تقنيات طبيةطب النساء والولادةطبي

درنقة القيصرية | تسليك وإزالة الدرنقة وفوائدها وأضرارها

د.إلهام عقيل
جلست الأم مع طبيبتها تسألها عن العملية القيصرية التي ستُجرى لها، موعدها، وكم يومًا ستقضيه في المستشفى؟ ومتى يمكنها أن تتحرك بصورة طبيعية لتعتني بطفلها الأول؟ أجابتها الطبيبة عن أسئلتها وطمأنتها أنها لن تمكث طويلًا في المستشفى، إلا أنها أردفت قائلة: لكننا قد نضطر هذه المرة إلى استخدام درنقة القيصرية.

لم تكن تلك المرة الأولى التي تضع الأم فيها طفلها بعملية قيصرية،
لكنها لم تتعرض من قبل لتركيب هذه الدرنقة، فأخذت تسأل عن معنى درنقة القيصرية،
وأسباب استخدامها، وما قد تسببه لها من مشكلات. 

إذا كنتم تودون معرفة الإجابة عن هذه الأسئلة تعالوا نقرأ معًا هذا المقال. 

الولادة القيصرية

تُعد الولادة القيصرية الملاذ الذي يلجأ إليه الأطباء في بعض الحالات لتحقيق ولادة آمنة للأم والجنين، ومن هذه الحالات: 

  1. استحالة إجراء الولادة الطبيعية: كما في حالات الزيادة الكبيرة في حجم الجنين (عملقة الجنين) وعسر الولادة، وتقلص الحوض لدى الأم، وإذا كان وضع الجنين مستعرضًا في الرحم، وبعض حالات المشيمة المتقدمة، كذلك في الحالات التي لديها قيصرية سابقة لأكثر من مرة. 
  1. الحالات التي قد تمثل الولادة الطبيعية فيها خطورة على حياة الأم أو الجنين، مثل: ارتفاع ضغط الدم، وتسمم الحمل، وبعض حالات مرض السكر، وانفصال المشيمة. 

رغم أن الولادة القيصرية تُعد الإجراء الجراحي الأكثر انتشارًا ضمن عمليات التوليد الحديث، إلا أنه مازالت هناك مساحات واسعة من الاختلاف -بين الأطباء- في خطوات وأساليب الجراحة، ويُعد استخدام درنقة القيصرية من أكثر الخطوات إثارة للجدل. 

ما هي درنقة القيصرية؟

الحقيقة أنه لا توجد درنقة خاصة للقيصرية، لكننا نستخدم هذا الاسم مجازًا للتعبير عن الدرنقة المُستخدمة في العملية القيصرية. 

 درنقة القيصرية: هي أنبوب تصريف يُوضع تحت الجلد مباشرة أو تحت عضلة البطن المستقيمة -ضمن الخطوات النهائية لعملية الولادة القيصرية- لسحب الدماء أو إفرازات الجرح الموجودة أو المتوقعة بعد العملية؛ لمنع تجمعها حول الجرح أو في تجويف الحوض والبطن.

تُخرَج الدرنقة إلى خارج الجسم من خلال جرح القيصرية، أو بشق جراحي صغير بجانبه طوله حوالي ١ سم، لتنتهي في إناء التجميع الذي يكون مُدرَّجًا في أغلب الأحوال؛ لتسهيل قياس كمية السوائل المتجمعة فيه.

 أنواع الدرنقة

يمكن تقسيم أنواع الدرنقة حسب المادة المصنوعة منها، أو حسب طريقة عملها.

  •  تنقسم أنواع الدرنقة حسب المادة المصنوعة منها إلى نوعين: 
  1. الخاملة: هي التي لا تؤثر سلبًا على أنسجة الجسم، وتشمل الأنواع المصنوعة من بولي فينيل كلوريد (polyvinyl chloride)، أو السيليكون.
  1. المزعجة(irritant): هي التي يؤدي استخدامها إلى إثارة الأنسجة الليفية، وحدوث تليف بالأنسجة، وتكوين مسار متليف حول الدرنقة، ومنها: تلك المصنوعة من اللاتكس والبلاستيك والمطاط.
  •  كذلك تنقسم حسب طريقة عملها إلى نوعين:
  1. الفعالة(active): وهي المزودة بخاصية الشفط، التي تعمل على سحب الدماء وإفرازات الجرح.
  1. خاملة(passive): ليست مزودة بهذه الخاصية، وبالتالي تعتمد في عملها على عوامل أخرى من بينها الجاذبية الأرضية.

العناية بالدرنقة

تُثبَّت الدرنقة في مكانها بغرز جراحية بسيطة، ولا تحتاج غالبًا لأكثر من غرزة واحدة، وتبقى في مكانها عدة أيام حسب تقدير الطبيب، على ألَّا تزيد عن ١٤ يومًا.

تحتاج الدرنقة إلى عناية خاصة لتحقيق الاستفادة الكاملة من وجودها، وتجنب ما تسببه من مشكلات. 

يعتني الطاقم الطبي بالدرنقة حال وجودكِ في المستشفى، أمَّا بعد خروجكِ، فقد أصبحت مسئوليتكِ الشخصية. 

تعالي معنا نلقي الضوء على بعض النقاط المطلوبة منكِ للعناية بالدرنقة. 

1- تفريغ الدرنقة

ينصح الأطباء بتفريغ الدرنقة كلما كان ذلك ممكنًا؛ ليظل جهاز التفريغ مضغوطًا قدر الإمكان فيحتفظ بقدرته على شفط السوائل، لكن غالبًا يكون التفريغ كل ٤ إلى ٦ ساعات.

  • اغسلي يديكِ جيدًا قبل بدء التفريغ. 
  • افتحي جهاز التفريغ، واسكبي ما فيه من سوائل في إناء مدرج -إذا لم يكن الجهاز مُدرَّجًا- لمعرفة كمية السوائل المتجمعة.
  • اضغطي جهاز التفريغ قدر ما تستطيعين -ليستعيد قدرته على الشفط- وأغلقيه مرة أخرى. 
  • لا تنزعجي من لون الدم في الدرنقة، فهذا شيء طبيعي في البداية، وسوف تلاحظين تغير اللون تدريجيًا إلى الأحمر الفاتح ثم الأصفر حتى يصير شفافًا. 
  • سجلي كمية السوائل ولونها، ووقت التفريغ، ليكون لديكِ ما يشبه خريطة لكميات السوائل المتجمعة في الدرنقة.
  • أبلغي طبيبكِ بانتظام بما سجلتِه؛ فعلى أساسه يحدد الموعد المناسب لإزالة الدرنقة. 

2- تسليك الدرنقة

قد تلاحظين وجود كتلة حمراء اللون في أنبوب التصريف (الدرنقة)، لا تقلقي فليس هذا بالأمر الخطير، لكن لا بد من إزالتها حتى لا تسد الأنبوب وتمنع تصريف السوائل، وما عليكِ إلا اتباع الخطوات التالية:

  • استخدمي مسحات الكحول أو ضعي غسول على أطراف أصابعك؛ لتسهيل انزلاقها على الأنبوب.
  • اضغطي بأصابعك ضغط متقطع على الأنبوب واسحبي برفق، لتتحرك الكتلة في اتجاه جهاز التفريغ. 
  • كرري هذه الخطوات مرتين إلى ثلاث مرات يوميًا، لإبقاء الأنبوب مفتوحًا، وتجنب انسداده. 
  1. حافظي على ثبات الدرنقة في مكانها، واحذري تعلقها بأي شيء أثناء الحركة. 
  1. حافظي دائمًا على جفاف ونظافة الضمادات لتجنب التهاب مكان الدرنقة.
  1. يمكنك تثبيت الدرنقة في الملابس أسفل موضع الجرح، فربما كان ذلك أدعى لثباتها في مكانها. 
  1. تجنبي التواء الدرنقة، فإن ذلك يعوق عملها. 
  1. إذا سمح لكِ الطبيب بالاستحمام، احرصي قدر الإمكان على عدم وصول الماء إلى مكان الدرنقة.

مضاعفات تركيب درنقة القيصرية

قد يصاحب تركيب درنقة القيصرية بعض المضاعفات، ومنها:

  •  التهاب مكان الدرنقة: ومن علاماته: 
  1. ارتفاع درجة الحرارة.
  2.  احمرار وتورم وألم في مكان الجرح.
  3. تغير لون الدم في الدرنقة إذا أُصيب الجرح بعدوى بكتيرية أدت إلى تكوين صديد وخروجه في الدرنقة.
  • نزف من الأوعية الدموية الموجودة بجدار البطن.
  • فتق خلال فتحة الدرنقة: سُجلت بعض حالات خروج قناة فالوب خلال جرح الدرنقة، ما أدى إلى إجراء عملية جراحية لاستئصالها.

 تُعد السمنة، والضعف العام، وسوء التغذية، وارتفاع الضغط في البطن كما في حالات الإمساك والكحة، كذلك بعض الأمراض المزمنة مثل: السكر من العوامل التي تزيد احتمالية حدوث الفتق خلال الدرنقة.

يمكننا الحد من احتمالية حدوث الفتق باتخاذ بعض الاحتياطات، ومنها: استخدام درنقة ذات قطر صغير(أقل من ١٠ مم)، وإزالة الدرنقة تدريجيًا وبرفق، واستخدام خياطة سلسلة المحفظة ”purse string suture“ لإغلاق مكان الدرنقة.

  • انسداد الدرنقة ما يؤدي إلى تسرب السوائل حولها. 

لا تترددي في إبلاغ طبيبك مباشرة، إذا لاحظتِ أيًا من هذه الأعراض.

الخلاف حول درنقة القيصرية

يتداول الجراحون القول المأثور «إذا شككت، ضع درنقة»، أي إذا ساورك الشك في احتمالية تسرب بعض الدماء، أو إفرازات الجراح -التي قد تتجمع داخل البطن أو تحت الجلد وتسبب مشكلات للمريض- فضع أنبوب تصريف (درنقة) لسحبها، وإخراجها خارج الجسم.

 إلَّا أنَّ تركيب الدرنقة مازال موضع خلاف بين الأطباء خاصةً درنقة القيصرية، إذ يرفض كثير من الأطباء استخدامها تجنبًا لمَا قد تسببه من مضاعفات.

بينما يفضل البعض استخدامها خاصةً في حالات السمنة المفرطة، والقيصرية المتكررة لأكثر من مرة، ويعتقدون أن إزالة السوائل تزيد من سرعة التئام الجرح، وتقلل احتمالية إصابته بالعدوى. 

ماذا قالت الأبحاث عن درنقة القيصرية؟

أشارت بعض الدراسات إلى أنه لا فائدة حقيقية من تركيب درنقة القيصرية بصورة روتينية، سواء فيما يخص سرعة التئام الجرح، أو تجنب حدوث عدوى أو تجمعات دموية في جرح القيصرية، لكن هذه الدراسات لم توضح مدى أهمية درنقة القيصرية في الحالات التي يكون مستوى تخثر الدم فيها غير كافٍ.

إلَّا أنَّ أبحاثًا أخرى أشارت إلى أن تركيب درنقة القيصرية تحت الجلد، يقلل من احتمالية حدوث مضاعفات في الجرح، عند السيدات اللاتي يعانين السمنة، ويكون سمك طبقة الدهون تحت الجلد لديهن ٢ سم أو أكثر. 

في النهاية، فإن تركيب درنقة القيصرية إحدى الخطوات المختَلَف عليها بين الأطباء، إلاَّ أنَّ الغالب أنها لا تُستخدم بصورة روتينية، وإنما فقط في بعض الحالات التي تستدعي ذلك، وفي كل الأحوال فإن إزالة الدرنقة ليس إجراءً مؤلمًا، كذلك فإن تركيبها يكون تحت تأثير المخدر في أثناء إجراء العملية، فلا داعي للقلق إذا أخبركِ طبيبكِ أن لديه من الأسباب ما تجعله يلجأ إلى تركيبها. 

ودمتِ بصحة وعافية. 

اقرأ أيضًا

انسداد أنابيب فالوب | أسبابه وأعراضه وتشخيصه وعلاجه

الحقن المجهري | كيف يجرى وما نسبة نجاحه؟

المشيمة المتقدمة | مضاعفاتها وكيفية تجنبها

مراجع د.هند السيد

 

المصدر
healthlineclevelandclinicncbi.nlmpubmedqvh.nhs.ukacog.org/

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى