طب عامطبي

اعتلال غاما وحيد النسيلة | أسبابه وعلاجه ومضاعفاته

د/ محمود خيري

أصبح من المهم جدًا في عصرنا ومع تطور الفحوصات الطبية والأبحاث أن نكون حريصين على الاكتشاف المبكر للأمراض؛ لأن ذلك يترتب عليه بدء العلاج المناسب بسرعة والقضاء على المرض والتحكم في أعراضه وتجنب كثيرًا من مضاعفاته، ومن تلك الأمراض اعتلال غاما وحيد النسيلة.

يعد اعتلال غاما وحيد النسيلة (Monoclonal gammopathy) من الأمراض القليلة الكامنة التي لا تعبر عن نفسها بأعراض محددة ولكنها تُكتشف غالبًا عن طريق المصادفة، ولكن عند اكتشافها فإن المتابعة الدقيقة لهؤلاء المرضى تساعد على اكتشاف كثير من الأمراض الخطيرة في بدايتها وعلاجها بسرعة مثل الورم النقوي المتعدد (Multiple myeloma).

وفي هذا المقال سنتعرف على أسباب هذا المرض مضاعفاته وطرق تشخيصه وعلاجه.

ما هو اعتلال غاما وحيد النسيلة Monoclonal  gammopathy؟

هو مرض ينتج عن اختلال في نوع من خلايا كرات الدم البيضاء تسمى خلايا البلازما، التي تعمل على تصنيع الأجسام المضادة المختلفة لكي تحارب العدوى، ولكن ما يحدث في هذا المرض هو أن تلك الخلايا تنتج أجسام مضادة غير طبيعية في الجسم.

هذه الحالة لا تندرج تحت الأورام الخبيثة لكنها قد تؤدي مع الوقت إلى ظهور أنواع مختلفة من الأورام الخبيثة والحالات الخطيرة.

أسباب اعتلال غاما وحيد النسيلة

ليس هناك سبب محدد لهذا المرض، قد يرتبط بنوع معين من العدوى، أو عوامل بيئية، أو مشكلات في جهاز المناعة.

 لم يستطع العلماء حتى الآن معرفة السبب الرئيسي أو العوامل التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بهذا المرض.

 لكن يربط بعض العلماء المرض مع زيادة السن، لكنهم  لم يجدوا -حتى الآن- علاقة وراثية فهو لا ينتقل إلى الأبناء، وليس له علاقة بأي نوع من أنواع الطعام.

وقد أُجريت دراسة في ولاية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتبين أن نسبة المصابين فوق سن الخمسين 3.2%.

بينما تبلغ نسبة الإصابة 5.3% في الأشخاص الذين تزداد أعمارهم فوق 70 سنة.

 تصل النسبة إلى 7.5% في الأشخاص الذين تزداد أعمارهم فوق 85 عاما.

وقد اكتشفت الدراسات ارتفاع نسبة الإصابة في الأعراق أصحاب البشرة السمراء 3 مرات عن الأعراق أصحاب البشرة البيضاء

 بينما وُجد أن نسبة الإصابة في النساء أعلى منها في الرجال، لكن المرض يتطور بصورة أعنف وأشد في الرجال.

اعتلال غاما وحيد النسيلة ذو الخطورة غير المحددة

هو أشهر أنواع اعتلال غاما، إذ تنتج خلايا البلازما في نخاع عظام الجسم نوعًا من الأجسام المناعية وحيدة النسيلة تسمى بروتين M في بلازما الدم والبول.

قد تكون هذه الأجسام المناعية من نوع IgM أو IgG أو IgA أو IgE، لذلك من المهم جدا التفريق بين هذا المرض ومرض الورم النقوي المتعدِّد (multiple myeloma).

 إذ إن العلاج يختلف تمامًا، ففي حين أن اعتلال غاما يحتاج إلى علاج تحفظي ومتابعة دورية دون أي تدخل، لكن الورم النقوي المتعدِّد يحتاج إلى علاج كيميائي من البداية للتحكم فيها.

أعراض الاعتلال غاما وحيد النسيلة ذو الخطورة غير المحددة

ليس هناك أعراض محددة للاعتلال الغامائي، لكن يكتشف غالبًا بصورة غير مقصودة في أثناء عمل الفحوصات والتحاليل الروتينية لأمراض أخرى.

 لا يتطور المرض ليتحول إلى أورام خبيثة في أغلب الحالات إلا في حالات قليلة حيث يمكن أن يتحول إلى الأورام التالية:

  • الورم النقوي المتعدِّد. 
  • الليمفوما اللاهودجكينية (Non-Hodgkin lymphoma).
  • ابيضاض الدم في خلايا البلازما (Plasma cell leukemia).
  • الداء النشواني الأولي (Primary amyloidosis).
  • مرض فالدنشتروم الذي يسمى أيضا “وجود الغلوبيولين الكبروي في الدم”(Waldenstrom macroglobulinemia).

لذلك فإن أعراض الاعتلال غاما تكون أعراضًا عامة غير محددة، وتكون الأعراض نتيجة بداية تطور أمراض خبيثة أخرى ومن تلك الأعراض:

  • الأنيميا.
  • الإرهاق والضعف العام.
  • آلام في العظام وأجزاء الجسم.
  • تنميل اليدين والأصابع.
  • الإصابة المستمرة والمتكررة بالعدوى.
  • حدوث كدمات في الجسم.
  • الصداع.
  • مشكلات في الرؤية.

تشخيص الاعتلال غاما وحيد النسيلة ذو الخطورة غير المحددة(MGUS)

يكتشف المرض غالبًا عن طريق الصدفة عند عمل الفحوصات الروتينية وتحاليل الدم، إذ يظهر نوع مختلف في بروتينات الدم مما يتطلب مزيدًا من الأبحاث والفحوصات، ومن أهمها فحص الفصل الكهربي لبروتينات الدم (Electrophoresis).

إذ يعمل هذا الفحص على فصل البروتينات في البلازما على أساس الوزن والنوع، وبالتالي يمكن التعرف على أي أجسام مناعية غريبة في البلازما ومعرفة نسبتها والوصول لتشخيص المرض.

يحتاج المريض إلى عمل فحوصات مختلفة في حالة التأكد من التشخيص؛ حتى يتأكد من عدم وجود أي نوع من الأورام الخبيثة التي تشترك مع اعتلال غاما في زيادة نفس النوع الغريب من تلك البروتينات وحيدة النسيلة، ومن تلك الفحوصات:

  1. صورة الدم: تساعد على تشخيص الأنيميا ونقص الصفائح وكرات الدم البيضاء.
  2. وظائف الكلى: للتأكد من عدم وجود قصور في الكلى الذي قد ينتج مع مرور الوقت مع الاعتلال غاما.
  3. تحاليل الكالسيوم وحمض البوليك: إذ ترتفع في مرض الورم النقوي المتعدِّد.
  4. تحليل البروتين التفاعلي سي وتحليل بيتا ميكرو جلوبيولين: لمعرفة مدى خطورة المرض ومدى نشاطه.
  5. عمل أشعة مقطعية على عظام الجسم المختلفة لاستبعاد وجود أي تآكل في العظام الذي يحدث مع أورام خبيثة مثل الورم النقوي المتعدِّد.
  6. أخذ عينة من نخاع العظام لمعرفة نسبة خلايا البلازما المشوهة.

المضاعفات

وُجد أن المرض يتطور إلى أحد الحالات الصحية الخطرة في 1% من المصابين سنويًا حسب دراسة أجرتها مايو كلينك، ويعتمد هذا التطور على نوع الاعتلال الموجود ونوع الأجسام المضادة الغريبة التي ينتجها.

ومن تلك الأنواع:

  • نوع ينتج أجسام مضادة من نوع IgM:

يمثل هذا النوع 15% من المصابين بالمرض، ويمكن أن ينتج عنه حالات خطيرة مثل: الليمفوما، ومرض فالدنشتروم، والورم النقوي المتعدِّد.

  • نوع ينتج أجسام مضادة أخرى قد تكون IgA or IgG:

وهو النوع الأغلب، وقد ينتج عنه حالات خطيرة مثل: الداء النشوي بالإضافة إلى الورم النقوي المتعدِّد

  • نوع ينتج السلسلة الخفيفة من البروتين:

وهو نوع مكتشف حديثًا ويترتب عليه نوع من الورم النقوي المتعدد ينتج نفس النوع من السلسلة الخفيف من البروتين.

الاختلاف بين الاعتلال غاما والورم النقوي المتعدِّد والأورام الأخرى

يحرص الأطباء في تشخيص الاعتلال غاما على التمييز بينه وبين الأورام الأخرى وذلك نظرًا لاختلاف طريقة العلاج والمتابعة.

يتميز الاعتلال غاما وحيد النسيلة ذو الخطورة غير المحددة بالتالي:

  • عدم وجود أنيميا.
  • عدم وجود قصور في وظائف الكلى
  • خلايا البلازما المشوهة لا تتجاوز 10%.
  • عدم وجود زيادة في نسبة الكالسيوم في الجسم.
  • بروتينات M لا تتجاوز 3%.
  • عدم وجود تآكل في عظام الجسم.
  • عدم وجود نوع بروتين بنس جونس Bence-Jones protein في البول أو وجود نسبة ضئيلة منه.

بينما يتميز الورم النقوي المتعدد بوجود بروتين بنس جونس في البول، كما يتميز بوجود تآكل في عظام الجسم.

أما بالنسبة لمرض الاعتلال غاما ذو الخطورة على الكلى (MGRS)، فإنه يتميز بحدوث قصور في وظائف الكلى، ويحتاج إلى عمل عينة من الكلى لمعرفة نوع القصور وسببه.

أما بالنسبة لمرض الليمفوما اللاهودجكينية فإنه يتميز بانتشار الخلايا الليمفاوية الخبيثة في نخاع العظام ولا بد من أخذ عينة من العقد الليمفاوية لتشخيصه.

علاج اعتلال غاما وحيد النسيلة ذو الخطورة غير المحددة

ليس هناك علاج محدد لاعتلال غاما، لكن لا بد من المتابعة المستمرة والدقيقة طوال العمر للاكتشاف المبكر لأي من التحولات الخبيثة.

تُجرى الفحوصات كل 3 شهور وتشمل صورة الدم ونسبة الكالسيوم في الدم ووظائف الكلى.

كما يتم عمل الفصل الكهربي لبروتينات الدم كل 3 شهور ثم كل 6 شهور، للتأكد من عدم ارتفاع نسبة بروتين M التي تكون مؤشرا لبدء التحول الخبيث للمرض.

قد يعاني المريض  التهاب الأعصاب الطرفية الذي قد يُشفى منه مع الوقت دون علاج أو قد يحتاج إلى علاج بالكورتيزون.

ختامًا فإن مرض اعتلال غاما وحيد النسيلة من الأمراض الجديدة في عصرنا، والتي لازالت تحتاج المزيد من الأبحاث والجهود لمعرفة كافة تفاصيلها وتجنب مضاعفاتها.

اقرأ أيضًا

 التهاب العصب السابع | أسبابه وطرق علاجه

الروماتويد| النيران الصديقة!

متلازمات عجيبة | الجسم الحجري – الشجرة – أليس في بلاد العجائب

المراجعة والتدقيق: د. نهال المغربي

المراجعة الطبية: د. آلاء حميد

المصدر
How Serious Is Monoclonal Gammopathy of Undetermined Significance (MGUS)Monoclonal GammopathiesDifferential Diagnoses

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى