الصحة النفسيةطبي

الديجافو | حقيقة الثقة بالذاكرة


كثيرة هي العمليات التي يقوم بها المخ لإدراك المعطيات حوله والتجاوب معها ضمن مسارات عدة، لكن أحيانًا نعيش ظواهر تعبث بنا أحيانا لذلك نحتاج للبحث عن تفسير لها مثل الديجافو، هل الديجافو مجرد خلل في عمليات المخ أم ظاهرة خارقة للعادة؟  

ما هو الديجافو(déjà vu)

هي كلمة فرنسية الأصل تعني رأيته بالفعل، تشعر خلال معايشتك لتجربة ما من أفكار، أو شعور، أو أصوات، أو مكان ما بأنك تعرفها وعايشتها من قبل، وقد يكون هناك دلائل على ذلك مثل معرفتك بطريق ما، أو معرفتك بتفاصيل كأنك عايشتها فعليًا من قبل.

فإذا كنت ممن مرت عليهم هذه الظاهرة، فندعوك للسطور القادمة لتعرف ما تفسير هذا الأمر؟ وهل هو خطير؟

تفسير ظاهرة الديجافو

تفسيرات متعلقة بالانتباه والوعي

يحدث أن تمر عليك بعض المشاهد دون أن تعيرها اهتمامك الكامل، أو تكون خارج مرمى بصرك،  طبقًا لهذه الفرضية هناك مرحلتين للتعامل مع الأحداث:

 المرحلة الأولى: يخزن المخ هذه المشاهد بتفاصيل ربما أكثر مما تعيه.

المرحلة الثانية: عند رؤيتها ثانية يستدعيها المخ ليكمل ما فاته من التفاصيل في المرة الأولى وكأنه يكمل الأحجية، ويتعامل مع الحدثين كحدث واحد متصل هنا تحدث الديجافو، فتظن أنت إنها المرة الأولى ولكن حقيقة الأمر أن المرة الأولى لم تنتبه له والمرة الثانية تعايشه بإدراك مستدعيًا المعرفة المُخزنة مسبقًا عن هذا الحدث.

أسباب عصبية

  •  نتيجة وجود صرع مُصغرفي الفص الصدغي.
  • أو نتيجة التأخر في استقبال المعلومات من أذن أو عين واحدة أسرع من الأخرى، فيتسبب هذا التأخير في عدم اكتمال المعرفة لدى المخ ويتعامل مع الحدث المنفرد كحدثين
  •  المعالجة المزدوجة: حدوث خطأ أو تداخل في عمل منطقتي المخ المسؤولتين عن استدعاء الذكريات وإدراك الأحداث الحاضرة، فيتعامل المخ مع الأحداث الحاضرة وكأنها ذكرى حدثت أو أمر حدث فعلاً، فتعيش الظاهرة -يشبه هذا الخلل ما يحدث في الصرع- لذلك عند حدوثه باستمرار يجب الانتباه.

تفسيرات متعلقة بعمل الذاكرة

تفترض حدوث تداخل بين الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة بعيدة المدى.

عند التعامل مع الذكريات تبدأ في اتخاذ مسار لمعالجة البيانات في منطقة الذكريات قصيرة المدى ثم الانتقال إلى منطقة الذكريات بعيدة المدى، يكمن الخلل في هذه الحالة عند اختصار هذا المسار وانتقال الذكريات من المنطقة قصيرة المدى إلى المنطقة بعيدة المدى قبل إتمام معالجتها؛ فتشعر وكأنك تستعيد ذكرى بعيدة المدى لتدخل في حالة الديجافو، في حين أنك استقبلت الأحداث حديثاً جدًا.   

حالة استدعاء الذاكرة

 يحدث أحيانًا أن تمر بتفاصيل وتشعر بتآلف معها وربما زاد هذا التآلف حد الاقتناع بأنك عايشت ذات التفاصيل من قبل، حتى أنك تتخيل أنك تعرف الأحداث القادمة، لكن ما هذا إلا استدعاء لذكريات تفاصيل مشابهة مررت بها في فترة ما من قبل ولم تتذكر. 

عدم تذكرك لهذه التفاصيل يجعلك تعايش الظاهرة.

الديجافو والتخاطر

الديجافو: هو عملية التنقل بين المعلومات المخزنة بالدماغ في توقيتات مختلفة.

التخاطر: هو انتقال إشارات المخ من دماغ إلى آخر، وتجدر الإشارة هنا إلى أن التخاطر الحقيقي يتم من خلال ترجمة الإشارات الكهربية الآتية من مخ أحد الأفراد وإعادة إرسالها إلى دماغ آخر من خلال أقطاب معينة لقياس كهرباء المخ والتعامل مع هذه الإشارات وإعادة إرسالها إلى دماغ آخر من خلال مجال مغناطيسي.

 تمت عملية التخاطر في عام 2014 من خلال تركيز أحد الأشخاص على فكرة ما مما أحدثت تغيير في كهرباء المخ، حفزت إحداث ومضات في دماغ آخر عند انتقالها إليه من خلال مجال مغناطيسي.

