يُعد الغثيان والقيء من أكثر الشكاوى التي تتردد كثيرًا على أسماعنا؛ سواءً من الأطفال أو البالغين، وتختلف الأسباب من شخص لآخر؛ لذا فإن هذه الشكوى ليست تشخيصًا لمرض محدد.
لكن يمكن القول أن الغثيان والقيء رد فعل من الجسم؛ وذلك للتنبيه إلى وجود مشكلة ما يجب علاجها، فأحيانًا يكون السبب معروفًا مثل: الحمل أو عدوى بالجهاز الهضمي.
بينما أغلبية الحالات ليست لديها دوافع مَرضية ظاهرة تؤدي إلى هذه الأعراض، لذلك فإن تَقصِّي الأسباب في تلك الحالة أمر حتمي؛ مخافةً وجود مرض شديد الخطورة.
ما الفرق بين الغثيان والقيء؟
يختلف مفهوم الغثيان عن القيء؛ فالغثيان هو اضطراب بالمعدة يسبق عادةً القيء، أما القيء فهو رد فعل يصعُب التحكم به، وعن طريقه تتخلص المعدة من مكوناتها فمويًا.
إذًا ما الأسباب المُحتمَلة لحدوث كلًا منهما؟
أسباب الغثيان والقيء
توجد بعض الأسباب المشتركة بينهما، التي تُعد دلالةً لأحد الأمراض التالية:
- عدم تحمل أنواع معينة من الطعام، مثل: اللاكتوز.
- متلازمة القولون العصبي.
- داء كرون.
- إدمان المشروبات الكحولية.
بالرغم من تشابه الأسباب بينهما إلى حدٍ ما؛ لكن يمكن تخصيص عدة أسباب لكلٍ منهما.
أولًا: أسباب الغثيان
هناك أسباب شتى للغثيان سنذكر منها بعض الأمثلة فيما يلي:
- الألم الشديد.
- الثلث الأول من الحمل.
- دوار الحركة.
- الضغط النفسي.
- عسر الهضم.
- التسمم الغذائي.
- العدوى الفيروسية.
- حصوات المرارة.
ثانيًا: القيء
يحدث القيء بمعدلات أعلى في الأطفال عن البالغين، وترجع أسبابه إلى:
- التسمم الغذائي.
- العدوى الفيروسية.
- دوار الحركة الشديد.
- السعال.
- الحُمَّى الشديدة.
- الإفراط في الأكل أو الإتخام.
يتضح مما سبق أن أسباب القيء مؤقتة؛ لارتباطها بأمراض عارضة يسهل علاجها، لكن للأسف يوجد بعض الأشخاص يعانون القيء باستمرار.
تحتاج هذه الحالات النادرة إلى الاستشارة الطبية على الفور؛ وذلك لاحتمالية الإصابة بأمراض شديدة الخطورة، مثل:
- الانسداد المعوي.
- التهاب الأغشية السحائية.
- التهاب الزائدة الدودية.
- ارتجاج المخ.
- ورم بالمخ.
- الصداع النصفي.
الغثيان والقيء للحامل
تتسم الثلاثة أشهر الأولى من الحمل، بشكوى الحامل الدائمة لأعراض الغثيان والقيء أو ما يُسمى بغثيان الصباح، لكن بالرغم من هذه التسمية؛ إلا إنه قد يحدث في أي وقت.
يبدأ غثيان الحمل الطبيعي من الأسبوع السادس، ويبلغ ذروته في الأسبوع التاسع، ثم يختفي تدريجيًا بحلول الأسبوع السادس عشر إلى الثامن عشر.
أحيانًا قد يشتد هذا الغثيان ويؤدي لاستمرار القيء طوال اليوم، مما يترتب عليه فقدان ملحوظ للوزن مع زيادة فرصة الإصابة بالجفاف؛ مما يهدد حياة الأم والجنين إذا لم يُعالَج.
تُعرَف هذه الحالة بالقيء المفرط الحملي؛ فيبدأ مبكرًا عن غثيان الحمل المعتاد منذ الأسبوع الرابع أو الخامس، ويستمر مدةً أطول عن الطبيعي؛ ربما لآخر شهور الحمل.
مع الأسف أن الحامل التي تعاني القيء المفرط الحملي في أول حمل لها، يتكرر معها مرةً أخرى في كل حمل فيما بعد.
أما السبب لهذا القيء المفرط ليس محددًا؛ لكن يحتمل أن يكون وراثيًا، أو بسبب التغيرات الهرمونية خلال الحمل بالأخص هرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرية (HCG).
هناك عوامل أخرى تُزيد من فرص الإصابة به عدا الأسباب السابقة، مثل:
- الحمل بالتوائم.
- التاريخ المرضي السابق لدوار الحركة.
- الصداع النصفي مع غثيان أو قيء.
يعتمد علاج الغثيان والقيء عند الحامل على مدى شدته؛ فغثيان الصباح الطبيعي يتحسن عند تناول المقرمشات المُملحة في الصباح، أو اتباع حمية بلاند.
أما إذا كان القيء مفرطًا؛ فينصح الطبيب باتباع عدة تعليمات منها:
- الاعتماد على التغذية الوريدية مدةً معينةً.
- تناول الفيتامينات والمكملات الغذائية، خاصةً فيتامين ب6 (B6).
- اتباع حمية بلاند.
- تناول الوجبات بكميات صغيرة على مدار اليوم.
- تجنب الأطعمة الدسمة والغنية بالتوابل.
- تناول الطعام الغني بالبروتينات.
- شرب السوائل بانتظام وبكميات قليلة.
- إضافة الزنجبيل إلى الطعام؛ لتخفيف الغثيان.
هل الغثيان والقيء من أعراض الكورونا؟
بات الآن شبح الكورونا يثير الذعر في النفوس؛ فلم يعدْ الأطباء يستطيعون الجزم بأعراض ثابتة له، فهذه الطفرات التي تحدث للفيروس تجعلنا نُصنِّف أي نزلة برد أنها كورونا.
كانت الأعراض في بداية تفشي الفيروس مقتصرةً على الجهاز التنفسي؛ فيشكو المريض من السعال الجاف، وضيق التنفس، والحُمَّى، لكن فيما بعد لم تعد هذه الأعراض الوحيدة.
بدأت حالات الإصابة تعاني أعراضًا بالجهاز الهضمي إضافةً إلى الأعراض التنفسية، مثل: الإسهال المتواصل لما يقرب من 5 أيام، والقيء، والغثيان.
لذا الأفضل التعامل مع هذه الحالات على أنها إصابة إيجابية؛ فتُنصَح بالالتزام بإجراءات العزل المنزلي، وعدم مشاركة الأدوات الشخصية مع الآخرين، وذلك لحين التأكد بالتحاليل.
العلاقة بين الغثيان والقيء والشقيقة البطنية (Abdominal migraine)
تُصنَف الشقيقة البطنية كأحد أنواع الصداع النصفي غير الشائع؛ إذ إنها تؤثر في المعدة خلافًا للصداع النصفي المعتاد المميَز بالصداع، فتصيب عادةً الأطفال من عمر 7 إلى 10 سنوات.
يُلاحَظ أن أعراض الشقيقة البطنية تؤثر بنسبة كبيرة على الجهاز الهضمي؛ ففضلًا على ألم المعدة فهي تسبب الغثيان والقيء، وفقدان الشهية والإسهال، إضافةً إلى شحوب الجلد.
لم يتوصل الأطباء حتى الآن للسبب المحدد للشقيقة البطنية، لكن هناك بعض العوامل المحتمَلة التي تزيد من فرص الإصابة، مثل:
- الضغوطات النفسية.
- الجوع.
- دوار الحركة.
- قلة النوم.
إذًا يعتمد العلاج بصورة أساسية على تجنب هذه العوامل المُحفِزة للشقيقة، وقد يصف الطبيب بعض مثل:
- مضادات القيء (antiemetics) مثل: دومبيريدون (Domperidone)، وميتوكلوبراميد (Metoclopramide).
- مضادات الالتهاب غير الاستيرويدية (NSAIDs) مثل: إيبوبروفين (Ibuprofen).
- حاصرات بيتا (Beta blockers): تسهِم في العلاج وذلك بتقليل ضغط الدم، مثل: البروبرانولول (Propranolol).
- أدوية التريبتان (Triptanes) والإرجوتامين (Ergotamines): لتخفيف حدة الألم.
مضاعفات الغثيان والقيء
تكمن خطورة الغثيان والقيء إذا استمرا لأسبوع ولم يعالَج المريض؛ إذ إنه يؤدي إلى الجفاف خاصةً في الأطفال، ويزداد الأمر سوءًا إذا كان القيء مصحوبًا بإسهال.
يجب على الآباء والأمهات التنبه لهذه الأعراض؛ تجنبًا لتدهور الوضع الصحي للطفل، من هذه الأعراض:
- جفاف الفم والشفاه.
- العيون الغائرة.
- زيادة معدل التنفس أو النبض.
- تقصُّف الشعر والأظافر.
- تحلُّل مينا الأسنان.
يعد القيء المستمر في الحامل مؤشرًا خطرًا كذلك؛ لأنه فضلًا على حدوث الجفاف، تصبح الحامل عرضةً للتالي:
- فقدان الوزن.
- عدم حصولها على احتياجاتها الغذائية.
- اختلال في توازن الكهارل (Electrolytes imbalance).
- نقص بوتاسيوم الدم (Hypokalemia).
- قُلاء أو قاعدية الدم (Alkalosis).
علاج الغثيان والقيء
يمكن أن يُجدي اتباع بعض طرق العلاج البسيطة بالمنزل نفعًا، وذلك قبل البدء في وصف الأدوية، فيُنصَح بهذه التعليمات:
- تناول الأطعمة الخفيفة وبكميات صغيرة على مدار اليوم.
- تجنب تناول الأطعمة الدسمة، وقوية النكهة، والمقليات.
- شرب المزيد من السوائل على مدار اليوم؛ لتجنب الجفاف.
- عدم ممارسة أي نشاط بدني بعد الأكل مباشرةً.
- شرب كوب من شاي الزنجبيل.
- تجنب تناول الأدوية التي تسبب اضطرابات بالمعدة، مثل: مضادات الالتهاب غير الستيرويدية.
أما الأدوية التي قد يلجأ الطبيب إلى وصفها فتشمل التالي:
- بروميثازين (Promethazine).
- دايفينهيدرامين (Diphenhydramine).
- تريميثوبنزاميد (Trimethobenzamide).
- أوندانسيترون (Ondansetron).
متى يجب استشارة الطبيب؟
توجد بعض الحالات الطارئة التي تستدعي استشارة الطبيب على الفور، على سبيل المثال:
- إذا لم يحدث تحسُّن في الأعراض مع اتباع العلاج المنزلي.
- إذا استمر الغثيان أو القيء لأكثر من يوم في البالغين، ولأكثر من عدة ساعات في الأطفال أقل من 6 سنوات.
- ظهور أحد أعراض الجفاف السابق ذكرها.
- القيء المصحوب بإسهال.
- القيء المصحوب بدم.
- صداع شديد.
- تيبس بالرقبة.
- الخمول.
- تسارع معدل النبض أو التنفس.
في نهاية هذا المقال ننصح وبشدة عدم التهاون في أعراض الغثيان والقيء، خاصةً مع استمرارها وعدم الشعور بأي تحسُّن، مع العلم أنها قد تكون دلالةً على أمراض ليست هينةً.
اقرأ أيضًا
مرض كرون | التهاب الأمعاء الناحي
13 علاج منزلي للتخلص من الصداع