تمر كل أم برحلة طويلة من الأمل والألم، رحلة تملؤها المخاوف والتساؤلات والقلق بمجرد معرفتها بخبر حملها، من ضمن هذه المخاوف القلق من وجود تشوهات جنينية تؤثر على شكل وصحة الطفل في المستقبل.
لذا سنلقي الضوء على هذه المخاوف لتبيين ماهي طبيعة التشوهات الجنينية وماهي أسبابها وعلاج بعض الحالات منها لعل ذلك يزيل بعض القلق والشك الذي ينتاب الأم.
ما هي التشوهات الجنينية
تُعرف أيضًا باسم الاضطرابات الخلقية، ويمكن تعريفها على أنها تشوهات هيكلية أو وظيفية (مثل عملية التمثيل الغذائي) تحدث للجنين خلال تواجده في الرحم.
يمكن تحديدها قبل الولادة أو عند الولادة وفي بعض الأنواع يمكن تحديدها لاحقًا في مرحلة الطفولة مثل عيوب السمع.
أسباب التشوهات الجنينية
تحدث الاضطرابات الخلقية عادةً بسبب عوامل وراثية، أو بيئية، أو مزيج بينهما.
تشمل الأسباب الوراثية:
- عيوب في الكروموسومات
– ناتجة عن عدد قليل جدًا أو كثير جدًا من الكروموسومات.
– مشكلات في بنية الكروموسومات مثل متلازمة داون.
– وجود نسخة إضافية من الكروموسوم 21.
– تشوهات الكروموسومات الجنسية.
- عيوب فيي جين واحد داخل الكروموسوم ويسبب خلل.
- الوراثة السائدة، عندما ينقل أحد الوالدين (سواءً كان مصابًا بالمرض أو غير مصاب) الجين المَعيب، مثل متلازمة مارفين.
- الوراثة المتنحية، عندما ينقل كلا الوالدان (لا يعانيان المرض) جين المرض إلى الطفل، مثل التّليف الكيسي وتاي ساكس.
تشمل الأسباب البيئية مرض تعانيه الأم أو تعاطي الكحل أو نوع دواء معين تستخدمه الأم.
تنجم العيوب الخلقية المتعددة من أسباب وراثية إلى جانب بعض العوامل البيئية، معنى ذلك أن يرث الفرد جين ممرض وبوجود محفز بيئي معين يظهر المرض على الطفل مثل الشِّفَة الأرنبية.
هل تعرض الأم لعدوى في مدّة الحمل سبب لظهور تشوهات خلقية
تعد عدوى الأمهات مثل الزهري والحصبة الألمانية سببًا مهمًا للتشوهات الخلقية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
تعد الإصابة بفيروس زيكا في أثناء الحمل سبب لصغر حجم الرأس.
كما يسبب أيضًا فقدان الجنين أو ولادة جنين مَيِّت أو ولادة مبكرة.
هل تؤثر تغذية الأم على الجنين
الحالة الغذائية للأم تؤثر بشكل ملحوظ على تكوين الجنين.
يزيد نقص حمض الفوليك من خطر إنجاب طفل مصاب بعيب في الأنبوب العصبي.
يؤثر التناول المفرط لفيتامين أ على النمو الطبيعي للجنين.
أنواع التشوهات الجنينية
تندرج التشوهات الجنينية تحت نوعين رئيسين:
- تشوهات جنينية هيكلية:
تؤثر على أجزاء جسم الطفل النامي مثل القلب، الرئتين، الكلى، الأطراف أو ملامح الوجه.
تعد عيوب القلب وأصابع القدم المفقودة والشفة المشقوقة أمثل للعيوب الهيكلية.
- تشوهات جنينية وظيفية:
تؤثر على كيفية عمل جزء من الجسم أو أحد أنظمة الجسم، مثل الدماغ أو الجهاز العصبي أو الإدراك الحسي.
من أمثلة التشوهات الوظيفية العمى، النوبات، إعاقات النمو، ضمور العضلات، متلازمة داون.
تؤثر بعض التشوهات على كلٍ من بنية الطفل ووظيفته.
الكشف عن التشوهات الجنينية
يساعد الكشف المبكر وإجراء الفحوصات اللازمة على تجنب حدوث تلك التشوهات أو اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستقبال الطفل والتدخل لعلاجه، كما يهيء الأم نفسيًا لكل الاحتمالات.
يشمل الكشف والاختبارات ثلاث مراحل:
- فحص ما قبل الحمل:
يفيد الفحص في هذه المرحلة في الكشف عن أولئك المعرضين لخطر الإصابة باضطرابات معينة أو نقل الاضطرابات لأطفالهم.
يشمل ذلك أخذ التاريخ المرضي للأسرة وفحص الشخص الناقل.
- الفحص في الفترة المحيطة بالحمل:
في هذه الفترة قد تنشأ بعض العوامل الخارجية التي تحفز الجين الممرض أو تظهر بعض العادات الخاطئة من قبل الأم التي تزيد من خطر حدوث تشوهات للجنين.
يشمل ذلك عمر الأم الصغير أو المتقدم، استخدام الأم للكحول أو التبغ، أو بعض الأدوية.
يتم الفحص بواسطة فحص دَم الأم للبحث عن علامات المشيمة للمساعدة في التنبؤ بخطر حدوث تشوهات الكروموسومات، أو عيوب الأنبوب العصبي.
يمكن فحص الحمض النووي للجنين للكشف عن العديد من تشوهات الكروموسومات.
تُستخدم الموجات الفوق صوتية للكشف عن متلازمة داون والتشوهات الهيكلية الرئيسية والتشوهات الجنينية الشديدة خلال الثلث الثاني من الحمل.
- فحص حديثي الولادة:
يشمل الفحص السريري والكشف عن اضطرابات الدَّم والتمثيل الغذائي وإنتاج الهرمونات.
يساعد الكشف المبكر لعيوب القلب والصمم و العيوب الخلقية الأخرى على تسهيل العلاج وإنقاذ حياة الطفل ويمنع تطور الحالة إلى إعاقات جسدية أو ذهنية أو بصرية.
يُفحص الأطفال بشكل روتيني بحثًا عن تشوهات الغدة الدرقية أو الغدة الكظرية قبل الخروج من وحدة الأمومة.
علاج التشوهات الجنينية
في حالة إجراء الفحوصات اللازمة التي تبين احتمالية حدوث تشوهات في الجنين يوضح الطبيب للأم حالة الجنين ونوع التشوه المحتمل والتدخلات اللازمة لمساعدة الطفل.
لا تتطلب جميع التشوهات العلاج فبعض الحالات مثل عيوب القلب تشفى من تلقاء نفسها قبل الولادة.
تحتاج بعض الأنواع إلى عناية متخصصة في أثناء الولادة أو بعد الولادة بفترة وجيزة.
تحتاج بعض الحالات النادرة إلى وجود علاج والتدخل في فترة الحمل.
يمكن تصحيح العديد من التشوهات الهيكلية بواسطة جراحات الأطفال، كما يمكن علاج الأطفال المبكر في حالات المشاكل الوظيفية مثل الأطفال الذين يعانون الثلاسيميا (اضطرابات الدَّم المتنحية الموروثة)، واضطرابات الخلايا المنجلية، وقصور الغدة الدرقية الخلقي (انخفاض وظيفة الغدة).
جراحات الأجنة لعلاج التشوهات الجنينية
هي الجراحات التي تُجرى على الطفل أثناء نموه في الرحم (الجنين)، حيث تساهم في علاج العيب أو التشوه في أقرب وقت ممكن، وربما تمنع تفاقمه.
مخاطرها
يقوم الطبيب بتوضيح المخاطر المحتملة من التدخل الجراحي أثناء الحمل سواءً على الجنين أو الأم.
تشمل هذه المخاطر تمزق الرحم، موت الجنين، الولادة المبكرة، أو فشل التدخل في إصلاح التشوه أو العيب الخلقي.
أشهر جراحات الأجنة
تُجرى جراحات الأجنة في المستشفيات والمراكز المجهزة بالمعدات اللازمة مع وجود جراحين متخصصين وأطقم رعاية مخصصة.
تشمل تلك الجراحات:
- متلازمة الشريط السلوي
- الاحتجاز القصبي الرئوي للرئة
- التشوه شبه الغدي الكيسي الخلقي (CCAM) للرئة
- الفتق الحجابي الخلقي (CDH)
- متلازمة انسداد مجرى الهواء العلوي الخلقي (CHAOS)
- فقر الدم الجنيني
- انسداد المسالك البولية السفلية (LUTO)
- الورم المسخي المنصفي
- كتلة بالرقبة
- الورم المسخي العجزي العصعصي (SCT)
- السِنْسِنَة المشقوقة (القيلة النخاعية السحائية)
- متوالية فقر الدم – كثرة الكرات الحمراء لدى التوائم (TAPS)
- متوالية التوأم ذي التروية الشريانية العكسية (TRAP)
- متلازمة نقل الدم من توأم إلى توأم(TTTs)
طرق الوقاية من التشوهات الخلقية
تعتمد أساليب الوقاية على إزالة عوامل الخطر أو تعزيز عوامل الحمية، يشمل ذلك:
- اتباع نظام غذائي صحي يشمل على أنواع متنوعة من الفواكه والخضراوات مع متابعة الوزن.
- الحصول على كميات كافية من الفيتامينات والمعادن، ولا سيما حمض الفوليك.
- تجنب المواد الضارة مثل الكحول والتبغ.
- وتجنب السفر أثناء الحمل إلى أماكن تفشي عدوى معرف ارتباطها بالتشوهات الجنينية.
- تجنب التعرض للمواد الخطيرة مثل المبيدات الحشرية والمعادن الثقيلة أثناء فترة الحمل.
- السيطرة على مرض السكري وتنظيم السكر قبل وأثناء الحمل.
- تجنب التعرض للإشعاعات (مثل أشعة التصوير الطبي).
- إجراء فحص الالتهابات وخاصة الحصبة الألمانية والزهري والحماق ومراعاة العلاج.
أخيرًا احرصي -عزيزتي الأم- على استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء أو اتخاذ أي إجراء أو نشاطات، واحرصي على الفحص المبكر لإدراك أي مشكلات مستقبلية.
استمتعي -عزيزتي الأم- بفترة حملك وتجنبي التوتر والمخاوف الزائدة واحرصي على تثقيف نفسك والقراءة حول تساؤلاتك.
نتمنى لكض رحلة حمل مريحة وسعيدة ومولود معافى وسليم.
اقرأ أيضًا:
متلازمة الموت المفاجئ عند الرضع | أسبابها وكيفية تجنبها
الأطفال الخدج | لماذا دخل طفلي الحضّانة؟
الإسعافات الأولية لحالات اختناق الأطفال
مراجعة د.إسراء صبحي
مراجعة طبية/ د.سمر البدري