وإعطاء Tdap أو Td للأطفال الأكبر سنًا والمراهقين.
لقاح التيتانوس للأطفال
يُدرج التطعيم (DTaP) الذي يحتوي على سم الكزاز الموهن (Tetanus Toxoid)، وسم الخناق الموهن (Diphtheria Toxoid)، ولقاح السعال الديكي اللاخلوي (Acellular Pertussis) ضمن تطعيمات الأطفال الأساسية.
جرعات لقاح التيتانوس
يتلقى الأطفال خمس جرعات من التطعيم ضد التيتانوس والخناق والسعال الديكي، من خلال الحقن في الذراع أو الفخذ في الأعمار التالية:
- شهران.
- أربعة أشهر.
- ستة أشهر.
- من خمسة عشر إلى ثمانية عشر شهرًا.
- من أربعة إلى ستة أعوام.
الجرعات المنشطة
لا يوفر التطعيم أو الأجسام المضادة الناتجة عن إصابة سابقة الحماية مدى الحياة، لذلك تؤخذ جرعة منشطة (Tdap) عند بلوغ الحادية عشر أو الثانية عشر عامًا، ثم تؤخذ الجرعة المنشطة (TD) بعد كل عشرة أعوام.
يوصي الأطباء بإعطاء جرعة منشطة من لقاح التيتانوس للمصابين بجرح معرض للعدوى بالبكتيريا المطثية الكزازية، إذا مر أكثر من خمسة أعوام منذ تلقيهم الجرعة المنشطة.
الأعراض الجانبية من التطعيم (DTaP)
يسبب التطعيم تقرح مكان إعطاء الحقنة وتورمه، والحمى، والشعور بالتعب والاضطراب، وفقدان الشهية، والقيء أحيانًا، ربما يتورم الساق أو الذراع بأكمله، خاصةً عند تلقي الأطفال جرعتهم الرابعة أو الخامسة.
يندر حدوث التشنجات، أو ارتفاع درجة الحرارة أعلى من 40 درجة مئوية، أو البكاء المستمر مدة ثلاث ساعات أو أكثر بعد تلقي اللقاح.
يعد حدوث التشنجات طويلة الأمد، والغيبوبة، وانخفاض الوعي، والتلف الدماغي الدائم، والتفاعلات التحسسية الشديدة نادرًا جدًا.
ختامًا، ربما لا تنتشر حاليًا الإصابة بمرض التيتانوس، لكنه مرض خطر، ويؤدي إلى مضاعفات تهدد الحياة، ويمكن الوقاية من الإصابة به من خلال تلقي اللقاح، والاعتناء بالجروح (لا سيما الجروح الغائرة والملوثة).
أقرأ أيضًا
أهم ما تريد معرفته عن التطعيمات
الدفتيريا (الخناق) | الأسباب وطرق العلاج
مكافحة العدوى | وأهميتها في تقليل انتشار الأمراض
مراجع عام د.آيه أمين
مراجع طبي د.سلمى جمال