مصطلحات ذوي الهمم والإرادة، أو ذوي القدرات الفائقة، أو ذوي الاحتياجات الخاصة، هي مصطلحات تُطلق على ما يُقدَّر بمليار إنسان في العالم!
من هم ذوو الهمم والإرادة، وما صفاتهم، وأهم المشكلات التي تواجههم، وكيفية حلها، وما هي الاعتقادات الخاطئة بشأنهم، هذا ما سنتعرض له في هذا المقال.
من هم ذوو الهمم والإرادة؟
ذوو الهمم والإرادة هو مصطلح يُطلق على الأشخاص الذين احتاجوا إلى بذل قدر كبير من الطاقة والهمة، للتأقلم مع ظروف الحياة العادية وممارسة حياتهم بشكل طبيعي مثل الآخرين، واجتياز العقبات التي نشأت نتيجة اختلافاتهم الجسدية، أو هم من يُطلق عليهم أيضًا (ذوي الاحتياجات الخاصة).
تطورت المصطلحات المستخدمة لوصف تلك الفئة الواسعة، بدءًا من مصطلح “المعاقين أو ذوي الإعاقة”، مرورًا بـ “ذوي الاحتياجات الخاصة” وصولًا إلى “ذوي الهمم والإرادة” و”ذوي القدرات الفائقة”، لقدرتهم على تحدي الإعاقات.
ما هي الإعاقة؟
الإعاقة هي الأشكال المختلفة من الاعتلالات أو الاختلافات الجسدية والعضوية أو محدودية النشاط أو القيود التي تعيق الحياة بشكل أسهل.
أنواع إعاقات ذوي الاحتياجات الخاصة
إعاقات حركية
أي خلل يعيق الحركة الطبيعية جزئيًا أو كليًا، مثل: ضمور العضلات، والشلل الدماغي، وبتر الأطراف.
إعاقات حسية
انخفاض أداء أي حاسة من الحواس عن الأداء المتوسط، مثل: ضعف السمع وضعف البصر واضطرابات الكلام.
إعاقات ذهنية
اضطراب وظائف الدماغ العليا، بشكل يعيق التعليم والتفاعل المجتمعي، مثل: اضطرابات التوحد.
إعاقات عقلية
عجز العقل عن القيام بوظائفه العادية المعروفة، نتيجة أمراض نفسية أو أمراض وراثية، تؤثر على سلوك الفرد، مثل: الانفصام والانطواء.
لتفاصيل أكثر عن أنواع الإعاقات اقرأ: الإعاقة الجسدية.
بحسب منظمة الصحة العالمية، كل شخص في العالم تقريبًا سيصاب بشكل من أشكال الإعاقة، ولو لفترة قصيرة من العمر. وتُعِد التقدم في السن شكلًا طبيعيًا من أشكال الإعاقة، للصعوبة النسبية في حركة كبار السن واحتياجهم للعون.
صفات ذوي الاحتياجات الخاصة
مع التنوع الديموجرافي والصحي في ذوي الاحتياجات الخاصة، من الصعب توصيفهم بصفات واحدة، لكن قد تنطوي صفاتهم على واحدة من الآتي:
- اختلاف في شكل الجسم.
- مواجهة بعض الصعوبات في الحركة.
- صعوبات في النطق أو الكلام.
- صعوبات في التعلم أو الاندماج في المجتمع.
المشاكل التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة
تهدف الحركات المجتمعية المعنية بذوي الاحتياجات الخاصة إلى تحقيق أهداف رئيسة، هي: الإتاحة والمساواة والإدماج.
بشكل أبسط، إزالة جميع الحواجز الثقافية والمادية والاجتماعية وغيرها، التي تمنع ذوي الاحتياجات الخاصة من الحصول على فرص متساوية والمشاركة الكاملة في جميع جوانب الحياة.
أولا: الإتاحة
مفهوم عام ومتشعب، يشمل توفير سبيل للأشخاص للوصول إلى كل ما يرغبون.
إتاحة وسائل النقل والمواصلات
الكثير من وسائل النقل العام ليست مجهزة تجهيزًا مناسبًا لنقل ذوي الاحتياجات الخاصة الحركية، مما يعيق الانتقال من مكان إلى آخر وكذلك ارتفاع تكلفة النقل الخاص بسيارات الأجرة.
كذلك الكثير من الطرق ليست مناسبة بشكل يتيح الحركة لمستخدمي الكرسي المتحرك، إما الطرق غير ممهدة أو الأرصفة صغيرة أو لا توجد منحدرات تساعد مستخدمي الكرسي المتحرك على الصعود أو الهبوط مِن وإلى الأرصفة والبنايات.
إتاحة المباني
الكثير من البيوت المبنية غير مجهزة لذوي الاحتياجات الخاصة الحركية. تعمل بعض المبادرات لتغيير هيكل البنايات الجديدة لتتضمن وسائل الإتاحة، مثل: المنحدرات وعرض الأبواب الملائم لمرور الكراسي المتحركة.
إتاحة الخدمات الصحية
ليست جميع الخدمات التي يحتاج إليها ذوو الهمم والإرادة متاحة، مثل: خدمات إعادة التأهيل والرعاية الوقائية والتشخيص المبكر والعلاج.
تتطلب إتاحة الرعاية الصحية الآتي:
- وجود تأمين صحي منخفض التكاليف، بخدمات صحية شاملة.
- توفُر اختصاصيي السمع، والبصريات، والتأهيل المهني، وعلماء النفس في كل منشأة صحية.
- وجود مترجمين فوريين لضعاف السمع في العيادات.
- أن تكون منطقة الاستقبال منخفضة الطول، وجميع الأجهزة الطبية يمكن تعديلها، تناسبًا مع مستخدمي الكراسي المتحركة وقصار القامة.
- توفُر اختصاصيين ذوي خبرة في تأهيل أفراد أسر ذوي الهمم والإرادة، للتعامل معهم ومع المجتمع.
ثانيًا: التمييز السلبي والإيجابي
تنص المادة 53 من الدستور المصري على: “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي أو لأي سبب آخر”.
قد نفهم جميعًا ما هو التمييز بصورته السلبية، وهو ممارسة العنف أو الإهانة أو تقليل الشأن أو التنمر بالمفهوم الحديث تجاه شخص معين.
لكننا قد نغفل عن التمييز الإيجابي الذي يُعد أيضًا شكلًا من أشكال العنصرية؛ عندما تبالغ جدًا في إظهار الاهتمام “غير المبرر”، أو عندما تبالغ في التعاطف، أو عندما تحاول المساعدة بشكل غير مدروس، كل ذلك يُعَّد تمييزًا إيجابيًا، يتسبب في الإحراج وعدم الارتياح، وكأنك أرسلت رسالة تقول “أنت غير قادر!”، “أنت اعتمادي!”.
اعتمدت منظمة الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في 13 ديسمبر 2006 في مقرها في نيويورك، ونص غرض الاتفاقية على:
“الغرض من هذه الاتفاقية هو تعزيز وحماية وكفالة تمتُّع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعًا كاملًا على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتعزيز احترام كرامتهم المتأصلة”.
ثالثًا: الإدماج والتوظيف
يواجه معظم ذوي الاحتياجات الخاصة تحديات كثيرة للحصول على وظيفة مناسبة.
وقتها لن تكون المؤهلات الشخصية وحدها سيدة الموقف.
تقول إحدى صاحبات الإعاقة الحركية إنه على الرغم من أنها محترفة، حاصلة على درجة الماجستير، إلا أن الناس في بعض الأحيان لا يرون سوى الإعاقة.
يحتاج بعض أصحاب الأعمال إلى:
- توسيع الأفق واستيعاب قدرات الجميع.
- تطويع أسلوب المقابلات الشخصية ليتناسب مع المتقدم.
- الحياد وتوظيف ذوي الكفاءة والمؤهلات المطلوبة.
- محاولة توفير التعديلات المطلوبة على أماكن ووسائل العمل بما يتناسب مع الجميع.
يواجه ذوو الاحتياجات الخاصة تحديًا كبيرًا يحتاجون فيه إلى بذل جهود مضاعفة لإثبات الذات وقدراتهم الفريدة في محل العمل. في نظرهم لا مجال للفشل أو حتى لنتيجة غير مثالية، قد يرتضي بها أيٌ منا، حتى لا تُتهم الإعاقة بكونها سبب ذلك، حتى وإن كانت لا تمت بصلة بمهام العمل!
يقول آخر: ما زلت أشعر بالهزيمة في التعامل مع ردود الفعل لدى معرفة البعض بإعاقتي والأحكام المسبقة.
في بعض الأحيان عند الكشف عن إعاقة، يكون رد فعل زملاء العمل غريبًا ووقحًا، غالبًا من باب الجهل.
كن واعيًا، قد يفشل ضعاف السمع في سمع أحدهم بدون مساعدة وقد يفشل قصار القامة في جذب شيء ما من أعلى الرف، تقتصر الإعاقة على حدود معينة، وصاحبها مؤهل تمامًا لجميع المهام الأخرى التي يفعلها الآخرون!
دور الحكومات تجاه ذوي الهمم والإرادة
على الحكومات أن تتخذ مجموعة من الإجراءات التي تضمن حقوق ذوي الهمم والإرادة منها ما يلي:
- وضع خطة لتطوير إتاحة الوصول إلى جميع المرافق والخدمات المقدمة للجمهور.
- تعزيز الرعاية الصحية المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة وتوظيف ذوي الخبرة.
- توفير الأجهزة الطبية والتعويضية لمُحتاجيها ضمن سياسة تأمين محددة.
- توسيع نطاق خدمات التأهيل الاجتماعي ودعم مبادرات المجتمع المدني ذات الصلة.
- توفير مترجمي لغة الإشارة المحترفين في المصالح والمرافق المفتوحة للجمهور.
- توفير لافتات في المباني والطرق والمصالح بطريقة برايل.
- إتاحة البيانات والمعلومات المتعلقة بالإعاقة ونشرها وتعميمها للجميع.
دور شركاء المجتمع تجاه ذوي الهمم والإرادة
الإعاقة قضية أصيلة من قضايا حقوق الإنسان، قد يكون البعض “معاقين” بسبب المجتمع وليس بسبب اختلافهم.
- استخدم الألفاظ المناسبة لوصفهم، إذا لم يكن هناك مناصٌ من ذلك.
- انتبه لعدم ممارسة التمييز وابتعد عن المبالغة.
- لا تقدم المساعدة إلا بعد السؤال ومعرفة الطريقة المناسبة لذلك أو إذا طُلب منك.
- تعَامَل بشكل محايد وطبيعي دائمًا مع الجميع.
- كشخص إيجابي، يجب عليك التوعية ولو لمرة بكل تلك الأمور.
أما عنك، ذا الهمة والإرادة، كيف تتعامل مع الآخرين؟
بشأن علاقاتك القائمة أو حينما تكون بصدد علاقة جديدة ينبغي لك الآتي:
- كن واثقًا في نفسك وفي قدراتك، إذا شعرت بأن من حولك يقلل من قدراتك، أبعده عن دائرتك فورًا.
- لقاء أشخاص جدد هو فرصة لإعادة تعريف أنفسنا، ويمكن أن تكون رسالة قوية لنفسك، وفرصة لشرح حالتك كما تحب أن تسمعها أنت.
- الأمر متروك لك أن تشرح مشكلتك بوضوح أو تؤجل ذلك لإشعار آخر، عندما تجد رفيقك محل ثقة كافية.
- طريقة شرحك وإخبارك لهم، ستقرر حتمًا كيف سيرونك، إذا كنت تعتقد أن مشكلتك تجعلك شريكًا غير مرغوب فيه، فسيراك الآخر كذلك.
- يفتقر البعض إلى الطريقة الصحيحة التي يعاملون بها الآخرين، لكن الخبر السار، هناك آخرون كُثر يمكنهم التعامل مع الاختلاف وتقديم الحب والرعاية، ليس لأنهم ملائكة أو أبطال، لكنهم فقط أكثر انفتاحًا وتقبلًا للآخر.
بعض الخرافات بشأن ذوي الهمم والإرادة
القولبة داء الشعوب، هناك الكثير من الصور النمطية والخرافات التي تحيط بحياة ذوي الاحتياجات الخاصة، لنكشف عن بعضها معًا:
- جميع مستخدمي الكراسي المتحركة يعانون أمراضًا مزمنة!
التصحيح: ربما ارتبطت الكراسي المتحركة في أذهان البعض بحركة المرضى في المستشفيات، لكن قد يستخدم الشخص كرسيًا متحركًا لعدة أسباب لا علاقة لأي منها بالأمراض المزمنة؛ الكرسي المتحرك مثل الدراجة الهوائية أو السيارة، هو وسيلة مساعدة شخصية تُمكِّن الشخص من التنقل.
- لا يمارس مستخدم الكرسي المتحرك حياته أبدًا بعيدًا عن كرسيه!
التصحيح: بالرغم من تحوُّل الكرسي المتحرك إلى صديقٍ بالنسبة لمستخدمه، إلا أنه يمارس حياته بشكل طبيعي بعيدًا عنه معظم الوقت الذي لا يحتاج فيه إلى الحركة.
- لا يمكن لذوي الهمم والإرادة إقامة علاقة جنسية!
التصحيح: يذهب ذوو الاحتياجات الخاصة إلى المدرسة، ويتزوجون ويعملون وينجبون، ويغسلون الملابس ويذهبون إلى محلات البقالة، ويضحكون ويبكون ويحلمون، هم أشخاص عاديون.
- الآخرون ملزمون برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة!
التصحيح: قد يقدم أي شخص المساعدة، لكن معظم ذوي الاحتياجات الخاصة يفضلون الاعتماد على أنفسهم، لا تحاول المساعدة إلا بعد سؤالك له، هل يحتاج للمساعدة، وما هي طريقة المساعدة المناسبة له، وموافقته على ذلك، لأنك قد تؤذيه جسديًا أو نفسيًا.
- يجب ألا يسأل الأطفال الفضوليون الناسَ عن إعاقاتهم!
التصحيح: قد يكون لدى العديد من الأطفال فضول منطقي لملاحظتهم اختلافٍ ما، قد يطرحون أسئلة يراها البالغون محرجة، لكن من المؤكد أن المحرج وغير الطبيعي هو توبيخ أولئك الأطفال، الذي يجعلهم يعتقدون أن الإعاقة أمر خاطئ أو سيئ. سيرحب معظم ذوي الهمم والإرادة بالإجابة عن سؤال الطفل الفضولي البريء.
هل فعلا هناك احتياجات يجب وصفها “خاصة”؟
في كتاب نظرية وسياسة الإعاقة، يقول الكاتب “أ.ج.ويزرز”:
سواء أكنت من ذوي الاحتياجات الخاصة أم لا، فأنت لا تزرع كل طعامك! أنت لم تصنع السيارة أو الدراجة أو الكرسي المتحرك أو مترو الأنفاق أو الأحذية أو الحافلة التي تنقلك! ولم تبنِ منزلك! ولم تخيط ملابسك (أو تصنع القماش والخيط المستخدم في خياطتها!).
في الحقيقة، إن كل الناس لديهم احتياجات، لكن العالم تَعوَّد على استيعاب احتياجات معينة ورؤية الاحتياجات الأخرى استثنائية. لكن بمنظور أشمل وبرؤية أكثر وعيًا، كل منا يعتمد على الآخرين يوميًّا في الحصول على الموارد الأساسية وتلبية احتياجاتنا، كلنا كالنسيج الواحد، هذا الترابط ليس ضعفًا لكنه جزء من إنسانيتنا.
كل منا يحتاج إلى المساعدة في طريق الحياة العسير، وبشكل أو بآخر لا يحيا الإنسان وحيدًا، وأيًا ما كانت درجة أو نوع احتياجك فإنه حق أصيل لك وطبيعي على ذويك، إن البقية موجودون لإكمال هذا النقص!
اقرأ أيضًا
الكسل البصري | استعمل نظرك أو اخسره
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه | الأسباب والعلاج
النمو العقلي للطفل | من فضلك اهتمي بطفلك!