نظام الدمج في التعليم، جلست بغرفتي أحتضن صغيرتي ذات الستة أعوام، وأتحدث إليها وعيناي ممتلئة بالدموع.
“عزيزتي ماذا أفعل بعد أن رفضت جميع المدارس التحاقك بها؟”
فجأة هرعت إلى الإنترنت أبحث فيه مثل المجنونة لعلّي أجد غايتي.
بعد ساعات من البحث، احتضنت صغيرتي -ودموع الفرح تملأ عيناي- وأنا أتحدث بجملة واحدة ألا وهي “إن الحل في نظام الدمج في التعليم”.
عزيزي القارئ، دعنا نستكشف معًا ما نظام الدمج التعليمي؟ وما أهدافه؟ وأهم مميزاته وعيوبه.
نظام الدمج التعليمي
عزيزي القارئ، لنعرف ماذا يعني نظام الدمج في التعليم أو ما يعرف بالتعليم الشامل؟ دعنا نعرف ماذا يعني الدمج؟ وما أهميته؟
تعريف الدمج
يُعد الدمج التعليمي ممارسة تعليمية تعتمد على مبدأ دمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة دمجًا كاملًا في الفصول الدراسية للتعليم العام في المدرسة.
تعتمد فلسفة الدمج على فكرة أن لكل فرد -بغض النظر عن إعاقته- الحق في الاندماج الكامل في نسيج المجتمع.
أهمية الدمج في التعليم
توفر الأنظمة التعليمية الشاملة تعليمًا أفضل جودة لجميع الأطفال.
يشعر كل طفل بالأمان والانتماء، ويشارك الطلاب وأولياء أمورهم في تحديد أهداف التعلم والمشاركة في القرارات التي تؤثر فيهم.
كذلك يتمتع موظفو المدرسة بالتدريب والدعم والمرونة وتتوفر لهم الموارد اللازمة لرعاية الطلاب والاستجابة لجميع احتياجاتهم.
شروط الدمج
بينت وزارة التربية والتعليم، والتعليم الفني بعض الشروط الواجب توافرها في الطلاب ذوي القدرات الخاصة للالتحاق بالمدارس العادية.
جاء ذلك في قرار وزاري أصدره وزير التربية والتعليم يحمل رقم 252 بتاريخ 5 أغسطس 2017.
تضمنت هذه الشروط الآتي:
- يُطبق نظام الدمج في التعليم للطلاب ذوي الإعاقة البسيطة بمدارس التعليم العام الحكومية، والمدارس الخاصة، ومدارس الفرصة الثانية، والمدارس الرسمية للغات، والمدارس التي تدرس مناهج خاصة في جميع مراحل التعليم قبل الجامعي، ومرحلة رياض الأطفال.
- يبدأ سن التحاق الطفل بالصف الأول الابتدائي بمدارس الدمج من 6 إلى 9 أعوام، وفقا لقانون التعليم، ويجوز في حالة وجود أماكن النزول بالسن إلى 5 أعوام ونصف مع عدم الإخلال بالكثافة المقررة.
يُقبل الطلاب ذوي الإعاقات البسيطة ممن ينطبق عليهم النظام على النحو التالي :
بالنسبة إلى الإعاقة البصرية
تُقبل جميع درجات الإعاقة البصرية (الكفيف وضعيف البصر)، كذلك يقبل التلاميذ المصابون بمتلازمة إرلن (Irlen Syndrome).
بالنسبة إلى الإعاقة الحركية
تُقبل جميع درجات الإعاقة الحركية والشلل الدماغي -أحد أنواع الإعاقات الحركية- وتُستثنى الحالات الشديدة والحادة من القبول بمدارس الدمج.
بالنسبة إلى الإعاقة السمعية
يشترط لقبول أولئك الطلاب الآتي:
ألا يزيد مقياس السمع لديهم على 70 ديسيبل وألا يقل عن 40 ديسيبل باستخدام المُعينات السمعية، مثل سماعة الأذن الشخصية أو حالات زراعة جهاز قوقعة الأذن.
بالنسبة إلى الإعاقة الذهنية
يشترط للقبول ألا تقل درجة الذكاء عن 65 وألا تزيد على 84 باستخدام مقياس ستانفورد بينيه، مع مراعاة الصحة النفسية للطالب.
الطلاب بطيئو التعلم
يطلق هذا المصطلح عندما يكون التحصيل الدراسي لدى الطلاب منخفضًا في جميع المواد الدراسية مع عدم القدرة على الاستيعاب.
ربما يحدث ذلك بسبب انخفاض معدل الذكاء لديهم؛ إذ تتراوح درجة ذكائهم من 68 إلى 84 على مقياس ستانفورد بينيه.
إعاقات اضطراب طيف التوحد وفرط الحركة وتشتت الانتباه
يُقبل الطلاب ذوي اضطراب طيف التوحد، وكذلك الطلاب ممن يعانون مرض فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) في مدارس الدمج.
الطلاب متعددو الإعاقة
لا يُقبل التلاميذ متعددو الإعاقة بمدارس الدمج ويُستثنى من ذلك الإعاقة الحركية؛ إذ إنها لا تؤثر في عملية التحصيل الدراسي.
مميزات الدمج في التعليم
يتميز نظام الدمج التعليمي بما يلي:
التسامح وتحقيق التكافؤ
سيتعلم الطلاب الآخرون من أطفال متلازمة داون التسامح وحب الآخر، كذلك سيتعلم أطفال متلازمة داون كيفية التعامل مع من حولهم.
يتعلم الطلاب الطبيعيون كيفية توجيه الآخرين من ذوي الهمم ومساعدتهم
سيمارس الطلاب عادة مساعدة الآخرين وسيغرس ذلك في أعماقهم معاني التعاون.
الوصول إلى المناهج العامة
يحصل الطلاب المصابون بمتلازمة داون على جميع مزايا التعليم التي يحصل عليها الآخرون ويتلقونها.
عزلة أقل
إذا أُتيحت الفرصة للتعامل مع المزيد من الأطفال، فذلك سيساعد الأطفال الانطوائيين وأطفال التوحد على الانخراط بين ذويهم من الأطفال.
عيوب الدمج في التعليم
رغم المميزات السابق ذكرها لنظام الدمج، إلا إنه توجد بعض العيوب، منها:
- لا يتعلم جميع الطلاب بنفس الوتيرة، خاصةً من يعانون صعوبات التعلم.
- ربما يتأثر الطلاب ذوو الإعاقة، مثل اضطرابات المعالجة السمعية أو متلازمة أسبرجر، لدرجة أنهم لا يستطيعون مواكبة المنهج الدراسي بغض النظر عن الممارسات الموضوعة لمساعدتهم.
إجراءات الدمج
لابد من توافر الإجراءات الآتية لتطبيق منهجية الدمج في التعليم.
سَن القوانين
يجب تشريع القوانين التي تحمي ذلك التوجه بما في ذلك تحديد آليات التنفيذ التي تتضمن:
- نوع الخدمات المُقدمة.
- عدد الطلبة.
- نوع ودرجة الإعاقات المسموح بها.
- نوعية المنهج الدراسي بهذه المدارس.
تجهيز مدارس الدمج
يشمل ذلك توفير مدارس ذات طابع بنائي خاص بفكرة الدمج، كذلك لابد من توافر الأدوات المساعدة مثل الكراسي، والطاولات، وأجهزة الحاسوب، والكتب الناطقة والكتب المكتوبة بلغة برايل، وغيرها.
إعداد النظام التعليمي
يشمل إعداد المعلمين من خلال تدريبهم على أساليب نظام الدمج، وتوضيح المعلومات الأساسية عن الإعاقة وطرق التعامل مع الطلاب ذوي الاحتياجات.
تحديد الطلاب المؤهلين للدمج
تحديد الطلاب المناسبين للدمج في الفصول العادية كما ذكرنا سابقًا.
إعداد أولياء الأمور
إتاحة الفرصة لأولياء أمور الطلاب ذوي الاحتياجات للمشاركة في الأنشطة المدرسية، وتهيئة أسر الأطفال الطبيعيين لتقبل فكرة التعليم المُدمج.
تعديل مناهج الصف العادي
يتضمن ذلك استخدام المنهج المُعدَل مع الطلاب ممن يواجهون صعوبات تحصيل المنهج العادي.
ختامًا، إن من حق أي طفل أن يتمتع بالمساواة في كافة حقوقه، ومن ضمن تلك الحقوق حقه في التعليم ضمن بيئة عادية، لذلك تضمن منهجية نظام الدمج في التعليم هذا الحق.
اقرأ أيضًا
مميزات الطفل الوحيد وأبرز تحديات تربيته
الفجوة بين الأجيال | الأسباب والدوافع وكيف نرأب الصدع؟
المراجعة والتدقيق: د/بسمة عبدالله
المراجعة الطبية: د/أسماء يونس
التحرير: د. أحمد فوزي