الأم نعمة عظيمة، ومعنى كبير، فهي محور الحياة، ومصدر الحنان، والحب، والعطاء، والتضحية، وهي صانعة الأجيال، وناشئة الأمم. الحياة دونها لا تكتمل؛ فهي تسعى دائمًا لرعاية أطفالها، وتربيتهم، وتعليمهم، والعمل الدائم على راحتهم، والوصول بهم لأفضل حال دون كللٍ أو ملل. لذا يُعد دور الأم عظيمًا ورسالتها كبيرة خاصةً في حياتها الأسرية وفي هذا المقال سنتحدث عن دور الأم في حياة أطفالها.
ما دور الأم في تربية الأبناء؟
يظهر دور الأم على حياة أطفالها في جميع مراحلهم الحياتية، فمن قبل الولادة (مرحلة الحمل) الأم هي الوحيدة المؤثرة في حياة جنينها، وصحته.
ثم تأتي مرحلة الرضاعة فيها يرتبط الطفل بالأم أكثر دون غيرها. وعند نمو الطفل، وبداية استيعابه لمن حوله تكون هي المربية، والمعلمة، والراعية لشئون طفلها.
تغرس الأم في طفلها المعايير التربوية السليمة، والقيم، والأخلاق إلى جانب تنمية شخصيته ومهاراته. لذا يستطيع الطفل أن يحكم على ما يواجهه في المدرسة، والشارع، والمجتمع فيؤثر ولا يتأثر، ويصبح قادرًا على انتقاء ما هو مفيد.
كذلك ترعي الأم متطلبات طفلها من ملبس وصحة وغذاء، وتمنحه حنانًا، وحبًا، وعاطفة، وأمانًا، إلى جانب دعمه نفسيًا، وتعزيز ثقته بنفسه، ودمجه في الحياة الاجتماعية.
لذا فإن الوظيفة الأساسية والمحورية للأم هي تربية أولادها والسعي بهم إلى أن يصيروا أفراد صالحين في المجتمع.
تأثير الأم على حياة جنينها
يتأثر الجنين وهو في رحم الأم بمؤثرات عدة، جميعها مرتبطة بالأم مثل:
- نوع الطعام الذي تتناوله.
- الأدوية التي تأخذها الأم.
- الحالات المزاجية لها.
- العصبية والصحة النفسية لديها.
كل هذه العوامل وغيرها التي تنتقل من الأم إلى الجنين، وتؤثر فيه جعلت الأم أكثر حرصًا على معرفة، وتلبية ما هو أكثر نفعًا لجنينها بغض النظر عن ما تحتاج هي إليه، وما ترغب به.
دور الأم في مرحلة الرضاعة
تأثير الأم على حياة أطفالها في مرحلة الرضاعة يشمل التأثيرات النفسية، والتأثيرات الغذائية. إذ ينتاب الطفل في البداية الخوف، والرهبة، ويحتاج دائمًا للاطمئنان، والحنان، والشعور بالأمان.
يصبح الطفل في أثناء الرضاعة أكثر قربًا من الأم، فيشعر حينها بالأمان وهذا يمثل قيمة نفسية للطفل لا تقل أهمية عن القيمة الغذائية التي يحصل عليها من الرضاعة الطبيعية، التي لا يمكن أن تعوض بالرضاعة الصناعية.
عوامل تساعد الأم في تربية الأطفال
النصح والإرشاد
النصح دون عصبية أو إهانة، فقد يأتي النصح على هيئة قصة تحمل العبر، والنصائح بصورة محببة للطفل ومن ثَم يستوعبها بسهولة.
العقاب
في بعض الأحيان تلجأ الأم إلى العقاب ليتعلم الطفل المسؤولية اتجاه تصرفاته، وأفعاله، ولكي يدرك ما معنى الجزاء والعقاب؟
التجاهل
نلجأ إلى التجاهل كحل لمشكلة الصراخ، والبكاء غير المبرر من الطفل اعتقادًا منه أن الصراخ وسيلة لتحقيق ما يريده.
الحوار المتبادل
الحوار له تأثير إيجابي على الطفل، وبه يتعلم كيف يتحاور مع الآخرين؟ وكيف ينمي شخصيته؟ كما يجعله قادرًا على إبداء وجه نظره بصورة مهذبة.
تنظيم الأوقات
وضع ضوابط بالبيت، وأوقات لكل عمل يساهم كثيرًا في تنظيم اليوم. كذلك يقلل المشاحنات بين الطفل والأم، ومن النصائح الموجه إليه.
مراقبة أفعالنا
دائمًا يراقب الأطفال الأم والأب في أقوالهم، وأفعالهم، ويتأثرون بهم؛ فهم المحيطون بهم طيلة الوقت لذا يلزم على الوالدين أن يكونا قدوةً لأطفالهم، ويتجنبان الوقوع في أي أخطاء أمامهم.
تحفيز الطفل وتشجيعه
دائمًا ما يحب الطفل أن يكون مميزًا فعند أدائه فعل جيد يجب تشجيعه، ومكافأته، ولا يشترط أن تكون المكافأة مادية، فمن الممكن أن يُشجَع بالتنزه معه أو بعشاء أسري يسوده المرح، واللعب أو بعض المسابقات التي تُدخل عليه السعادة، والسرور.
الغرض من ذلك هو تقديره، وتشجيعه لمزيد من الأعمال الجيدة، لكن لا تفرطي في ذلك؛ حتى لا يصبح ينتظر مقابلًا لما يجب أن يفعله.
البيئة المحيطة
يحاول الوالدان وضع الطفل في بيئة تتناسب مع سلوكياتهم، ومعتقداتهم؛ حتى لا يُعانوا صعوبة بعد ذلك نتيجة تأثره نوعًا ما بمن حوله.
فقد ينشأ الطفل في بيئة مليئة بالسلبيات، وبعيدة كل البعد عن قواعد التربية الصحيحة التي يغرسها الوالدان فيه، ويُطلب من الطفل أن يظل متمسكًا بأخلاقه، ولا ينجرف إلى أصدقاء السوء.
تنمية حياة اجتماعية للطفل
حقيقةً البيت هو أساس التربية خاصةً الأم، لكن لا يمكن الاعتماد فقط على ذلك، فهناك عوامل أخرى تؤثر في تربية الطفل مثل: المدرسة، والأصدقاء، والمجتمع المحيط.
لذلك يُحرص على تنمية الحياة الاجتماعية للطفل، وإحاطته بالصحبة الصالحة التي تتفق مع ضوابط الأسرة؛ لتجنب هدم ما بُني.
إيجاد وسائل ترفيهية صالحة للطفل
يتحتم على الوالدين توفير وسيلة ترفيه للطفل؛ تعوضه عن وسائل الترفيه غير الهادفة مثل البحث له عن برامج مفيدة أو ألعاب تستهويه، وفي نفس الوقت تفيده.
صفات تحرص الأم على غرسها في الطفل
تنمية الثقة بالنفس عند الطفل
احتواء الطفل في كل تصرفاته، وتشجيعه، وتهيئة جو مناسب لتنمية مهاراته، وطموحاته يعزز من ثقة طفلك بنفسه.
الاعتماد على النفس
منذ الصغر تكلف الأم الطفل ببعض المهام المناسبة لسنه، وتتدرج تلك المهام في الزيادة بزيادة العمر، وبذلك يصبح الطفل قادرًا على حل مشاكله، والتغلب على ما يعيقه بنفسه.
تحمل المسؤولية
لابد أن يدرك الطفل أنه جزءٌ فعال في الأسرة، وعليه دور لابد من أدائه؛ للحفاظ على كيان تلك الأسرة.
الاعتذار
تعليم الطفل أن الخطأ وارد، لكن من أخطأ عليه أن يعتذر، ويصلح ما أفسده، كذلك يُعلي الاعتذار من شأن الشخص.
مقترحات تربوية للأم في تربية الأطفال
بالتأكيد تسعى كل أم إلى أداء بدورها على أكمل وجه للحفاظ على أطفالها، وأسرتها، وهناك بعض المقترحات التي تعين الأم على ذلك مثل:
تنظيم الوقت
كما ذكرنا من قبل لابد من وضع مواعيد تنظم أوقات اللعب، والطعام، ومشاهدة التلفاز، وغيرها من النشاطات اليومية للطفل.
نظافة المنزل ونظافة الطفل
حرص الأم على إظهار طفلها بمظهر مرتب، ونظيف له تأثير إيجابي على الطفل؛ فيتعلم منها النظام، والنظافة في كل أمور حياته.
دورات تدريبية
تسعى الأم دائمًا إلى تنمية نفسها من الناحية التربوية للتعرف على طرق جديدة في تربية الأطفال؛ لكي تحصد أفضل الوسائل المستخدمة في التربية.
البحث عن حلول للمشكلات
قد تواجه الأم مشكلات عدة في أثناء تربية أطفالها وعليها أن تجد حلولًا لتلك المشكلات. إذا لم يكن لديها خبرة فعليها البحث بعدة طرق أهمها:
- قراءة الكتب التربوية.
- اللجوء إلى أهل الخبرة.
- التحدث مع بعض الأمهات ممن لديهن تجارب سابقة مشابه.
مراعاة متطلبات الطفل
تدرك كل أم طبيعة طفلها وما طموحاته، ومتطلباته؟ وعليها أن تشعره بتفهمها لذلك.
النزول في الحوار إلى سن الطفل
يفضل أن يشعر الطفل أن أمه صديقة له، وأنها تحتويه، وتحاوره بنفس المستوى، ولا داعي للمثالية في الحوار.
اللعب مع الأطفال
دور الأم لا يكون بالنصح والإرشاد فقط ولكن قد يكون عن طريق اللعب أيضًا.
قد تستغل الأم اللعب مع الطفل في تعليمه كثير من السلوكيات إلى جانب الترفيه؛ وذلك لجعل الطفل أكثر تقبلًا لعديد من السلوكيات مثل: حب الغير، والتعاون، والإيثار، والعدل، والمشاركة، والصدق، والأمانة.
القصص والحكايات
تُعد رواية القصص للأطفال وسيلة أخرى من وسائل تأثير الأم على حياة أطفالها؛ ففي كل قصة عبرة تُصاغ للطفل صياغة ممتعة يمكنه أن يتقبلها، ويتفاعل معها، وتؤثر فيه. ومن ثَمّ تعزز سلوكًا طيبًا، وتعالج سلوكًا سيئًا.
التوافق بين الوالدين
من الضروري أن تكون العلاقة بين الوالدين خالية من الخلافات أمام أطفالهم، ويسودها الحب والاحترام.
كيف تتعامل الأم مع أخطاء طفلها؟
من الطبيعي أن يخطئ الطفل، ولكن على الأم أن تتعامل مع الخطأ بحكمة، وهناك بعض النصائح نهديها إليكِ عزيزتي الأم:
- التزمي الهدوء عند حدوث خطأ من الطفل والتعامل مع الخطأ يكون على قدره.
- احرصي على عدم عقاب الطفل أمام الآخرين؛ لتجنب إحراجه، وفقدان ثقته بنفسه.
- تنصح الأم بضبط النفس في أثناء عقوبة الطفل؛ حتى لا يصدر منها صراخ، وألفاظ غير لائقة، ويتأثر الطفل سلبًا بذلك الأسلوب؛ إذ إن الطفل يرى دائمًا الأم والأب قدوةً له.
- إذا اعتذر الطفل يُقبل اعتذاره مباشرةً مع آخذ وعد منه بعدم تكرار الخطأ مرة أخرى.
عزيزتي الأم احرصي دائمًا على أن تكون العقوبة تربيةً، وليست انتقامًا.
أمور ينصح تجنبها عند تربية الأطفال
هناك بعض الأخطاء التي قد تقع فيها الأم عند تربية أطفالها، التي قد تؤثر بالسلب عليهم مثل:
الدلال الزائد
يجب أن يعلم الطفل أن هناك قواعد وحدود لا يمكن تجاوزها، وأنه سيعاقب إن أخطأ لأن الدلال الزائد يُفسد الطفل، ويجعله يستبيح فعل ما يريد دون ضوابط.
كذلك الاعتدال في كل شيءٍ مطلوب، ويفضل عدم تلبية كل ما يريده الطفل وإن كان متاحًا.
المقارنة بين الطفل والآخرين
ابتعدي عزيزتي الأم عن المقارنات؛ فهناك فروق في القدرات، واختلاف في الصفات تميز كل طفل عن الآخر، كذلك المقارنة تولد الغيرة، والحقد، وتتسبب في فقدان الطفل لثقته بنفسه.
عدم التجسس على الطفل
تابعي طفلك في كل تصرفاته، لكن لا تشعريه أنك تراقبينه بل أعطيه إحساس أنك تثقي فيه، وأعطيه أيضًا مساحته التي يمكن أن يبدع فيها، وتظهر فيها شخصيته.
احترام الوالدين للطفل يولد لدى الطفل احترامًا لوالديه.
أبعاد دور الأم في تربية الأبناء
نتفق أن الأم هي بوصلة الطفل في كل أمور حياته، وأن تأثير الأم على حياة أطفالها يظهر في جميع المراحل العمرية لهم.
فهي المصدر الموثوق للمعلومة لدى الطفل، وما يتلقاه منها ينعكس على شخصيته وقناعاته. لذا نرى تأثير الأم على حياة أطفالها في عدة جوانب أهمها:
الجانب الثقافي
ما تهتم به الأم من أمور ثقافية مثل كتب معينة أو قراءات معينة تنقله إلى طفلها، ويساهم ذلك اسهامًا كبيرًا في توجهاته، وتكوّن شخصيته فيما بعد.
الجانب السياسي والاجتماعي
ما تتبناه الأم من مواقف سياسية، وقناعات تؤثر على الطفل، فيتعلم منها كيف يميز بين الحق والباطل؟ وكيف ينصر المظلوم؟ وكيف نصبح مجتمع سوي؟ ونصلح أنفسنا ونساعد غيرنا؟
كذلك طريقة تعامل الوالدين مع الأصدقاء، والجيران يتأثر بها الطفل فيتعلم كيف يتحدث مع الآخرين؟ وكيف يكوّن أصدقاء؟ وكيف يكرم ضيفه؟ وغيرها من المعاملات الاجتماعية.
الجانب الاقتصادي
حرص الأم على تعليم الأطفال قيمة الادخار، وعدم التبذير، وتقدير النعمة يجعل الطفل قادرًا على تحمل المسؤولية، والتخطيط السليم.
الجانب الصحي
طبيعة الطعام الذي تقدمه الأم للطفل يؤثر في صحة، وحياة الطفل؛ لذا تحرص كثير من الأمهات على إطعام أطفالها طعامًا صحيًا منذ الصغر، وتعودهم على ذلك، وتجنب تناول الوجبات السريعة، والمأكولات الضارة.
الجانب الأخلاقي
تعد مرحلة الطفولة أهم مرحلة لزرع جميل الصفات، والأخلاق الطيبة في الطفل، فاحرصي عزيزتي الأم على تعليم طفلك منذ الصغر احترام الآخرين، ومساعدتهم، والصدق، والأمانة، وغيرها من السلوكيات الحميدة بالقول والفعل.
الجانب الرياضي
الطفل الذي ينشأ في بيئة صحية محبة للرياضة يصبح أيضًا محبًا للرياضة وحريصًا عليها ويؤثر ذلك في تحسن صحته، وتفكيره؛ فالعقل السليم في الجسم السليم.
ختامًا نرى تأثير الأم على حياة أطفالها يشمل جميع الجوانب الحياتية في كل مراحلهم العمرية، لذا يقع على الأم مسؤولية كبيرة حيال تربية أبنائها دون غيرها. وتذكري عزيزتي أن طفلك أرض خصبة ما زرع بها يثمر ولو بعد حين، لذا يجب عليكِ الرعاية، والمتابعة مع كثير من الصبر.
اقرأ أيضًا
الطفل غير الاجتماعي | طفل خجول أم مشكلة حقيقية تحتاج تدخل.
تغذية الرضع | بناء في الصغر قوة في الكبر.