الديجافو والصرع

الديجافو: يحدث الديجافو أحيانُا قبل نوبة الصرع، ولذلك ُيطلق على الديجافو الصرع المُصغر.  

الصرع: هو اضطراب بالجهاز العصبي المركزي، ينشأ عنه نشاط غير عادي بالمخ، مسببًا مجموعة من الأعراض مثل:

  • التشنجات.
  • فقدان الوعي.
  • الشعور بالقلق والخوف.

الديجافو ليس عرضًا ثابتًا في مرضى الصرع، ولا يُعد المعرضين له بانتظام أكثر عرضة للصرع. 

هل الديجافو خطير؟

لا، الديجافو ليس مؤشرا على وجود مشكلة بالدماغ، ولكن إذا عايشته بشكل منتظم مع أعراض أخرى فقد يشير إلى وجود اعتلالات تحتاج للتشخيص مثل : الشيزوفرينيا وصرع الفص الصدغي.

أسباب الظاهرة وآليتها ليست مفسرة على نحو دقيق، وذلك لعدة أسباب:

  • حدوث الديجافو فجأة وانتهاؤه في وقت قصير.
  • من الصعب تثبيت وسائل قياس نشاط المخ وانتظار الديجافو، لأننا لا نعرف متى يحدث وما الذي يحفزه.

عوامل محفزة لحدوث ظاهرة الديجافو

  • العمر: يساعد صغر السن على حدوث الديجافو، ويقل بمرور العمر.
  • السفر: تزداد نسبة حدوث الظاهرة في الأشخاص الذين اعتادوا السفر.
  • الضغط والقلق: أفادت دراسات بأن الضغط والقلق يحفز الديجافو.  
  • الأدوية: بعض الادوية تساعد على زيادة احتمالية معايشة الظاهرة مثل: أمانتادين وفينيل بروبانولامين.

 أنواع الديجافو

تختلف أنواع الديجافو باختلاف ما يتعرف الشخص إليه ويشعر بتآلف نحوه.

شاهدت بالفعل(déjà vécu)

هو احساس معايشة نفس المشهد ولكن على نطاق أوسع من التفاصيل، فتشعر أنك تتعرف إلى أصوات أو روائح معينة، بل تشعر بأنك تعرف ما الذي سيحدث مستقبلاً مع هذه التفاصيل.

شعرت بالفعل(Déjà Senti)

يختص هذا النوع بإحساس معايشة نفس الشعور تحت نفس هذه الظروف من قبل.

 ويفسر هذا الشعور بأنه استرجاع لذكرى معينة تم تحفيزها.(flash back memory)

 زرت بالفعل(Déjà Visité)

يختص بشعور التعرف والتآلف مع الأماكن والطرقات، وكأنك كنت في هذا المكان أو الطريق في حين أنك لم تزورها من قبل.  

سمعت بالفعل(Déjà Entendu)

توهم أنك سمعت هذا الشيئ من قبل و الحقيقة أنك لم تسمعه من قبل.

فكرت بالفعل(Déjà Pensé)

الشعور بأن أفكارك الحالية قد فكرت فيها هي ذاتها من قبل.

الديجافو والتنبؤ

هل من الممكن من يعايش حالة الديجافو أن يتنبأ بالمستقبل؟

على الرغم من ظاهرة الديجافو تعطي المرء احساسًا بأنه يعرف ما يدور حوله مسبقًا حد التنبؤ بالأحداث القادمة، لكن عند إجراء التجارب لم تكن التنبؤات صحيحة، واحساس التنبؤ كان مخادعًا، في هذه الحالة يطابق المخ التفاصيل المشابهة من الأحداث الحالية والذكريات ولكن لا يتنبأ بالقادم.

تجربة في المعمل

عرض الباحثون أثناء تجربة على مجموعة من الأشخاص عدة مواقف وتجارب ليختبروا إذا سيتعرضون للديجافو أم لا، حدثت الظاهرة لعدد منهم تجاه أحد المشاهد، فكانوا واثقين اتجاه اختياراتهم وتفاعلهم مع الأحداث، على عكس اختياراتهم في المواقف الجديدة عليهم ولم يختبروا ظاهرة الديجافو فيها.

ختامًا المخ عضو عجيب، تحدث بداخله جميع العمليات للتنسيق مع معطيات العالم الخارجي، على الرغم أن ظاهرة الديجافو قد تبدو ظاهرة خارقة للعادة، لكنها أحد نواتج العمليات التي تحدث بالمخ خاصة عند حدوث خلل في إحدى هذه العمليات.

اقرأ أيضًا:

التنويم المغناطيسي | كل ما تود معرفته عنه

أنواع نوبات الصرع وعلاجها

مس شيطاني أم مرض عضوي| الصرع بين الطب والخرافات!

المصدر
psychologytodaynewscientisthealthlinewebmdmedicalnewstoday

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى