هل تعلم أن جسمك ينتج 200 مليار خلية دم حمراء جديدة كل يوم؟ بالإضافة إلى خلايا الدم البيضاء، والصفائح الدموية! إن نخاع العظام هو ذلك المصنع المهول الدؤوب المسؤول عن إنتاج ذلك الكم الهائل من العناصر الأساسية للحياة.
لنتعرف معًا إلى هذا المصنع المدهش، ما هو، وكيف يعمل وما فائدته والأمراض التي قد تصيبه.
ما هو نخاع العظام؟
تتكون العظام من ثلاثة أنسجة رئيسية هي:
- العظم القشري (المضغوط) وهو الطبقة الخارجية للعظام.
- العظم الإسفنجي (الهش) وهو غالبا ما يوجد في أطراف العظام.
- نخاع العظام وهو النسيج الإسفنجي الغض الموجود داخل معظم عظام الجسم، وله نوعان: نخاع العظام الأحمر، ونخاع العظام الأصفر.
مكونات نخاع العظم
نخاع العظام الأحمر
يتكون من نسيج ليفي رقيق غني بالأوعية الدموية، يحتوي على الخلايا الجذعية المكوِّنة للدم (المسؤولة عن إنتاج مكونات الدم).
نخاع العظام الأصفر
يحتوي على الخلايا الجذعية الوسيطة (خلايا أنسجة النخاع) المسؤولة عن إنتاج الدهون والغضاريف والعظام نفسها.
ما هي الخلايا الجذعية؟
الخلايا الجذعية هي خلايا غير ناضجة يمكن أن تتحول إلى عدد من أنواع الخلايا المختلفة، فهي المسؤولة عن إنتاج خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية.
ما وظيفة الخلايا الجذعية؟
الدم، هذا السائل المتوازن يحتوي على أنواع متعددة من الخلايا ذات الوظائف الحيوية المهمة، التي لها عمر محدود (100-120 يومًا لخلايا الدم الحمراء) تستبدل تلك الخلايا باستمرار.
الخلايا الجذعية هي المسؤول الأول عن إنتاج تلك الخلايا الجديدة، لذلك فإن إنتاج الجسم للخلايا الجذعية السليمة المكوِّنة للدم أمر مهم جدًا.
تتكاثر الخلايا الجذعية المكونة للدم بسرعة لتكون الملايين من خلايا الدم كل يوم، وتتمايز إلى ثلاثة أنواع مهمة من خلايا الدم، لكل منها وظيفتها الخاصة كالتالي:
- خلايا الدم الحمراء: تحمل الأكسجين لكل أجزاء الجسم.
- خلايا الدم البيضاء: تساعد على مكافحة العدوى وتشمل الخلايا الليمفاوية (حجر الزاوية في الجهاز المناعي) والخلايا النخاعية التي تشمل الخلايا الحبيبية (العدلات، الخلايا الوحيدة، الحمضات، الخلايا القاعدية).
- الصفائح الدموية: تساعد على تجلط الدم بعد الإصابة ووقف النزيف، وهي شظايا من سيتوبلازم الخلايا العملاقة (خلايا نخاع عظم أخرى).
أنواع الخلايا الجذعية
تختلف أنواع الخلايا الجذعية المكوِّنة للدم في فاعليتها وقدرتها على التجدد، فتنقسم إلى وحيدة القدرة، وقليلة القدرة، ومتعددة القدرة وفقًا لعدد الخلايا المتنوعة التي يمكن أن تنتجها الخلية.
خصائص الخلايا المكوِّنة للدم متعددة القدرة
- التجدد: يمكنها إنتاج خلية أخرى مماثلة لها.
- التمايز: يمكنها إنتاج مجموعة فرعية واحدة أو أكثر من الخلايا الناضجة.
أمراض تصيب نخاع العظم
يؤدي أي خلل يلحق بنخاع العظم إلى مشاكل كبرى في الجسم كله.
أهم الأمراض التي تصيب نخاع العظم:
- اللوكيميا (سرطان الدم) وفيه ينتج نخاع العظام خلايا دم بيضاء غير طبيعية.
- فقر الدم اللاتنسجي (الأنيميا الحادة) وفيه لا ينتج نخاع العظام خلايا الدم الحمراء.
- متلازمة التكاثر النقوي وفيها ينتج نخاع العظام الكثير من خلايا الدم البيضاء.
- مرض جوشر.
- متلازمة خلل التنسج النقوي.
متلازمة خلل التنسُّج النقوي (Myelodysplastic syndrome)
هي مجموعة من الاضطرابات يسببها تكون خلايا دم غير سليمة تعمل بشكل خاطئ، نتيجة خلل ما في نخاع العظام، إما لسبب غير معروف، أو نتيجة التعرض للعلاج الكيميائي أو الإشعاع أو المعادن الثقيلة أو البنزين أو مؤثرات عنيفة أخرى.
