الجلدية والتجميلطبي

القوباء | تعرف إلى أسبابها وأعراضها وكيفية علاجها

القوباء مرض قديم؛ إذ يعود الاسم إلى إنجلترا في القرن الرابع عشر، ويأتي من الكلمة اللاتينية “impetere”، التي تعني “الهجوم”.

هل تعلم -عزيزي القارئ- بوجود ما يُقَدَّر بنحو 162 مليون طفلًا في جميع أنحاء العالم يعانون تلك العدوى؟

القوباء أكثر شيوعًا في البلدان النامية والمناطق الفقيرة في البلدان الصناعية، وتنتشر في أستراليا ونيوزيلندا وعدة دول أخرى.

سنتعرف في هذا المقال إلى مرض القوباء، وأنواعها، وأعراضها، وكيفية علاجها.

ما هو مرض القوباء؟

هو عدوى جرثومية حادة وشديدة العدوى تصيب الطبقات السطحية للبشرة، وتُصيب غالبًا الوجه والذراعين والساقين.

تنتشر العدوى بين الأطفال، خاصةً أولئك الذين يعيشون في المناخات الحارة والرطبة.

تبدأ العدوى في جروح الجلد الطفيفة أو لدغات الحشرات أو الطفح الجلدي، مثل الأكزيما، ولكن يمكن أن يحدث أيضًا على بشرة صحية.

تُسمى القوباء الأولية (Primary impetigo) عندما يصيب الجلد السليم، والقوباء الثانوي (Secondary impetigo) عندما يُصيب الجلد المُصاب.

أنواع القوباء

تحدث العدوى في صورتين، كالآتي:

القوباء غير الفقاعية (Nonbullous impetigo)

النوع الأكثر شيوعًا، ويشكل حوالي 70 ٪ من حالات العدوى، ويصيب عادةً جلد الوجه أو الأطراف.

القوباء الفقاعية (Bullous impetigo)

النوع الأقل شيوعًا؛ إذ يمثل حوالي 30% من الحالات.

أسباب مرض القوباء

عدوى تسببها سلالات من بكتيريا المكورات العنقودية (Staphylococcus aureus) أو البكتيريا العقدية (Streptococcus pyogenes).

يمكن أن تدخل هذه البكتيريا إلى الجسم عبر جرح الجلد أو خدشه أو لدغة حشرة أو طفح جلدي.

مَن الفئات الأكثر عرضة للإصابة؟

هناك بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالعدوى من غيرهم، ويعتمد ذلك على عدة عوامل نذكر منها التالي: 

العمر

تنتشر العدوى عند الأطفال من سن 2 إلى 5 سنوات.

المناخ

تنتشر العدوى في المناطق ذات الصيف الحار والرطب، والشتاء المعتدل (المناطق شبه الاستوائية) أو المواسم الرطبة والجافة (المناطق الاستوائية).

الالتهابات أو الإصابات التي تجرح الجلد

يُعد مصابو الجرب أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، فالالتهاب يجعل الجلد ضعيف والحكة تجرح الجلد فيسهل دخول البكتيريا للجسم.

الاتصال الوثيق أو الازدحام

يُعد الاتصال الوثيق مع شخص آخر مصاب بالعدوى عاملًا خطرًا لنشر الإصابة.

تميل الأمراض المعدية إلى الانتشار حيثما تتجمع مجموعات كبيرة من الناس معًا.

كذلك يمكن أن تؤدي الظروف المزدحمة، مثل تلك الموجودة في المدارس ومراكز الرعاية النهارية إلى زيادة انتشار العدوى.

مصابي نقص المناعة

قد تنتشر العدوى المُصاحبة بالمضاعفات في مرضى المناعة المنخفضة، مثل:

  • مرضى السكري.
  • مرضى الإيدز.
  • من يتلقون أدوية مُثبطة للمناعة.
  • المرضى ممن خضعوا لعمليات زراعة الأعضاء.

أعراض القوباء

تُعد التقرحات الحمراء على الجلد العلامات الأولى للقوباء، التي تتجمع غالبًا حول الأنف والشفتين.

تنمو هذه القروح بسرعة إلى بثور، وتنضح وتنفجر ثم تتكون قشرة صفراء، وقد تُكوِن البقع الحمراء قشرة صفراء دون رؤية أي بثور.

يمكن أن تكون القروح حاكة ومؤلمة في بعض الأحيان، ثم تتكون -بعد مرحلة القشرة- علامات حمراء تتلاشى دون ترك ندبات.

يعاني الأطفال في بعض الأحيان نوعًا أقل شيوعًا من العدوى، يُصاحبه ظهور بثور أكبر حول منطقة الحفاض أو في طيات الجلد.

سرعان ما تنفجر هذه البثور المليئة بالسائل؛ تاركةً حافة متقشرة تسمى الترقوة (Collarette).

هل القوباء معدية؟

تُعد القروح المفتوحة شديدة العدوى، ويمكن أن يؤدي خدش القروح إلى انتشار العدوى من مكان على الجلد إلى مكان آخر أو إلى شخص آخر.

يمكن أن تنتقل العدوى أيضًا بأي شيء يلمسه الشخص المصاب.

المضاعفات

لحسن الحظ، ليست العدوى مرضًا خطيرًا، لكن قد تُصاحبها بعض المضاعفات، مثل:

عدوى الأنسجة الرخوة (Soft tissue infection)

يمكن أن تصبح البكتيريا المسببة للقوباء غازية أي تتوغل داخل الجسم، مما يؤدي إلى التهاب النسيج الخلوي والتهاب الأوعية اللمفاوية.

قد يؤدي تجرثم الدم اللاحق إلى التهاب العظم والنقي، والتهاب المفاصل أو الالتهاب الرئوي.

متلازمة الجلد المسموط العنقودية (Staphylococcal scalded skin syndrome)

يحدث عند الرضع ممن تقل أعمارهم عن ست سنوات أو البالغين المصابين بقصور كلوي.

 في هذه الحالة ينتشر سم البكتيريا في الجسم ويتسبب تقشر الطبقة الخارجية للجلد بكامل الجسم.

متلازمة الصدمة السامة (Toxic shock syndrome)

تُعد هذه المتلازمة نادرة ونادرًا ما يسبقها القوباء، يسبب حمى ثم طفح جلدي متقشر، وانخفاض ضغط الدم وإصابة باقي أعضاء الجسم بالفشل الوظيفي.

التهاب كبيبات الكلى الناتج عن المكورات العقدية (Post-streptococcal glomerulonephritis)

قد تؤدي عدوى المكورات العقدية من المجموعة أ إلى هذا الالتهاب بعد 3 إلى 6 أسابيع من إصابة الجلد.

الحمى الروماتيزمية (Rheumatic fever)

تُصاحب نادرًا العدوى الجلدية بالمكورات العقدية من المجموعة أ بحالات الحمى الروماتيزمية وأمراض القلب الروماتيزمية.

يُعتقد أن هذا يحدث بسبب انتقال سلالات المكورات العقدية من المجموعة A الموجودة عادةً على الجلد إلى الحلق.

كيفية تشخيص مرض القوباء

يُشخص الأطباء عادةً العدوى بالفحص الاكلينيكي للمريض بفحص الجلد المُصاب.

لكن يمكن تأكيد الإصابة بالمسحات البكتيرية المرسلة للفحص المجهري (لوحظ وجود مكورات موجبة الجرام)، ومزرعة البكتيريا، واختبار الحساسية.

قد يكشف تعداد الدم عن كثرة الكريات البيضاء (العدلات) عند انتشار العدوى، ونادرًا ما تكون خزعة الجلد ضرورية لتشخيص الإصابة.

الفرق بين القوباء وعدوى الجلد الأخرى

إليك -عزيزي القارئ- الفرق بين عدوى القوباء الجلدية والعدوى الجلدية الأخرى.

قرحة الزكام (Cold sore)

تشبه القوباء؛ إذ إنها بثور تظهر حول الفم أو الأنف أو الأصابع.

تحدث قروح البرد بسبب فيروس الهربس البسيط (HSV) وهو نوعين: الأول المسبب للقرح الباردة، والثاني المسبب لمرض الهربس التناسلي.

يمكن علاج القرحة الباردة بالكريمات والأقراص المضادة للفيروسات، بعكس القوباء التي لا تستجيب لهذه الأدوية، وتستجيب للمضادات الحيوية.

القوباء الحلقية أو السعفة (Ringworm)

عدوى فطرية تصيب الجلد، ويرجع الاسم نظرًا لأن العدوى تشبه الحلقة الحمراء المرتفعة على عكس القوباء، ولا تسبب السعفة قشورًا صفراء.

يمكن الإصابة بالسعفة بالاتصال المباشر أو مشاركة الأدوات الشخصية مع المصابين.

قد تظهر السعفة على فروة الرأس أو الجسم أو الجلد حول الفخذ (تُسمى حكة اللعب) أو القدمين (تُسمى القدم الرياضي).

تستجيب السعفة لمضاد الفطريات، بخلاف القوباء التي تستجيب للمضادات الحيوية.

الحمرة (Erysipelas)

عدوى بكتيرية تصيب الطبقات العليا من الجلد، وتنتج عن الإصابة بنفس البكتيريا المسببة لالتهاب الحلق، وهي تتشابه مع البكتيريا المسببة للقوباء بأنها تتسلل إلى الجلد من خلال جرح مفتوح أو شرخ.

تُسبب الحمرة بثورًا على الوجه والساقين، وتشمل أعراضها الحمى (أكثر من 39 درجة) والقشعريرة.

يصف عادةً الأطباء المضادات الحيوية بالفم لعلاج العدوى، وقد تحتاج الحالات الأكثر شدة إلى العلاج بالمضادات الحيوية الوريدية في المستشفى.

الأكزيما (Eczema)

الأكزيما ليست عدوى، لكنها رد فعل تحسسي للجهاز المناعي لبعض المواد، مثل المنظفات أو المعدن أو اللاتكس، وقد تكون مرتبطة بالحساسية أو الربو.

تشمل أعراض الإكزيما احمرار الجلد وجفافه المُصاحب للحكة الشديدة.

يوجد نوع يسمى “إكزيما خلل التعرق” الذي يُسبب ظهور بثور صغيرة، ومؤلمة، ومملوءة بالسوائل على اليدين أو القدمين.

علاج مرض القوباء

تُعد المضادات الحيوية العلاج الرئيسي للقوباء، لكن قد تساعد العلاجات المنزلية على سرعة الشفاء.

لا يختلف كثيرًا علاج القوباء في الشعر عن علاجها في الجلد، ويمكنك استخدام مرهم مضاد حيوي متاح دون وصفة طبية، مثل فيوسيكورت، كالآتي:

  • ضع المرهم ثلاث مرات يوميًا بعد تنظيف المنطقة المُصابة.
  • غطِ المنطقة المصابة بضمادة أو شاش.

علاج منزلي لمرض القوباء

يعتمد العلاج المنزلي على تنظيف الجرح يوميًا، واستخدام المضادات الحيوية الموضعية، بالإضافة إلى استخدام الأعشاب الآتية:

الصبار (Aloe vera)

يُعد مكونًا شائعًا لترطيب البشرة، ويمكن أن تنطبق فوائد الصبار على الالتهابات الجلدية، مثل القوباء.

أثبتت دراسة أجريت عام 2015 فاعلية مستخلص الصبار في كريم إلى جانب زيت النيم ضد المكورات العنقودية الذهبية مثل مضاد للميكروبات.

قد يُعالج الصبار أيضًا جفاف الجلد والحكة المُصاحبة للقوباء.

البابونج (Matricaria chamomilla / Chamaemelum nobile)

يمكن العثور على البابونج في عديد من منتجات البشرة، ويستخدم لترطيب البشرة وتقليل الالتهابات.

أظهرت دراسة أجريت عام 2014 فاعلية البابونج في محاربة الالتهابات الجلدية للحيوانات.

ومع ذلك، لا يوجد حاليًا أي دليل علمي يُثبت أن البابونج يساعد على علاج التهابات الجلد لدى البشر.

الثوم (Allium sativum)

يستخدم الثوم لعلاج الالتهابات البكتيرية والفيروسية والفطرية، لذا قد تثبط مستخلصات الثوم سلالات البكتيريا التي تسبب العدوى.

أظهرت دراسة أجريت عام 2011 فاعلية الثوم في المختبر ضد المكورات العنقودية، لكن تجنب استخدام الثوم على بشرة الأطفال الصغار، لأنه قد يسبب تهيج الجلد.

الزنجبيل (Zingiber officinale)

أثبتت الدراسات خصائص الزنجبيل المضادة للميكروبات، ووجدت دراسة أجريت عام 2012 أن بعض مكونات الزنجبيل تعمل ضد المكورات العنقودية.

تجنب استخدام الزنجبيل على بشرة الأطفال الصغار، لأنه قد يسبب تهيج الجلد.

الجريب فروت أو الحمضيات (Grapefruits)

قد تساعد بذور الجريب فروت على العلاج، وقد أظهرت دراسة أجريت عام 2011 فاعلية الليمون علاج منزلي للقوباء؛ نظرًا لنشاطه المضاد للمكورات العنقودية.

الأوكالبتوس (Eucalyptus)

يُعد الكافورعلاجًا عشبيًا يتوفر في صورة زيت عطري، وقد أظهرت دراسة أجريت عام 2014 على الفئران خصائصه المضادة للمكورات العنقودية.

وجدت دراسة معملية أجريت عام 2016 نشاط الكافور البيولوجي المثبطة للبكيتريا العقدية.

تجنب استخدام زيت الأوكالبتوس على بشرة الأطفال الصغار جدًا، لأنه قد يسبب التهاب الجلد أو تهيجه.

النيم (Neem)

النيم شجرة هندية، يُستخدم في حالات الجلد المتعلقة بالحشرات، مثل القمل أو البراغيث، ويبدو أيضًا أنه فعال ضد البكتيريا المُسببة للقوباء.

أظهرت دراسة أجريت عام 2011 نشاط النيم المضاد للبكتيريا (Staphylococcus)، وأظهرت دراسة أخرى أجريت عام 2013 نتائج مماثلة ضد سلالتين من البكتيريا المسببة للقوباء.

العسل (Honey)

أشارت دراسة أجريت عام 2016 إلى نشاط العسل المضاد للميكروبات، لذلك يُمكن استخدامه في علاج الأمراض الجلدية.

أظهرت دراسة معملية أخرى عام 2012 أن العسل يكافح بكتيريا المكورات العنقودية (Staphylococcus) والعقدية (Streptococcus) جيدًا.

الكركم

يشتهر الكركم بأنه أحد التوابل العشبية الآسيوية، التي تمتلك تاريخًا كعلاج مضاد للالتهابات.

كذلك يتميز الكركم بخصائصه المضادة للميكروبات، خاصةً البكتيريا التي تسبب القوباء.

أثبتت دراسة أجريت عام 2016 أن الكركم يمكنه محاربة المكورات العنقودية والعقدية أفضل من باقي الأعشاب.

يجب على المصابين -خاصةً الأطفال- الالتزام بتعليمات النظافة الشخصية والحفاظ على نظافة الجروح حتى تمام الشفاء.

الوقاية خير من العلاج

يمكن الوقاية من العدوى أو مُضاعفاتها باتباع الوسائل الآتية:

  •  غسل اليدين كثيرًا لتقليل بكتيريا الجلد.
  • تغطية أي جروح جلدية أو لدغات حشرات لحماية المنطقة.
  • الحفاظ على الأظافر مقصوصةً ونظيفةً.
  • عدم لمس أو خدش القروح المفتوحة، لمنع نشر العدوى.
  • اغسل كل ما يلامس الجرح بالماء الساخن ومبيض الغسيل.
  • تغيير بياضات الأَسِّرَة والمناشف والملابس التي تلامس القروح.
  • تنظيف وتطهير الأسطح والمعدات والألعاب التي قد تكون لامست القروح.
  • عدم مشاركة أي أغراضٍ شخصيةٍ مع أشخاص آخرين.

ختامًا، تنتشر عدوى القوباء بين الأطفال كثيرًا، لكن لحسن الحظ أنها تستجيب للمضادات الحيوية الموضعية، ولا تحدث في أغلب الأحيان مضاعفات، لكن عليك -عزيزي القارئ- الالتزام بأساليب الوقاية لمنع انتشار العدوى.

اقرأ أيضًا…

علاج حساسية الماء | الأسباب وطرق الوقاية

وصفات فعالة لعلاج الحروق | درجات الحروق الجلدية

التهاب الحفاضات عند الرضع (Diaper rash)

مراجع عام د.هند السيد
مراجع طبي د.سمر البدري

المصدر
aafp.orghealthlinemedlineplusimpetigocdc.govdermnetnz

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى