الأدوية والمستحضرات الطبيةالصحة النفسيةطبي

دواء لاموتريجين (Lamotrigine)

اسمح لي أن أسير معك في تجرِبة، قد تراها قاسيةً على من لم يجربها، ومريرةً على من يعيشها.

فنحن بصدد دواءٍ شديدِ الدقّة، يعمل عن طريق العبث بأثمن ما يملك الإنسان، وهو الجهاز العصبي.

ولذلك دعني أحذّرك، فعليك التعامل مع دواء لاموتريجين – وغيره من الأدوية المماثلة – بحِرصٍ شديدٍ، وإلّا فلن تأمن آثاره الجانبية.

ما هو دواء لاموتريجين (Lamotrigine)؟

تركيب الدواء

يندرج ضمن مركبّات تُعرَف بالأزينات (azines)، وتحديدًا التريازينات (triazines).

الأزينات هي مركبات عضوية سداسية الحلقة، تحوي في بنيتها ذرّة نيتروجين أو أكثر؛ وبذلك نستنتج أن التريازينات تحوي ثلاث ذرّات من النيتروجين.

في تركيب دواء لاموتريجين، تمتاز مجموعة التريازين (أو ثلاثي الأزين) بالآتي:

  1. وجود ثلاث ذرّات من النيتروجين، عند المواضع 1 و2 و4.
  2. ووجود مجموعتين من الأمين (amino groups) عند الموضعَين 3 و5.
  3. وجود مجموعة الفينَيل (phenyl group) عند الموضع 6.

ومجموعة الفينيل بدورها تحمل ذرّتَين من الكلور عند الموضعَين 2 و 3.

وبذلك يصبح الاسم النظامي (IUPAC name) لدواء لاموتريجين: 

6-(2،3-ثنائي كلورو فينيل)-1،2،4-ثلاثي الأزين-3،5-ثنائي الأمين.

ونجد تركيبته موضّحة بالشكل التالي، مع تظليل كلٍّ من ذرّات الكربون باللون الأسود، والنيتروجين باللون الأزرق، والهيدروجين باللون الأبيض، والكلور باللون الأخضر.

أين وكيف يعمل دواء لاموتريجين؟

يستهدف الدواء الجهاز العصبي، ويؤثر تحديدًا على التشابكات العصبية (synapses)، فيعمل على إحدى هذه التراكيب الثلاثة التي نجدها في أي تشابكٍ عصبيّ: 

  1. القنوات الأيونية (ion channels).
  2. الناقلات العصبية (neurotransmitters).
  3. المستقبلات (receptors).

ويؤدي ذلك في النهاية إلى انخفاضٍ عام في النشاط الكهربي داخل المخ، وبذلك نستنتج إمكانية استخدام لاموتريجين مع أمراضٍ تؤدي إلى زيادة النشاط الكهربي للمخ.

ما هو التشابك العصبيّ؟

التشابك العصبي هو نقطة التقاء بين خلية عصبية، تُسمّى بالخلية قبل المِشبَكية (presynaptic)، وخلية أخرى، قد تكون عصبية أو غير ذلك، وتُسمّى بالخلية بعد المِشبَكية (postsynaptic)، ويسمح ذلك الالتقاء بتمرير الإشارة العصبية من الخليّة الأولى إلى الثانية.

يتم ذلك عن طريق خروج الناقل العصبي من الخلية الأولى، وارتباطه بالمستقبلات الموجودة في الغشاء الخلوي للخلية الثانية.

وبذلك فإنّ أيَّ مؤثِّرٍ يُقلِّل خروج الناقل العصبي، أو يُغلِق تلك المستقبلات، يُنقِصُ انتقال الإشارات العصبية من الخلية قبل المشبكية إلى الخلية بعد المشبكية.

أما عن القنوات الأيونية، فهي قنوات مغروسة في الغشاء الخلوي لكافة خلايا الجسد تقريبًا، وتسمح بمرور الأيونات إلى وخارج الخلية عند فتحها، وهي الوسيلة التي تنتقل بها الإشارة على طول امتداد الخلية العصبية إلى أن تصل إلى التشابك العصبي.

وبذلك فإنّ أيَّ مؤثِّرٍ يُغلِق هذه القنوات، يُنقِصُ انتقال الإشارات على امتداد الخلية العصبية.

أنواع الخلايا العصبية قبل المِشبَكية

يُمكِن تقسيم الخلايا العصبية وفقًا لمعايير كثيرة، ولكننا هنا سنقسّمُ الخلايا العصبية قبل المِشبَكية إلى نوعين بناءً على ما تُحدِثه من نشاطٍ كما يلي:

  1. الخلايا العصبية المُنَشِّطة (excitatory neurons)، وذلك لأنّ تلك الخلايا تُخرِج ناقلات عصبية مُنَشّطة، تُحفِّز الخلايا بعد المِشبَكية، مثل حِمض الجلوتاميك (glutamic acid).
  2. الخلايا العصبية المُثبِّطة (inhibitory neurons)، وذلك لأنّ تلك الخلايا تُخرِج ناقلات عصبية مُثبِّطة، تحِدُّ من نشاط الخلايا بعد المِشبَكية، مثل حِمض GABA.

وبذلك فإنّ أي زيادة في نشاط الخلايا المنشطة يُزيد من النشاط الكهربي للمخ، وأي زيادة في نشاط الخلايا المثبطة يُنقِص من النشاط الكهربي للمخ.

ماذا يفعل دواء لاموتريجين عند التشابك العصبي؟

كما سبق أن ذكرنا، فإنّ دواء لاموتريجين يعمل على خفض النشاط الكهربي للمخ، ويتحقق ذلك عن طريق استهداف التشابكات العصبية للخلايا المنشطة التي تُفرِز حِمض الجلوتاميك (excitatory glutamatergic neurons).

يقلُّ التوصيل الكهربي في تلك الخلايا تحت تأثير دواء لاموتريجين الذي:

  1. يُغلِق قنوات الصوديوم والكالسيوم المُبوّبة بالجهد الكهربي في الخلية قبل المِشبَكية.
  2. يُغلِق إحدى مستقبلات حِمض الجلوتاميك، الذي يُدعَى بالمستقبل AMPA، في الخلية بعد المِشبَكية.

استخدامات دواء لاموتريجين العلاجية

يُستخدم لاموتريجين في الأمراض التالية:

  1. الصرع (Epilepsy).
  2. الاضطراب ثنائي القطب (Bipolar disorder).

وهي أمراضٌ تصيب الجهاز العصبي وتعبث بالإشارات العصبية بين خلاياه، مما يُحدِثُ اضطراباتٍ حركية، أو حِسِّيِّة، أو حتى سلوكية، وفقًا للجزء المتضرِّر من الجهاز العصبي.

سنتناول كلًّا منهما بشيءٍ من التفصيل.

دواء لاموتريجين والصرع

ما هو الصرع (Epilepsy)؟

الصرع هو اضطراب مزمن في الجهاز العصبي، يمتاز بحدوث نوبات دماغية تُعرف بنوبات الصرع (epileptic seizures).

مصطلح الصرع لا يُطلق إلّا على النوبات المتكررة والمزمنة، ولا نستخدمه لوصف النوبات الحادّة، مثل التي قد تحدث في الالتهاب السحائي الحاد، إلا في حال تعقّدت تلك النوبات لتصبح مزمنة.

حدوث نوبتين أو أكثر خلال أقل من 24 ساعة، دون وجود سبب واضح لتلك النوبات، يجعلنا نظنّ أن الصرع هو ما وراء تلك النوبات.

ما هي النوبات الدماغية (Seizures)؟

النوبات الدماغية ما هي إلا فترات منتهية من الخلل الدماغي المفاجئ وغير المنضبط، مؤدية لحدوث تغيّرات سلوكية أو ردّات فعل حركية لا إرادية.

تتراوح مدة تلك النوبات من 30 ثانية إلى دقيقتين، أو خمس دقائق في الحالات الطارئة.

ماذا يحدث للخلايا العصبية خلال النوبة الدماغية؟

تحدث النوبات الدماغية – بكل أنواعها – نتيجة زيادة النشاط الكهربي للمخ خلال مدّة النوبة؛ حيث يحدث: 

  1. زيادة في نشاط الخلايا العصبية المنشِّطة (excitatory neurons).
  2. انخفاض في نشاط الخلايا العصبية المثبِّطة (inhibitory neurons).

ممّا يؤدي إلى حدوث اضطرابات في التوازن الطبيعي بين الإشارات العصبية المنشّطة والمثبطة.

لا يوجد سبب محدّد يجعل الخلايا العصبية تُحدِث تلك الاضطرابات، بل إنّ كثيرًا من النوبات الدماغية غير معلومةِ السبب، وقد تشمل مساحة كبيرة من الأمراض العصبية، بدايةً من العدوى إلى الأورام وإصابات الرأس.

ولذلك نلاحظ وجود الكثير من أنواع النوبات الدماغية، منها ما يكون له سببٌ واضحٌ مثل نوبات الحُمّى (febrile seizures، ومنها ما يحدث دون سببٍ واضحٍ مثل نوبات الصرع.

بغضّ النظر عن سبب حدوثها، تختلف النوبات الدماغية في حِدّتها والأعراض الناتجة عنها، وتختلف أيضًا في مكان بدايتها ومدى انتشارها داخل المخ.

على سبيل المثال، نوبات الصرع قد تكون مُعَمّمة (generalized seizures) إن شملت المخ كُلََّه، أو مركزية (focal seizures) إن شملت بعض مراكز المخ.

استخدام دواء لاموتريجين مع النوبات الدماغية

يندرج دواء لاموتريجين ضمن عائلة من الأدوية المعروفة باسم مضادّات التشنُّج والصرع (anticonvulsants and antiepileptic drugs).

رحلة علاج النوبات الدماغية تشمل:

  1. علاج سبب تلك النوبات -إن وُجِد-.
  2. التحكم في تلك النوبات.

إن علمنا سبب حدوث النوبات الدماغية، فمن المتوقع أن يتوقف حدوثها بمجرد معالجة ذلك السبب، وفي بعض الأحيان، تستمر النوبات بعد زوال السبب، فتُعامَل في علاجها معاملة النوبات غير معلومة السبب. 

وفي حال النوبات غير معلومة السبب، فيعتمد العلاج بشكلٍ كلّي على السيطرة على تلك النوبات، ويستمر المريض في تناول الدواء حتى يجد أنّ النوبات الدماغية توقفت عن الحدوث لمدةٍ لا تقل عن سنة.

عندئذٍ، يستطيع المريض أن يُقلّل من جرعة الدواء ثم يوقفها نهائيًّا بالتدريج، إلا في حال أتته النوبات مرةً أخرى، فيعود إلى الجرعة الأصلية.

أثبت دواء لاموتريجين فاعليته في كونه مضادّ واسع المجال للتحكم في النوبات الدماغية والصرع (broad-spectrum AED)، حيث يُستخدم في معظم أنواع النوبات الدماغية، سواء كانت نوبات الصرع أو أيّ نوباتٍ أخرى.

في الغالب، يُستخدم دواء لاموتريجين في العلاج الإضافي (add-on therapy)، حيث يؤخذ مع الدواء الأساسي، ولكن في بعض الأحيان، يمكن استخدامه في العلاج الأساسي وحده دون الاستعانة بأدوية أخرى (monotherapy).

يختار الطبيب الدواء لمريض الصرع، سواء كان دواء لاموتريجين أو أحد نظائره، بناءً على التجربة والخطأ، فيصل بذلك إلى الدواء المناسب لحالة ذلك المريض.

لا يجب استخدام دواء لاموتريجين مع الأطفال الأقل من عمر سنتَين.

دواء لاموتريجين والاضّطراب ثنائي القُطب

ما هو الاضطراب ثنائي القطب (Bipolar Disorder)؟

الاضطراب ثنائي القطب هو اضطرابٌ في الصحّة العقلية، يمتاز بحدوث تقلّبات مزاجية شديدة، ما بين الارتفاعات العاطفية (emotional highs) مثل الهوس (mania)، والانخفاضات العاطفية (emotional lows) مثل الاكتئاب.

يُعرف الاضطراب ثنائي القطب بالهوس الاكتئابي (manic depression)، للتعبير عن شدة التقلبّات المزاجية التي يسببها هذا الاضطراب.

يعاني مريض الاضطراب ثنائي القطب من تغيرات في المِزَاج، والطاقة، ومستويات النشاط، ممّا يُصعّب عليه حياته وأنشطته اليومية.

لا يوجد سبب واضح لحدوث هذا الاضطراب.

استخدام دواء لاموتريجين مع الاضطراب ثنائي القطب

تفيد بعض الدراسات بأنّ الاضطراب ثنائي القطب يصاحبه تغيّرات وزيادة في النشاط الكهربي للمخ، ولذلك نجد أنّ لاموتريجين يُبدي فاعلية في الحدّ من التقلبّات المزاجية، ويُعيد توازن الناقلات العصبية داخل الجهاز العصبي.

الأعراض الجانبية لدواء لاموتريجين

يُعَد الطفح الجلدي أكثر الأعراض الجانبية شيوعًا لدواء لاموتريجين، مع إمكانية حدوث بعض الأعراض الجانبية الأخرى.

الطفح الجلدي (Skin rash)

الطفح الجلدي ليس عَرَضًا خَطِرًا لدواء لاموتريجين، ولكن في حال حدوثه، وجب إخبار الطبيب على الفور، لأنّه يُمكن أن يتعقّد إلى حالةٍ جلدية مهدِّدة للحياة، تعرف باسم متلازمة ستيفنز جونسون (Stevens-Johnson syndrome).

نادرًا ما تحدث هذه المتلازمة، وتُسبّب أعراض تُشبه نزلات الإنفلونزا (flu)،
مع ظهور بثور حمراء أو بنفسجية منتشرة في مناطق كثيرة من الجلد.

إن حدثت تلك المتلازمة، فإنها تحدث غالبًا في الأسابيع الثمانية الأولى من استخدام دواء لاموتريجين،
وتزداد احتمالية حدوث هذه المتلازمة في حال زاد من الجرعة فجأة،
أو امتنع عن تناول الدواء فجأة لعدة أيام، وحين عاد ليأخذه، سار على الجرعة السابقة نفسها، ولم يبدأ بجرعةٍ قليلة ثم يزيدها بالتدريج.

أعراض جانبية أخرى لدواء لاموتريجين

  • الصداع.
  • الشعور بالنعاس والدوار.
  • العدوانية، والشعور بالضيق أو الاضطراب.
  • الارتعاش.
  • صعوبة في النوم.
  • الإسهال.
  • الشعور بالغثيان أو الرغبة في القيء.

دواء لاموتريجين مع الحمل والرضاعة وزيادة الوزن

دواء لاموتريجين والحمل

أثبتت السجلّات بشكلٍ دائم أنّ دواء لاموتريجين من أكثر الأدوية أمانًا على الجنين،
وأنّه لا يؤدي إلى أيّ تشوّهاتٍ خلقية، أو تأخر في النمو العقلي.

هذه النتائج تجعل دواء لاموتريجين -على الأرجح- الاختيار الأول لأي حاملٍ تحتاج إلى استخدام مضادّات التشنّج والصرع.

لا ينفي ذلك ضرورة المتابعة مع الطبيب لتحديد الجرعات المناسبة للدواء خلال فترات الحمل المختلفة،
ولكن لا يجب الامتناع عن تناول الدواء خلال الحمل، وذلك لأنّ النوبات الدماغية قد تهدد حياة الأمّ وجنينها.

دواء لاموتريجين والرضاعة

أشارت النتائج إلى أنّ دواء لاموتريجين آمنٌ للمرضِع، مع حدوث بعض الأعراض الجانبية الطفيفة،
وغير الخطرة للرضيع في حال احتوى لبن الأم على تركيزٍ كبيرٍ من الدواء.

بالرغم من ذلك، يجب على الأم أن تتابع مع طبيبها بشكلٍ دوريّ، لتجنّب أي آثار جانبية خطرة قد تحدث لطفلها الرضيع.

دواء لاموتريجين وزيادة الوزن

إن كنتَ قلقًا من زيادة وزنك بسبب دواء لاموتريجين، فاطمئن،
حيث إنّ لاموتريجين لا يؤثر بشكلٍ كبيرٍ على الوزن، إما بالزيادة أو النقصان.

هذه الحقيقة تجعل دواء لاموتريجين من الأدوية المطمئنة لمرضى الاضطراب ثنائي القطب،
حيث إنّ كافة أدوية هذا الاضطراب تُسبّب زيادة الوزن.

دواء لاموتريجين في الصيدليّات

الاسم التجاري لدواء لاموتريجين وأشكاله التجارية

يُباع لاموتريجين تحت الاسم التجاري لاميكتال (lamictal)، ويوجد دواء لاميكتال في شكل أقراص الفم (oral tablets)، ويتوافر من تلك الأقراص عدّة نسخ، وهي:

  1. لاميكتال فوري الإطلاق (Lamictal IR).
  2. ولاميكتال مُمَدّد الإطلاق (Lamictal XR).
  3. لاميكتال القابل للمضغ (Lamictal CD).
  4. لاميكتال الذائب في اللسان (Lamictal ODT).

وتحتوي العبوّة على 30 قرصًا.

سعر دواء لاموتريجين (لاميكتال)

يختلف سعر دواء لاميكتال وفقًا لتركيز الدواء، فيبلغ سعر:

  1. لاميكتال 25 مجم من 30 إلى 45 جنيهًا.
  2. ولاميكتال 50 مجم من 51 إلى 76 جنيهًا.
  3. لاميكتال 100 مجم من 87 إلى 122 جنيهًا.

برجاء عدم اتّباع أيٍّ من التعليمات الواردة مُسبَقًا إلّا بعد استشارة طبيبك الخاص.

اقرأ أيضًا

الشخصية العُصابية بين التعاطف والاتهام

حبة البركة أو الحبة السوداء | أسرار وفوائد لا تفوتك

الدواء المصري | تحديات الحاضر وآمال المستقبل!

المصدر
verywellmindpubmedhealthlinewebmdmayoclinicmedicalnewstodaymedlinepluswebmdmayoclinic

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى