طب العظامطب عامطبي

تشوهات العمود الفقري | علاماتها وأسبابها ومضاعفاتها وعلاجها

د. مي فودة

سبحان من خلق الإنسان في أحسن تقويم. حقًا إن تركيب جسم الإنسان بكل تفاصيله معجزة إلهية. ومن أهم تلك التفاصيل العمود الفقري. دعونا نتعرف أكثر في هذا المقال على العمود الفقري الطبيعي، وتشوهات العمود الفقري التي قد تصيبنا، وأسبابها، وعلاجها.

ما شكل العمود الفقري الطبيعي؟

سلسلة من الفقرات العظمية، متصلة ببعضها بأربطة وعضلات، يتخللها أقراص غضروفية ناعمة بين كل فقرتين؛ لتمنح العمود الفقري المرونة المطلوبة للحركة، والانحناء، والالتواء، وتمتص الصدمات، وتمنع احتكاك الفقرات؛  لتحمي الفقرات من التآكل.

يساعد هذا التكوين في الحفاظ على اتصال عظام الفقرات، ومحاذاتها.

يبدو العمود الفقري مستقيمًا عند النظر إليه من الأمام، لكن عند النظر إليه من الجانب فنجد أن به ٣ انحناءات؛ لتمتص صدمات المشي، وتحافظ على مكان الرأس الطبيعي بمحاذاة الحوض، والخاصرة.

تأخذ ال3  انحناءات شكل حرف ال(s) حيث يتقوس قليلًا للداخل في الجزء العنقي، ثم ينحني قليلًا للخارج عند الصدر، ثم ينحني للداخل مرة أخرى أسفل الظهر.

علامات تشوه العمود الفقري

عرّف الأطباء تشوهات العمود الفقري بأنها عدم محاذاة الفقرات، أو انحناء العمود الفقري بشكل غير طبيعي، وقد تحدث نتيجة لعدة أسباب منها:

  • عيب خلقي.
  • الشيخوخة.
  • إصابة، أو جراحة سابقة في العمود الفقري.

أنواع تشوه العمود الفقري

  • الجنف: 

انحناء العمود الفقري إلى جانب واحد.

  • الحداب: 

انحناء العمود الفقري أكثر من ٥٠ درجة في منطقة الصدر.

  • اللورد (الارتداد):

 انحناء العمود الفقري للداخل بشكل ملحوظ جدًا في منطقة أسفل الظهر.

علامات تشوه العمود الفقري

تختلف علامات تشوه العمود الفقري حسب نوع التشوه، مثلًا:

الجنف: 

يظهر على المريض بعض العلامات، منها:

  • تصلب في منتصف الظهر.
  • ضعف في الساقين، أو القدمين، وقد يكون مصحوبًا بتنميل.
  • قد يسبب ألمًا أسفل الساق، وهو ما يُعرف بـ (عرق النسا)، وفيه يعجز المريض عن الوقوف مستقيمًا، وعن المشي لمسافة طويلة.
  • الألم ليس مشروطًا بوجود الجنف؛ لأن الألم قد يرجع إلى الضغط على العصب، وليس انحناء الفقرات.

الحداب:

 يظهر على المريض بعض العلامات، مثل:

  • العجز عن الوقوف بشكل مستقيم.
  • إذا انحنى المريض فإنه يستعيد وضع الوقوف بصعوبة، ويجد صعوبة في التحدث، والتواصل البصري مع الآخرين.
  • يصعب عليه الاستلقاء بشكل مسطح.

اللورد (الارتداد):

وفيه يبدو المريض وكأنه مائلًا للخلف.

مضاعفات تشوهات العمود الفقري

يؤدي تجاهل تشوهات العمود الفقري البسيطة إلى مضاعفات أكثر خطورة، منها:

متلازمة الظهر المسطح (flat back syndrome)

حالة يعاني مريضها فقد القعس الطبيعي (الانحناء للداخل) للعمود الفقري في المنطقة القطنية؛ ليصبح شبه مستوي تمامًا مع مرور الوقت.

أعراض متلازمة الظهر المسطح

يلجأ المريض إلى إمالة الحوض، وثني الركبتين، والوركين؛ ليتكيف مع الحالة، ويستطيع الوقوف بشكل مستقيم.

لكن يؤدي هذا التكيف إلى مزيد من الألم؛ وبالتالي تتطور الأعراض لتشمل:

  • يبدو المريض كأنه مائل للأمام.
  • آلام في الظهر والساقين.
  • العجز عن أداء المهام والأنشطة اليومية.
  • تظهر بعض الأعراض العصبية إذا ضاقت القناة الشوكية.

أسباب متلازمة الظهر المسطح

تحدث كنتيجة لبعض الحالات، مثل:

  • مرض القرص التاكسي: 

تآكل وتمزق الأقراص الغضروفية بين الفقرات القطنية.

  • التهاب الفقار اللاصق:

التهاب مزمن في العمود الفقري؛ يؤدي إلى تصلب المفاصل، واندماج أجزاء العمود الفقري؛ لذلك يفقد العمود الفقري قعسه القطني الطبيعي.

تشوهات العمود الفقري عند حديثي الولادة

على الرغم من أنها نادرة الحدوث، فقد تتفاوت خطورة تشوهات العمود الفقري عند الأطفال.

من أكثر هذه التشوهات شيوعًا:

  • تكهف النخاع (Syringomyelia):

حالة ناتجة عن تكون كيس يحتوي على سائل يعرفُ ب syrinx، يتمدد هذا الكيس مع مرور الوقت ويضغط على الحبل الشوكي؛ ويؤدي إلى تلفه.

التشوه الخياري (Chiari malformation): وفيه تنزل بعض محتويات الدماغ للأسفل باتجاه العمود الفقري.

  • الجيب الجلدي: فتحة صغيرة على سطح الجلد أعلى العمود الفقري، لكنها عميقة من الداخل، ومتصلة بالعمود الفقري، والحبل الشوكي. 
  • استسقاء الرأس: تراكم سائل غير طبيعي في الدماغ.
  • السنسنة المشقوقة: فقرة غير مكتملة، قد تحتوي على أعصاب، ونخاع شوكي.
    • قد تكون مخفية (مغطاة بجلد)
    • وقد تكون مفتوحة (غير مغطاة بجلد، ويمكن رؤية ما بداخلها من أعصاب وأنسجة، وتعرف باسم القيلة النخاعية السحائية.
  • الحبل المربوط: 

الضغط الشديد على الحبل الشوكي؛ نتيجة لوضع الفقرات غير الطبيعي.

  • الجنف: ما ذكرناه سابقًا.
  • الحداب: أحد أشكال تشوهات العمود الفقري، قد يولد به الطفل، لكن تتطور معظم الحالات في فترة المراهقة.

 أعراض حداب العمود الفقري

تختلف الأعراض، فمنها مرئية مثل:

  • تحدب الجزء العلوي من الظهر، ويظهر بوضوح عند الانحناء للأمام.
  • انحناء الرأس للأمام.
  • صغر المسافة بين الكتفين، أو اختلاف موضعهما.

وهناك أعراض يعانيها الطفل إذا كان الحداب شديدًا، منها:

  • شد عضلات الفخذ من آخرها، عند أوتار الركبة.
  • ألم وتيبس الظهر.
  • صعوبة التنفس نتيجة الضغط على الرئتين.

أسباب حداب العمود الفقري

تنوعت أسباب الحداب، منها:

  • أسباب وراثية: مثل حداب شويرمان.
  • حالات عصبية عضلية، مثل: الشلل الدماغي، والسنسنة المشقوقة.
  • أورام العمود الفقري الحميدة، أو السرطانية.
  • التهاب العمود الفقري.
  • كسر لم يعالج.

أنواع حداب العمود الفقري

  • حداب خلقي: يولد به الطفل، وقد لا يلاحظ عند الولادة، لكنه يزداد وضوحًا مع نمو الطفل، ويحتاج إلى تدخل جراحي في مرحلة الطفولة، أو المراهقة.
  • حداب وضعي: حداب ظاهري فقط، وليس تشوهًا في البنية، لذلك فهو غير مؤلم. يستطيع الشخص الوقوف مستقيمًا.
  • يحدث هذا النوع نتيجة لوضع الجلوس الخاطئ أمام الكمبيوتر لوقتٍ طويلٍ.
  • يصبح الحداب الوضعي خطيرًا إذا أدى إلى نمو العمود الفقري، وعضلات الظهر بشكلٍ غير سليم.
  • يؤدي العلاج الطبيعي إلى نتائج جيدة لهذا النوع من الحداب.

تشخيص تشوهات العمود الفقري

يشخص الطبيب تشوهات العمود الفقري بإحدى الطرق التالية:

  • الأشعة السينية:

يستخدم الطبيب الأشعة السينية الخاصة بالثني، والإطالة؛ لقياس درجة عدم محاذاة العظام.

  • تصوير الرنين المغناطيسي:

يستخدمه الطبيب؛ ليقيم إصابة الحبل الشوكي، وتلف الأربطة، والأقراص الغضروفية بين الفقرات.

  • تصوير النخاع:

يعطي للطبيب صورة مفصلة للقناة الشوكية، والحبل الشوكي.

علاج تشوهات العمود الفقري

يشمل علاج العمود الفقري غير الخلقية الوقاية بشكلٍ أساسي.

إذ ينصح الأطباء باتباع عادات يومية سليمة؛ تحمي العمود الفقري من أي انحناء غير طبيعي، ومنها:

  • تناول وجبات صحية، وممارسة رياضة بسيطة بشكل يومي؛ للحفاظ على وزن الجسم المثالي.
  • رفع الأشياء بشكل مناسب لا يمثل ضغطًا على العمود الفقري.
  • الاهتمام بالمكملات الغذائية الداعمة للعظام؛ لتحميها من الهشاشة.

أما إذا حدثت التشوهات بالفعل، أو إذا كانت التشوهات خلقية، فإن الطبيب يضع خطة للعلاج حسب شدة الأعراض. وتشمل:

  • العلاج الطبيعي:

يساعد العلاج الطبيعي في تقوية الظهر، والرجل، وعضلات البطن، وزيادة مرونة العمود الفقري، والساقين.

بشرط أن يكون العلاج الطبيعي، والتمارين تحت إشراف أختصاصي مؤهل لذلك.

  • العلاج الدوائي

ينصح الأطباء باستخدام بعض الأدوية، مثل:

  • أدوية تدعم كثافة العظام؛ للتغلب على هشاشة العظام، والوقاية منها.
  • أدوية لعلاج التهاب المفاصل، قد تكون:
    •  مضادات التهاب غير ستيرودية (NSAIDs) مثل:الأسبرين والإيبوبروفين.
    •  أو مضادات التهاب ستيرودية؛ لتقليل التورم والالتهاب لكن بجرعة دقيقة يحددها الطبيب.
  • استخدام الدعامة:
  • ينصح به في حالات الجنف عند الأطفال فقط.
  • لن يؤدي إلى تقويم العمود الفقري عند البالغين.
  • قد يؤدي استخدام الدعامة إلي ضعف عضلات الظهر؛ مما يتسبب في المزيد من الألم.
  • العلاج بالتدليك أو الموجات الصوتية أو الوخز بالإبر:
  • قد يلجأ الطبيب إلى استخدامهم في الحالات البسيطة من تشوهات العمود الفقري؛ نظرًا لنتائجهم الجيدة في الحالات البسيطة.
  • الجراحة:

الخطوة التي تُحدد فقط بمعرفة طبيب جراحة الأعصاب، الذي يمكن أن ينفذ الجراحة بأكثر من تقنية، حسب الحالة.

فمثلا:

  • إذا كان الجنف بسيطًا فيقرر الطبيب استئصال الصفيحة الفقرية؛ لتخفيف الضغط على العصب.
  • قد يلجأ الطبيب إلى استخدام الطعم العظمي (عظم مأخوذ من عظام الجسم) ليربط الفقرتين؛ وبالتالي تتكون كتلة عظمية صلبة؛ تحافظ على الغضروف من ضغط الفقرات.

تمارين لعلاج تشوهات العمود الفقري

تساعد التمارين في علاج تشوهات العمود الفقري خاصةً في حالة الجنف.

وإليكم بعض التمارين:

  • تمرين إمالة الحوض: 
    • يستلقي المريض على ظهره.
    • ثم بثني الركبتين بشرط أن تكون قدماه مسطحتين على الأرض.
    • يشد المريض عضلات البطن لمدة ٥ ثواني، ثم يتنفس بصورة طبيعية، ويكرر.
  • تمرين ضغط البطن على الساقين:
    • يستلقي المريض على ظهره.
    • يثني الركبتين والساقين واحدة تلو الأخرى ليصنعوا زاوية ٩٠ درجة.
    • ثم يمد ذراعيه ليلمس ركبتيه على نفس الوضعية.
    • يظل هكذا ليأخذ ٣ أنفاس عميقة.
  • تمرين توازن القدم الواحد:
    • يقف المريض بوضع مستقيم تمامًا.
    • يثني ركبة واحدة، ويحافظ على توازنه بفرد ذراعيه للخارج.
    • ثم يرفع ذراعيه عند صدره، ويغمض عينيه لمدة ٥ ثواني، ويكرر.
  • تمرين بلانك:
    • يستلقي المريض على بطنه.
    • يرفع جسمه ببطء مستندًا على كوعيه، وركبتيه.
    • ثم يستند على يديه وأصابع قدميه مع الحفاظ على الظهر مسطحًا تمامًا.
    • البقاء على هذه الوضعية لمدة ١٥-٢٠ثانية، وتكرر.

يجب أن تُجرى التمارين تحت إشراف اختصاصي مؤهل؛ لتفادي المضاعفات.

وأخيرًا إن تشوهات العمود الفقري حالة لا يمكن تجاهلها، أو التغافل عنها في المراحل المبكرة؛ لتفادي مضاعفات أكثر خطورة قد تنتج في المستقبل.

اقرأ أيضًا

اليوجا | أنواعها وأهم الأوضاع لممارستها في المنزل للمبتدئين

أكلات رمضانية | رولات اللحمة بالبصل والخضار

قرص النحل | فوائد وأضرار (هل يسبب الموت؟)

مراجعة وتدقيق: د. رقية الصاوي

مراجعة طبية: د. أحمد فوزي

تحرير: د. أحمد فوزي

المصدر
www.gillettechildrens.orgwww.choc.org/orthopaedicswww.spinemd.com/what-we-treat

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى