د. غادة سامي
اختلطت رائحتك يا أمي برائحتي حتى اندمجا، وأصبحت أتنفس أنفاسك، وأسمع دقات قلبك، إن كانت الرضاعة الطبيعية وسيلتي لقربك فخذيني إليكِ بها.
في حضنك انظر لعينيك الجميلتين بابتسامة و أعرفهما من بين العالمين.
آسف إن أيقظتك ليلًا، وانقلب يومك رأسًا على عقب، أعلم أنك طلبتي مساعدة أبي وأسمع صوته يدللني لترتاحي قليلًا، الآن يمكنك مواصلة يومك معي.
استمتع بوقتي معك في الرضاعة حتى أظن أن العالم كله حضنك، وأعلم مدى حرصك على إتمام رحلة الرضاعة الطبيعية بنجاح.
لذا كان بحثك الدائم عن الرضاعة الطبيعية الناجحة.
الرضاعة الطبيعية الناجحة
رغم أهميتها أول ٦ أشهر، إلا أن ما يقرب من ٢ لكل ٣ أطفال لا يحصلون عليها خلال الفترة الموصى بها.
كما أن لبن الأم يوفر أكثر من نصف احتياجات الطفل الغذائية خلال النصف الثاني من العام الأول، وحتى ثلث العام الثاني، لذا يصبح الطفل أكثر ذكاءاً من غيره، وأقل عرضة لزيادة الوزن، والإصابة بالسكري.
تختلف عدد مرات الرضاعة من طفل لآخر، في الأشهر الأولى رضعة كل ٢-٣ ساعات تقريبًا، وفي عمر ٦ أشهر سيكتفي برضعة كل ٤-٥ ساعات.
تؤثر الرضاعة الطبيعية إيجابيًا على الأم لتصبح أقل عرضة للإصابة بسرطان الثدي، والمبيض.
علامات الجوع عند الرضع
- البكاء.
- يخرج اللسان، ويلعق شفتاه.
- يحرك فمه ورأسه للبحث عن ثدي الأم.
- يضع يده في فمه.
- يفتح فمه.
- يمص الأشياء.
فوائد الرضاعة الطبيعية للأم والطفل
للرضاعة الطبيعية عدة فوائد للأم وللطفل على حد سواء، نذكرها فيما يلي:
أولًا: فوائد حليب الأم للطفل
- يعد التغذية المثالية للطفل
حليب الأم يحتوي كل العناصر الغذائية التى يحتاج إليها الطفل خلال 6 الأشهر الأولى، وتتغير مكونات الحليب تبعًا لاحتياجات الطفل.
بعد الولادة ينتج ثدي الأم لبن السرسوب، وهو سائل أصفر سميك غني بالبروتين، وقليل السكر، ويحتوي عناصر مفيدة تساعد على نمو جهازه الهضمي.
تزداد كمية الحليب تبعًا لنمو معدة الطفل، لذا يوصي الأطباء باستخدام فيتامين د للأم للحفاظ على مخزون الحليب.
- يحتوي حليب الأم على الأجسام المضادة
لبن السرسوب به كمية كبيرة من الأجسام المضادة مثل (IgA)، مما يعزز مناعة الطفل عند التعرض للفيروسات، أو البكتيريا.
إذ تكون الأجسام المضادة(IgA) طبقة حماية في أنف الطفل، وحلقه، وجهازه الهضمي.
لذا فإن للرضاعة الطبيعية دورًا في تقليل العدوى، والإسهال، والالتهاب الرئوي.
- الرضاعة الطبيعية تقلل خطر الإصابة بأمراض:
- التهاب الأذن الوسطى، والتهاب الحنجرة، وحساسية الجيوب الأنفية.
- التهابات الأمعاء، والتهاب القولون التقرحي.
- سكري النوع الثاني.
- سرطان الدم عند الأطفال.
- تحمي من متلازمة الموت المفاجئ للرضع.
- الحفاظ على الوزن الصحي للطفل
الرضاعة الطبيعية لمدة تزيد عن ٤ أشهر تؤدي إلى انخفاض فرصة الإصابة بزيادة الوزن، والسمنة للأطفال.
كما أنها تساعد على تطور بكتيريا الأمعاء التي تؤثر على تخزين الدهون.
يحصل الطفل من خلالها على هرمون اللبتين(Leptin hormone) المسؤول عن تنظيم الشهية، وتخزين الدهون.
- حليب الأم قد يجعل الطفل أكثر ذكاءًا
تؤدي الرضاعة الطبيعية إلى تطور النمو الدماغي عند الأطفال، وانخفاض فرصة التعرض للمشكلات السلوكية، وصعوبات التعلم.
هذا التطور نتيجة العلاقة الجسدية، والتلامس، والاتصال البصري بين الأم والطفل خلال الرضاعة.
ثانيًا: فوائد الرضاعة الطبيعية للأم
- تساعد على إنقاص الوزن
تؤدي إلى زيادة حرق السعرات الحرارية، فيزداد حرق الدهون مقارنة بالأمهات غير المرضعات، لذا بعض الأمهات يفقدن الوزن خلال مدة الرضاعة.
- تعمل على انقباض الرحم
يتسع الرحم خلال الولادة ليشمل الجنين فيزداد حجم الرحم إلى ملء مساحة البطن تقريبًا، بعد الولادة يحدث انقلاب الرحم ليعود إلى حجمه الطبيعي.
المسؤول عن انقلاب الرحم هو هرمون الأوكسيتوسن ويفرز في أثناء الحمل، ويزداد خلال المخاض فيسهل الولادة و يقلل النزف، وفي أثناء الرضاعة ليحفز انقباضات الرحم، وعودته إلى حجمه الطبيعي.
- الأمهات المرضعات أقل عرضة للاكتئاب
النساء اللواتي يرضعن أولادهن طبيعيًا أقل عرضة للاكتئاب عن اللائي يفطمن مبكرًا أو لا يُرضعن.
- الرضاعة الطبيعية تقلل من مخاطر الأمراض
الرضاعة تحمي الأم من خطر الإصابة بسرطان الثدي، والمبيض.
كما أنها تحمي من أمراض ارتفاع ضغط الدم، التهاب المفاصل، ارتفاع نسبة الدهون في الدم، أمراض القلب، النوع الثاني من السكري.
- الرضاعة الطبيعية قد تمنع الدورة الشهرية
استمرار الرضاعة قد يوقف الإباضة والحيض، وهي طريقة طبيعية لتنظيم فترات الحمل.
- توفير الوقت والمال
حليب ثدي الأم متوفر دائمًا في درجة حرارة مناسبة، وجاهزًا للشرب.
الأوضاع الصحيحة للرضاعة الطبيعية
يولد الطفل بغريزة الرضاعة الطبيعية، فتضعينه على صدرك ويفتح فمه ويبدأ الرضاعة، ولكنها لا تكون بهذه السهولة.
- وضعية المهد
خلال الرضاعة الطبيعية اجلسي مستقيمة بشكل مريح على كرسي ذو مساند للذراعين، أو منطقة بها العديد من الوسائد لدعم ذراعك.
احملي طفلك على ذراعك الأيمن إن كانت رضعته من الجانب الأيمن، و ذراعك الأيسر إن كانت من الجانب الأيسر.
- وضعية المهد المعكوس
نفس وضعية المهد، احملي طفلك على ذراعك الأيمن إن كانت رضعته من الجانب الأيسر، و ذراعك الأيسر إن كانت من الجانب الأيمن.
- وضعية كرة القدم
خيارًا مناسبًا بعد الولادة القيصرية.
اجلسي على كرسي منخفض، مزود بمسندين عريضين.
احملي طفلك بجانبك مع ثني كوعك، واسندي رأسه بيدك ووجهيه نحو ثديك مع سند ثديك بمسكه باليد الأخرى على شكل حرف C.
- حمل التوأم بوضعية كرة القدم
بداية إرضاع التوأم يفضل أن يرضع كل منهم على حدى، ليسهل تتبع الكمية التي يتناولها كل طفل.
عندما تعتادين إرضاع أطفالك، يمكنك تجربة إرضاعهما في نفس الوقت.
اجلسي على مقعد له مسندين عريضين، مع وضع وسائد في حجرك، واحملي طفلًا على كل جانب، مع ثني الكوع، سيكون ظهرا الرضيعين مستندين إلي ساعديك.
- وضعية الاستلقاء جانبًا
مناسب في أثناء الليل عندما تشعرين بالتعب.
استلقي على جانبك، وجهي طفلك نحو ثديكِ واسندي جسمه بإحدى يديكِ وامسكي ثديك بالأخرى، وعند بدء الرضاعة استخدمي إحدى ذراعيك في إسناد رأسك متى تريدين.
- وضعية الاسترخاء
أكثر راحة للأم والطفل، ويصبح الطفل أكثر حرية في حركة الرأس والساقين، ويستطيع البحث عن الثدي وبدء الرضاعة.
شروط الرضاعة الطبيعية الناجحة
إذا اتخذت قرار إرضاع طفلك رضاعة طبيعية فتحلي بالصبر، واهتمي بالتغذية المناسبة لكي ولطفلك، واطلبي المساعدة متى تريدين.
- تحضيرك للرضاعة قبل الولادة
تواصلي مع استشاري رضاعة أو أحد الأمهات المرضعات؛ لمعرفة علامات الجوع عند الأطفال، والأوضاع الصحيحة للرضاعة.
ثم ابدئي إعداد المكان المناسب للرضاعة، وتوفير كرسي مريح، و وسادة الرضاعة، وأقمشة التجشؤ لطفلك.
- ابدئي الرضاعة الطبيعية بعد الولادة مباشرة
لبن السرسوب في الساعات الأولى بعد الولادة كافي لطفلك، وعليكِ ملامسة أقدام طفلك في أثناء الرضاعة ليزداد شعوره بالأمان، وتتم الرضاعة بشكل أفضل.
- الرضاعة الطبيعية لحديثي الولادة
اتخذي الوضع المريح لك ولطفلك خلال الرضاعة، وتجنبي اللهاية ليستفد طفلك من لبن السرسوب، و يسهل تمييز علامات الجوع لديه.
المفاهيم الخاطئة للرضاعة الطبيعية
- خرافة أن الرضاعة الطبيعية غريزة يتعلمها الطفل تلقائيًا.
رغم أن الطفل يولد بغريزة البحث عن ثدي الأم، إلا أنها تحتاج للمساعدة والتدريب لإتقان الأوضاع الصحيحة للرضاعة.
- بعد الولادة يُفصل الطفل عن أمه لترتاح.
يعد تلامس جلد الأم وطفلها في الساعات الأولى بعد الولادة حجر الأساس لبدء الرضاعة الناجحة، وتقوية الرابطة بينهما، وتحفز إدرار اللبن.
- تأجيل أول رضعة لطفلك تنهي فكرة الرضاعة الطبيعية إلى الأبد.
بدء الرضاعة في الساعات الأولى بعد الولادة أنسب قرار، ولكن يمكنك البدء متى شئتِ فاطلبي المساعدة من استشاري الرضاعة.
- لبن السرسوب ضار لطفلك تخلصي منه.
يعد لبن السرسوب أهم غذاء لطفلك لتقوية مناعته فاحرصي عليه.
- لبن الأم الفاتح لا يغذي الطفل.
حليب الأم خفيف في بداية الرضعة ليشبع الطفل، ويصبح دسمًا في نهايتها لكنه يظل أفضل غذاء لطفلك.
- لا يكفي حليب بعض الأمهات للرضاعة.
الرضاعة الطبيعية المتكررة تحفز إدرار اللبن فأغلب الأمهات لديها اللبن الكافي لطفلها.
- عليكِ ألا ترضعي طفلك في أثناء مرضك
عليكِ استشارة الطبيب، قد تكوني قادرة على استمرار الرضاعة في أثناء مرضك.
- تناولي العديد من السعرات الحرارية لزيادة إدرار اللبن
يحفز إدرار اللبن باتباع نظام غذائي صحي متوازن، وزيادة شرب المياه والسوائل.
- الرضاعة الطبيعية تسبب تشققات الحلمة
اطلبي الدعم من استشاري الرضاعة لتجنب التشققات، أو علاجها.
- وقت فطام الذكر يختلف عن الأنثى
يبدأ إدخال الطعام تدريجي بعد 6 أشهر، وكلاهما يستمرا في الرضاعة لعامين.
- الفطام بوضع شطة أو صبار على صدر الأم
الفطام التدريجي هو أنسب قرار، أنهى فترة الرضاعة بذكرى طيبه تناسب عمق رسالتها.
- شرب الأعشاب مفيدة لحديثي الولادة
لبن الأم هو المصدر الوحيد لغذاء طفلك أول 6 أشهر، خلاف ذلك قد يضر بمعدته.
- عليكِ ألا تعودي طفلك على الحمل والرضاعة المستمرة
يحتاج الطفل أول حياته إلى أمان حضنك، لذا إرضاعه يقوي الرابطة بينكما.
- إذا لم ترضعي طفلك الأول، لن ترضعي طفلك الثاني
الرضاعة الطبيعية تحتاج إلى ممارسة لذا اطلبي المساعدة فبإمكانك إرضاع طفلك بنجاح.
- الرضاعة الطبيعية وراثيه، إذا لم تستطع أمك إرضاعك فلن ترضعي طفلك
بالتدريب والممارسة أغلب الأمهات قادرة على الإرضاع بنجاح
الفطام
مهما كان عمر طفلك نعلم أنك فكرتي كثيرًا في قرار الفطام ونساندك، ورغم صعوبته عليكما، إلا أنه بداية مرحلة جديدة لطفلك.
لذا عليكِ التخطيط للفطام التدريجي، وإلغاء جلسة رضاعة كل 3- 5 أيام يساعد على تقليل إدرار اللبن تدريجيًا، لكن إذا اضطررت التوقف المفاجئ استشيري طبيبك.
قدمي لطفلك السوائل والأطعمة الصلبة لتلبية احتياجاته الغذائية.
قد تتغير هرموناتك وتتأثر عاطفتك بعد توقف الرضاعة، لذا اطلبي دعم من حولك، واقض وقتًا في ممارسة هواياتك.
ختامًا رحلة الرضاعة الطبيعية ستظل ذكرى جميلة لك ولطفلك وانتهائها هو بداية لرحلة جديدة، فاستمتعي معه في كل وقت.
اقرأ أيضًا
الولادة القيصرية | ما يجب أن تعلميه عنها
الأطفال الخدج | لماذا دخل طفلي الحضّانة؟
ما شاء الله تسلم ايدك يا دكتوره❤️
مقال رائع ومجهود واضح ربنا يبارك في معلوماتك و منتظرين مقالات أكثر