أعراض متلازمة خلل التنسُّج النقوي
بمرور الوقت على الإصابة، قد يسبب المرض أعراضًا نتيجة نقص خلايا الدم السليمة ومنها:
- إعياء.
- ضيق في التنفس.
- فقر الدم نتيجة انخفاض عدد خلايا الدم الحمراء.
- التعرض للعدوى المتكررة نتيجة انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء.
- نزيف أو ظهور بقع حمراء صغيرة تحت الجلد نتيجة انخفاض عدد الصفائح الدموية.
التشخيص
يخضع المريض للفحص البدني ومشاهدة التاريخ الطبي وإجراء عدة اختبارات للتقييم، وقد تشمل الاختبارات:
تحاليل الدم
قد يطلب طبيبك إجراء عدة فحوصات على الدم، لتحديد عدد خلايا الدم من كل نوع وتقييم حالتها ومطابقتها للحجم والشكل الطبيعي.
بذل نخاع العظم للفحص
تؤخذ عينة من النخاع العظمي السائل باستخدام إبرة رفيعة، عادةً من آخر عظم الفخذ، وعينة صغيرة من العظم مع نخاعها و تُفحص معمليًّا للبحث عن أي تغيرات غير عادية بها.
علاج متلازمة خلل التنسُّج النقوي
يركز علاج متلازمة خلل التنسج النقوي عادةً على تقليل أو منع مضاعفات المرض وتقليل الأضرار التي تحدث من العلاجات ذاتها.
وفي بعض الحالات، قد يتطلب العلاج دواءً كيميائيًّا أو زراعة نخاع العظام.
أولًا نقل الدم
يمكن استخدام عمليات نقل الدم لتعويض خلايا الدم الحمراء أو خلايا الدم البيضاء أو الصفائح الدموية.
الأدوية
قد يشمل علاج متلازمات خلل التنسج النقوي:
- عوامل النمو، مثل: إيبوتن ألفا (epoetin alfa): تحفز إنتاج خلايا الدم الحمراء، فتقل الحاجة إلى نقل الدم، وهي مواد مُخلقة شبيهة تمامًا بالمواد الموجودة بشكل طبيعي في نخاع العظام.
- عقار فيلجراستيم (filgrastim): يحفز خلايا الدم البيضاء فتقل فرص العدوى المحتملة لدى الأشخاص الذين يعانون بعض متلازمات خلل التنسج النقوي.
- عقارات، مثل: أزاسيتيدين (azacitidine) وديسيتابين (decitabine): تحفز خلايا الدم لتنضج وقد تحسن من نوعية حياة الأشخاص الذين يعانون بعض متلازمات خلل التنسج النقوي وتقلل خطر الإصابة بابيضاض الدم النقوي الحاد.
زراعة نخاع العظام
تستخدم تقنية زراعة نخاع العظم والمعروفة أيضًا بزراعة الخلايا الجذعية، لعلاج عدد من أمراض فشل نخاع العظم، منها متلازمة خلل التنسُّج النقوي.
تُستخدم جرعات كبيرة من العلاج الكيميائي للتخلص من خلايا الدم المعيبة من نخاع العظم ثم تُستبدل الخلايا الجذعية غير الطبيعية لنخاع العظم بخلايا صحيحة من متبرع آخر.
زراعة نخاع العظم هو إجراء طبي كبير، ومن الإجراءات المطروحة لفئة قليلة من المرضى نظرًا لسُمّية العلاج الكيميائي وقد تُعرِّض المريض لأعراض قصيرة الأجل، مثل: انخفاض في ضغط الدم، أو صداع، أو ألم، أو ضيق في التنفس، أو حمى.
مضاعفات زرع نخاع العظام
تشمل المضاعفات:
- داء الطعم ضد المضيف (Graft versus host disease GVHD) وهي حالة تهاجم فيها الخلايا المزروعة الجديدة جسمَ المريض.
- فشل الزراعة، عندما تفشل الخلايا المزروعة في إنتاج خلايا جديدة كما هو منتظر، يصاب المريض بفقر الدم.
- نزيف في الرئتين والدماغ أو أجزاء أخرى من الجسم.
- تلف في بعض الأعضاء الحيوية.
- الالتهابات، خاصة التهاب الغشاء المخاطي، وهو حالة تسبب التهابًا وألمًا في الفم والحلق والمعدة.
تعتمد فرص الإصابة بهذه المضاعفات على عدة عوامل، منها: عمر المريض وصحته العامة والحالة المرضية التي يُعالج منها.
نسير كل يومٍ في دنيانا بشكل تلقائي دون أن نفكر، كيف تعمل أجهزة أجسامنا بدقة متناهية دون أن تغفل لثانيةٍ واحدةٍ، الأمر الذي يحتم علينا أن نتوقف ونلتفت ونعرف أكثر عن الجسم البشري وكيفية الحفاظ عليه.
اقرأ أيضًا
كسور العظام | عندما يتصدع البنيان
متلازمة خلل التنسج النقوي | التشخيص والعلاج