طب عامطبي

نزيف الأنف | عرض أم مرض؟

عزيزي القارئ، دعني أطرح عليك سؤالًا، هل استيقظت ذات مرة وبجوار رأسك بقعة من الدَّم تملأ الفراش؟ هل شعرت يومًا بشيء ما يضغط رأسك وفجأة وجدت أنفك ينزف؟ هل يعاني أحد أقاربك نزيف الأنف؟

إن مررت بما سبق، فدعني أصطحبك في هذا المقال لنكتشف معًا أهم الحقائق حول هذا النزيف وكيفية علاجه.

ما نزيف الأنف؟

عزيزي القارئ، قبل أن نعرف ذلك دعنا نتعرف إلى الأنف، ذلك العضو المذهل.

عضو الأنف

يقع الأنف بين العينين ويمتد إلى الفم، يعمل مدخلًا للجهاز التنفسي ويحتوي على العضو الشَمِي.

بالإضافة للسابق، فإن الأنف يُرطب الهواء بترشيحه وتدفئته وترطيبه.

مم يتكون الأنف؟

يحتوي الأنف على تجويفين (Nasal cavities)، يفصل بينهما جدار من الغضروف يسمى الحاجز (Nasal septum).

تُعرف الفتحات الخارجية باسم مدخل الأنف (Nostrils).

يُعد شكل تجويف الأنف معقدًا، يسمى القسم الأمامي -داخل وفوق كل منخر- الدهليز.

يوجد خلف الدهليز وعلى طول كل جدار خارجي ثلاثة ارتفاعات، تعمل عمومًا من الأمام إلى الخلف.

يسمى كل ارتفاع محارة الأنف وهو جزء معلق فوق ممر هوائي، وتقع المنطقة الشمية من تجويف الأنف بجانب وفوق المحارة العلوية.

يُعد ما تبقى من التجويف الجزء التنفسي، تُبطَن المنطقة التنفسية بغشاء مخاطي رطب مع نتوءات دقيقة تشبه الشعر تُعرف باسم الأهداب، التي تعمل على جمع الأتربة التي تدخل الأنف.

توجد أوعية دموية كثيرة ورقيقة بتجويف الأنف تحت البطانة، التي تعمل على ترطيب الهواء وتدفئته.

نزيف الأنف المستمر

يعرف أيضًا بالُرعَاف أو (Nosebleed / Epistaxis)، ويطلق هذا الاسم على أي نزيف حاد من فتحة الأنف أو تجويف الأنف أو البلعوم الأنفي.

تتكرر هذه الشكوى عادةً في قسم الطوارئ (ED)، وغالبًا ما تُسبب قلقًا كبيرًا لدى المرضى والأطباء.

مدى انتشار نزيف الأنف

تُفيد الإحصائيات أن المعدل الحقيقي ليس معروفًا حتى الآن، لكن وُجد أن النزيف ينتشر بين الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين (2 إلى 10 سنوات)، وكبار السن بين (50 إلى 80).

أنواع نزيف الأنف

يُمكن تقسيم النزيف حسب المنشأ إلى نزيف أمامي ونزيف خلفي.

النزيف الأمامي

يبدأ في مقدمة الأنف في الجزء السفلي من الجدار الذي يفصل بين جانبي الأنف (الحاجز الأنفي).

يبدأ النزيف في الشعيرات والأوعية الدموية الصغيرة المعروفة باسم ضفيرة كيسيل باخ (Kiesselbach plexus).

يُعد هذا النوع الأكثر شيوعًا، وعادةً ما يكون غير خَطِر.

ينتشر هذا النوع عند الأطفال ويمكن علاجه في المنزل.

النزيف الخلفي

يحدث هذا النوع من النزيف في الجزء الخلفي من الأنف بسبب نزيف في الأوعية الدموية المعروفة باسم ضفيرة وودروف (Woodruff plexus) الموجودة في الجزء الخلفي من الأنف بالقرب من الحلق.

يمكن أن يكون هذا النزيف أكثر خطورة من النزيف الأمامي، ويمكن أن يؤدي إلى نزيف حاد قد يتدفق إلى أسفل الحلق.

ينتشر هذا النوع بين البالغين، وربما تحتاج إلى رعاية طبية على الفور لهذا النوع من النزيف.

نزيف الأنف أسبابه وأعراضه

ربما تساءلت عزيزي القارئ لماذا يحدث هذا النزيف؟ ولماذا يحدث لبعض الأشخاص دون غيرهم؟ وما أعراضه؟

الأسباب

يمكن تقسيم المسببات إلى أسباب عامة (خارج الأنف) وأسباب محلية (سببها الأنف) وعوامل بيئية وبعض الأدوية مثل:

الأسباب العامة وتشمل

  • تشوهات الأوعية الدموية (vascular malformations).
  • أمراض القلب والأوعية الدموية (cardiovascular diseases).
  • اضطرابات النزيف مثل مرض فون ويلبراند (von Willebrand disease)، والهيموفيليا (Hemophilia A and B)
  •  تناول الكحول بكثرة ربما يزيد خطر الإصابة، إذ يعطل نشاط تخثر الدم الطبيعي، ويوسع الأوعية الدموية السطحية ويزيد خطر تمزقها.

أسباب تخص الأنف (Local causes) وتشمل الآتي

  • ارتطام الأنف (Nasal trauma).
  • الصدمة الموضعية الناتجة عن قطف الأنف (Nose-picking)
  • وجود جسم غريب في الأنف (Foreign body).
  • العيوب التشريحية مثل الحاجز المنحرف (Deviated septum).
  • الاستخدام غير الصحيح أو المفرط لبخاخات الأنف الموضعية.
  •  التهابات بطانة الأنف المزمنة.
  • أورام الأنف.
  •  التدخين والمخدرات مثل الكوكايين: قد يؤديان إلى حدوث نزيف أنفي متكرر بسبب تهيج الغشاء المخاطي للأنف.

عوامل بيئية

تشمل التغيرات في درجة الحرارة أو الرطوبة، إذ تكون أوعية الأنف أكثر عرضة للتمزق في الطقس البارد والبيئات الجافة.

يمكن أن تؤدي العوامل البيئية إلى حدوث حساسية الأنف، التي قد تزيد خطر الإصابة بالنزيف.

لا يمكن أن يؤدي رد الفعل الالتهابي التحسسي بحد ذاته إلى زيادة المخاطر فحسب، ولكن النفخ المفرط في الأنف واستخدام أدوية الحساسية -مثل بخاخ الأنف– التي تجفف الغشاء المخاطي للأنف -على سبيل المثال، مضادات الاحتقان ومضادات الهستامين (antiHistamines)– يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالنزيف.

الأدوية

عزيزي القارئ، نعلم جميعًا أن الدواء سلاح ذو حدين، وأن لكل دواء أعراض جانبية ربما تحدث لبعض الأشخاص، ومن ضمن تلك الأعراض نزيف الأنف.

ربما تؤثر بعض الأدوية في عوامل تجلط الدم وتزيد السيولة مثل مضادات التخثر مثل الوارفارين (warfarin) أو مثبطات تراكم الصفائح الدموية (platelet aggregation inhibitors)، ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) مثل الأسبرين (Aspirin)، والإيبوبروفين (Ibuprofen).

الأعراض

يتمثل العَرَض الرئيسي لنزيف الأنف في خروج الدم من الأنف، الذي يمكن أن يتراوح من الخفيف إلى الثقيل.

يخرج الدم من أي من فتحتي الأنف (عادةً ما تتأثر فتحة أنف واحدة فقط).

إذا حدث نزيف في الأنف خلال الاستلقاء، فمن الشائع الشعور بسائل في مؤخرة الحلق قبل خروج الدم من الأنف، من الأفضل عدم ابتلاع الدم، لأنه قد يسبب الشعور بالغثيان والقيء.

يتطلب النزيف الحاد عناية طبية فورية، وتشمل العلامات التي يجب مراقبتها ما يلي:

  1. نزيف شديد.
  2. خفقان (عدم انتظام ضربات القلب).
  3. ابتلاع كمية كبيرة من الدم مُسببة القيء.
  4. ضيق في التنفس.
  5. شحوب الوجه.

الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة

  • الأطفال ممن يتراوح عمرهم بين سنتين و 10 سنوات.
  • كبار السن بين 50 إلى 80 عامًا.
  • النساء الحوامل.
  • الأشخاص الذين يتناولون أدوية سيولة الدم مثل الأسبرين أو مضادات التخثر مثل الوارفارين.
  • الأشخاص الذين يعانون اضطرابات تخثر الدم.
  • مرضي ضغط الدم المرتفع.

نزيف الأنف والضغط

ينتشر بين العامة أن ارتفاع ضغط الدم أحد مسببات النزيف إلا أن الحقيقة ليست كذلك.

يساعد ارتفاع ضغط الدم على استمرارية النزيف عند حدوث النزيف لأي سببٍ كان.

أي أن ضغط الدم ليس سببًا في حدوث النزيف إنما سبب في استمراره عند حدوثه.

كذلك يتسبب النزيف وما يصاحبه من قلق في ارتفاع حاد في ضغط الدم، لذلك يجب أن يتضمن العلاج السيطرة على النزيف، وتقليل القلق كونه وسيلة أساسية لخفض ضغط الدم.

كورونا ونزيف الأنف

ربما يحدث النزيف العفوي (Spontaneous epistaxis) نتيجة أحد أساليب العلاج المستخدمة ومنها استخدام الأسبرين، أو استخدام أنبوبة الأنف لعلاج انخفاض معدل الأكسجين في الدم، إلا أن ذلك لا يحدث مع جميع المرضى.

مضاعفات نزيف الأنف

عادةً لا يشكل هذا النزيف خطرًا، ولكن قد يشير النزيف المتكرر أو الغزير إلى مشكلات صحية أكثر خطورة، مثل ارتفاع ضغط الدم أو اضطراب تخثر الدم.

يمكن أن يؤدي النزيف المفرط على المدى الطويل إلى مزيد من المشكلات مثل فقر الدم.

تشخيص نزيف الأنف

يعتمد التشخيص على أخذ تاريخ مرضي مُفَصل حول الأسباب المُحتملة لحدوث النزيف السابق ذكرها، مع وجود الأعراض والفحص السريري للمريض كالتالي:

الفحص السريري

يشمل الفحص العام للمريض وإجراء تحاليل الدم لمعرفة الأسباب وفحص الأنف باستخدام منظار الأنف لتحديد منشأ النزيف.

علاج نزيف الأنف المستمر

يعتمد العلاج على إجراء الإسعافات الأولية لوقف النزيف ثم البحث عن السبب وعلاجه.

يشمل علاج النزيف ما يلي:

  • العلاج المنزلي لنزيف الأنف

يمكن علاج النزيف البسيط في المنزل من خلال اتباع الخطوات التالية:

  1. اجلس واضغط على غضروف الأنف بقوة، وتنفس من خلال الفم.
  2. انحنِ للأمام (وليس للخلف) لمنع تصريف الدم إلى الجيوب الأنفية والحلق؛ مما قد يؤدي إلى استنشاق الدم أو التقيؤ.
  3. اجلس في وضعٍ يكون رأسك فيه أعلى من قلبك، هذا يقلل من ضغط الدم ويبطئ المزيد من النزيف.
  4. استمر في ذلك مدة لا تقل عن 5 دقائق حتى 20 دقيقة، حتى يتجلط الدم. إذا استمر النزيف لأكثر من 20 دقيقة، يلزم الحصول على رعاية طبية.
  5. ضع كيسًا من الثلج على الأنف والخد لتهدئة المنطقة.
  6. تجنب النشاط الشاق خلال الأيام القليلة القادمة.
  7. يُنصح الأفراد بالتماس العناية الطبية إذا كانوا يعانون نزيفًا أنفيًا متكررًا (يمكن أن يكون مؤشرًا على مشكلة كامنة).

التدخل الطبي

يعتمد على علاج السبب مثل علاج ضغط الدم أو كسر الأنف أو غيرها من المسببات المختلفة.

هناك مجموعة من الخيارات العلاجية التي يجب على الأطباء تقديمها، وتشمل هذه:

  • حشو الأنف (Nasal packing)

حشو شاش على هيئة شريط أو إسفنجات أنف خاصة في أقصى أنفك قدر الإمكان؛ مما يضغط على مصدر النزيف.

  • الكَي (Cautery)

يعتمد هذا الإجراء البسيط على كي المنطقة التي يأتي منها النزيف لإغلاقه.

يستخدم إذا كان من الممكن تحديد الأوعية الدموية المحددة، ومع ذلك، فإن المنطقة المحيطة بالكي تبدأ بالنزف أحيانًا.

  • جراحة الحاجز (Nasal septoplasty)

يستخدم هذا الإجراء الجراحي لتقويم الحاجز المُعوَّج بين تجويفي الأنف، سواء كان ذلك منذ الولادة أو من الإصابة، ويمكن أن يقلل ذلك من حدوث نزيف في الأنف.

  • الربط (Ligation)

يعد هذا الإجراء الجراحي الملاذ الأخير، ويتضمن ربط أطراف الأوعية الدموية المحددة المسببة للنزيف.

الوقاية خير من العلاج

عزيزي القارئ، دعني أطرح عليك سؤالًا، كيف نقي أنفسنا من نزيف الأنف؟

لإجابة هذا السؤال علينا اتباع التعليمات الآتية:

  • تجنب حك الأنف.
  • تنظيف الأنف بأقل قدر ممكن وبلطف شديد.
  • الحفاظ على رطوبة الأنف.
  • ارتداء واقي للرأس في أثناء الأنشطة التي قد يصاب فيها الأنف أو الرأس.
  • اتباع التعليمات التي تأتي مع مزيلات احتقان الأنف، فالإفراط في استخدامها يمكن أن يسبب نزيفًا في الأنف.

وختامًا…

عزيزي القارئ، دعني أخبرك بعد أن انتهت رحلتنا في هذا المقال أن نزيف الأنف عرض وليس مرضًا، لذلك علينا أن نبحث في أسبابه لتجنب حدوثه.

اقرأ أيضًا

رائحة الفم الكريهة | أسبابها وعلاجها

التهاب الأذن الوسطى | لماذا يشد صغيري أذنه؟

السخونية | صحة طفلك أمانة في عنقك!

المصدر
clevelandclinicmedscapencbi

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى