لا يختلف اثنان على أهمية القلب في جسم الإنسان، فهو العضو المسؤول عن ضخ الدم وإيصاله لجميع أعضاء الجسم ليؤدي كل عضو وظيفته على أكمل وجه. ولكن قد يحدث خلل في إحدى صمامات القلب مما يؤدي إلى مضاعفات خطرة، لذا يجب التدخل جراحيًا لعمل عملية تغيير صمام القلب.
بدايةً -عزيزي القارئ- قبل التحدث عن عملية تغيير صمام القلب، فلنعرف سويًا كيف يصل الدم إلى القلب؟ وما أهمية صمامات القلب؟ وكيف تتم أكسجة الدم وضخه لسائر أجزاء الجسم؟
الدورة الدموية
يتكون القلب من أربع غرف (الأذينين والبطينين) يفصل بينهم صمامات ذات اتجاه واحد حيث تسمح بمرور الدم باتجاه واحد فقط، وهذه الصمامات هي: الصمام الأبهري، والصمام الميترالي، والصمام ثلاثي الشرفات، والصمام الرئوي. تعمل هذه الصمامات بشكل متناسق ودقيق لضمان عملية إيصال الدم للجسم بشكل سليم.
متى يتم إجراء عملية تغيير صمام القلب؟
تُجرى عملية تغيير صمام القلب عندما يُصاب الصمام باختلال يجعله غير قادر على الغلق أو الفتح بصورة طبيعية، مما يؤدي إلى صعوبة حركة الدم داخل غرف القلب وبالتالي صعوبة وصوله لباقي أجزاء الجسم، فتبدأ بعض الأعراض بالظهور على الشخص المصاب مثل: ضعف عام، دوار، ضيق في النفس، وغيرها من الأعراض، ويكون هذا الاختلال إما ضيق في الصمام أو قلس غير قابل للإصلاح، فيكون الحل الأمثل استبدال الصمام بشكل كامل.
ما هي أنواع اختلالات صمامات القلب؟
كما ذكرنا مسبقًا، يوجد نوعان رئيسيان من الاختلالات التي قد تصيب صمامات القلب، وهما: الضيق والقلس، وهما على النحو الآتي:
تضيق الصمام التاجي (Mitral valve stenosis)
هو تضيق في الصمام التاجي يتسبب في خلل في عملية فتح الصمام بشكل كامل فيعرقل بذلك تدفق الدم من الأذين الأيسر إلى البطين الأيسر المسؤول عن ضخ الدم للجسم.
ارتجاع الصمام التاجي (Mitral valve regurgitation)
يسمى أيضًا بالقصور التاجي أو القلس التاجي، وهو فشل الصمام في الانغلاق بشكل كامل مما يؤدي إلى ارتجاع الدم من البطين الأيسر إلى الأذين الأيسر.
تضيق الصمام الأبهري (Aortic valve stenosis)
هو ضيق في الصمام الأبهري الذي يفصل بين البطين الأيسر والشريان الأبهر، فيتسبب هذا الضيق في عرقلة تدفق الدم من البطين الأيسر إلى الشريان الأبهر ومنه إلى جميع أجزاء الجسم.
ارتجاع الصمام الأبهري (ِAortic valve regurgitation)
يطلق عليه أيضًا اسم قلس الصمام الأبهري، وهو فشل الصمام الأبهري في الانغلاق بشكل كلي مما يتسبب في ارتجاع الدم إلى البطين الأيسر بعد ضخه.
تضيق الصمام ثلاثي الشرفات (Tricuspid valve stenosis)
هو تضيق يصيب الصمام ثلاثي الشرفات المسؤول عن السماح للدم بالمرور من الأذين الأيمن إلى البطين الأيمن ليُضخ بعد ذلك إلى الرئتين، فيتسبب هذا الخلل في تجمع الدم في الأذين الأيمن بسبب عدم قدرة الصمام ثلاثي الشرفات على الفتح بشكل كامل.
ارتجاع الصمام ثلاثي الشرفات (Tricuspid valve regurgitation)
أو ما يسمى بقلس الصمام ثلاثي الشرفات. وهو قصور يصيب الصمام مما يجعله غير قادر على الانغلاق تمامًا، مما يتسبب في ارتجاع الدم من البطين الأيمن إلى الأذين الأيمن.
تضيق الصمام الرئوي (Pulmonary valve stenosis)
هو خلل يصيب الصمام الرئوي يتسبب في ضيق الصمام،
مما يؤدي إلى صعوبة وصول الدم من البطين الأيمن إلى الرئتين عن طريق الشرايين الرئوية.
ارتجاع الصمام الرئوي (Pulmonary valve regurgitation)
هو حدوث خلل في الصمام الرئوي يجعله غير قادر على الانغلاق الكلي، مما يتسبب في ارتجاع الدم إلى البطين الأيمن قبل وصوله إلى الرئتين للحصول على الأوكسيجين.
كيفية إجراء عملية تغيير صمام القلب
تُجرى عملية تغيير صمام القلب إما بعملية القلب المفتوح وهي الطريقة التقليدية،
أو بجراحة طفيفة التوغل بحيث يتم عمل فتحة صغيرة بطول 2 إلى 4 بوصة (5 إلى 10 سم) في الجانب الأيمن من الصدر تُمكن الطبيب من الوصول إلى القلب وإجراء عملية تغيير الصمام.
أما بالنسبة للطريقة التقليدية، يفتح الطبيب من أسفل الرقبة لعمل شق ممتد بطول 8 إلى 10 بوصة (15 إلى 20 سم)، ويُوضع الشخص المصاب على آلة المجازة القلبية الرئوية (Cardiopulmonary Bypass Machine)، التي بدورها تعمل على المحافظة على تدفق الدم في الجسم والرئتين. بعد ذلك يفتح الطبيب في الشريان الأبهر ليستطيع الوصول للصمام المصاب وإزالته وتغييره.
تختلف مدة عملية تغيير صمام القلب من شخص لآخر، ولكن بشكل عام قد تستغرق ساعتين كحد أدنى إلى أربع ساعات.
أنواع الصمامات المستخدمة في عملية تغيير صمام القلب
يوجد نوعان أساسيان من الصمامات التي تُستخدم في عملية تغيير صمام القلب،
ويختار الطبيب نوع الصمام بناءً على عمر المصاب، وحالته الصحية العامة،
وقدرته على تحمل مضادات التخثر بالإضافة إلى مدى شدة وخطورة الإصابة.
الصمام الميكانيكي (Mechanical valve)
هو صمام اصطناعي مصنوع من مادتي الكربون والبوليستر، متوسط عمره من 10 إلى 20 سنة.
من المخاطر التي قد يسببها هذا النوع من الصمامات تكوّن جلطات الدم؛
لذلك تُوصف مخففات الدم (Blood thinners) للمريض مدى الحياة لتجنب الإصابة بالجلطات.
الصمام الحيوي (Biological valve)
يتكون هذا النوع من الصمامات من أنسجة بشرية أو حيوانية، ولكن على خلاف الصمام الميكانيكي، متوسط عمر الصمام الحيوي أقل،
فقد يحتاج للتغيير في المستقبل، بالإضافة إلى أنه ليس من الضروري وصف مخففات الدم، وتنقسم الصمامات الحيوية إلى ثلاثة أنواع:
- الطُعم الخَيفي (Allograft): ويكون مصنوع من أنسجة قلب بشري.
- صمام خنزيري (Porcine valve): يُصنع هذا الصمام من أنسجة مأخوذة من الخنازير.
- صمام بقري (Bovine valve): ويكون هذا الصمام مصنوع من أنسجة بقرية.
ما بعد العملية
بعد إجراء عملية تغيير صمام القلب، يُوضع المريض تحت المراقبة في المستشفى مدة أسبوع تقريبًا، وخلال هذه الفترة يجب متابعة المؤشرات الحيوية بعناية للتأكد من عمل القلب بشكل سليم.
قد يستغرق الشفاء الكامل من العملية بضعة أسابيع، وفي بعض الأحيان بضعة أشهر بناءً على نوع العملية، ولهذا السبب تُحدد مواعيد للمتابعة الدورية مع الطبيب المختص ليحدد قابلية الشخص للعودة إلى ممارسة الحياة بصورة طبيعية.
مضاعفات عملية تغيير صمام القلب
من الممكن حدوث بعض المضاعفات بعد عملية تغيير صمام القلب، كما هو الحال مع أي عملية أخرى ويجب التعامل مع هذه المضاعفات بصفة عاجلة، ومن هذه المضاعفات:
- الإصابة بالعدوى: فمن الطبيعي عند وجود أي شق أو ثقب في جسم الإنسان أن يكون عرضة للعدوى البكتيرية، وفي حال الإصابة يصف الطبيب مضادات حيوية للمريض في الحال.
- نزيف خلال أو بعد العملية نتيجة إصابة في الأوعية الدموية.
- تخثر الدم وبالتالي الإصابة بالجلطات.
- التهاب الشغاف (Endocarditis) نتيجة للصمام الجديد.
- التهاب رئوي.
- عدم انتظام ضربات القلب.
- بعض الأعراض الجانبية للتخدير مثل: غثيان وقيء، وجفاف الفم، وألم في العضلات، وغيرها.
ولكن يبقى السؤال فيما يتعلق بعملية القلب المفتوح، هل هناك احتمال لعودة الانسداد في الشرايين بعد إجراء عملية قلب مفتوح؟
في الحقيقة، عملية القلب المفتوح لتحويل مجرى الشريان المسدود تُعد من العمليات ذات نسبة النجاح العالية،
ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنها تحول دون حدوث انسداد في الشرايين مرة أخرى، فما زال احتمال عودة الانسداد قائمًا، ولكن لتقليل احتمالية حدوث الانسداد في الشرايين مرة أخرى، يُنصح بالآتي:
- الإقلاع عن التدخين.
- اتباع حمية غذائية سليمة.
- الابتعاد عن الأملاح والدهون والسكريات.
- ممارسة بعض الأنشطة الحركية بصورة معتدلة.
- محاولة ضبط ضغط الدم ومستوى الكوليسترول.
ختامًا، تُعد عملية تغيير صمام القلب آمنة وذات نتائج مرضية، ولكن هذا لا يعني أنها خالية من المخاطر والمضاعفات التي من الممكن أن تحدث، فأي عملية في جسم الإنسان مهما كانت بسيطة لها مخاطر ومضاعفات محتملة.
اقرأ أيضًا
إنزيمات القلب | دليلك للنجاة من الموت المفاجئ
احتشاء عضلة القلب | الأسباب والأعراض