طب عامطبي

داء هنتنغتون | الأسباب والأعراض والعلاج

عندما تعلن الجينات الحرب يكون الأمر محسومًا، ولكن ذلك لا يعني الاستسلام ورفع الراية البيضاء. وداء هنتنغتون من الأمراض التي تنتج من الخلل الجيني.

أعلم عزيزي القارئ أنه اسم لم يتردد على أذنك من قبل وذلك لأنه مرض نادر، وفي هذا المقال سنتعرف على هذا المرض وأسبابه، وأعراضه، وكيفية تشخيصه، ومضاعفاته، وسنتعرف أيضًا على طرق علاجه، وطرق الوقاية منه. 

ماهو داء هنتنغتون؟

هو مرض وراثي نادر، يدمر الخلايا العصبية بالمخ؛ مما يؤدي إلى اضطرابات نفسية وحركية وعاطفية وإدراكية (التفكير) وسلوكية.

تظهر أعراض هذا المرض بعد سن الثلاثين أو الأربعين، ولكن في بعض الأحيان تظهر قبل سن العشرين ويسمى في هذه الحالة داء هنتنغتون الشبابي (juvenile huntington’s disease)  

ماهي أسباب داء هنتنغتون ؟

يحدث هذا الداء بسبب خلل وراثي يصيب أحد الجينات، كما إنه اضطراب صبغي جسدي سائد، أي أن وجود نسخة واحدة فقط من الجين المعيب كفيل بإحداث الإصابة بالداء.

هذا الخلل الجيني يحدث بجين يسمى HTT وهو جين مسئول عن تصنيع بروتين يسمى هنتنغتين، ويلعب هذا البروتين دورًا هامًا في الحفاظ على وظائف الخلايا العصبية بالمخ.

يحدث هذا الخلل بجين HTT عندما يتكرر جزء يسمى CAG  أكثر من الطبيعي؛ مما يؤدي إلى زيادة مفرطة في إنتاج بروتين الهنتنغتين الذي يتراكم بالخلايا العصبية ويدمرها.

 إذ يتكرر هذا الجزء في الشخص الطبيعي من 10 إلى 35 مرة، بينما في حالة الإصابة بداء هنتنغتون يتكرر هذا الجزء من 36 إلى 120 مرة، وتظهر الأعراض عندما يتكرر أكثر 40 مرة.

 ماهي أعراض داء هنتنغتون ؟

 قد تختلف الأعراض من شخص لآخر، وأيضًا تختلف حدتها بمرور الوقت ومن مرحلة إلى أخرى، وتظهر الأعراض على هيئة اضطرابات حركية وإدراكية ونفسية. 

  أولًا: الاضطرابات الحركية

ُيسبب داء هنتنغتون اضطرابات بالحركات الإرادية واللاإرادية، ولكنه أكثر تأثيرًا على الحركات الإرادية  مثل:

  • حركات اهتزازية أو ملتوية وتسمى تلك الحالة  بالرقص.
  • خلل في حركة العين. 
  • عدم الاتزان في الحركة والمشي ووضعية الجسم. 
  • صعوبة في الكلام والبلع. 
  • ارتخاء أو صلابة  في عضلات الجسم (توتر عضلي مستمر).
  • بطء ردود الأفعال 

ثانيًا: الاضطرابات الإدراكية 

تشمل تلك الاضطرابات الآتي:

  • الصعوبة في التركيز في المهام المكلف بها.
  • صعوبة في تعلم ماهو جديد. 
  • صعوبة في الحكم على الأمور.
  • عدم القدرة على اتخاذ قرار.
  • عدم التحكم في سلوكياته وتصرفاته. 
  • الاندفاع الشديد مما يؤدي إلى نوبات غضب. 

ثالثًا:الاضطرابات النفسية

يُعد الاكتئاب الاضطراب الأكثر شيوعًا في الاضطرابات النفسية الناتجة عن الإصابة بداء هنتنغتون وذلك بسبب التغيرات المستمرة التي تحدث للخلايا العصبية بالمخ وتشمل أعراضه :

  • الشعور بالحزن واللامبالاة.
  • الأرق.
  • الانعزال الاجتماعي. 
  • الإرهاق الدائم. 
  • وجود ميول انتحارية وعدم الرغبة في الحياة، تلك الميول قد تؤدي إلى الانتحار بالفعل، وقد يحدث ذلك قبل تشخيص المرض.

وتشمل أيضا الاضطرابات النفسية بعض الاضطرابات الأخرى مثل :

  • اضطراب ثنائي القطب: 

وهو مرض نفسي تتفاوت فيه الحالة المزاجية من الاكتئاب إلى حد الهوس، ففي أثناء نوبات الاكتئاب يشعر المريض بحالة شديدة من الحزن واليأس وعدم الرغبة في فعل أي نشاط، أما في حالة الهوس يشعر المريض بحالة من النشوة والابتهاج والنشاط الزائد وسرعة الغضب. 

  • اضطراب الوسواس القهري: 

وهو اضطراب نفسي ناتج عن القلق المستمر؛مما يسبب الوسواس الذي يقود المريض إلى تكرار أفعاله مثل تكرار غسل اليدين، والاستحمام، وترتيب الأغراض بشكل متماثل، وتنظيف المنزل دون داع، أو التأكد الدائم من الأقفال والأبواب وأجهزة الإنذار، وأيضًا عد الأشياء بشكل متكرر خوفًا من الفقد.

  • الهوس:

يعاني المريض في هذه الحالة من فرط في النشاط والشهوة، واندفاع وسرعة في الكلام، وتوتر زائد، ويعاني أيضًا قلة في النوم.

أما عن داء هنتنغتون الشبابي أعراضه هي:

أولًا:تغيرات سلوكية

  • صعوبة الانتباه والتركيز.
  • انخفاض مستواه الدراسي سريعًا وبشكل ملحوظ.
  • مشاكل سلوكية.

ثانيًا:تغيرات بدنية

  • عضلات متصلبة تؤثر على الحركة. 
  • تعثر مما يؤدي لحالات سقوط متكررة. 
  • تشنجات.

ماهي المضاعفات الناتجة عن الإصابة بداء هنتنغتون ؟

تتدهور تدريجيًا جميع قدرات المريض المصاب بالداء بمرور الوقت، ويستغرق هذا الوقت  حوالي من 10 إلى 30 سنة حتى الوفاة.

قد تصل تلك المضاعفات إلى الوفاة وذلك بسبب:

  • الإصابات الناجمة عن السقوط. 
  • المضاعفات المتعلقة بعدم القدرة على البلع. 
  • التهاب الرئة أو العدوى الأخرى. 

ماهي طرق تشخيص داء هنتنغتون ؟

قد يُشخص داء هنتنغتون خطأ أنه مرض الزهايمر (alzheimer’s disease)، أو أنه شلل رعاش (parkinson’s disease).

يعتمد التشخيص على وجود أعراض أو وجود تاريخ عائلي  بداء هنتنغتون.

يُقيم الطبيب أولًا الأعراض التي يعانيها المريض، ثم يلجأ إلى تصوير المخ بالرنين المغناطيسي ليكشف عن وجود خلل بالخلايا العصبية.

ثم  بعد ذلك تجرى الاختبارات الجينية وذلك عن طريق أخذ عينة دم للكشف عن وجود طفرة بالجين المسئول عن هذا الداء.

وقد يستغرق الأمر عدة أسابيع للحصول على النتيجة وبذلك الاختبار يتأكد الطبيب أنه داء هنتنغتون. 

ماهو علاج داء هنتنغتون ؟

لا يوجد علاج لداء هنتنغتون حتى الآن ولكن هناك عدة طرق مساعدة على تقليل حدة الأعراض وتحسين حياة المريض وتسهيلها مثل:

  • الأدوية 

قد يصف الطبيب بعض الأدوية لمنع تدهور الحالة وتقليل الأعراض مثل:

  • الأدوية المضادة للاكتئاب. 
  • أدوية لتقليل نوبات التقلبات المزاجية التي يمر بها المريض.
  • أدوية لتقليل الحركات اللاإرادية والرقص: وهناك أدوية معتمدة من قبل هيئة الدواء والغذاء العالمية (FDA)مثل ديوتيترابينازين (Deutetrabenazine) وتترابينازين(Tetrabenazine)، و تختلف الجرعة من مريض إلى آخر وعادةً توصف بجرعات صغيرة ثم تزداد تدريجيًا.

وقد يعاني المريض بعض الأعراض الجانبية الناتجة عن تلك الأدوية لذا يجب استشارة الطبيب.

  • وضع نظام غذائي 

يجب على المريض زيارة اخصائي تغذية لوضع نظام غذائي عالي السعرات الحرارية حتى لا يفقد الكثير من الوزن ووضع الأغذية سهلة المضغ والبلع.

 وقد يلجأ الطبيب إلى وضع أنبوب مغذي بشكل مباشر للمعدة وذلك  في المراحل  المتأخرة من المرض.

  • تسهيل طرق التواصل مع الآخرين

يُنصح بالاستعانة باخصائي نطق وتخاطب إذا كان المريض يواجه صعوبة في الكلام أو صعوبات في التواصل مع الآخرين.

 ويجب أيضًا توفير طرقًا بديلة للتواصل مثل بعض أجهزة الكلام الإلكترونية وبعض الصور التعبيرية. 

  • تسهيل الأنشطة اليومية للمريض

إذا كان المريض يجد  صعوبة في ممارسة أنشطته اليومية المعتادة؛ يجب الاستعانة بمرافق دائم له لمساعدته في تلك الأنشطة، كما يجب توفير بعض الأجهزة مثل الكرسي المتحرك. 

  • المساعدة في الحركة و عدم الاتزان 

المحافظة على نشاط المريض يجعله أفضل جسديًا ونفسيًا؛ لذا يجب الحصول على المساعدة من اختصاصي العلاج الطبيعي؛  لوضع خطة تدريبية تناسب المريض وتوفير بعض الأجهزة التي تساعده على الحركة.

  • البحث المستمر عن علاج جديد

يعمل العديد من الباحثين يوميًا للحصول على علاج لداء هنتنغتون، وبالفعل يوجد بعض الأدوية قيد التجارب السريرية حتى يثبت أنها فعالة وآمنة، أو إيجاد وسيلة جديدة لتسهيل حياة المرضى؛ لذا يجب المتابعة دائمًا والبحث عن كل ماهو جديد.

ماهي طرق الوقاية من داء هنتنغتون ؟

إذا كان هناك تاريخ عائلي بداء هنتنغتون يجب إجراء الفحوصات الجينية للكشف المبكر عن الداء. 

وإذا كان هناك أحد الأبوين حامل لجين المرض يجب إجراء تلك الفحوصات الجينية للجنين في أثناء الشهور الأولى من الحمل.

يمثل داء هنتنغتون تحديًا لكل مريض ولكل من يعتني به؛ لذا نحتاج إلى التكاتف حتى نصل بالمريض إلى بر الأمان ويتم اكتشاف علاج  يقضي على هذا المرض. 

أقرأ أيضًا

الوسواس القهري (OCD) | عندما تقهرك ذاتك!

التهاب الدماغ | هل هو خطير وهل يمكن الشفاء منه؟

فرط الحركة وتشتت الانتباه في عيون المحيطين

المصدر
webmdmedscape.comnhs.ukrarediseases.info.nih.govhdsa.orgmayoclinic

د.منة الله فكري

صيدلانية إكلينيكي بالمعهد القومي للأورام، وحاصلة على البورد الأمريكي في مجال الفارماكوثيرابي، اؤمن بأن تثقيف ومعرفة المريض يشكل الفارق الأكبر في رحلة العلاج، لذا رسالتيي هي توصيل المعلومة الطبية الصحيحة بشكل مبسط ومفهوم دون تعقيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى