هل تتساءلين متى يبدأ نبض الجنين؟ ومتى يدق قلبه الصغير أول مرة؟ ومتى دبت فيه الحياة؟
تتسع حياتك فجأة لاستقبال فرد آخر في أسرتك، وبينما يخطط الأب لتوفير ظروف معيشة مادية جيدة للطفل، تفكرين أنتِ فيه.
ما إن تبدأ رحلة التسعة أشهر، حتى تتغير مفاهيم كثيرة في نظرك، ويتسع أفُقكـِ لاستيعاب هذا الكائن الصغير بتفاصيله الدقيقة.
لهذا تشغل رأس الأمهات كثير من التساؤلات خلال فترة الحمل، خاصةً إذا ما كان هذا الحمل هو الأول للأم.
ومن أهم التساؤلات في بداية فترة الحمل، هي كيف يتطور الجنين؟ وما الأعضاء الأساسية التي يكتمل نموها ويمكن رصدها ورصد حركتها؟ هل القلب أحدها؟
متى يمكن رصد نبض الجنين لأول مرة
يمكن أن نرى أولى علامات الحمل – فيما يعرف بالقطب الجنيني- خلال الخمس أو الست أسابيع الأولى.
يتطور قلب الجنين منذ بداية فترة الحمل، ويصل إلى مرحلة يمكن فيها سماع نبضاته خلال الفترة ما بين 6-8 أسابيع الأولى -في الشهر الثاني-.
يمكن رصد نبض الجنين، عن طريق فحص الموجات فوق الصوتية على المهبل في بدايات الأسبوع السادس.
يحدد أطباء النساء والولادة عادةً أول فحص بالموجات فوق الصوتية خلال الثمان أسابيع الأولى من الحمل.
بينما يلجأ البعض إلى تأخير عمل الفحص سواءً أكان على المهبل أو البطن، لحين وصول الحمل للأسبوع الحادي عشر أو الثاني عشر (الشهر الثالث).
ما أهمية الفحص في بدايات الحمل
يعجّل الطبيب بفحص الموجات فوق الصوتية عبر المهبل أو على البطن، خلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل، للأسباب التالية:
- إذا كانت الأم لديها حالة مرضية مزمنة تؤثر في صحتها.
- في حال كانت الأم قد أجهضت من قبل.
- إذا واجهت الأم مشكلات في الحمل مسبقًا، مثل صعوبة الحمل واللجوء إلى عمليات التلقيح الخارجية.
- إذا كانت الأم أنجبت طفلًا مصابًا بتشوهات جنينية من قبل.
- عند وجود تاريخ عائلي لتشوهات القلب لدى الأم أو الأب.
- للتأكد من عدم وجود حمل خارج الرحم – الحمل العنقودي- لدى الأم.
- لتقييم حالات الألم أو النزيف لدى الأم.
- للتأكد من عدم وجود أي مشكلات في الرحم.
- للبحث عن أجهزة منع الحمل وإزالتها.
كل هذه الأسباب تستدعي التأكد من صحة الأم والجنين في مرحلة مبكرة من الحمل، لتفادي أي مشكلات مستقبلية تترتب عليها.
مراحل تطور قلب الجنين
يتطور قلب جنينك على عدة مراحل مذهلة، منذ اليوم الأول للحمل وصولًا لاكتمال نمو القلب ونبض الجنين.
تنقسم مراحل نمو القلب إلى :
- في الأسبوع الخامس: يتكون قلب طفلك من أنبوبتين متصلتين من المنتصف، مكونتين جذعًا يتفرع منه أربعة أنابيب صغيرة.
كما يبدأ القلب في النبض بشكل رسمي، ويمكن حينها سماع نبض الجنين عبر الموجات فوق الصوتية.
- الأسبوع السادس: يتغير قلب الجنين تغيرات كبيرة، تتشكّل الأنبوب السفلى على شكل حرف S، مكونةً فسحـَة للبطينين.
- في الأسبوع السابع: يبدأ انقسام القلب للأذنين والبطينين، ويبدأ وضوح معالم غرفات القلب الأربعة.
- في الأسبوع الثامن: يبدأ تكوّن الصمامات الأساسية بين غرفات القلب
فيبدأ ظهور الصمام المترالي (ثنائي الشرفات)، بين الأذين الأيسر والبطين الأيسر، وكذلك الصمام ثلاثي الشرفات بين الأذين الأيمن والبطين الأيمن.
- الأسبوع التاسع والعاشر: يبدأ الشريان الأورطى في الظهور، كذلك يبدأ الشريان الرئوي في النمو، وبحلول الأسبوع العاشر يكتمل نمو القلب كليًا.
معدل نبض القلب وعلاقته بنوع الجنين
يتطور نبض الجنين على عدة مراحل، فمنذ بداية تطور القلب وحتى الأسبوع الثامن من الحمل يكون النبض 90-110 نبضة/ الدقيقة.
يزداد معدل نبض القلب بتطور الحمل، حتى إذا ما اكتمل القلب في الأسبوع العاشر، وصل النبض إلى 140-170 نبضة/ الدقيقة.
بعد تخطي الأسبوع العاشر من الحمل، وبالدخول في الشهر الرابع يعد معدل نبض الجنين الطبيعي هو 110-160 نبضة/الدقيقة.
يتأكد الطبيب من صحة ومعدل نبض الجنين عن طريق الفحص بالموجات فوق الصوتية على البطن.
كما يكشف أي خلل في هذه الأرقام عن أي مشكلة تهدد الحمل، مثل ارتفاع ضغط الحمل (تسمم الحمل)، أو عن أي مشكلة تتعلق بقلب الطفل.
يحدد الطبيب موعدًا لفحص تخطيط صدى القلب، في حالة الشك في وجود مشكلة في قلب الجنين.
يُستدل على وجود مشكلة إذا ما كان نبض الجنين بطيء للغاية، أو أسرع من الطبيعي، أو في حالة عدم انتظامه.
لكن عليكِ ألا تقلقي -عزيزتي الأم- فنبض الجنين متغير من مرحلة لأخرى في الحمل، كذلك من موعد فحص للآخر.
علاقة النبض بنوع الجنين
تنتشر عديد من الأقاويل حول علاقة نبض الجنين بالنوع ذكرِِ أو أنثى، ومن هذه المزاعم أنه إذا كان معدل النبض أعلى 140 فهي أنثى، وإن كان أقل من 140 فأنتِ على الأرجح تحملين مولودًا ذكرًا.
أجرى الباحثون دراسة لمعرفة مدى ارتباط معدل نبض الجنين بالنوع على 966 سيدة حامل، خلال الأربعة عشر أسابيع الأولى.
وتكرر فحص النبض لنفس السيدات مرةً أخرى بين الأسبوع 18- 24 من الحمل، إذ يمكن أيضًا معرفة جنس الجنين في هذه الفترة بفحص الموجات فوق الصوتية.
وُجد أن 477 امرأة فقط، من توافقت تنبؤات فحص النبض لديهن مع جنس الجنين، إذ كان عدد 244 امرأة يحملن أنثى، و233 يحملن ذكرًا.
وبفحص معدل نبض الأجنة تبين أن معدل 154.9 نبضة/ الدقيقة توافـَق مع الأجنة الذكور، بينما كان متوسط معدل نبض الإناث 151.7 نبضة/ الدقيقة، هذا بزيادة أو نقص 22.8 نبضة لكلا النوعين.
إذًا فالأسطورة تفند نفسها، ليس هناك ارتباط وثيق بين ارتفاع أو انخفاض معدل نبض الجنين ونوعه.
لكن تستطيع الموجات فوق الصوتية وحدها الكشف عن نوعه خلال الثلاث أشهر الثانية من الحمل (second trimester).
مشكلات القلب الممكنة عند الجنين
يولد حوالي 8 من كل 1000 طفل بمشكلات صحية في القلب، معظم هذه المشكلات تشوهات جنينية أثناء نمو القلب وتكونه.
بينما يكون البعض الآخر نتاج مشكلات صحية ،حدثت للأم في أثناء الحمل فأثرت على قلب الطفل.
يرتبط معظم التشوهات الجنينية في القلب بوجود عدوى فيروسية أو بكتيرية في جسم الأم، أو بتعاطي بعض الأدوية التي تؤثر في نمو القلب.
ومن هذه التشوهات الجنينية ما يلي :
- شذوذ إبشتاين (Ebestein anomaly) : فيه يكون الصمام ثلاثي الشرفات الذي يربط الأذين الأيمن، بالبطين الأيمن غير مكتمل النمو.
يؤثر هذا الشذوذ في ضخ الدم، فيتسبب في تسرب الدم مرة أخرى للبطين مما يضعف عضلة القلب.
- متلازمة القلب الأيسر ناقص التنسج ( Hypoplastic left heart syndrome) : فيها يكون الجزء الأيسر من القلب (البطين والأذين) غير مكتمل النمو.
يعاني أغلب الأطفال المصابين بهذه المتلازمة أيضًا وجود ثقب بالقلب، بين الأذين الأيمن والأيسر.
- رتق الرئة (Pulmonary atresia) : في هذه الحالة لا يتكون الصمام الرئوي الذي يقع في الشريان الرئوي كاملًا.
يؤدي هذا إلى ارتجاع الدم خلال الشريان الرئوي وعدم وصول دم كافٍ للرئتين لتنقيته.
- عيب الحاجز الأذيني (Atrial septal defect) : يعرف أيضًا باسم ثقب القلب، وفيه يتكون ثقب في الحاجز بين الأذينين.
يتسبب هذا الثقب في زيادة معدل الدم المتجه للرئتين عن طريق اختلاط الدم المؤكسج والدم غير المؤكسج، مما يسبب مشكلات بالأوعية الدموية في الرئتين.
- ﺷﺬﻭﺫ ﻋﻮﺩ الدم في ﺍﻷﻭﺭﺩﺓ ﺍﻟﺮﺋﻮﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ (Total Anomalous Pulmonary Venous Return) : هو أحد العيوب الخلقية، التي يختلط فيها مسار عودة الدم المؤكسج من الرئتين.
يعود الدم للأذين الأيمن بدلًا من عودته للأذين الأيسر، حيث يختلط مع الدم غير المؤكسج، ويسبب مشكلات كبيرة للطفل.
- تبديل الشرايين الكبرى (d-Transposition of the Great Arteries) : يعد أحد أكثر التشوهات القلبية شيوعًا بين الأطفال.
يتبدل في هذه الحالة موضع الشريان الأورطى والشريان الرئوي، مما يتسبب في خلل في مسار الدم من وإلى القلب.
تعد هذه الحالة من الحالات الطارئة التي تستدعي تدخلًا جراحيًا سريعًا.
أعراض تشوهات القلب الجنينية
تتشابه أعراض معظم الحالات السابقة، إذ تؤثر مباشرةً على القلب وتسبب ضغطًا عليه وخللًا في نبض الجنين قبل الولادة وبعدها.
ومن هذه الأعراض ما يلي :
- اضطراب نظم القلب: هو اضطراب في نبض الجنين، إما بالزيادة أو النقص أو كليهما معًا.
- الزرقة: نتيجة نقص الأكسجين المترتب بشكل مباشر على هذه الحالات.
- الإرهاق.
- ضيق التنفس.
- انسداد شهية الطفل للرضاعة بعد الولادة.
كيف أتجنب حدوث تشوهات القلب لجنيني
لتجنب حدوث مضاعفات الحمل والتشوهات الجنينية لقلب الطفل، السابق ذكرها والتي تؤثر في نبض الجنين، يجب اتباع التعليمات التالية:
- احرصي على الحصول على 400 مجم يوميًا من حمض الفوليك، عن طريق الغذاء أو في صورة أقراص تحت إشراف الطبيب.
- تجنبي الاختلاط بالمرضى في أثناء الحمل، لتجنب التقاط أي عدوى.
- تجنبي التعرض إلى مواد التنظيف واستنشاقها مثل التي تحتوى على غاز الكلور وغاز ثاني أكسيد الكبريت.
- احرصي على استشارة الطبيب، أو الصيدلي قبل أخذ أي دواء.
نصائح للحفاظ على نبض الجنين في أثناء الحمل
لكي تحافظي على صحة جنينك وصحة قلبك، نقدم لكـِ بعض النصائح الهامة التي قد تساعدك:
- احرصي على تناول الطعام الصحي، خاصةً ذلك الذي يحتوي على حمض الفوليك الطبيعي مثل:
الخضراوات الخضراء، والبقوليات، والأفوكادو، والمكسرات.
- تناولي الأطعمة المحتوية على الحمض الأميني (الجليسين)، مثل السمسم، والسبانخ، وبذور اليقطين.
- احرصي على المتابعة الدورية للحمل مع الطبيب.
- إن كنت مصابة بمرض السكري، احرصي على أن يكون معدل السكر في جسمك مضبوطًا ومتحكمًا فيه.
- احرصي على الحصول على التغذية السليمة من بروتين ومعادن، عن طريق أكل البيض ومنتجات الألبان الصحية ،وكذلك التنويع بين الفواكه والخضراوات.
- احرصي على الحصول على كمية كافية من الكالسيوم عن طريق الطعام.
يعد الكالسيوم مهم جدًا للحفاظ على كهربية القلب وآلية عمله السليمة، تحتاجين 700 إلى 1000 مجم منه يوميًا.
- يحتاج جسمك إلى المعادن والألياف الهامة الموجودة في الشوفان، وتقدر الحصة المطلوب تناولها منه بحوالي 1.4 مجم منه يوميًا.
- احرصي على الحصول على فيتامين ب2 (الثيامين) من مصادر مثل: العدس، والبقوليات، والبيض، والسمك، واللحوم الحمراء، وكذلك الطماطم والبرتقال.
- تناولي الأطعمة المحتوية على عنصر النحاس؛ فهو أيضًا مهم لصحة قلب طفلك.
يمكنك تناول حبوب القمح الكاملة (غير منزوعة القشرة)، وتناول الشوكولاتة منزوعة السكر فهي مصدر غني بالنحاس.
وفي الختام عزيزتي، إن تجربة الحمل ممتعة ولكي تكتمل بسلام لكـِ ولجنينك، عليكـِ أن تولي أكبر الرعاية لنفسك ولصحة غذائك.
وحافظي على ممارسة التمارين الرياضية المخصصة للقلب (الكارديو) للحفاظ على صحة قلبك وصحة قلب جنينك.
اقرأ أيضًا
–حساسية الألبان عند الرضع | أعراضها وعلاجها
مراحل نمو الجنين أثناء الحمل | كم أنتظرك يا صغيري!
ذكاء الأطفال | كيف تربي طفلًا استثنائي الذكاء؟