محاطون بالميكروبات من كل اتجاه، بين بكتيريا وفيروسات وديدان وفطريات وغيرهم كثير، بعضها خطر وبعضها مفيد وأخرى لا تفيد ولا تضر. حديثنا اليوم عن الحصبة الألمانية أو الحصبة الزائفة أو كما يسميها أهل الشام “الحُمَيراء”.
مرض تخشاه الحامل، ويحذر تبعاته طبيب النساء والولادة؛ إذ ينذِر من تصاب به بمشكلات خطيرة قد تصيب وليدها.
ما الحصبة الألمانية (Rubella)؟
هي مرض فيروسي معدٍ، يتميز بظهور طفح جلدي وردي اللون، قد يصاحبه أعراض خفيفة وربما لا يصاحبه أعراض من الأساس.
تختلف الحصبة الألمانية عن الحصبة، فكل منهما يسببه فيروس مختلف، كما يطلق عليها أيضًا “حصبة الأيام الثلاثة”.
أسباب حدوثها
تحدث الإصابة بفيروس الحصبة الألمانية عند الاتصال المباشر مع شخص مصاب بالمرض أو التقاط الفيروس المحمول في الهواء.
يلاحظ انتشار الإصابة بالفيروس في أواخر فصل الشتاء ومع بدايات فصل الربيع.
كيف تحدث العدوى؟
ينتقل الفيروس من الشخص المصاب إلى آخر سليم، بواسطة الرذاذ الصادر مع السعال أو العطس أو ملامسة أشياء ملوثة بالرذاذ الخارج من الفم أو الأنف.
كذلك ينتقل الفيروس من الأم الحامل إلى جنينها بواسطة مجرى الدم.
قد ينقل المصاب المرض إلى المحيطين به قبل أن يدرك أساسًا إصابته به.
إذ يظل المصاب معديًا للفيروس مدةً طويلةً، تبدأ من أسبوع أو أسبوعين قبل ظهور الطفح الجلدي وتمتد إلى أسبوع أو أسبوعين بعد اختفائه.
فترة الحضانة:
هي الفترة التي يتكاثر فيها الفيروس في جسم المصاب قبل ظهور الأعراض.
تتراوح فترة حضانة الفيروس منذ دخوله جسم الإنسان من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
أعراض الحصبة الألمانية
أما عن الأعراض؛ فهي خفيفة عادةً، وفي الغالب تظهر لمدة ثلاثة أيام أو قد تطول المدة إلى سبعة أيام.
من تلك الأعراض ما يلي:
- ارتفاع درجة الحرارة الجسم إلى 38.9 درجة تقريبًا.
- الصداع.
- الزكام أو السيولة في الأنف.
- تورم العقد الليمفاوية مع الشعور بألمٍ عند لمسها.
- ظهور حبيبات دقيقة وردية اللون (الطفح الجلدي) في الجسم بتتابع معين؛ إذ تبدأ في الظهور في الرأس يليه البطن والظهر ثم الذراعين والرجلين، كما تختفي تلك الحبوب بالتتابع نفسه.
- الشعور بألمٍ في المفاصل وخصوصًا في السيدات.
- التهاب العين واحمرارها.
نادرًا ما تحدث مضاعفات عند الإصابة بها، وإن وُجِدَت فعادةً ما تكون بسيطة.
مضاعفات الحصبة الألمانية
قد تعاني بعض السيدات التهابًا في مفاصل الأصابع أو الرسغ أو الركبة، الذي يدوم لمدة شهر ثم يختفي.
ربما يتطور الأمر عند بعض المرضى إلى الإصابة بعدوى في الأذن أو التهاب في خلايا المخ.
لكن تكمن الخطورة في إصابة الحامل بالفيروس خاصةً في الثلث الأول من شهور الحمل؛ إذ قد تتعرض إلى الإجهاض أو أن يصاب طفلها بمضاعفات عديدة وخطيرة.
85 % من الأطفال المولودين لأمٍ أُصيبت بالمرض في حملها يصابون بمتلازمة الحصبة الألمانية الخلقية إذا كانت الإصابة في الثلث الأول من الحمل.
أما إذا أصيبت الأم في الشهر الرابع من حملها، تنخفض نسبة إصابة الجنين إلى 50 %، وتصل إلى 25 % إذا كانت الإصابة بعد الشهر الرابع.
ما متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية؟
مجموعة من العيوب الخلقية التي قد يصاب الطفل بها أو بأحدها إذا أصيبت أمه بها وهو ما زال جنينًا في بطنها مثل:
- تأخر النمو.
- الكتاراكت أو المياه الزرقاء.
- فقدان السمع.
- مشكلات في القلب.
- تضخم في الطحال والكبد.
- إعاقة ذهنية.
تشخيص الحصبة الألمانية
يتشابه الطفح الجلدي الناتج من الإصابة بالحصبة الألمانية مع أمراض فيروسية أخرى؛ لذا يعتمد الطبيب في التشخيص على فحوصات الدم بجانب الفحص السريري.
تبين فحوصات الدم الأجسام المناعية المضادة لفيروس الحصبة الألمانية وهما الجلوبيولين المناعي ج (IgG)، والجلوبيولين المناعي م (IgM).
تحدد تلك الأجسام ما إذا كانت الإصابة به حديثة أم قديمة أم ناتجة من تطعيم سابق.
علاج الحصبة الألمانية
عادةً، لا تحتاج الإصابة بالحصبة الألمانية تناول الأدوية؛ إذ إن الأعراض غالبًا ما تكون بسيطة، كما لا يساعد تناول الدواء على تقليل مدة الإصابة بالمرض.
ينصح الطبيب المصاب بالراحة وقد يصف له دواء باراسيتامول للتغلب على الحمى.
يجب عزل المصاب عن الآخرين، ومنع اختلاطه بأي سيدة حامل أو تنوي الحمل في خلال 4 أسابيع.
تعطى الحامل المصابة أمصال مضادة تُعرف باسم “جلوبيولين مفرط الحركة”.
ما الجلوبيولين مفرط الحركة؟
هو مصل يحتوي على جلوبيولين مناعي يماثل الجلوبيولين الطبيعي الذي يفرزه الإنسان، إلا أنه يختلف عنه في احتوائه على تركيزات كبيرة من الأجسام المضادة لفيروس معين.
تحارب تلك الأجسام المضادة العدوى، لكنها لا تلغي احتمالية إصابة الجنين بمتلازمة الحصبة الألمانية الخلقية.
كيفية الوقاية من الإصابة بالحصبة الألمانية
يعد التطعيم هو أفضل الطرق للوقاية من الإصابة بالمرض.
إذا كنت لا تذكر هل سبق لك التطعيم من قبل؛ فيمكنك الخضوع لاختبارات الدم المعملية لاكتشاف وجود الأجسام المضادة للمرض من عدمه.
إذا لم تظهر تلك الأجسام المضادة في دمك؛ فإنك على الأرجح لم تعطَ اللقاح في طفولتك، ويفَضل أن تتوجه إلى إحدى المراكز الصحية لأخذه.
هناك فئات معينة تُنصح بأخذ اللقاح حتى لو سبق لها أخذه من قبل وهم:
- المرأة التي تنوي الحمل في خلال مدة لا تقل عن شهر واحد.
- من يعملون في المستشفيات أو المدارس.
- من ينوي السفر إلى إحدى البلاد التي لا توفِّر التطعيم ضد الحصبة الألمانية.
الحصبة الألمانية عند الأطفال
يعد الطفل المولود لأمٍ مصابة بالمرض ناقلًا للمرض لمدة عام من مولده.
لكن إذا أصيب الطفل -في المدرسة مثلًا- بالمرض بعد تطعيمه الأول؛ غالبًا ما تكون الأعراض طفيفة.
نصائح يجب اتباعها عند إصابة الطفل بالعدوى في سن المدرسة
- عدم ذهاب الطفل إلى المدرسة لمنع اختلاطه بأقرانه، حتى مرور أسبوع من اختفاء الطفح الجلدي.
- إبلاغ المدرسة بحالة الطفل لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
- الراحة قدر الإمكان.
- عزل الطفل عن الآخرين وخاصةً الحامل أو من تنوي الحمل.
- إعطاء الطفل دواء الباراسيتامول لخفض الحرارة.
- شرب السوائل الدافئة والأطعمة الرافعة للمناعة مثل: الفاكهة والخضراوات والبروتينات.
لقاح الحصبة الألمانية
أصبحت الحصبة الألمانية مرضًا نادرًا في كثير من البلدان بفضل تلك اللقاحات الإجبارية التي تُعطى للأطفال.
لكن يظل الحذر أمرًا واجبًا مع الحامل إذا عزمت على السفر إلى إحدى البلاد التي ما زال المرض مستوطنًا بها.
يُعرف لقاح الخاص بها باسم “اللقاح الثلاثي الفيروسي MMR”؛ إذ يحتوي على ثلاثة لقاحات ضد ثلاثة فيروسات معًا، وهي الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية.
يُعطى الطفل اللقاح بين الشهر الثاني عشر إلى الخامس عشر من عمره، كما يعطى جرعة تنشيطية في سن الرابعة إلى السادسة.
إذا فاتت الطفل الجرعة التنشيطية؛ يظل بإمكانه أخذها قبل سن 12 عامًا.
تعطي جرعات اللقاح مناعة ضد الحصبة الألمانية لكنها لا تضمن حماية مدى الحياة.
لا يعطى اللقاح للمرأة الحامل ولا لمن تنوي الحمل في خلال شهر واحد من التطعيم.
من الضروري الحرص على تطعيم الإناث لحمايتهن من الإصابة بالحصبة الألمانية عند حملهن.
خرافة علاقة لقاح الحصبة الألمانية بالتوحد
شاع بين العامة منذ عدة سنوات، وجود علاقة بين لقاح الحصبة الألمانية وإصابة الأطفال بالتوحد.
السبب في ذلك؛ أن تشخيص التوحد عند الأطفال يتضح فيهم بين عمر 18 شهرًا و24 شهرًا؛ أي بعد أخذ الطفل جرعته الأولى من اللقاح.
لكن أثبتت الدراسات أنه لا صحة لما يُشاع عن وجود علاقة بين اللقاح الثلاثي والتوحد.
ختامًا؛ نعلم جميعًا أن الوقاية خيرٌ من العلاج، فلا تحرم أبناءك فرصة الحصول على الحماية ضد هذا الفيروس.
إن السبيل الوحيد للنجاة من الأمراض هو الوقاية، وإذا كان الهجوم خير وسيلة للدفاع؛ فإن التطعيم خير وسيلة للنجاة.
اقرأ أيضًا
التهاب السحايا | الأسباب والأعراض والعلاج
أهم ما تريد معرفته عن التطعيمات
فيروس الروتا | كيف نحمي أطفالنا منه؟