أصبحت ضغوطات الحياة الآن تُشكل عبئًا كبيرًا على الإنسان ومصدرًا دائمًا للقلق، فهناك من يستطيع أن يعتاد هذا التوتر ويحاول أن يتغلب عليه، ولكن الأغلبية العظمى تقع تحت وطأة هذا الضغط وتفقد السيطرة على ضبط انفعالاتها، فتكون عواقب ذلك وخيمة ولا يمكن توقع الأمراض الخطرة التي قد يتعرضون لها، ومن أبرزها ضغط الدم المرتفع.
لذا سيعرض هذا المقال نبذة عن أبعاد هذا المرض وطريقة التعامل معه.
ما المقصود بضغط الدم؟
هو قوة دفع الدم تجاه جدار الشريان، ويتوقف على مقاومة الشرايين وكمية الدم المُضخَة، فمع ازدياد نبض القلب يزداد ضخ الدم في الشرايين مما يؤدي لارتفاع الضغط ويسمى ضغط الدم الانقباضي، ثم يقل الضغط بين النبضات ويسمى ضغط الدم الانبساطي.
فيحدث ارتفاع ضغط الدم نتيجة عدم قدرة الشرايين على تحمل القوة المتزايدة باستمرار لضغط الدم بداخلها، مما يؤدي لأضرار بالأوعية الدموية والكثير من أمراض القلب.
يمكن تصنيف قياسات ضغط الدم إلى أربعة أقسام:
- ضغط الدم الطبيعي: يتراوح بين ٨٠/١٢٠ ملليمتر زئبق.
- ضغط الدم العالي: عندما يزيد ضغط الدم الانقباضي عن ١٢٠-١٢٩ ملليمتر زئبقي، بينما ضغط الدم الانبساطي أقل من ٨٠ ملليمتر زئبقي.
- فرط ضغط الدم المرحلة الأولى: وفيه الضغط الانقباضي يتراوح من ١٣٠-١٣٩ ملليمتر زئبقي، أو الضغط الانبساطي يتراوح من ٨٠-٨٩ ملليمتر زئبقي.
- فرط ضغط الدم المرحلة الثانية: يكون الضغط الانقباضي ١٤٠ ملليمتر زئبقي أو أكثر، أو الضغط الانبساطي ٩٠ ملليمتر زئبقي أو أكثر.
أعراض ضغط الدم المرتفع
للأسف أن معظم المرضى لا يعلمون أنهم مصابون بارتفاع ضغط الدم إلا في مرحلة متأخرة. فليس هناك أعراض مبدئية مميزَة ولا نستطيع ملاحظتها إلا في الحالات الخطرة ومن ضمنها:
- الصداع الشديد.
- نزيف الأنف.
- الإرهاق.
- صعوبة في التنفس مع آلام في الصدر.
أسباب ضغط الدم المرتفع
لا يوجد سبب مُحدد له ولكن حاول الأطباء تصنيفه إلى نوعين:
- النوع الأولي (الأساسي):
وهو الشائع الذي لا يكون نتيجة حالة مرضية وإنما يتطور مع التقدم في العمر، أو بسبب الضغط وعدم ممارسة الرياضة.
- النوع الثانوي:
ويحدث بسبب تناول أدوية معينة أو نتيجة مضاعفات لأمراض أخرى مثل:
- أمراض الكلى المزمنة.
- داء السكري.
- ورم القواتم (سرطان يوجد في الغدة الكظرية).
- متلازمة كوشينج الناجمة عن فرط استخدام الكورتيكوستيرويد.
- السِمنة.
- الحمل.
- فرط نشاط الغدة الدرقية.
- ارتفاع كوليسترول الدم.
هناك عوامل أخرى تزيد احتمالية الإصابة بضغط الدم المرتفع مثل:
- التدخين وشرب الكحول.
- النوع: فالذكور أكثر عرضة للإصابة من الإناث وذلك وفقًا لدراسة أُجريت عام ٢٠١٨م.
- تناول أطعمة مليئة بالدهون غير الصحية والملح الصناعي، وقليلة البوتاسيوم.
- التاريخ العائلي المرضي لزيادة ضغط الدم.
مخاطر ارتفاع الضغط
يُسبب ضغط الدم المرتفع المزمن تلف الأوعية الدموية وذلك على المدى البعيد. كما قد يسبب مضاعفات بالغة الخطورة أبرزها تصلب الشرايين، الذي يترتب عليه أمراض أشد فتكًا بالمريض على سبيل المثال:
- السكتة الدماغية أو النوبة القلبية.
- تضخم الأوعية الدموية: التي تؤدي إلى الوفاة في حالة تمزقها.
- قصور عضلة القلب.
- الفشل الكلوي.
- فقدان البصر: نتيجة تمزق الأوعية الدموية بالعين.
- فقدان الذاكرة.
- المتلازمة الأيضية.
- الخَرَف.
طرق علاج ضغط الدم المرتفع
يعتمد العلاج على عد ة محاور:
أولًا: تغيير العادات اليومية غير الصحية.
يندرج تحت هذا البند :
- ممارسة الرياضة.
- التخلص من الوزن الزائد.
- الإقلاع عن التدخين والكحول.
- التحكم في ردود الفعل الانفعالية.
ثانيًا: تغيير العادات الغذائية الخاطئة
فقد ينصح الطبيب المريض باتباع حمية داش التي تهدف إلى تقليل الملح، والدهون الضارة في الطعام واستبدالها بزيت الزيتون. وإمداد الجسم بالخضروات والفاكهة، والوجبات الرئيسية المُحتوية على الحبوب الكاملة والأسماك والدجاج والبقوليات.
فيساعد تناول الخضروات الورقية مثل: السبانخ، والبروكلي، والملفوف على تحسين مستوى البوتاسيوم في الدم. وبالتالي تمكين الجسم من التخلص من الصوديوم الذي يُعد السبب في ضغط الدم المرتفع، وبالتبعية استعادة الشرايين مرونتها.
أيضًا تناول الفاكهة التي تحتوي على مادة الأنثوسيانين كالتوت البري والفراولة، تساعد على تمدد الشرايين فتمكنها من خفض الضغط المرتفع.
أما وجود عنصر الكالسيوم في النظام الغذائي ضروري لتقوية الأوعية الدموية، لذلك يُوصَى بتناول كوبين أو ثلاثة أكواب من الزبادي أو الحليب يوميًا. كما تُعد الأسماك الزيتية مثل: السردين والسالمون مصدًار آخر للكالسيوم بالإضافة لثرائها بالأوميجا ٣.
وقد أثبتت عدة دراسات فعالية عصير البنجر في خفض ضغط الدم الانقباضي بصورة خيالية وذلك خلال ساعات قليلة فقط، وبالمثل عصير الرمان الخالي من السكر.
هناك أطعمة أخرى لا تتوقع قدرتها على خفض الضغط، كالمكسرات وبالأخص الفستق يقلل كلًا من الضغط الانقباضي والانبساطي، ومضادات الأكسدة الموجودة في الثوم، والشيكولاتة الداكنة المحتوية على كاكاو بنسبة ٥٠-٧٠ %.
ثالثًا: أدوية تخفيض الضغط
تنقسم إلى عدة الأنواع سنذكرها بإيجاز كما يلي:
- الثيازيد: تسمى مدرات البول، وتساعد الكلى على تخليص الجسم من الصوديوم والماء الزائد مثل: هيدروكلوروثيازيد.
- مثبطات الإنزيم المُحوِل للأنجيوتنسين: تساعد على منع تكون الأنجيوتنسين التي يسبب ضيق الأوعية الدموية مثل: كابتوبريل.
- حاصرات مستقبلات أنجيوتنسين ٢: تعمل على استرخاء الأوعية الدموية بمنع عمل مادة الأنجيوتنسين مثل: لوسارتان.
- حاصرات قنوات الكالسيوم: منها ما يساعد على استرخاء عضلات الأوعية، والأخر يقلل نبض القلب مثل: أملوديبين ودلتيازيم.
ويَحذر شرب عصير الجريب فروت معها؛ لأنه يتفاعل مع بعض منها فيزيد مستواها في الدم، مما يُعرِض المريض للآثار الجانبية للدواء.
- مثبطات الرينين: تثبط إنتاج إنزيم الرينين من الكلى، الذي بعد مروره بعدة مراحل يسبب ضغط الدم المرتفع. مثال لذلك: أليسكرين الذي يُمنَع استخدامه مع مثبطات الإنزيم المُحوِل للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات أنجيوتنسين ٢، لما يترتب على ذلك من مضاعفات خطيرة كالسكتة الدماغية.
- حاصرات مستقبلات ألفا وبيتا: تقلل توصيل النبضات العصبية للأوعية، كما تقلل كمية الدم المضخوخة في الأوعية وذلك بإبطاء نبضات القلب، مثال ذلك: لابيتالول، وكارفيديلول.
- حاصرات مستقبلات بيتا: تقلل هذه الأدوية العبء الزائد على القلب، فتجعل معدل نبضه أبطء وبقوة أقل مثل: أتينولول.
- مضادات الألدوستيرون: تمنع تأثير الألدوستيرون، الذي يسبب احتباس الأملاح والسوائل بالجسم وبالتالي ارتفاع الضغط مثل: سبيرونولاكتون، وإبليرينون.
- حاصرات مستقبلات ألفا: تقلل من توصيل النبضات العصبية إلى الأوعية الدموية، وبالتالي يقل ضيق الأوعية الدموية مثل: دوكسازوسين، وبرازوسين.
- موسعات الأوعية الدموية: تعمل بصورة مباشرة على توسيع الشرايين، وارتخاء عضلات الأوعية الدموية مثل: هيدرالازين، ومينوكسيديل.
- عناصر مركزية العمل: تمنع المخ من إرسال إشارات للجهاز العصبي التي تسبب زيادة نبض القلب وتضييق الأوعية الدموية مثل: كلونيدين، وميثيل دوبا.
وبذلك يتضح لنا خطورة هذا المرض لذا حرصنا أن يكون هذا المقال دليلًا شاملًا عن تضغط الدم المرتفع، وأعراضه والمضاعفات المترتبة عليه وكيفية العلاج، وذلك ليتمكن المرضى من السيطرة عليه، ويتجنب الأصحاء العادات الخاطئة المُسببَة له.
