طبي

طبلة الأذن | ناقل الصوت الرقيق!

بقيتُ طوال الليل مستيقظةً، سمعتُ بكاءً فأسرعت إلى غرفة رضيعي لأجده يحك أذنَه بشكل عنيف، تحسست جبهته فهلعت حين وجدت درجة حرارته مرتفعة للغاية، لم أدرِ ماذا أفعل حتى ذهبت به لطبيب الأطفال في اليوم التالي، خوفا على طبلة الأذن،إذ إن طفلي الصغير لم يتوقف عن الصراخ والتألم.

تفحَّصه الطبيب وأخبرتُه بالأعراض التي ظهرت عليه، فأخبرني أنه يعاني التهابًا حادًا في الأذن، يحتمل أنه وصل إلى طبلة الأذن فأحدثَ فيها ثُقبًا؛ لذلك هو لا يتوقف عن حكِّ أذنه ولابد من علاجه حتى لا يتأثر سمعه.

سنتعرف في هذا المقال إلى طبلة الأذن وما أخبرني به الطبيب عن أكثر أمراض الأذن شيوعًا لدى الصغار وعلاجها.

ما هي طبلة الأذن (Tympanic membrane) ؟

ينقسم تركيب الأذن إلى ثلاثة أجزاء بالترتيب من الخارج إلى الداخل هي: الأذن الخارجية والأذن الوسطى والأذن الداخلية.

يقع غشاء طبلة الأذن في آخر قناة السمع (امتداد الأذن الخارجية) ويفصل بينها وبين الأذن الوسطى التي يليها الأذن الداخلية.

يُقدَّر قُطر طبلة الأذن بـ (8-10) مم، كما يبْلُغ سُمْكها (0.1) مم؛ ولذلك فهي رقيقة للغاية.

تتكون بالرغم من رقتها من ثلاث طبقات، طبقة خارجية من الجلد (الجهة المواجهة لقناة الأذن الخارجية)، وطبقة في المنتصف ذات تركيب ليفي، وطبقة داخلية ذات طابع غشائي رقيق (الجهة المواجهة للأذن الوسطى).

 يحيط بغشاء طبلة الأذن حلقة غضروفية مرنة تثبته في مكانه كما تساعد على الإبقاء عليه مشدودًا بالقدر المطلوب لتأدية وظيفته.

وظيفة طبلة الأذن 

تنتشرُ موجات الصوت في الهواء في جميع الاتجاهات ويتجه جزءٌ منها نحو أُذني الإنسان فتعبرُ أولًا الأذن الخارجية.

هناك يعمل صيوان الأذن على تكبير وتجميع الصوت، ثم تتراكم موجات الصوت على الجهة الخارجية من غشاء طبلة الأذن مُحدِثةً اهتزازًا به، يتناسب مع تردد هذه الموجات.

ومن ثمّ ينتقل هذا الاهتزاز إلى عظام الأذن الوسطى ومنها إلى الأذن الداخلية التي تنقل الترددات القادمة عبر العصب السمعي إلى المخ؛ فيترجم المخ الأصوات وتحدث عملية السمع.

 لذا فإن وجود طبلة الأذن يلعب دورًا محوريًا في عملية السمع وبدونها لا تنتقل إلينا الأصوات.

ما الذي يمكن أن يصيب هذا التركيب الرقيق والهام جدًا؟

 سنلقي الضوء في السطور القادمة على أهم الأمراض والحوادث التي قد تصيب طبلة الأذن.

ثقب طبلة الأذن

لربما تكون قد سمعت بهذا التشخيص من قبل -عزيزي القارئ- إذا ما تحدثت مع أحد أقاربك أو أصدقائك عقب إصابته بالإنفلونزا أو إذا ما أُصبت بها بنفسك.

لا يحدث الثقب في غشاء طبلة الأذن للكبار فقط فهو يحدث للصغار أيضًا، وسنرى لاحقًا تلازمه مع عدوى في الأذن تصيب الأطفال بشكل متكرر.

 

أسباب ثقب طبلة الأذن 

وُجد أنه من أكثر الأمراض أو لِنـَقُل توابع الأمراض التي تصيب هذا التركيب الرقيق ومن أسبابه :

1-إصابات بالرأس: مثل ارتطامها خلال الحوادث، أو إدخال جسم غريب إلى الأذن لمحاولة تنظيف الشمع الزائد.

 2- اختلال اتزان ضغط الهواء على جانبي غشاء الطبلة: فهو يقع بين حجرتين معبأتين بالهواء (الأذن الوسطى والخارجية)، ويحدث الاختلال من ممارسة رياضاتٍ كالغطس العميق.

3- الضوضاء: خاصةً إذا ما حدثت بشكل مفاجئ؛ فهي تتسبب في اختلال ضغط الهواء على جانبي الطبلة أيضا.

4- الاحتقان الملازم لعدوى الإنفلونزا: إذ يؤثر على قناة استاكيوس -قناة تربط بين تجويف الفم من الداخل (البلعوم) والأذن- فينتج  خلل في ضغط السوائل داخل الأذن وكذلك ضغط الهواء من الداخل.

5- بعد حوادث البرق: وجد الباحثون تلازمًا لهذه الحالة مع حوادث الصعق.

 والتفسير المُرجح هو اختلال في الضغط على جانبي طبلة الأذن؛ بسبب موجة صدمية تصل للأذنين.

6- العدوى في الأذن الخارجية أو الوسطى : قد تتسبب عدوى الأذن الخارجية وخاصةً بفطر الأسبراجلس (العدوى الرشاشية) في حدوث ثقب الطبلة. 

أعراضه

تظهر الأعراض بالشكل التالي:

  • دوار حركي. 
  • طنين بالأذن.
  • حكة، تظهر بشكل واضح في الأطفال.

بالإضافة للأعراض المصاحبة لحالات عدوى الأذن.

مضاعفات ثقب غشاء طبلة الأذن

تتطور المضاعفات بشكل سريع إذا ما ترُك الثقب دون علاجه أو علاج العدوى المسببة له وخاصة التي تصيب الأذن الوسطى، ومن هذه المضاعفات :

  • انتشار العدوى لعظام الأذن الداخلية قد يؤدي لفقدان السمع.
  • وصول العدوى للدماغ، وخاصةً البكتيرية قد يتسبب في الالتهاب السحائي.
  • شلل في العصب الوجهي.
  • التهاب وتآكل الخشاء (العظمة البارزة خلف صيوان الأذن).
  • الورم الكوليسترولي (نمو غير طبيعي للجلد خلف طبلة الأذن).

 

التئام ثقب طبلة الأذن 

عادةً ما يلتئم الثقب من تلقاء نفسه.

كل ما يمكن فعله في هذه الحالة هو الحفاظ على نظافة المنطقة المحيطة به، وإزالة الرطوبة والحفاظ على جفاف الأذن، لتجنب نمو الميكروبات فهي محبة للبيئة الرطبة سواء كانت بكتيريا أو فيروسات أو فطريات.

أظهرت بعض الدراسات أن استخدام مضاد حيوي لعلاج طبلة الأذن قد يساهم في التسريع من عملية الالتئام.

 كان المضاد المستخدم هو أوفلوكساسين أحد مشتقات مادة الكينولون، ويستخدم بشكل كبير في علاج عدوى الجهاز السمعي في صورة قطرات.

التهاب الأذن الوسطى (otitis media)

هو عدوى بكتيرية في الأذن الوسطى قد تصيب الكبار والصغار من جميع الأعمار، ولكنها تنتشر بين الأطفال بشكل خاص من عمر 3 أشهر حتى 3 سنوات.

يرجع تكرار العدوى بين الرضع لوضعية قناة استاكيوس التي تربط بين تجويف الفم الداخلي والأذن.

 إذ تكون هذه القناة في وضعية مستقيمة في الأطفال، ولاحقًا تتغير هذه الوضعية لتصبح القناة مائلة بشكل يسمح باتزانٍ أكبر لضغط الهواء بداخلها وعلى جانبيها (الأذن وتجويف الفم).

أعراض التهاب الأذن الوسطى

تشمل أعراض هذا الالتهاب البكتيري ما يلي :

  • ألم في الأذن.
  • ارتفاع في درجة حرارة الجسم. 
  • إفرازات سائلة.
  • انخفاض في القدرة السمعية.
  • فقدان التوازن والبكاء الشديد.

مضاعفات التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال

لذا يجب علاجه بشكل سريع حتى لا تقع مضاعفات لا تُحمد عقباها للطفل.

مثل :

  • تآكل غشاء طبلة الأذن يتركز أغلبه في المنتصف.
  • التهاب الدماغ السحائي عند الأطفال.
  • ضعف في السمع.
  • صعوبات في التحدث وتعلم اللغة -يسبق السمع تعلم الكلام لدى الطفل-.

العلاج

يصف الطبيب في هذه الحالة :

  • قطرات مسكنة للألم تحتوي على مواد فعالة مسكنة، مثل: الكلوربيوتانول. 
  • قطرات مضاد حيوي تحتوي على مضادات بكتيرية، مثل: الكلورامفينيكول و الأوفلوكساسين.
  • مشتقات الكورتيزون مثل الفلوميثازون (مضادات للالتهاب) والأوفلوكساسين، وتوجد في صورة قطرات.
  • مضادات حيوية في صورة أقراص، أو أشربة وقطرات فموية (للأطفال) تحتوى على مادة الأموكسيسيللين.

تعد هذه المادة من أقوى وأفضل المضادات الحيوية لعلاج عدوى الجهاز السمعي البكتيرية المنشأ.

لا يجب استخدام هذه الأدوية دون الرجوع للطبيب المختص.

(يَحظر استخدام الأدوية المحتوية على الأمينوجليكوسيدات، إذ إن لها سُمّية سمعية عالية)

 

إرشادات لاستعمال قطرات الأذن بشكل أفضل

  1. التأكد من تدفئة السائل وذلك بفرك العبوة باليدين لعدة دقائق.
  2. تمييل الرأس على أن تكون الأذن المصابة لأعلى. 
  3. شد شحمة الأذن للأعلى ثم للوراء لجعل قناة الأذن في وضعية مستقيمة بالنسبة للكبار، وشدها لأسفل في الأطفال.
  4. التقطير بضع قطرات في الأذن وتجنب أن يلامس طرف القطرة الأذن. 
  5. الحفاظ على إبقاء الرأس مائلة عدة دقائق؛ للتأكد من دخول السائل أو استخدم قطعة قطن لتجنب خروج سائل القطرة عند الاعتدال. 

في الختام يجدر بنا الاعتراف بأنّ أمراض الأذن من أهم الأمراض التي تستلزم العلاج السريع والاهتمام بنظافة وجفاف الأذن، حتى نجتنب عواقبها ومضاعفاتها التي قد تكون خطرة وخاصة لأطفالنا الصغار، فأجسامهم الصغيرة لا تحتمل الآلام والحمى.

المصدر
healthlinencbiwebmedinfection in childrenpubmed

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى