يتكون الجسم البشري من عدة أجهزة منها: الجهاز الهضمي، الجهاز العصبي، الجهاز الرئوي، الجهاز الدوري، الجهاز المناعي، والجهاز العضلي الحركي. لكن هل سمعت عزيزي القارئ عن الجهاز اللمفاوي؟ الجندي المجهول، المسؤول عن عدة وظائف حيوية بالجسم.
في هذا المقال سنتناول معًا الجهاز اللمفاوي، وتكوينه، وكيف يعمل؟ وما اضطراباته؟
الجهاز اللمفاوي
يعد الجهاز اللمفاوي (lymphatic system) نظام فرعي للجهاز الدوري في جسم الفقاريات، ويتبع في عمله الجهاز المناعي.
يتكون من شبكة معقَدة من الأنسجة والأوعية والأعضاء التي تعمل معًا للحفاظ على توازن السوائل في الجسم عن طريق جمع السوائل الزائدة والجسيمات من الأنسجة وإيداعها في مجرى الدم.
تتمثل الوظيفة الأساسية لهذا الجهاز في نقل اللمف؛ الذي يعد سائلًا يحتوي على خلايا الدم البيضاء المقاومة للعدوى في جميع أنحاء الجسم.
أجزاء الجهاز اللمفاوي
يتكون بشكل أساسي من الأوعية اللمفاوية -التي تشبه الأوردة والشعيرات الدموية في الدورة الدموية. تكون الأوعية متصلة بالعقد اللمفاوية، حيث يرشح اللمف.
تعد اللوزتان والطحال والغدة التيموسية جزء من هذا الجهاز.
اللمف (Lymph)
يطلق عليه “السائل اللمفاوي”، ويتكون من مجموعة من السوائل الزائدة التي يتم تصريفها من الخلايا والأنسجة (التي لا تمتص في الشعيرات الدموية) بالإضافة إلى مواد أخرى.
تشمل المواد الأخرى البروتينات، والمعادن، والدهون، والمغذيات، والخلايا التالفة، والخلايا السرطانية، و الجراثيم مثل البكتيريا والفيروسات، ينقل اللمف أيضًا خلايا الدم البيضاء المقاومة للعدوى (الخلايا اللمفاوية).
العُقد اللمفاوية (Lymph nodes)
تمثل العقد اللمفاوية غدد تشبه حبة الفول.
تقوم العقد بترشيح اللمف والخلايا السرطانية، كذلك تنتج وتخزن الخلايا اللمفاوية وخلايا الجهاز المناعي الأخرى التي تهاجم وتدمر البكتيريا والمواد الضارة الأخرى.
يوجد حوالي 600 عقدة لمفاوية منتشرة في جميع أنحاء الجسم، يوجد بعضها كعقدة واحدة والبعض الآخر في مجموعات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا تسمى السلاسل، وتقع بعض المواقع الأكثر شيوعًا للعقد اللمفاوية في الإبط والفخذ والرقبة.
ترتبط الغدد اللمفاوية بعضها البعض عن طريق الأوعية اللمفاوية.
الوعاء اللمفاوي (Lymphatic vessel)
تمثل شبكة من الأوعية الدقيقة وشبكة كبيرة من الأنابيب الموجودة في جميع أنحاء الجسم، التي تنقل اللمف بعيدًا عن الأنسجة.
تجمع الأوعية اللمفاوية الدقيقة السائل اللمفاوي نحو الأوعية الأكبر التي تسمى قنوات التجميع.
تعمل هذه الأوعية -إلى حد كبير- مثلما تعمل عروقك؛ فهي تعمل تحت ضغط منخفض جدًا، وتحتوي على سلسلة من الصمامات للحفاظ على حركة السائل في اتجاه واحد.
قنوات التجميع (Collecting ducts)
تقوم الأوعية اللمفاوية بإفراغ اللمف في القناة اللمفاوية اليمنى والقناة اللمفاوية اليسرى -وتسمى أيضًا القناة الصدرية، وتتصل هذه القنوات بالوريد تحت الترقوة، الذي يعيد اللمف إلى مجرى الدم.
تساعد عودة اللمف إلى مجرى الدم في الحفاظ على حجم وضغط الدم الطبيعي، كذلك يمنع تراكم السوائل الزائدة حول الأنسجة فيما يسمى الوذمة (oedema).
الأعضاء اللمفاوية (Lymphatic organs)
تعد الأعضاء اللمفاوية جزء رئيسي في تكوين الجهاز اللمفاوي، وتتكون من:
- الطحال (Spleen): يقع هذا العضو اللمفاوي الأكبر على جانبك الأيسر تحت ضلوعك وفوق معدتك.
يقوم الطحال بتصفية الدم وتخزينه، وإنتاج خلايا الدم البيضاء التي تقاوم العدوى.
- الغدة التيموسية (Thymus gland): تقع بالجزء العلوي من الصدر-اسفل عظم الصدر. توجد خلال الطفولة وتضمر عند البلوغ. تنتج نوعاً معيناً من خلايا الدم البيضاء التي تحارب الجسيمات الغريبة.
- اللوزتان (Tonsils): تحبس هذه الأعضاء اللمفاوية مسببات الأمراض من الطعام الذي تتناوله والهواء الذي تتنفسه.
- نخاع العظم (Bone marrow): يعد النسيج الرخو الموجود في وسط عظام معينة، مثل عظم الورك وعظم الصدر.
يعد نخاع العظم المسؤول الأول عن تكوين خلايا الدم البيضاء والحمراء والصفائح الدموية.
- بقع باير (Peyer’s patches): توجد كتل صغيرة من الأنسجة اللمفاوية في الغشاء المخاطي الذي يبطن الأمعاء الدقيقة.
- الزائدة الدودية (Appendix): نسيج ليمفاوي يمكنه تدمير البكتيريا قبل أن تخترق جدار الأمعاء في أثناء الامتصاص.
يعتقد العلماء أن الزائدة الدودية تلعب دورًا في إيواء “البكتيريا النافعة”.
وظائف الجهاز اللمفاوي
يقوم الجهاز بثلاث وظائف رئيسية:
- توازن السوائل: يحافظ على توازن السوائل، إذ يعيد السوائل الزائدة والبروتينات من الأنسجة -حوالي 2-3 لترات يومياً- التي لا يمكن إعادتها عبر الأوعية الدموية.
يتضمن ذلك السائل بروتينات كبيرة الحجم، لا تستطيع الأوعية الدموية نقلها، لذا، فإن فقدان الجهاز الليمفاوي يمثل خطورة حيث يعد قاتلاً في غضون يوم واحد، فبدونه تتضخم أنسجة الجسم، ويضيع حجم الدم ويزداد الضغط.
- الامتصاص: تمتص معظم الدهون من الجهاز الهضمي في جزء من غشاء الأمعاء الدقيقة الذي يتكيف بشكل خاص مع الجهاز اللمفاوي.
- الدفاع عن الجسم ضد الجسيمات الغريبة: إذ يمكّن جهاز المناعة من الاستجابة بشكل مناسب.
ينتج الخلايا اللمفاوية (خلايا الدم البيضاء) والخلايا المناعية الأخرى التي تراقب ثم تدمر الجسيمات الغريبة -مثل البكتيريا والفيروسات والطفيليات والفطريات- التي تهاجم جسمك.
اضطرابات الجهاز اللمفاوي
يمكن أن يتوقف الجهاز اللمفاوي عن العمل بشكل صحيح بانسداد أو إصابة أو التهاب في أجزائه المختلفة كالآتي:
تضخم العقد اللمفاوية (Lymphadenopathy)
يحدث بسبب العدوى أو الالتهاب أو السرطان.
تشمل الالتهابات الشائعة التهاب الحلق، وعدوى فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، والجروح الجلدية المصابة.
الوذمة اللمفاوية (Lymphoedema):
قد تنتج من انسداد في الجهاز اللمفاوي ناتج عن نسيج ندبي من الأوعية اللمفاوية أو العقد اللمفاوية التالفة.
غالبًا ما ترى الوذمة اللمفية عند إزالة العقد اللمفاوية لدى الأشخاص الذين خضعوا للجراحة أو الإشعاع لإزالة السرطان.
غالبًا ما يظهر تراكم السائل اللمفاوي في الذراعين والساقين.
السرطانات اللمفاوية (Lymphatic cancers):
- سرطان الغدد اللمفاوية (Lymphoma): يحدث عندما تنمو الخلايا اللمفاوية وتتكاثر بشكل لا يمكن السيطرة عليه.
هناك عدة أنواع مختلفة من سرطان الغدد اللمفاوية، منها سرطان الغدد اللمفاوية هودجكن (Hodgkin lymphoma)، وسرطان الغدد اللمفاوية اللاهودجكن (Non- Hodgkin lymphoma).
الاضطرابات الأخرى مثل:
- التهاب الأوعية اللمفاوية (Lymphangitis).
- ورم وعائي لمفي (Lymphangioma): تعني تشوه خَلقي بالجهاز اللمفاوي يولد به المصاب.
- تورم الأوعية اللمفاوية (Lymphangiomatosis): يعني وجود تشوهات وعائية لمفاوية متعددة.
- توسع الأوعية اللمفاوية المعوي (Intestinal lymphangiectasia): يؤدي فقدان الأنسجة اللمفاوية في الأمعاء الدقيقة إلى فقدان البروتين، الغاماغلوبيولين (Gamma globulins)، والألبومين.
- كثرة اللمفاويات (Lymphocytosis): تعني زيادة عدد الخلايا اللمفاوية عن المعدل الطبيعي.
- داء الفيلاريات اللمفي (Lymphatic filariasis): عدوى طفيلية تتسبب في عدم عمل الجهاز اللمفاوي بشكل صحيح، مسببة ما يسمى بمرض الفيل.
- الورم العضلي اللمفاوي (Lymphangioleiomyomatosis): مرض رئوي نادر تبدأ فيه الخلايا غير الطبيعية الشبيهة بالعضلات في النمو خارج نطاق السيطرة في الرئتين والعقد اللمفاوية والكلى.
- متلازمة التكاثر اللمفاوي المناعي الذاتي (Autoimmune lymphoproliferative syndrome): اضطراب وراثي نادر يوجد فيه عدد كبير من الخلايا اللمفاوية في الغدد اللمفاوية والكبد والطحال.
تشخيص اضطرابات الجهاز اللمفاوي
يمكن التشخيص بفحص تضخم الغدد اللمفاوية، ويمكن اكتشاف ذلك عند تضخم الغدد اللمفاوية بدرجة كافية للشعور بها “تضخم العقد اللمفية الواضح” أو تظهر في الأشعة مثل الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي.
تعد غالبية العقد اللمفاوية المتضخمة ليست خطيرة، لكن إذا أصبحت الغدد اللمفاوية متضخمة بشكل ملحوظ واستمرت لفترة أطول من العدوى، قد تكون أكثر إثارة للقلق وتستحق الفحص من قِبَل الطبيب.
علاج الأمراض اللمفاوية
يعتمد العلاج على معرفة السبب الأساسي و علاجه كما يلي:
- تُعالج العدوى بالمضادات الحيوية أو الأدوية المضادة للفيروسات، والرعاية الداعمة -بينما يقوم الجهاز المناعي بعمله.
- يمكن علاج الوذمة اللمفية برفع مكان الورم في مستوى أعلى من باقي الجسم أو الضغط عليه؛ لمنع تجمع السوائل أو العلاج الطبيعي.
- تعالج سرطانات الجهاز اللمفاوي بالعلاج الكيميائي، أو الإشعاعي، أو الجراحة أو مزيج من تلك الأساليب.
المحافظة على الجهاز اللمفاوي
عزيزي القارئ، للمحافظة على جهازك اللمفاوي قوياً عليك اتباع الآتي:
- تجنب التعرض للمواد الكيميائية السامة مثل تلك الموجودة في المبيدات الحشرية أو منتجات التنظيف، يمكن أن تتراكم هذه المواد الكيميائية في نظامك وتجعل من الصعب على جسمك تصفية النفايات.
- اشرب الكثير من الماء للبقاء رطبًا؛ حتى يتمكن اللمف من التحرك بسهولة في جميع أنحاء الجسم.
- حافظ على نمط حياة صحي يتضمن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام واتباع نظام غذائي صحي.
وختامًا…
عزيزي القارئ، يمتلك كلٌ منا بجسده جنداً مجهولًا يُدعى الجهاز اللمفاوي، علينا أن نسعى للمحافظة عليه لضمان صحة أجسامنا.
اقرأ أيضًا
الأطعمة المقوية للمناعة | الجيش الأشهى
ماذا تعرف عن اليوم العالمي لمكافحة الإيدز؟
مكافحة العدوى | وأهميتها في تقليل انتشار الأمراض
