الصحة النفسيةطب عامطبي

التحرش الجنسي بالأطفال (البيدوفيليا) | ونصائح لحماية أطفالنا

التحرش الجنسي بالأطفال، عندما تُغتصب براءتي وطفولتي..

وتُنتزع من بين أحضاني لُعبتي، عندما اختبأ خلف الستائر من خوفي..

عندما يتبدل اللون الوردي إلى الأسود في عالمي، أسفي على البيت الذي ناديته من فرط وحشة الملاجئ “منزلي”.

فها أنا اليوم وبعد أكثر من 25 عامًا، أُحاول التعافي ومُعالجة مخاوفي، فكيف يكون مصدر أمني سببًا في أشد مخاوفي؟!

التحرش الجنسي بالأطفال، جريمة أخلاقية تشمئز منها النفوس السوية، ومع انتشار هذا الانحراف الجنسي كان لزامًا علينا التحدث عن تلك الأفعال المشينة وتوعية المجتمع بخطورتها.

فما هو التحرش الجنسي بالأطفال؟ وما أسبابه؟ ومدى خطورته؟ هذا وأكثر ما سنجيب عنه تفصيلًا في هذا المقال، فهيا بنا.

التحرش الجنسي بالأطفال (Pedophilia)

البيدوفيليا، اضطراب نفسي جنسي (أحد أنواع الانحرافات الجنسية)، وهو توجه جنسي للأطفال دون سن البلوغ (12 عامًا أو أقل).

يعتمد المتحرش على التخيلات الجنسية للحصول على الإثارة وإشباع رغباته الجنسية، أو الانخراط بسلوك جنسي مع الأطفال على مدى 6 أشهر على الأقل.

  • قد ينجذب المتحرش إلي الأطفال الذكور فقط أو الإناث فقط أو كليهما، بالإضافة إلى ارتفاع معدل انتشار هذا الاضطراب بين الذكور عن الإناث.
  • يعد نسبة انتشار التحرش الجنسي بين الأقارب وداخل العائلة أعلى بكثير من الغرباء، وليس كما يعتقد الكثيرون، فكيف يكون مصدر الأمان للطفل هو مصدر الخوف والأذى النفسي له؟!

أسباب التحرش الجنسي بالأطفال

ما زالت الأسباب الكامنة وراء التحرش الجنسي بالأطفال غير واضحة، لكن تشير بعض الدراسات الحديثة إلى عدة أسباب، أهمها:

  • من الناحية النفسية
  • تشير نماذج التعلم السلوكي أن الطفل الذي تعرض لاعتداء جنسي في أثناء طفولته أو اعتاد مراقبة مِثل هذه السلوكات الشاذة، يتأثر نفسيًا وتتولد لديه الرغبة في تطبيقها.
  • التعرض لاضطراب ما بعد الصدمة الذي بدوره يؤدّي إلى الإصابة بعديد من الاضطرابات النفسية ومنها التحرش الجنسي بالأطفال.
  • حدوث بعض السلوكات الجنسية الشاذة داخل العائلة، لكن لم يثبت بعد إذا كانت هذه السلوكات تنتقل وراثيًا أم تُكتسب.
  • من الناحية الاجتماعية
  • تعرضهم للرفض الاجتماعي والجنسي بصورته الطبيعية، يجعلهم يسعون من أجل حصولهم على رغباتهم بطرق أقل قبولًا.
  • من الناحية العصبية الفسيولوجية
  • أثبتت بعض الدراسات أن التغير في التركيب الوظيفي للدماغ الناتج عن بعض مشكلات في النمو العصبي في أثناء الحمل أو في مرحلة مبكرة من الطفولة، أحد أسباب هذه الاضطرابات.
  • احتمالية وجود عِلاقة بين الهرمونات وهذه السلوكات الجنسية الشاذة، خاصةً الهرمونات الجنسية الذكرية التي يؤدي التغيّر فيها لمثل هذه الدوافع الجنسية الشاذة.

أيضًا تشير بعض الدراسات أن الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب يكونون أقل ذكاءً من الأشخاص الطبيعيين.

أثر التحرش الجنسي على الطفل

قد يلجأ الشخص المتحرش لاستخدام القوة لإجبار الطفل الضحية على الانصياع لرغباته وإشراكه جنسيًا معه، يهدده بإيذائه أو إيذاء حيوانه الأليف إذا أخبر أحد على سبيل المثال.

لذا فالتحرش الجنسي بالأطفال، له آثار سلبية للغاية على نفسية الطفل وتسبب له اضطرابات نفسية عدّة، ومنها:

  1. الاكتئاب.
  2. فقدان الثقة في نفسه ومن حوله.
  3. العزلة الاجتماعية.
  4. الميول الانتحارية.
  5. اضطراب ما بعد الصدمة.

وقد يلجأ الطفل الضحية إلى تعاطي المخدرات والإدمان أو الهروب، لذا يجب علينا توفير البيئة الآمنة لهؤلاء الأطفال ومعالجتهم نفسيًا ليكبروا بصحة نفسية جيدة.

تشخيص الاعتداء الجنسي على الأطفال

يمكن تشخيص البيدوفيليا بناءً على عدة معايير، أهمها:

  • يبلغ عمر الشخص المتحرش 16 عامًا أو أكثر ويكبر الطفل المتحرش به بخمس سنوات كحد أدنى.
  • التوجه الجنسي للأطفال دون سن البلوغ (13 عامًا أو أقل) على مدى 6 أشهر على الأقل، وذلك عن طريق التخيلات الجنسية أو التحرش اللفظي أو الممارسات الفعلية باللمسات غير الآمنة.
  • تؤثر هذه التخيلات الجنسية على الشخص فيصبح غير قادر على التعامل الجيد وأداء المهام المطلوبة منه سواء في العمل أو في الأسرة أو مع أصدقائه.
  • بالإضافة إلى معرفة إذا كان الشخص المتحرش ينجذب جنسيًا للأطفال فقط أم للأطفال والبالغين؟ وهل تقتصر تلك الدوافع والرغبات الجنسية المتكررة على دائرة أقاربه أم ينجذب للأطفال الغرباء أيضًا؟!
  • يمكن قياس هذه الرغبات الجنسية للشخص المتحرش عن طريق قياس التغير النسبي لاستجابة الشخص للمحفزات الجنسية ومتابعتها.

العلاج النفسي للتحرش الجنسي بالأطفال

مع أنّ العلاج قد يساعد الأشخاص المتحرشين على التصدي لرغباتهم ومقاومتها، إلا أنهم يتجنبون الذَّهاب إلى الطبيب النفسي وطلب العلاج، خوفًا من الفضيحة وأيضًا من خطر العواقب القانونية.

مع ذلك إذا سعى الشخص المتحرش لطلب العلاج أو أُحيل إلى الطب النفسي بقرار من المحكمة، فيتضمن علاج التحرش الجنسي بالأطفال نوعان من العلاج، وهم:

  1. العلاج النفسي

أثبتت الأبحاث أن العلاج المعرفي السلوكي أحد أهم الطرق الأكثر فاعلية لعلاج الاعتداء الجنسي على الأطفال الذي يتضمن:

  • إعادة هيكلة التشوهات المعرفية

ذلك عن طريق تصحيح أفكار المتحرش عن الأطفال الضحايا الذين يرغب بهم، وتصحيح تلك الأفكار المشوهة.

  • بناء التعاطف مع الضحايا

استمالة عواطف المتحرش وتوضيح حجم الضرر والأذى النفسي والجسدي للضحية من جرّاءِ أفعاله، وذلك من خلال عرض بعض مقاطع الفيديو التي توضح كم يعاني الضحية.

  • اتباع نظام التكييف الإيجابي

التدريب الحازم على المهارات الاجتماعية والسلوكات الجنسية السليمة وإعادة التهيئة لتعديل سلوكاته لمنع الانتكاس مرة أخرى.

  1. العلاج العضوي

يمكن استخدام بعض الأدوية جنبًا إلى جنب مع العلاج النفسي لعلاج التحرش الجنسي بالأطفال، ومن أهم الأدوية المستخدمة:

  • ميدروكسي بروجيسترون أسيتات (بروفيرا)، وأسيتات ليوبروليد (ليبرون)، ومضادات الأندروجين لتقليل الدوافع الجنسية لدى المريض.
  • استخدام مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية مثل (سيرترالين) لعلاج التحرش الجنسي، وقد لوحظ حدوث أعراض جانبية أقل من مضادات الأندروجين، بالإضافة لمعالجة الاكتئاب والحد من السلوك القهري.
  • استخدام مضادات الاكتئاب مثل (فلوكستين)، وُجد أنها تقلل الدوافع الجنسية، لكنها لا تستهدف التخيلات الجنسية بشكل فعال.

يجب على المريض بمثل هذه الاضطرابات أن يكون مدرك لوجود مشكلة فعلية ومستعد للمشاركة في العلاج للحصول على أفضل نتائج علاجية.

كيف أحمي طفلي من التحرش؟

نقدم لك -عزيزي القارئ- بعض النصائح لحماية الطفل من التحرش الجنسي، أهمها:

  • التربية الجنسية لدى الأطفال، تُعد من أهم النصائح والحلول لمجابهة التحرش الجنسي، تثقيف الطفل جنسيًا وتعليمه أسس التربية الجنسية الصحيحة في مرحلة الطفولة يجعله قادرًا على التصدي للتحرش.
  • عمل حملات لتوعية الأطفال ضد التحرش، وللأم دور عظيم في توعية أطفالها باللمسات الآمنة والغير آمنة وأن أجسامهم مِلك لهم وحدهم ولا يحق لأي أحد أن يمسها.
  • إقامة دورات توعوية للآباء والأمهات لتثقيفهم ومعرفة كيفية حماية أطفالهم من التعرض للتحرش الجنسي.
  • ضبط المفاهيم الجنسية لدى الأطفال من خلال الرد على استفساراتهم عن الجنس وأعضائهم التناسلية بصورة علمية صحيحة.
  • توفير بيئة آمنة للطفل وخلق مساحة أمان وحب واحتواء بينه وبين والديه، ليحكي لهم أسراره دون قلق أو خوف.
  • مراقبة الأطفال في أثناء خلوتهم، وعدم ترك الأطفال وقتًا طويلًا على هواتفهم الخلوية ومراقبة ما يشاهدونه.
  • الفصل بين الأخوة في الفراش في أثناء النوم خاصةً عند بلوغ 10 سنوات.
  • تدريب الأطفال على بعض الفنون القتالية وطرق الدفاع عن النفس لحماية أنفسهم والتصدي للمتحرشين.

والآن السؤال الذي يتطرق لأذهاننا جميعًا، إذا كان التثقيف الجنسي للأطفال وتعليمهم أسس التربية الجنسية السليمة عاملًا رئيسًا في التصدي لتلك الأفعال المشينة ومنعها، فما الذي يتطلبه الأمر لكسر تلك المفاهيم المشوهة وتوعية أطفالنا؟!

يجب عليك -عزيزي القارئ- حماية أطفالك من هذه الاعتداءات وتثقيفهم جنسيًا على أسس دينية صحيحة لمجابهة التحرش الجنسي بالأطفال.

المصدر
psychologytodaybritannicawebmd

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى