طب بيطري وأمراض مشتركةطبي

دعوة لوقف استخدام سم الاستركنين في تسميم الكلاب

“هذا الطعام به سم قاتل”، كانت تلك بعض العبارات التي رددها أحد منقذي الكلاب الضالة في إحدى عمليات التسميم التي تطلقها بعض الجهات مستخدمةً سم الاستركنين في تسميم الكلاب.

عزيزي القارئ، سنتعرف في هذا المقال إلى أحد السموم المُحرمة دوليًا، والمستخدمة في عديد من الدول في حملات وحشية لتسميم الحيوانات الأليفة، مثل الكلاب والقطط، ألا وهو سم الاستركنين.

سم الاستركنين (Strychnine poison)

يُعد الاستركنين مسحوقًا قلويًا إندوليًا وبلوريًا، ومرير الطعم، وأبيض اللون، وعديم الرائحة.

يحدث التسمم بالاستركنين بعد تناول السم بالفم أو استنشاقه أو خلطه في محلول وإعطائه من خلال الحقن الوريدي.

يمكن الحصول على هذا السم من البذور الناضجة المجففة لنبات جوز القيء (Strychnos nux vomica)، التي تُعد شجرة صغيرة في جزر الهند الشرقية.

الاستركنين سم قوي، بل إنه إحدى السموم المُحرمة دوليًا المُجرم استخدامه للإنسان أو الحيوان أو النبات.
يُعد الاستركنين شديد السمية لدرجة أنك قد تحتاج إلى كمية صغيرة فقط لإحداث تأثيرات شديدة على الكائنات الحية.
كذلك يمكن أن يُسبب التسمم بالاستركنين آثارًا صحيةً ضارةً وخطيرة للغاية، بما في ذلك الوفاة.

استخدامات سم الاستركنين

يشيع استخدام الاستركنين في أغراض التسميم المختلفة، منها:

  • إبادة الآفات.
  • استهداف الفئران وقتلها بسرعة.
  • تسميم الحيوانات الأخرى، بما فيها الكلاب والقطط.

كان الاستركنين متاحًا في صورة حبوب تُستخدم لعلاج عديد من الأمراض التي تصيب الإنسان، مثل:

  • مطهر، ومنشط للمعدة.
  • منبه للدورة الدموية، والجهاز العصبي المركزي.
  • دواء للتخفيف من الإمساك.

عُثر كذلك على الاستركنين ممزوجًا بمخدرات الشوارع، مثل: ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك (LSD) والهيروين والكوكايين.

آلية عمل سم الاستركنين في الكلاب

يُعد الاستركنين مثبطًا تنافسيًا لمستقبلات الجلايسين بعد المشبكي (Postsynaptic glycine receptors) في الحبل الشوكي.
يؤدي تثبيط الجلايسين -الناقل العصبي الأساسي المُثبط- إلى تحفيز غير متحكم فيه للخلايا العصبية بعد المشبكي، مما يؤدي إلى تقلصات عضلية لا إرادية.
تعاني الكلاب عادةً تقلصات عضلية شديدة تظهر كما لو كانوا يعانون نوبات مستيقظة (Awake seizures) أو نوبات دون فترة تالية.
تنتج تلك النوبات نظرًا لأن الاستركنين لا يؤثر في مراكز الخلايا العصبية الحركية العليا.
ستستقر الحالة العقلية للكلب المسموم في وقت متأخر، لكن قد تؤدي عواقب تقلصات العضلات غير المضبوطة إلى الآتي:

  1. ارتفاع درجة الحرارة.
  2. زيادة درجة الحامضية (PH).
  3. مزيد من الاضطرابات الفسيولوجية.

أسباب التسمم السريع بالاستركنين

يبدأ تسمم الاستركنين في الكلاب بوصول أنواع سم الاستركنين المختلفة للكلب، مثل ابتلاع أو استنشاق مسحوق الاستركنين أو الكريات التي تحتوي عليه، ويحدث التسمم كالآتي:

  • يُمتص السم بسرعة عبر جميع الأغشية المخاطية، خاصةً المعدة والأمعاء الدقيقة.
  • تُثبِط جرعة الاستركنين أعصاب نخاع المخ والنخاع الشوكي.
  • تتوقف الإشارات العصبية لعضلات الكلب عن العمل.
  • تليها تشنجات عضلية شديدة ومؤلمة، مُسببة توقف وظيفة العضلات، وحدوث الاختناق.

أعراض سم الاستركنين على الكلاب

يحدث التسمم بسرعة شديدة، وتظهر العلامات في غضون 10 دقائق إلى ساعتين بعد ابتلاع الكلب السم من خلال الفم، وقد تكون أسرع إذا وصل السم عبر الحقن الوريدي، وقد تشمل العلامات المبكرة من التسمم القلق والعصبية والتوتر نتيجة الاستثارة والوعي المتزايد، ويتبع ذلك القيء وتقلصات العضلات.
قد تظهر نوبات كزاز شديدة عفوية (Severe tetanus attacks) أو قد تبدأ من خلال منبهات خارجية، مثل اللمس والصوت، أو ضوء ساطع مفاجئ، وتستمر التشنجات من 30 ثانية إلى دقيقتين، وتأخذ هيئة الوضعية المقوسة (Opisthotonus posturing)، التي تظهر في صورة:

  1. تقوس الظهر.
  2. تمدد الأطراف.
  3. الفك المشدود (Jaw clenched).

قد يظهر على الكلاب ريسوس ساردونيكوس (Risus sardonicus): تقلصات عضلية في الوجه مما يؤدي إلى ظهور ابتسامة ساخرة ثابتة وقاسية.

يمكن أن يؤدي الانكماش العضلي غير المنضبط إلى الآتي:

  • تسارع نبضات القلب.
  • ارتفاع درجة الحرارة.
  • اختلال مجرى الهواء نتيجة تصلب الفك والرقبة.
  • فرط بوتاسيوم الدم.
  • ارتفاع حامضية الدم.
  • الفشل الكلوي.
  • فشل التنفس نتيجة تشنج عضلات الجهاز التنفسي.

يمكن أن يُسبب التسمم بالاستركنين الوفاة في غضون عدة ساعات، وقد رصد بعض منقذي الحيوانات الأليفة معاناة بعض الكلاب انفجار المخ قبل وفاتها، وتنطبق أعراض التسمم في الكلاب على الإنسان أيضًا، وقد رُصدَت مؤخرًا حالات تسمم لأطفال نتيجة تناول سم الاستركنين.

تشخيص التسمم بالاستركنين في الكلاب

إذا كنت تشك في تسمم كلب بالاستركنين، فاطلب العناية الطبية على الفور،
سيجري الطبيب البيطري التشخيص الأولي من خلال النظر في العلامات السريرية للكلب والاعتماد على المعلومات الخاصة بك، ويعتمد عادةً التشخيص المبدئي للتسمم بالاستركنين على تاريخ التعرض والعلامات السريرية،
سيحتاج الطبيب الاختصاصي إلى علاج الكلب من الأعراض الفورية في أثناء اختبار دمه وبوله وإجراء ملف الكيمياء الحيوية،
سيضطر الطبيب البيطري أيضًا إلى إزالة محتويات المعدة وسيجري فحوصات على الكبد والكليتين.

علاج سم الاستركنين على الكلاب

نظرًا لسرعة انتشار سم الاستركنين في جسم الكلب المسموم، يجب أن يُسرع الطبيب البيطري في إجراءات العلاج، وقد يستمر العلاج مدة تصل إلى ثلاثة أيام في الحالات الشديدة، وفي الحالات التي يستطيع فيها الكلب البقاء على قيد الحياة.

يهدف علاج التسمم إلى الآتي:

  1. إزالة السم في الحيوانات التي لا تظهر عليها أعراض.
  2. السيطرة على النوبات ومنع الاختناق في الحيوانات التي تظهر عليها الأعراض.
  3. الرعاية الداعمة.

إزالة السم 

يزيل الطبيب أو منقذ الحالات محتويات المعدة من خلال إحداث القيء أو غسل المعدة، وتوجد بعض الإسعافات الأولية الواجب اتباعها لإنقاذ الكلب المسموم، كالآتي:

في حالة عدم وجود الرعاية الطبية

يمكنك إتباع الإجراءات الآتية لإحداث التقيؤ من خلال إحدى الوسائل الآتية:

  • أفرغ محتويات بيض ني في فم الكلب المستلقي على جنبه مع اللبن.
  • تأكد أن الكلب بدأ في القئ لمنع السم من الامتصاص من خلال المعدة وانتشاره في أجزاء الجسم.
  • أذب بعض أقراص الفحم النشط في كوب من الماء، وساعد الكلب على ابتلاعها لمنع امتصاص السم المتبقي في معدته.
  • أسرع في طلب الرعاية الطبية البيطرية فورًا.

يمكنك استخدام بعض الأدوية في إسعاف الكلب المسموم، مثل:

بيروكسيد الهيدروجين 3% (Hydrogen peroxide)

يُستخدم 2.2 مللي جرامًا / كيلوجرام من خلال الفم، بحد أقصى 45 مللي في الكلاب، ويُكرر مرة واحدة بعد 10 إلى 15 دقيقة إذا لم يحدث القيء.

الأبومورفين (Apomorphine)

يُستخدم في الكلاب (0.03 مللي جرامًا / كيلوجرام) من خلال الحقن الوريدي أو (0.04 مللي جرام / كيلو جرام) من خلال الحقن العضلي.
يمكنك إذابة حبة مسحوقة من الأبومورفين في محلول ملحي (Normal saline)، وغرسها في ملتحمة العين، وشطفها بالماء بعد حدوث التقيؤ.

في حالة وجود الطبيب البيطري

سيجري الطبيب البيطري غسل معدة الكلب من خلال إدخال أنبوب في الفم إلى المريء ثم نزولًا إلى الجهاز الهضمي،
يستخدم الأنبوب لطرد محتويات المعدة باستخدام الماء المعقم، ويستخدم الفحم المنشط لامتصاص أي سموم متبقية بعد غسل المعدة.
لا يجب حث التقيؤ في الحيوانات مفرطة التخدير أو المتشنجة، لتجنب اختناقها.

السيطرة على التشنجات

إذا كان الكلب يعاني نوبات صرع، فسيحتاج إلى إعطائه دواء لتخديره قبل إجراء غسل المعدة، فيمكن السيطرة على النوبات بإعطاء عقار بنتوباربيتال (Pentobarbital) عبر الحقن الوريدي.
وقد يختار الطبيب البيطري إعطاء مرخيات للعضلات، مثل ميثوكاربامول (Methocarbamol)، ويكررها حسب الضرورة للسيطرة على تقلصات العضلات الشديدة.

وقف الاختناق

سيحتاج الكلب إلى التنبيب بالتنفس الاصطناعي في الحالات الشديدة التي قد يحدث فيها الاختناق، وكذلك إذا عانى الكلب رد فعل شديد، فسوف يعطيه الطبيب البيطري سوائل من خلال الحقن الوريدي للحفاظ على عمل الكلى وإجبارها على إخراج البول.

علاج ارتفاع الحرارة

إذا عانى الكلب ارتفاع درجة حرارته، فسيحاول الطبيب تبريده بالمراوح أو إعطائه حمام بارد لاستقرار درجة حرارة جسمه.
يجب إيقاف جميع إجراءات التبريد عندما تصل درجة حرارة المستقيم إلى 38.9 درجة مئوية، لمنع ارتداد انخفاض حرارة الجسم، ثم ضع الحيوانات المصابة في غرفة هادئة ومظلمة حتى تتعافى، وقد تتطلب معظم الحيوانات علاجًا من يوم إلى ثلاثة أيام.

التعافي من سم الاستركنين في الكلاب

يعتمد التعافي من التسمم بالاستركنين فقط على مقدار الوقت الذي يستغرقه الكلب المسموم للحصول على العلاج الذي يحتاجه، وشدة التسمم.
إذا استطاع الطبيب البيطري بدء العلاج بسرعة، فسيصبح التعافي من التسمم جيدًا، ستحتاج إلى اتباع نصيحة الطبيب البيطري للرعاية المنزلية، وسيقدم لك تعليمات محددة حول الإجراءات التي تحتاج إلى اتخاذها للتأكد من تعافي الكلب جيدًا.

سوف ينبهك أيضًا إلى أي أعراض يجب مراقبتها، وقد يحتاج الكلب إلى متابعة دورية لوظائف الكلى وجهازه العصبي المركزي.

استخدام سم الاستركنين جريمة لا تغتفر

تُعد عمليات تسميم الكلاب بسم الاستركنين -إحدى السموم الأكثر وحشية والمُحرمة دوليًا- جريمة لا تُغتفر، فيجب علينا -نحن البشر- البحث عن بدائل التسميم، مثل إخصاء كلاب الشوارع وتطعيمها ضد السُعار، التي تُعد إحدى الخطوات ضمن استراتيجية “مصر خالية من السُعار سنة 2030″، وللعلم يُكلف سعر سم الاستركنين الدولة مبالغ باهظة، التي لا تكلفها عمليات الإخصاء وتطعيم السُعار.

ختامًا، إن الرحمة أسمى صفات الإنسانية، فلا يجب أن يتجرد منها إنسان، فقد أوصانا الله على مخلوقاته، ومن بينها الكلاب، ولذلك لا يجب عليك -عزيزي القارئ- المشاركة أو الحث على الوحشية ضد الحيوانات.
يجب علينا -نحن البشر- الحث على مبادئ الرفق بالحيوان، وعدم المشاركة في تعذيب حيوان أو تسميمه بأبشع أنواع السموم ” سم الاستركنين”، بل السعي مع منظمات حقوق الحيوان لإيجاد بدائل لتلك الأساليب الوحشية.

اقرأ أيضًا…

الحيوانات الأليفة | أنواعها وتكلفة تربيتها

الحيوانات الأليفة | فوائد ومخاطر تربيتها

الطيور | ما لا تعرفه عن هذا العالم المدهش!

تدقيق لغوي د. نعمات مسعد 
مراجع طبي د. أروى سمير

المصدر
emergency.cdc.petmd.comdvm360wagwalkingncbi.nlmnih.gov

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى