يعتقد البعض أن مريض الذئبة الحمامية الجهازية -أو الذئبة الحمراء- قد انتهت حياته، وما هي إلا مسألة وقت. إن اعتقادهم خاطئ، هذا ما أدركته خلال رحلة علاج والدتي.
اكتشاف المرض
بدأت القصة منذ بضع سنوات، عندما عانت والدتي الإجهاد الدائم، وارتفاعًا طفيفًا في درجة حرارتها. بدأت تشتكي ألم المفاصل، وظهور طفح جلدي على وجنتيها والأنف. أصبحت تتحسس من الضوء، بعد أن كانت تحب الشمس، وتقضي أوقاتًا طويلةً تحت أشعتها.
أصابتنا الأعراض بالحيرة والقلق، وتدخَّل القريب والغريب ليشخص حالتها التي تتشابه مع فلان أو فلانة. حسمنا أمرنا وقررنا استشارة الطبيب.
في العيادة، استمع المختص لشكوى أمي، وأجرى فحصًا جسديًا عليها، ثم طلب إجراء بعض الفحوص الأخرى وأن نوافيه بالنتائج.
أجرينا تحليلًا للبول وتعدادًا كاملًا للدم، واختبارًا للأجسام المضادة، في المعمل. انتقلنا بعدها إلى قسم الأشعة لنُجري فحصًا للصدر بالأشعة السينية، وفحصًا للقلب بالموجات الصوتية.
في زيارتنا التالية للطبيب كانت الصدمة. أخبرنا أن والدتي مصابة بمرض الذئبة الحمامية الجهازية أو الذئبة الحمراء!
ما المقصود بمرض الذئبة الحمامية الجهازية؟
سألته: وما هذا المرض؟
أجاب: إنه أحد أمراض المناعة، إذ يفقد الجسم قدرته على التعرف إلى أنسجته وأعضائه، ويهاجمها مسببًا الأعراض التي تعانيها والدتك.
“وهل سيؤثر ذلك على حياتها؟”
“في الحقيقة، يستأنف معظم المصابين بالمرض حياتهم الطبيعية إذا التزموا بالخطة العلاجية، ولم يُحمِّلوا أنفسهم أمورًا شاقة.
عليّ القول أيضًا أن الإهمال في رعاية مريض الذئبة يؤدي إلى مضاعفات خطرة، بل الوفاة في بعض الأحيان.”
شهقنا أنا وأمي وقد تملكنا القلق، وسألت الطبيب: ما هي مضاعفاته؟
فأجاب: أخبرتك قبل قليل أن جهاز المناعة يهاجم أعضاء الجسم، إذًا إصابة أي عضو واردة إذا لم نلتزم بالتعليمات.
قد يسبب المرض: التهاب الجدار المحيط بالقلب (التامور)، نوبات قلبية، سكتة دماغية، التهاب أنسجة الرئة، الفشل الكلوي، وغيرها من المضاعفات.
تدخلت أمي: سألتزم بكل ما توصي به، فقط أخبرني بخطة العلاج.
خطة علاج مريض الذئبة
ابتسم الطبيب وقال: لا داعي للقلق، فأنتِ في المراحل الأولى يا سيدتي، وخطة العلاج بسيطة، لكن عليكِ أن تعلمي أن القلق والتوتر من الأمور التي تؤثر سلبًا على صحتك.
أريدكِ أن تحاربي هذا المرض بالأمل والشجاعة، وستحيين حياةً مفعمةً بالصحة الجيدة.
أولًا: سأصف لك بعض المسكنات لنتغلب على الألم، ونخفف من التهاب المفاصل.
عليكِ المداومة عليها، فالمرض مزمن ويحتاج إلى علاج طويل الأمد.
ثانيًا: الأدوية المثبطة للمناعة، ولا أريدكِ أن تجزعي منها، فالمناعة هنا غير مفيدة، بل تضر جسمك.
سأصف لك بعض اللقاحات لوقايتك بعض الأمراض.
ثالثًا: ستداومين على بعض المكملات، لنتجنب هشاشة العظام المحتملة. كذلك دواء مضاد لتخثر الدم، حفاظًا عليك من خطر التعرض للجلطات.
تذكري أن المداومة على العلاج تُمتعك بالصحة الجيدة، وتقيكِ الإصابة بالمضاعفات، فلا تَملِّي طول المدة.
سألته: وماذا عن جدول المتابعة؟
أجاب: لا يوجد جدول. ما دامت الحالة مستقرة، فلا داعي لإرهاقها. فقط إذا لم تتحسن الأعراض، أو ظهرت أخرى جديدة، عندها لا بد لي من إجراء فحص للتأكد من حالتها.
شكرنا الطبيب وأنصرفنا.
التمسك بالأمل
مرت ثلاث سنوات على زيارة الطبيب ومنذ ذلك اليوم أمي ملتزمة بتعليماته وخطة العلاج، وها هي تتمتع بالصحة الجيدة. صحيح أنه مرض مزمن، ويحتاج مريض الذئبة إلى الكثير من العناية، لكن التمسك بالأمل، والرغبة في قهر ذلك المهاجم الشرس يقويانك لتتغلب عليه.
إن كان هناك أمرًا تعلمته من محنة أمي، فهو “كن قويًا، ولا تستسلم“.
لمزيد من المعلومات اقرأ
الذئبة الحمامية الجهازية | أسبابها و طرق علاجها
اقرأ أيضًا في القسم القصصي
مريض السرطان والانتصار في المعركة
مرض باركنسون | منحة من قلب المحنة!