يمر كثير من الأشخاص ببعض المشكلات أو الأمراض التي يخجلون من الاعتراف بها، خاصةً إذا أصابت الرجال، ولعل من أبرز هذه الحالات مشكلة التثدي عند الرجال.
يعتقد بعض الرجال أنهم مضطرون للتعايش مع هذه المشكلة، دون محاولتهم اكتشاف الأسباب المؤدية لها، لكن بالتأكيد هذا ليس بالتصرف الصائب على الإطلاق.
إذًا فهذا الوضع ربما يكون مؤشرًا لخطر أكبر؛ مما يُحتِّم علينا التعرف أكثر إلى أسباب التثدي، وكيف تمكن العلم الحديث من إيجاد سبل مختلفة للعلاج؟
مفهوم التثدي عند الرجال (Gynecomastia)
هو تضخُّم أو تورم في نسيج الغدد الثديية في الذكور، ويؤثر بذلك على أحد الثديين أو كليهما، فتظهر هذه المشكلة في أي مرحلة عمرية؛ بدايةً من حديثي الولادة حتى كبار السن.
يرجع السبب الرئيس في التثدي عند الرجال إلى اختلال التوازن بين هرموني التيستوستيرون والإستروجين، إضافةً إلى عدد من الأسباب الأخرى التي سنذكرها لاحقًا.
ما أسباب التثدي عند الرجال؟
تنقسم الأسباب المؤدية إلى التثدي إلى ما يلي:
1- الاختلال الهرموني
يسبب عدم التوازن بين هرموني التيستوستيرون والإستروجين هذه الظاهرة؛ فعند زيادة مستوى هرمون الإستروجين عن الطبيعي مقارنةً بمستوى التيستوستيرون؛ يؤدي إلى التثدي عند الرجال.
تظهر هذه الاضطرابات الهرمونية في مراحل عمرية مختلفة، مثل:
- الطفولة: يُولَد الكثير من الأطفال الذكور بتورم في النسيج الثديي؛ بفعل تأثير هرمون الإستروجين من الأم، لكن هذه الأعراض تختفي في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من الولادة.
- البلوغ: تتميز طبيعة هذه المرحلة بالتغيرات الهرمونية، لذا فإن هذا التورم يختفي عادةً دون علاج بين 6 أشهر إلى سنتين.
- الرشد: يُصاب به الرجال بين عمر ال 50 وال 69 عامًا.
2- بعض الأدوية
يمكن أن يؤدي استخدام أدوية معينة لفترة طويلة إلى التثدي، منها على سبيل المثال:
- مضادات الأندروجين: لعلاج سرطان البروستاتا، مثل: فلوتاميد (flutamide)، وسبيرونولاكتون (spironolactone).
- المنشطات: يستخدمها بعض الرياضين لبناء العضلات وتحسين الأداء.
- الأدوية المستخدمة في علاج الإيدز (AIDS): من أكثر هذه الأدوية تأثيرًا إيفافيرنز (efavirenz).
- مضادات القلق: منها دواء ديازيبام (diazepam).
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (tricyclic antidepressant).
- المضادات الحيوية.
- أدوية الحموضة والقرحة: منها على سبيل المثال سيميتيدين (cimetidine).
- الأدوية المستخدمة لعلاج السرطان.
- أدوية علاج أمراض القلب.
- الأدوية المُخدِّرة مثل: الأمفيتامين (amphetamine)، والماريجوانا (marijuana)، والهيروين (heroin).
3- بعض الأمراض
يترتب على الإصابة ببعض الأمراض خلل بمستوى الهرمونات الذكورية؛ ومن ثَمَّ حدوث التثدي عند الرجال، مثل:
- قصور الغدد التناسلية: تظهر هذه المشكلة في مرضى متلازمة كلينفلتر (klinefelter syndrome).
- سوء التغذية والمجاعات: افتقار الجسم للتغذية يؤدي إلى انخفاض مستوى هرمون التيستوستيرون عن الإستروجين.
- أمراض الكبد وتليفه: تنعكس الإصابة بأمراض الكبد على مستوى الهرمونات المسببة للتثدي.
- الفشل الكلوي.
- فرط نشاط الغدة الدرقية.
- الأورام: خاصةً التي تصيب الخصيتين أو الغدد الكظرية أو الغدة النخامية.
- الشيخوخة: أحد العوامل المؤثرة على مستوى الهرمونات، بالأخص إذا كان الشخص يعاني البدانة.
درجات التثدي عند الرجال
قسَّم الأطباء التثدي عند الرجال وفقًا لشدة الحالة إلى أربع درجات، وهي:
1– الدرجة الأولى
يكون تضخم الثدي في هذه الدرجة بسيطًا، مع تورم النسيج المحيط بالحلمة قليلًا، وتميزه بلون مختلف عن باقي النسيج؛ لذا فإن هذه الحالة غير ملحوظة خاصةً عند ارتداء الملابس.
2- الدرجة الثانية
يزداد التضخم أكثر في هذه المرحلة؛ فتكون درجته من خفيف إلى متوسط مع شموله منطقة الصدر كليةً، يفضل بعض الأطباء التدخل الجراحي في هذه الحالة.
يمكن أن يلجأ الطبيب إلى بعض الحلول البديلة قبل الجراحة، مثل: منع بعض الأدوية المسببة للتثدي، وإخضاع المريض لنظام غذائي لإنقاص الوزن مع الرياضة، وأخيرًا ارتداء القُمصان المُجسَمة.
3– الدرجة الثالثة
يصبح تضخم الثدي ملحوظًا، مع ازدياد تأثيره على عرض منطقة الصدر؛ مما يترتب عليه تكوْن الجلد الزائد، قد يجدي نفعًا ارتداء الملابس الواسعة في الدرجات السابقة، لكنه ليس حلًا الآن.
4– الدرجة الرابعة
تُعد هذه المرحلة الأشد؛ فالتثدي يكون مُلفتًا ومُلاحَظًا أكثر مع ظهور المزيد من الجلد الزائد، ليصبح المظهر العام للثديين أشبه بالثدي الأنثوي، مما يؤكد أن الجراحة هي الحل الحتمي.
التشخيص
يساعد معرفة التاريخ المرضي السابق للمريض الطبيب على التشخيص، ويُدعِم ذلك الفحص الذي يجريه الطبيب، وتوجد بعض الحالات التي يوصي فيها بإجراء تحاليل معينة.
تشمل هذه التحاليل والأشعة ما يلي:
- تحاليل الدم.
- تحليل وظائف الكبد وهرموناته.
- تحليل البول.
- تصوير الثدي الشعاعي (الماموجرام).
- أخذ عينة من نسيج الثدي (خزعة) للكشف عن وجود خلايا سرطانية.
علاج التثدي عند الرجال بالجراحة
تعتمد العملية الجراحية على استئصال النسيج المتكون بالثديين، إضافةً إلى عملية شفط الدهون الزائدة (liposuction)، واستئصال الغدد الثديية الزائدة.
توجد تقنيات مختلفة لإجراء الشق الجراحي لعملية الاستئصال، لكن أكثرها شيوعًا شق داخل الهالة الثديية (intra-areolar incision) أو شق ويبستر (Webster incision).
تختلف أبعاد هذا الشق من مريض لآخر وفقًا للصورة التشريحية للثدي لكل مريض، وبناءً على ذلك يحدد الطبيب الشق المناسب مما يلي:
- الشق العَرضِي بهالة حلمة الثدي (transverse nipple-areola incision).
- شق ثلاثي على شكل حرف ڤ (triple V incision).
- شق إبطي (transaxillary incision).
تتطلب بعض حالات التثدي المتوسطة أو الشديدة إجراء عملية الاستئصال على مرحلتين؛ فيحدث في المرحلة الأولى شفط الدهون وإجراء شق ويبستر؛ لاستئصال الغدد الثديية والدهون والنسيج الليفي.
بعد مرور 4 أو 6 شهور، تُجرى المرحلة الثانية من العملية، أما أهم ما يميز هذه التقنية في الجراحة هو الشق الجراحي المحدود في جزء هالة حلمة الثدي.
يوجد نوع آخر من الجراحة يسمى جراحة طفيفة التوغل (minimally invasive)؛ وذلك لأنها تحتاج إلى شق صغير جدًا طوله تقريبًا 5 ملليمتر؛ لشفط الدهون وسحب نسيج الغدد الثديية.
علاج التثدي عند الرجال بشفط الدهون (Liposuction)
ظهرت أول عملية لشفط الدهون في عام 1980، ولكنها كانت تقتصر على الجراحة فقط، أما الآن ومع التطور العلمي أصبحت هذه العمليات بالموجات فوق الصوتية.
تتميز هذه التقنية بأنها أقل تأثيرًا على معدل تدفق الدم الطبيعي للثديين بعد إجرائها، ولا تسبب تشوه للحلمة والهالة المحيطة بها، إضافةً إلى ذلك قلة المضاعفات التي تحدث بعدها.
لا تُعد عملية شفط الدهون فعالةً إذا كان التثدي مرتبطًا بالغدد الثديية؛ لذا فإنها لا تصلح لعلاج وتصحيح التثدي بمفردها سوى لعدد قليل من المرضى.
نصائح بعد عملية التثدي
ينصح الطبيب المريض ببعض النصائح، مثل: ارتداء الملابس الضاغطة أو المُجسَمة لمدة شهر على الأقل بعد العملية. أما عن استعادة نظام الحياة اليومي وممارسة الرياضة فيختلف وفقًا للعملية.
يمكن للمريض أن يعاود نشاطه اليومي بعد عملية شفط الدهون في أقل من أسبوع. بينما بعد عملية استئصال الغدد الثديية يحتاج إلى أسبوعين أو شهر ليلتئم الجرح بدرجة كافية.
مضاعفات بعد عملية التثدي
يوجد عدد من المضاعفات المحتملة، التي قد تحدث لبعض الأشخاص بعد إجراء عملية التثدي، منها على سبيل المثال:
- ظهور ورم دموي.
- عدم تماثل الثديين.
- موت أنسجة الحلمة أو الهالة.
- حدوث عدوى.
- تغيرات حسية.
- ظهور ندبات بارزة ومؤلمة.
- تكوْن السيروما (seroma) أو ما يعرف بالورم المصلي.
- ظهور تصبغات شديدة الالتهاب.
أسعار عمليات التثدي في مصر
تتراوح الأسعار من طبيب لآخر وفقًا للتقنيات والأجهزة التي يعتمدها، وكذلك باختلاف درجة التثدي عند المريض، ومن ذلك التالي:
- عملية التثدي: تتراوح من 20000 إلى 50000 جنيهًا.
- شفط الدهون: يتراوح من 15000 إلى 40000 جنيهاً.
- تصغير الثدي: يتراوح من 20000 إلى 55000 جنيهًا.
ختامًا نجد أن العلم الحديث والتقنيات المتطورة لم تترك مشكلةً تواجه الإنسان إلا حاولت علاجها. وتجلَّى ذلك بوضوح في تطور علاج التثدي عند الرجال كما أوضحناه مسبقًا.
لذا لا داعي بعد الآن للشعور بالخجل من مثل هذه المشكلة، وبالتأكيد ليس من يعانيها مضطرًا لاختبار الضغوط النفسية للتعايش معها، لكن الأفضل أن يعجل باستشارة الطبيب لإيجاد العلاج المناسب.
اقرأ أيضًا
سرطان الثدي | أعراضه وأسبابه وطرق علاجه
هرمون البروجستيرون | أسباب انخفاضه والطرق الطبيعية لزيادته
ورم القواتم | ورم الغدة الكظرية الغامض
المراجعة والتدقيق: د مي دياب
مراجعة طبية: د. أسماء يونس