أطباء مبدعونطب عامطبي

أبو بكر الرازي | الموسوعة الخالدة

أ. زينب دريش

أبو بكر الرازي، شيخ الأطباء المسلمين. هذه الشخصية الفريدة  أضافتْ الكثير في زمن كان الناس فيه بحاجة إلى معرفة أصول التّداوي. بالإضافة إلى براعته في علوم شتى اشتهر بالطب، فأصبح لا يشقّ له غبار فيه. فمن هو، وما تأثيره في علم الطب، وما هي مؤلفاته، وإنجازاته؟ كل هذا وأكثر نسلط عليه الضوء في الأسطر القادمة -عزيزي القارئ- فتابعني.

حياة الرازي ونشأته

 هو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي، ولد في مدينة الرّي بإيران سنة 854م. الطبيب الفيلسوف، الكيميائي العربي. برع في علوم عديدة؛ لذلك كان إمام عصره في جميع المعارف لا سيما الطبية منها. ومن الأساليب التي اعتمدها في بحوثه، الأسلوب العلمي القائم على التجربة والملاحظة والاستقراء.

إنجازات الرازي عظيمة في مجال الطب، فهو من الرّواد الأوائل فيه. تقلّد العديد من المناصب، كان كبير الأطباء في مستشفى الرّي وشغل مثله في بغداد لبعض الوقت. 

تأثير أبو بكر الرازي في الطب

مارس الرازي الطب القائم على الأدلة في وقت مبكر من تاريخه، ساهم في مجموعة من المجالات الطبية، مثل: علم الأدوية، علم الأطفال، وإليه يرجع الفضل في اكتشاف الإيثانول وكان رائدًا في استخدامه في الطب.

أفكاره

قدّم الرازي أفكارًا عديدة في العلاج الطبي والنفسي، وحذّر الناس من التوجّه إلى العرّافين، ولفت أنظار الأطباء إلى محاولة تعلّم كل جديد، والأهم من ذلك تطبيقه.

بصمات الرازي

من بصماته الطبية رعايته لمرضى الأمراض العقلية في مستشفى بغداد، وتقديم العلاج لهم مع النظام الغذائي. تطرّق للحديث عن مرض الاكتئاب وأوصى الأطباء بمحاولة إقناع مرضاهم أنّ بإمكانهم التحسن، شَرْط عدم فَقْدهم للأمل أبدًا. ومما سبق نستدلّ على اهتمام الرازي بالعلاجات النفسية وتفسيراتها الفسيولوجية. 

شواهد على ذكائه وفطنته

 الشاهد الأول:

اختار المكان الذي سيُبنى عليه مستشفى بغداد، حيث وضع قطعًا من اللحم في أماكن متفرقة لينظر أيّها يتعفّن أولًا، ثم اختار أن يكون مكان المستشفى في موقع آخر القطع تعفّنًا؛ علّل ذلك بأنّه المكان الأنسب لذوي المناعة الضعيفة؛ لنقاء هوائه. 

الشاهد الثاني:

عندما بنى عضد الدولة البيمارستان العضدي، أراد أن يكون فيه مجموعة من كبار الأطباء، فطلب من المقربين أن يأتوا له بهم، فجيء له بمئة فاختار منهم خمسين كان الرازي منهم، ثم اختار منهم عشرة فكان منهم، ثم اختار منهم ثلاثة فكان أحدهم، بعد ذلك فضّل الرازي وجعله رئيس البيمارستان العضدي.

إنجازات أبو بكر الرازي

إنجازاته الطبية والعلمية عظيمة، منها:

  • شرح كيفية الإبصار في العين.
  • اكتشاف بعض العمليات الكيميائية.
  • اختراع أداة لقياس الوزن النوعي للسوائل.
  • تأسيس علم الإسعافات الأولية.

مؤلفات أبو بكر الرازي

تزيد مؤلفاته على 200 كتابٍ ورسالة، وله مساهمات جوهرية في مجالات الطب والموسيقى والفلسفة. أهم كتبه وأوسعها شهرة كتاب الحاوي؛ سمي بذلك لاحتوائه على ملاحظات متعلقة بالأمراض ووسائل العلاج والأدوية.

  •  مَنْ لا يحضره الطبيب

كتاب الفقراء والمساكين الذين لا يجدون من يلجأون إليه لعلاج الأمراض الشائعة، وكان الغرض منه إيضاح الأمراض. 

  • بُرْء ساعة

وهي مقالة ألفها لأمراض يعتقد بإمكان علاجها في غضون ساعة. منها: الصداع، آلام الأسنان، آلام الأذن، الحكة وغيرهم.

  •  الطب الروحاني

قيل عنه: طب النفوس، يتكون من عشرين فصلًا، بيّن فيه أنّ غايته من هذا الكتاب إصلاح أخلاق النفس.

  •  الجدري والحصبة

يتكون من أربعة عشر بابًا. فرّق فيه بين الجدري والحصبة، ودوّن ملاحظاته المهمة.

  • المرشد

تضمن المبادئ الطبية الأساسية، فهو كالدليل الذي يقود الطبيب لبُغيته.

  • الأسرار في الكيمياء 

كان مرجعًا أساسيًّا في الكيمياء في مدارس الشرق والغرب مدة طويلة.

  •  البرهان

مقالتان، الأولى سبعة عشر فصلًا، والثانية اثنا عشر فصلًا.

كتاب الحاوي في علم التداوي

وهو أعظم كتب الرازي على الإطلاق، جمع فيه الطب اليوناني والروماني، وكذلك فيه ما تفرق في ذكر الأمراض ومُداواتها من كتب المتقدمين، ونسب كل قول لقائله، تُرجم إلى لغات أوربية.

أجمع مَنْ أتى بعد الرازي على أن الحاوي لم يُبيّضه مؤلفه، إنما هذا العمل العظيم كان على يد تلاميذه بعد وفاته. وهو -أي الحاوي- مجموعة محاضرات تطبيقية ألقاها على طلابه ومساعديه.

من أقوال أبو بكر الرازي

  1. الحقيقة في الطب غاية لا تدرك.
  2. الأمراض الحارة أقتل من الباردة؛ لسرعة حركة النار.
  3. من لم يُعنَ بالأمور الطبيعية، والعلوم الفلسفية، والقوانين المنطقية، فاتّهِمْه في علمه، لا سيما في صناعة الطب.
  4. ينبغي للطبيب أن لا يدع مساءلة المريض عن كل ما يمكن أن تتولّد عنه علّته من داخل ومن خارج، ثم يقضي بالأقوى.
  5. متى كان اقتصار الطبيب على التجارب دون القياس وقراءة الكتب، خُذل.

وفاته

 ضَعُف بصره في آخر حياته، وحاول أحد الأطباء معالجته، فسأله الرازي عن تركيب العين، فلم يعرف الجواب. قال الرازي: لا أريد استخدام مرهم لا يعرف صانعه علم التشريح. توفي رحمه الله سنة 923م في مدينة الريّ.

ختامًا

الرازي موسوعة خالدة، ليس فقط بما أضافه في عصره، بل لأن هذه الإضافة استفاد منها الشرق والغرب على حدّ سواء، وتناقلتها الأجيال جيلًا بعد جيل، وبقيتْ مصنفاته المرجع الأهمّ لكل مَنْ أراد الإبحار في علم الطب. 

أقرأ أيضًا

أحمد زويل الهرم الرابع | عندما تخلدك أعمالك!

العراب | سر انتشار كتابات أحمد خالد توفيق! 

العالم ابن سينا (Avicenna) | الشيخ الرئيس.

بواسطة
الحاوي في الطب. تأليف: أبي بكر محمد بن زكريا الرازي. مراجعة وتصحيح: د. محمد محمد إسماعيل. دار الكتب العلمية، بيروت / لبنان.سنة الطبع: 2000م.
المصدر
britannicanlm

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى