الصحة النفسيةطبي

متلازمة الكمال | السعي إلى المثالية

إذا كنت تسأل هل أنت مصاب بمتلازمة الكمال أم لا؟ فهذه فرصة جيدة لمعرفة ذلك. 

وكذلك لمعرفة صفات الساعي إلى الكمال، بسبب المدلولات الإيجابية لهذه الكلمة “الكمال”_من لا يريد أن يكون كاملًا؟

يجب أن تثقف نفسك عن أعراض متلازمة الكمال، ولماذا يُنظر إليها على أنه شيء سلبي. حينها تستطيع أن تقرر مقدار العمل الذي تحتاج إليه، لتجاهل هذه الصفات، وتعلم الاستراتيجيات اللازمة لتحقيق هدفك.

متلازمة الكمال

الرغبة في أن تظهر كاملًا، أو مثاليًا، أو حتى تعتقد أنه من الممكن تحقيق الكمال.

قد يكون السعي إلى الكمال، إلى حد ما مفيدًا، عندما يُقارن بنقيضه، بالتأكيد الميول الكمالية أفضل من الميول السيئة.

أشار البحث عن متلازمة الكمال، أنه يوجد نوعان منها: كمال صحي نستطيع أن نتكيف معه، وكمال غير صحي لا نستطيع التكيف معه.

الكمال الصحي التكيفي

قد يطلق عليه السلوك الصحي، يرتبط بالصحة النفسية الجيدة، وتحقيق الإنجازات في كلٍّ من المدرسة والعمل، ويتميز هذا النوع بما يلي:

  • الإخلاص.
  • السلوك الذي يحقق الهدف.
  • المهارات التنظيمية الجيدة.
  • معايير عالية لنفسك وللآخرين.
  • المثابرة في مواجهة المحن والشدائد.

الكمال غير الصحي وغير التكيفي

يتعلق بالضيق، وعدم تقدير الذات، وظهور أعراض الخلل الذهني ويتميز هذا النوع بالآتي:

  • انتظار توقعات مبالغ فيها من الآخرين، مثل: الآباء وأصحاب العمل.
  • الشك الدائم في صحة ما تفعله.
  • الانشغال المفرط بالقدرة على التحكم.
  • التفكير الزائد في الأخطاء الماضية.
  • الخوف من ارتكاب أخطاء جديدة.

أسباب متلازمة الكمال

تساهم عوامل عدة في تطور متلازمة الكمال، منها:

  • كثرة الخوف من استنكار الآخرين، أو الشعور بعدم الأمان.
  • اضطرابات الصحة العقلية مثل القلق، أو الوسواس القهري، بالرغم من وجود علاقة بين متلازمة الكمال والوسواس القهري، إلّا أنه ليس كل ساعٍ للكمال عنده وسواس قهري والعكس.
  • وجود والد يظهر سلوكا مثاليا، أو يعبر عن استيائه عندما لا تكلل مجهود أطفاله بالكمال. بعض الآباء يشجع طفله على النجاح في كل شيء، أو يدفعه إلى تحقيق الكمال إلى درجة تعد سيئة.
  • التأثر السابق بموقف غير آمن. قد يواجه الأشخاص الذين لديهم مواقف صعبة وغير آمنة مع آبائهم عندما كانوا صغارًا، صعوبة في تهدئة أنفسهم مثل البالغين. كذلك عدم قبول النتيجة الجيدة إن لم تكن مثالية.
  • التوقعات الناتجة عن ثقافة المجتمع.
  • التفكير بطريقة الأبيض والأسود (الكل أو لا شيء)

يشعر الأشخاص الذين يتمتعون بتاريخ حافل بالإنجازات، بضغط كبير للوصول إلى مستوى إنجازاتهم السابقة. هذا قد يدفعهم إلى السعي للكمال.

يشعر الأطفال الذين يُمدحون لإنجازاتهم، بضغط لمواصلة النجاح كلما تقدم العمر، مما يدفعهم إلى السعي للكمال.

أعراض متلازمة الكمال

يميل من يسعى إلى الكمال إلى إنجاز أقل، وتوتر أكثر من الأشخاص المتفوقين العاديين.

إذا كنت تتصف بمتلازمة الكمال، فهذا يعوق تحقيق أفضل ما لديك. الساعون إلى الكمال يشبهون الناجحين مع بعض الاختلافات الجذرية، تأمل بعض هذه العلامات لتعرف أي من الفريقين أنت؟

جلد الذات

المثالي أكثر نقدًا لنفسه وللآخرين من الناجح. بينما يفخر الناجح بإنجازاته ويدعم الآخرين، يكتشف المثالي الأخطاء والعيوب ويركز عليها، فلا يرى غيرها. يكون سريع الحكم وقاس على نفسه والآخرين؛ إذا حصل الإخفاق.

الخوف هو الدافع

يضع الناجح أهدافه أمام عينيه، ويرغب في تحقيقها، ويكون سعيد بأي خطوات ينجزها، تساعده على تحقيق أهدافه. على الجانب الآخر، ما يدفع المثالي نحو أهدافه، خوفه من عدم تحقيقها؛ لأنه يعتقد أن أي شيء أقل من الهدف المثالي، يعد إخفاقًا.

معايير غير واقعية

أهداف المثالي دائما غير معقولة وصعبة المنال، على عكس الناجح يضع أهداف عالية، لكن يمكن الوصول إليها، لذلك يكون الناجح أكثر سعادة ونجاحًا من المثالي

التركيز على النتائج

المثالي يشغل نفسه دائما بالنتائج، ويكون قلق بتحقيق الهدف، وتجنب الفشل الذريع، فيفقد متعة السعي.

على العكس، الناجح يركز على الأسباب كما يركز على النتائج، ويستمتع برحلة السعي بنفس القدر عند تحقيقه الهدف.

الكل أو لا شيء

 يرضى الشخص الناجح بالجهد المبذول، حتى لو لم يحقق كل أهدافه، بينما الشخص الساعي للكمال تؤرقه النتائج لوضعه أهادفًا لا يمكن الوصول إليها، وهذا يجعله أما أن يصل لكل شيء أو لا شيء.

الاكتئاب لعدم تحقيق الأهداف

المثالي يستسلم لنفسه ويستغرق في المشاعر السلبية، إذا لم يحقق توقعاته المرجوة. أما الناجح يقدر أن يستعيد حماسه بسهولة.

الخوف من الفشل

المثالي أكثر خوفًا من الفشل من الناجح، لأنه يركز على النتائج كما أسلفنا، ويحبط بأي شيء أقل من الكمال، ويصبح الفشل أمرًا مخيفا للغاية، لذلك يؤجل الأشياء حتى اللحظات الأخيرة.

التسويف

يميل المثالي إلى المماطلة؛ بسبب خوفه من الفشل، وقلقه من عدم القيام بالشيء على أكمل وجه؛ فيصبح عاجز عن الحركة، ويخفق في فعل أي شيء على الإطلاق.

التبرير

نتيجة عدم قابلية تحقيق الأداء المثالي، يصاب من يسعى إلى الكمال بالذعر والألم، ويستقبل النقد البناء بشكل دفاعي، بينما الناجح يرى النقد معلومة قيمة تساعده على تحسين أداءه في المستقبل.

عدم احترام الذات

ينتقد المثالي نفسه بقسوة، ويعاني تدني احترام الذات. قد يكون وحيدًا ومعزولًا عن الآخرين، بسبب طبيعته غير المرنة؛ وهذا يؤدي إلى قلة تقدير الذات.

أنواع متلازمة الكمال

يظهر الكمال جليًا في ثلاث نواحي:

  1. كمال موجه للذات: فرض رغبة غير واقعية، ليصبح كاملًا على نفسه.
  2. كمال موجه نحو الآخرين: فرض معايير غير واقعية للكمال على الآخرين.
  3. الكمال الاجتماعي: يشمل إدراك أو انتظار فعل التوقعات غير الواقعية للكمال من الآخرين.

متلازمة الكمال والجينات

نُشرت دراسة في مجلة (Psychiatry Research) في 2015 عن مدى مساهمة كلٍّ من الجينات والبيئة في تطور متلازمة الكمال، والعوامل المشتركة بينهما، بناءً على الكمال الموجه للذات، والكمال الاجتماعي.

كانت الدراسة على 258 زوجًا من التوائم المراهقين.

أشارت النتائج إلى وجود تأثيرات جينية على الكمال بشكل متوسط، خلال مدة المراهقة، ووجود مادة وراثية مشتركة تساهم في تطور كلٍّ من الكمال الموجه للذات، والكمال الاجتماعي.  

الفرق بين متلازمة الكمال والوسواس القهري (OCD)

يستخدم المصطلحان بالتبادل، لكن هما مختلفان. الكمال سمة شخصية، تتميز بالتوقعات والمعايير العالية، بينما الوسواس القهري حالة نفسية، إذ يتعرض الشخص لأفكار تطفلية، وسلوكيات متكررة، لا يستطيع السيطرة عليها. قد يكون الكمال من أعراض الوسواس القهري وقد لا يكون كذلك.

علاج متلازمة الكمال

الخطوة الأولى في العلاج، أن تدرك معاناتك المثالية، ثم فعل بعض الأشياء التي تساهم في التخلص منها:

تمارين اليقظة

تساعد اليقظة (تركيز كامل الذهن) على استهلاك طاقة أقل في الأفكار، وقبول حقيقة أنك تمتلك سيطرة أقل مما تعتقد على أفكارك، هذا يساهم في تقليل الضيق الذي يصاحب الأفكار الدخيلة المضرة بعقلك.

تحسن تمارين اليقظة الوعي الموضوعي بأفكارنا وعواطفنا اليومية.

العلاج السلوكي المعرفي (CBT)

تساعد تقنيات مثل: إعادة الهيكلة المعرفية، والتجارب السلوكية، على تعلم التقييم الموضوعي، لاحتمالية وعواقب ارتكاب أخطاء كارثية، أو حتى بسيطة. ليس مجرد خوف من الأخطاء، وعدم التعلم منها.

العلاج المعرفي أداة مفيدة، لفحص المعتقدات التي نتمسك بها عن أنفسنا والآخرين بشكل نقدي.

لذلك عند زيارة المعالج، تتعرف إلى هذه المعتقدات، والسلوكيات غير الصحية، وكيفية تغييرها.

تدريب التخلي عن السيطرة

جزء من العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج بالتعرض والوقاية من الاستجابة، قد يُطلب منك فعل تمارين مصممة لبناء القدرة على تحمل الشدائد، وتكون أيضًا قدرتك على تحمل فقدان السيطرة.

تشمل التمارين فعل الأشياء التي تمنعك من فحص شيء ما، أو التعديل عليه حتى يصبح صحيحًا تمامًا، قد يكون محزنًا في البداية، إلا أنك مع الوقت ستكتسب ثقة أكبر في قدرتك على تحمل فقدان السيطرة.

التحدث إلى معالج طريقة ممتازة لفهم حالتك أكثر، ويمدك بالملاحظات الهامة التي تقلل تأثير المثالية على حياتك.

وختامًا، إن انتظار التوقعات المثالية، هو انتظار طويل لا نهاية له، والخوف من الفشل، يزيدك فشلًا.

النتائج ليست بيدك، فما عليك إلا السعي، وترك النتائج على الله، واعلم أن وقوع الأخطاء أمر حتمي، فإن الكمال لله وحده. فالنبيه من يتعلم من أخطائه، ويتفادها في المستقبل.

اقرأ أيضًا

الوسواس القهري (OCD) | عندما تقهرك ذاتك!

الشخصية العصابية بين التعاطف والاتهام!

المصدر
psychcentralpubmedverywellmindperfectionismpsychologytodaygoodtherapy

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى