طب بيطري وأمراض مشتركةطبي

كيفية الوقاية من أمراض اللحوم الحمراء التي تصيب الإنسان | الجزء الأول

أمراض اللحوم الحمراء، يشتهي جميعنا تناول اللحوم، خاصةً في عيد الأضحى الذي يسميه البعض “عيد اللحمة”.

لكن هل تخيلت -عزيزي القارئ- وجود أمراض طفيلية أو بكتيرية أو فيروسية قد تُصيب الإنسان جراء تناول اللحوم!

سنتعرف في هذا المقال إلى أشهر أمراض اللحوم الحمراء، وتأثيرها في صحة الإنسان، وكيفية الوقاية منها.

اللحوم الحمراء (Red meat)

يصنف المتخصصون اللحوم الحمراء بأنها لحوم عضلية تأتي من لحم البقر أو الخنزير أو الضأن أو الماعز أو غيرها من الثدييات البرية.

هل اللحوم الحمراء مغذية؟

تُعد اللحوم الحمراء مصدرًا جيدًا لبعض العناصر الغذائية، خاصةً الحديد والزنك والفوسفور وفيتامين ب 12.

لذا، قد يحتاج الأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا نباتيًا إلى تناول مكمل ب 12 للوقاية من فقر الدم الناجم عن نقصه. 

يحتاج كذلك جسم الإنسان إلى العناصر الغذائية السابقة لإنتاج خلايا الدم الحمراء.

تُعد اللحوم الحمراء أيضًا مصدرًا غنيًا بالبروتين الضروري لبناء العضلات والعظام وأنسجة الجسم المختلفة.

أمراض اللحوم الحمراء المختلفة

عزيزي القارئ، دعني أطرح عليك بعض التساؤلات المتعلقة بأمراض اللحوم الحمراء.

  • هل سمعت عن بعض الطفيليات المعدية نتيجة تناول اللحوم الحمراء، مثل الديدان الكبدية أو الشريطية أو غيرها؟
  • متى سمعت عن مرض السُل الخطير؟
  • هل انتابك الذعر في إحدى المرات عند شراء اللحوم أو الكبد، ووجدت بعض الحويصلات الصغيرة؟

سنجيبك عن كل التساؤلات السابقة وأكثر عن الأمراض المنتقلة بتناول اللحوم الحمراء، لكن سنقسمها إلى الأمراض الطفيلية، والفيروسية، والبكتيرية.

أمراض اللحوم الحمراء الطفيلية

تُعد العدوى الطفيلية أحد أشهر الأمراض المنتقلة من تناول اللحوم الحمراء، خاصةً غير المطهية جيدًا، ومن أمثلة الطفيليات التي تنتقل باللحوم الحمراء الآتي:

داء الشريطيات (Taeniasis)

يُعد داء الشريطيات أحد أشهر الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، وتوجد أنواع عديدة من الديدان الشريطية التي يمكن أن تجد طريقها إلى جسمك، مثل:

  • الدودة الشريطية العزلاء (Taenia saginata)، التي تنتقل بتناول لحوم البقر (Beef).
  • الدودة الشريطية الوحيدة (Taenia solium)، التي تنتقل بتناول لحوم الخنازير (Pork).

نذكر في مقالنا الدودة الشريطية العزلاء في شيءٍ من التفصيل. 

الشريطية العزلاء (Taenia saginata)

تنتشر العدوى في أماكن تناول لحم البقر النيئ الملوث، خاصةً أوروبا الشرقية وروسيا وشرق إفريقيا وأمريكا اللاتينية.

قد توجد الأطوار اليرقية للشريطية العزلاء على هيئة أكياس صغيرة تُسمى الكيسة المذنبة (Cysticercus bovis).

قد يعاني المصاب الأعراض الآتية:

  • فقدان الوزن.
  • آلام البطن.
  • فقدان الشهية للطعام أو زيادتها.
  • اضطراب المعدة.
  •  مرور القطعة الحاملة (Gravid segment) عبر فتحة الشرج وفي البراز؛ العلامة الأكثر وضوحًا للإصابة.

الكيسة العدارية (Hydatid cyst)

ينتج مرض العداري في البشر عند الإصابة بالأطوار اليرقية من الدودة الشريطية للكلاب، التي تُعرف باسم المشوكة الحبيبية (Echinococcus granulosus).

يُعد العداري أحد أهم الأمراض الطفيلية المشتركة بين الإنسان والحيوان، وتحدث العدوى بتناول بيض الطفيل الموجودة في براز الكلاب المصابة، والملتصق بالخضراوات.

أعراضها في الإنسان

يُصيب مرض الكيسة العدارية عادةً الكبد بنسبة (50-70%).

يقل تأثيره في الرئة والطحال والكلى والعظام والدماغ، ويمكن أن ينتشر المرض في أعضاء الجسم الأخرى.

يُسبب الحساسية المفرطة بعد تمزق الكيس في الصفاق (Perotinum) أو القناة الصفراوية.

قد تُسبب العدوى تَطُور خراجات الكبد والمضاعفات المحلية الميكانيكية (Local mechanical pressure)، مما يؤدي إلى الركود الصفراوي وارتفاع ضغط الدم البابي.

علاج الكيسة العدارية

لا بد من علاج كيس الكبد العداري في الحالات المصحوبة بأعراض، لتفادي خطر حدوث مضاعفات خطيرة.

يختلف العلاج الحديث للكيس العداري في الكبد بين التدخل الجراحي إلى التصريف من خلال الجلد أو العلاج الطبي. 

ما تزال الجراحة العلاج المفضل، ويمكن إجراؤها بالطريقة التقليدية أو بالمنظار.

يجري الطبيب الجراحة مع مراعاة المضاعفات، مثل رد الفعل التحسسي (Hypersensitivity) الذي قد يحدث في أثناء تصريف الكيس.

الديدان الكبدية المفلطحة (Fasciola)

يُعد داء المتورقات عدوى طفيلية تسببها المتورقة الكبدية (Fasciola hepatica) أحد أشهر الديدان المفلطحة التي تُصيب الإنسان والماشية.

ينتشر داء المتورقات في جميع القارات باستثناء القارة القطبية الجنوبية، وفي أكثر من 70 دولة، خاصةً أماكن تربية الأغنام أو الماشية.

يصاب الناس عادةً بتناول الجرجير النيئ أو نباتات مائية أخرى ملوثة بيرقات الفاشيولا غير الناضجة. 

تنتقل الديدان الصغيرة عبر جدار الأمعاء وتجويف البطن وأنسجة الكبد إلى القنوات الصفراوية؛ إذ تتطور إلى المثقوبات البالغة التي تنتج البيض.

يُعرف عادةً داء المتورقات البشرية على إنه عدوى في القنوات الصفراوية والكبد، لكن يمكن أن تحدث العدوى في أجزاء أخرى من الجسم.

يمر المرض بمرحلتين، كالآتي:

المرحلة المبكرة (Acute fascioliasis)

يمكن أن تحدث الأعراض نتيجة هجرة الطفيل من الأمعاء إلى الكبد، مُسببًا الأعراض الآتية:

  • مشكلات في الجهاز الهضمي، مثل: الغثيان والقيء والآلام.
  • الحمى (أعلى من 38 درجة).
  •  الطفح الجلدي.
  • صعوبة التنفس.

المرحلة المزمنة (بعد استقرار الطفيل في القنوات الصفراوية)

قد تكون المظاهر السريرية متَّسقة، مما يعكس التهاب وانسداد القنوات الصفراوية أو تظهر على فترات متباعدة.

يمكن الوقاية من الإصابة بالفاشيولا باتباع الوسائل الآتية:

  • عدم تناول الجرجير النيئ والنباتات المائية الأخرى، خاصةً من مناطق الرعي المتوطنة بالفاشيولا.
  • تجنب الطعام والماء الذي قد يكون ملوثًا.
  • طهي الخضار المزروعة في الحقول التي قد تكون مروية بمياه ملوثة، وكذلك الأحشاء من الحيوانات المحتمل إصابتها.
  • تجنب تناول الكبد النييء الذي قد يحتوي على الأطوار الصغيرة للطفيل (Juvenile stages) التي قد تلتصق بالحنجرة مسببةً اختناقًا.

التوكسوبلازما جوندي (Toxoplasma gondii)

عندما نسمع ” التوكسوبلازما” أو داء المقوسات يتبادر إلى أذهاننا عادةً مرض القطط؛ وهم المتهم الرئيسي به.

لكن هل تعلم -عزيزي القارئ- عن إمكانية الإصابة بالعدوى بتناول اللحوم غير المطهية جيدًا، إذ تعيش الأطوار الكيسية للطفيل (Tissue cysts) في عضلات الحيوانات آكلة العشب، ومنها الماشية.

يعيش الطفيل الضعيف والانتهازي في عضلات أو قلب أو مخ الماشية والإنسان؛ إذ لا يُسبب أي أعراض أو علامات إلا عند ضعف مناعة المُصاب. 

قد يُصاب الإنسان أو الماشية بالطفيل بتناول الأطوار البغوية (Sporulated oocyst) الموجودة في براز القطط المُصابة.

تشبه الأعراض الإنفلونزا، وتفيد وزارة الزراعة الأمريكية أن داء المقوسات ثالث سبب رئيسي للوفاة من الأمراض المنقولة بالغذاء في العالم.

الساركوسيستيس (Sarcocystis spps)

ينتشر الطفيل في جميع أنحاء العالم، لكنه أكثر شيوعًا في مناطق تربية الماشية.

يُعد Sarcocystis hominis و S. suihominis من أنواع الساركوسيستس التي تستخدم البشر كمضيفين نهائيين ومسؤولين عن داء الساركوسيست المعوي في البشر.

الساركوسيست المعوي

عندما يعمل البشر كمضيف نهائي للطفيل، غالبًا ما تكون العدوى دون أعراض وتنتهي تلقائيًا، لكن قد تحدث أعراض في بعض الأحيان، مثل:

  • حمى خفيفة (أقل من 38 درجة).
  • قشعريرة.
  • إسهال وقيء.
  • مشكلات في الجهاز التنفسي.

ساركوسيست العضلات

عندما يصاب البشر بالعدوى من الأنواع غير البشرية، فإن العدوى لا تكون معوية بل تؤدي إلى تكيسات عضلية ؛مسببةً أعراضًا، مثل ألم العضلات أو ضعفها.

يمكن الاشتباه في داء ساركوسيست العضلات لدى الأشخاص الذين تظهر عليهم علامات التهاب العضلات وأعراضه، مع أو دون حمى.

الأسكارس (Ascaris)

قد تُرى الديدان البالغة في أمعاء الذبيحة في أثناء تنظيفها، لذلك عليك غسل أمعاء الذبيحة والتخلص من أجزاء الأمعاء الملتهبة. 

كيفية انتقال العدوى

تنتقل الديدان المعوية أو الأسكارس عامةً عندما يبتلع الناس بيض الدودة، ويمكن أن يصل هذا البيض إلى الطعام من خلال:

  • لمس التربة الملوثة.
  • أكل الفواكه والخضروات التي نمت في مثل هذه التربة دون غسلها أولًا.

أعراض عدوى الأسكارس

تكون الأعراض غالبًا خفيفة أو غير موجودة، لكنها قد تشمل الآتي:

الوقاية من الإصابة بالأسكارس

يمكن منع العدوى بالوسائل الوقائية الآتية:

  • غسل اليدين دائمًا قبل تناول الطعام وبعد الخروج من الحمام.
  • غسل جميع المنتجات قبل تناولها.
  • تجنب أي منتج تشك أنه قد يكون مزروعًا ببراز بشري.


داء المشعرات (Trichinellosis)

ينتج داء المشعرات بتناول اللحوم النيئة أو غير المطبوخة جيدًا لحيوانات مصابة بيرقات الدودة المسمية (Trichinella).

تنتشر العدوى في بعض الحيوانات البرية آكلة اللحوم، مثل الدب أو كوغار، أو الحيوانات النهمة (آكلة اللحوم والنباتات)، مثل الخنازير البرية.

أعراض داء المشعرات وعلاماته

يُعد الغثيان والإسهال والقيء والتعب والحمى وعدم الراحة في البطن الأعراض الأولى لداء المشعرات.

قد يتبع الأعراض الأولى الصداع والحمى والقشعريرة والسعال وتورم الوجه والعينين وآلام المفاصل والعضلات وحكة الجلد والإسهال أو الإمساك.

بالنسبة للعدوى الخفيفة إلى المتوسطة، تهدأ معظم الأعراض في غضون بضعة أشهر، وقد يستمر التعب والضعف وآلام العضلات والإسهال عدة أشهر.

إذا كانت العدوى شديدة، فقد يعاني المرضى صعوبة في تنسيق الحركات ومشكلات القلب والتنفس، وفي الحالات الشديدة، يمكن أن تحدث الوفاة.

متى تظهر الأعراض بعد الإصابة؟

يمكن أن تحدث أعراض في البطن بعد يوم إلى يومين من الإصابة، وقد تبدأ الأعراض الإضافية عادةً بعد 2-8 أسابيع من تناول اللحوم الملوثة.

قد تتراوح الأعراض من خفيفة إلى شديدة وتتعلق بعدد الديدان المعدية التي تستهلك مع اللحوم.

كيف تحدث عدوى المشعرات؟

تحدث العدوى بتناول الإنسان أو الحيوان لحمًا يحتوي على يرقات الطفيل المعدية، التي تتطور داخل الجسم إلى الطور الكيسي في العضلات الحركية للإنسان أو الحيوان المصاب.

ختامًا -عزيزي القارئ- لا تقتصر أمراض اللحوم الحمراء على الأمراض الطفيلية فقط، لكنها تشمل الأمراض البكتيرية والفيروسية والفطرية أيضًا.

هذا ما سنتعرف إليه في المقال التالي…

“كيفية الوقاية من أمراض اللحوم الحمراء التي تصيب الإنسان | الجزء الثاني”

اقرأ أيضًا…

الأضحية | أحكامها وشروطها وطرق الذبح

فوائد اللحوم | وكيفية حفظها وقطعيات الذبيحة

فساد اللحوم | دليلك الشامل عن كيفية تداول اللحوم وأهم أمراضها


مراجع عام د.آلاء حميد

مراجع د.مروة عبد الجيد

دققه لغويًا: د. نعمات مسعد


مراجع طبي د.أروى سمير

المصدر
healthlinecdc.govparasitessarcocystosisfascioladpi.nsw.gov

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى