أعجز العلماء في إيجاد دواء شافٍ، وسعوا جاهدين إلى اكتشاف طريقة أكيدة لتشخيصه. إلى أن توصلوا إلى أخذ مسحات من الأنف أو إجراء أشعة الصدر أو فحوصات صورة الدم الكاملة. إنه فيروس كورونا المستجد أو كما يسميه البعض كوفيد -19(Covid-19). حديثنا اليوم يتناول سؤالًا هامًا؛ ما العلاقة بين صورة الدم الكاملة والكورونا؟ وهل تؤكد الإصابة أو تنفيها؟ وما الطرق الأخرى للكشف عن كورونا؟
هذا ما سنعرفه في مقالنا، فسيروا معي عبر سطوري الآتية لتذهب حيرتنا.
ماذا نعرف عن فيروس كورونا؟
هو من فصيلة الفيروسات التاجية التي تصيب الجهاز التنفسي، ويعجز الجهاز المناعي في مقاومته في كثير من الحالات.
فيروس سريع الانتشار، ينتقل من شخص إلى آخر عبر الرذاذ المنبعث مع العطس أو السعال.
قد تؤدي الإصابة به إلى حدوث التهاب رئوي شديد أو رد فعل مناعي عنيف خاصةً فيمن يعانون بعض الأمراض المزمنة.
اعتمدت منظمة الغذاء والدواء مجموعة من التحاليل لتشخيص الإصابة بفيروس كورونا.
من بين تلك التحاليل: PCR وCBC وأشعة الصدر.. أيهم أدق للكشف عن كورونا؟ وهل تؤكد صورة الدم الكاملة الإصابة بكورونا؟
تحاليل صورة الدم الكاملة (CBC)
تجرى هذه التحاليل بسحب عينة من دم المشتبه بإصابته بالفيروس، وتُعد أسرع التحاليل التي يمكن إجراؤها للكشف عن الإصابة بكورونا.
أظهرت النتائج حدوث تغيرات واضحة في تعداد وشكل كريات الدم البيضاء بين شديدة ومتوسطة تبعًا لشدة الإصابة وتدهور حالة المصاب.
يتكون تحليل صورة الدم الكاملة من:
فحص كريات الدم الحمراء (RBCs)
لوحظ تفاوت في أحجام الخلايا (Anisocytosis)، مع حدوث أنيميا ونقص في هيموجلوبين الدم في حالات قليلة كانت إصابتها شديدة.
لكن ما اتضح بعد ذلك وجود ارتفاع ملحوظ في بروتين الفيريتين في كثير من الحالات.
لكن ما الفيريتين؟
الفيريتين هو البروتين المسؤول عن تخزين الحديد في خلايا الكبد والجهاز المناعي، ويحرَّر منه في الدم على قدر حاجة الجسم.
يعبر ارتفاع نسبة الفيريتين في الدم عن حدوث خلل أو نشاط مناعي زائد في الجسم، خاصةً في العدوى الفيروسية كما في الإصابة بكورونا.
ترتفع نسبة الفيريتين على نحو ملحوظ في الدم في حالة الإصابة بفيروس كورونا المتوسطة أو الشديدة، بينما لا ترتفع بهذا القدر في الحالات البسيطة.
فحص كريات الدم البيضاء (WBCs)
يظهِر الفحص تغير في تعداد وشكل كريات الدم البيضاء ونسبتها في الدم. يحدث ذلك نتيجة ما يُعرَف بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة لفيروس كوفيد -19.
تختفي تلك التغيرات تدريجيًا مع تماثل المريض للشفاء يومًا بعد يوم.
كرات الدم البيضاء المتعادلة (Neutrophils)
أظهرت النتائج ارتفاع عدد كرات الدم البيضاء المتعادلة.
بينما بيَّنت قلة الخلايا المتعادلة المحببة وصغر حجمها.
كرات الدم البيضاء الليمفاوية (Lymphocytes)
لوحظ انخفاض أعداد كرات الدم البيضاء الليمفاوية في الحالات الشديدة.
كما لوحظ انخفاض المحتوى الجيني RNA فيها.
لكن ينحصر تأثير الإصابة المتوسطة بفيروس كورونا على تغيُّر شكلها.
كرات الدم البيضاء وحيدة النواة (Monocytes)
يتغير شكل كريات الدم البيضاء وحيدة النواة، كما لوحظ ارتفاع المحتوي الجيني RNA في تلك الخلايا.
كما لوحظ انخفاض عدد الكريات وحيدة النواة تبعًا لعمر المصابين فقط، ولم يتأثر بأي أمراض مزمنة لديهم.
فحص عدد الصفائح الدموية
تصاعدت في الآونة الأخيرة مخاوف حول زيادة حدوث الجلطات بعد الإصابة بكورونا.
دعم تلك المخاوف ارتفاع نتائج اختبار D-dimer عن الحد الطبيعي، وهو بروتين يساعد على حدوث تجلطات.
يزداد ارتفاع بروتين D-dimer في حالات الإصابة الشديدة بفيروس كورونا.
لوحظ ارتفاع نسبة D-dimer عند 25 % من المصابين بفيروس كورونا لمدة 4 أشهر بعد الإصابة.
ارتفع بروتين D-dimer بنسبة عالية في المصابين الذين تطلبت حالتهم إقامة في المستشفى، كما ارتفعت فيمن هم أكبر من 50 عامًا.
توصف في تلك الحالة مضادات التجلط مثل: الهيبارين منخفض الوزن الجزيئي.
الآن بعد أن تناولنا عناصر تحليل صورة الدم الكاملة تفصيلًا، نتعرف إلى مميزات وعيوب هذه التحاليل.
ما مميزات تحاليل صورة الدم الكاملة (CBC)؟
نلجأ إلى تحاليل صورة الدم الكاملة للكشف عن الإصابة بكورونا للأسباب الآتية:
- أسهل في أخذ العينة.
- سرعة في ظهور النتيجة.
- أقل في السعر عن تحليل PCR.
- توفر الأجهزة اللازمة للحصول على النتيجة.
عامةً؛ يخضع مصابي كورونا في المستشفيات لفحص صورة الدم يوميًا لتقييم مدى تقدم الحالة أو تدهورها.
حان الآن وقت الإجابة عن سؤالنا، أتذكرونه؟
لا بأس سأقوله لكم.. هل تؤكد صورة الدم الكاملة الإصابة بكورونا؟
ستجيبُنا عيوب تلك التحاليل عن سؤالنا:
عيوب تحاليل صورة الدم الكاملة
أكبر العيوب التي تضعف الثقة في هذه التحاليل هي إعطاء نتائج سلبية كاذبة.
إذ إن تلك التحاليل لا تكتشف حدوث الإصابة إلا بعد أن ينتبه لها الجهاز المناعي ويبدأ في مقاومتها.
لذا فهو لا يصلح في الأيام الأولى من الإصابة.
تحاليل أخرى
تجرى تحاليل أخرى بسحب عينة من الدم مثل:
1- تحليل CRP
يطلق عليه تحليل “بروتين – C التفاعلي”، وهو اختبار تشخيصي لحالات الالتهاب الرئوي في مراحله المبكرة.
يدل التحليل على وجود التهاب في الجسم عامةً، لكن لا يمكنه تحديد مكان الالتهاب أو نوعه.
يرتبط ارتفاع نتائج تحليل CRP بالالتهاب الرئوي الشديد مع وجود جروح في رئتي المصاب.
2- الاختبارات السيرولوجية (المصلية)
تكتشف تلك الاختبارات وجود الأجسام المضادة التي يفرزها الجهاز المناعي بعد الإصابة بالفيروس.
من تلك الأجسام المضادة الآتي:
- الغلوبيولين المناعي (IgM)
يدل ظهوره في الدم على حدوث الإصابة حديثًا وقد يستمر وجوده شهورًا معدودة، لكنه لا يلبث أن يختفي سريعًا.
- صباح الغلوبيولين المناعي (IgG)
يستمر وجود هذا الجسم المضاد في دم المصاب لفترة طويلة بعد الشفاء ربما تصل إلى سنوات.
يعني وجوده حدوث الإصابة والشفاء منها منذ مدة طويلة.
- الغلوبيولين المناعي (IgA)
يظهر عادةً عقب العدوى التنفسية مثل: فيروس كورونا.
أحيانًا لا تظهر الأجسام المضادة إلا بعد الإصابة بعدة أيام، عندما ينتبه الجهاز المناعي ويبدأ في تصنيعها لمقاومة الفيروس.
لذا لا يُعتمد على هذا النوع من الاختبارات في الكشف المبكر عن فيروس كورونا ويفضل حينها الاعتماد على تحليل PCR.
أما أشهر التحاليل وأكثرها دقة هي تحاليل مسحات الأنف
تحاليل مسحات الأنف
تعتمد هذه التحاليل على إدخال ساق بلاستيكية طويلة يوجد في نهايتها قطعة قطن طبي لأخذ عينة من السوائل الموجودة في آخر فتحة الأنف أو الحلق.
1- تفاعل البوليميراز المتسلسل (تحليل PCR)
يعرف كذلك باسم “الاختبار الجزيئي”، وهو أكثر التحاليل دقة للكشف عن الإصابة بفيروس كورونا.
يمكن أن يكتشف وجود فيروس كورونا وكذلك فيروسات الإنفلونزا A وB.
يعتمد هذا التحليل على الكشف عن المادة الوراثية للفيروس باستخدام تقنية تفاعل البوليميراز المتسلسل في المعمل.
يتميز هذا التحليل بدقة نتائجه إذا أُجري بيد شخص محترف.
2- تحليل مستضدات فيروس كورونا
يستكشف تحليل المستضدات وجود مركبات بروتينية معينة من فيروس كورونا.
يحتاج هذا التحليل إلى عناية خاصة؛ إذ يمكن أن تظهر النتائج سلبية رغم الإصابة.
كذلك تُجرى فحوصات أشعة الصدر للكشف عن الكورونا
فحص أشعة الصدر
لوحظ أن صورة الرئتين تتغير في فحص الأشعة على نحو ملحوظ عند الإصابة بفيروس الكورونا.
1- فحص الأشعة المقطعية (CT scan)
تصل دقة النتائج إلى 97 %، وهي نسبة عالية يمكن الاعتماد عليها.
تستخدم في متابعة مدى تطور الحالات الحرجة أو تدهورها.
2- فحص الأشعة السينية (X-ray scan)
يعطي فحص الأشعة السينية نسبة منخفضة من الدقة تتراوح بين 25 % إلى 69 % فقط من مجمل الإصابات قبل ظهور الأعراض.
إذ إن الأشعة لا تلتقط علامات واضحة لوجود إصابة في الأيام الأولى من الإصابة.
أهم العلامات التي تظهر في فحص الأشعة وتثبت حدوث الإصابة بكورونا
إن أبرز ما يعانيه مصابي فيروس كورونا هو الالتهاب الرئوي الذي يظهر جليًا في الأشعة على جانبي الرئتين وأسفلهما كما تظهر أعراض أخرى مثل:
- تجمع السوائل في الحويصلات الهوائية مما يجعل التنفس صعبًا.
- تجمعات معتمة تشبه الزجاج المصنفر (Ground glass opacity).
- بقع بيضاء تعرف طبيًا بالظلال عقدية (Nodular shadowing).
الآن بعد أن تناولنا أنواع التحاليل والفحوص اللازمة للكشف عن الإصابة بكورونا وعلمنا أكثرها دقة. هكذا نكون قد أجبنا عن سؤالنا الذي صاحبنا منذ البداية: هل تؤكد صورة الدم الكاملة الإصابة بكورونا؟
أهمس في أذنيك -عزيزي القارئ- إن اتباعك احتياطات السلامة الضرورية لا ينجيك وحدك، إنما ينجي أسرتك ومن تحب. فاحرص على ارتداء الكمامة والبعد عن التجمعات وحافظ على مسافة كافية بينك وبين غيرك.
دمتم بخير أينما كنتم.
اقرأ أيضًا
كورونا في الهند | سلالة متحورة ترعب العالم
لقاح كورونا | هل ينقذ العالم من الفيروس القاتل؟
هل يسبب لقاح أسترازينيكا جلطات؟
مراجع طبي د. أروى سمير.
التحرير: د. أحمد فوزي
بارك الله فيك مقال مفيد وواف