طب العيونطبي

طول النظر | أعراضه وتشخيصه وطرق علاجه

د. بسمة عبد المنعم

“على ما يبدو أنه لن تتمكن جدتي “صفية” من قراءة قائمة الطعام، التي أحضرها النادل للتوّ، إذ نسيت نظارتها الطبية التي تمكنَها من التغلب على “طول النظر”!

لكن لا بأس، فأنا أعرف أطعمتها المفضلة، وسأساعدها في الاختيار.

لذا؛ هيا بنا نتعرف سويًّا إلى طول النظر، وأعراضه، وأسبابه، وكيفية التعامل معه، فتابعوا معي…

ما طول النظر (Farsightedness)؟

هو أحد الأخطاء الانكسارية الشائعة، ويعرف أيضًا باسم “مَدّ البصر” hyperopia/) Farsightedness)، حينما يمكن رؤية الأشياء البعيدة بوضوح أكثر من القريبة.

مع ذلك، قد لا يلاحظ بعض الأشخاص هذه المشكلة؛ إذ تتفاوت في حدتها من شخص لآخر وفقًا للأعراض.

الخطأ الانكساري (Refractive error)

يعد نوعًا من مشكلات الرؤية، التي ينجم عنها رؤية أقل وضوحًا، حيث تمنع بنية العين الضوء من التركيز بصورةٍ صحيحةٍ على الشبكية.

أعراض طول النظر

غالبًا ما تظهر هذه الأعراض إذا تعرضت العين للعمل بجهدٍ أكبر:

  • صداع.
  • رؤية ضبابية.
  • صعوبة ضبط الرؤية عند النظر للأشياء القريبة.
  • الشعور بإجهاد العين عند أداء المهام التي تتطلب النظر عن قرب، كالقراءة مثلًا.
  • شعور مؤلم أو حارق في العينين.
  • ربما يتطور إلى الحول في الأطفال، إذ لم يُشخص مد البصر ويُصحح.

أسباب طول النظر

لكي تتضح الأسباب؛ تعال -عزيزي القارئ- نتعرف أولًا إلى آلية الرؤية في العين؟

عندما تسقط أشعة الضوء على الأجسام، تنعكس هذه الأشعة على العين، ومن ثم ينكسر الضوء عبر جزأين:

  •  أولًا: القرنية (الغطاء الشفاف في مقدمة العين).
  • ثانيًا: العدسة (قطعة شفافة تركز الضوء بعمق أكثر في العين عند شبكية العين). 

ثم ترسل الشبكية (طبقة رقيقة من الأنسجة في الجزء الخلفي من العين) المعلومات عبر العصب البصري إلى الدماغ، الذي يترجمها بدوره إلى أشكال وصور.

في حالة مَدّ البصر تتركز الأشعة خلف الشبكية، بدلًا من الشبكية ذاتها؛ مما ينجم عنه ضبابية وتشوش الرؤية.

 قد ينشأ هذا بسبب:

  • صغر حجم مقلة العين (قصر المسافة بين القرنية والشبكية).
  • القرنية مسطحة جدًا.
  • التقدم في السن (طول النظر الشيخوخي).
  • عوامل وراثية.

في حالات نادرة قد ينجم مَدّ البصر بسبب:

  • داء السكري.
  • الأورام.
  • نقص التنسج البقعي (حالة نادرة ترتبط بالمهق) (Macular hypoplasia).

أخطاء انكسارية أخرى

من الجدير بالذكر أيضًا، أنه توجد أخطاء انكسارية أخرى قد تتسبب في الصداع، والإجهاد عند أداء بعض المهام، مثل:

قصر النظر (Nearsightedness)

حالة تظهر فيها الأشياء عن قرب بوضوح، بينما تبدو الأشياء البعيدة ضبابية.

اللابؤرية (Astigmatism)

يُطلق عليها أيضًا (الاستيجماتيزم)، وتحدث عندما لا تقوم العين بتركيز الضوء بالتساوي على الشبكية، فتبدو الصور مشوشة.

طول النظر الشيخوخي (Presbyopia)

مع تقدم العمر تصبح عدسة العين أكثر سُمكًا، وأقل مرونة، وتضعف العضلات المحيطة بها، لكن هناك عوامل تسهم في الإصابة به.

 عوامل الخطر للإصابة بطول النظر الشيخوخي

هناك بعض العوامل التي تتسبب في الإصابة بمد البصر الناجم عن التقدم في السن، مثل:

  • العمر 

يعَد من أهم الأسباب؛ إذ تبدأ المشكلة في الأربعينيات وربما تستمر حتى الستينيات من العمر.

  • الإصابة بطول النظر في عمر مبكر
  • بعض الأمراض مثل:
  • فقر الدَّم.
  • أمراض القلب والأوعية الدموية.
  • قصور الأوعية الدموية.
  •  وجود تاريخ إصابة في الرأس.
  •  بعض الأدوية مثل:
  • الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب.
  • مضادات الهيستامين.
  • مضادات التشنج والذهان.
  • مدرات البول.
  • عوامل أخرى:
  • إجراء جراحة داخل العين.
  • نظام غذائي غير صحي.

أعراضه

 يمكن أن تتشابه أعراضه مع نظيرتها في مَدّ البصر، غير إن أهم ما يميزها هو:

  • الحاجة إلى إضاءة أكثر سطوعًا.
  • الحاجة إلى حمل مادة القراءة على مسافة ذراع من العين.
  • الحَول.

من الجدير بالذكر أن الإصابة بقصر النظر، قد لا يمنع من الإصابة بمد البصر عند كبار السن، حتى مع ارتداء النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة.

التشخيص

يجري اختصاصي العيون تشخيصًا شاملًا؛ لتقييم نوع الخطأ الانكساري، وتحديد القياسات البصرية المناسبة للنظارات الطبية أو العدسات اللاصقة.

متى أزور الطبيب؟

عند الشعور بأية أعراض تتعلق بالإبصار، أو احمرار العين يجب التوجه إلى اختصاصي العيون لإجراء فحص العين.

إذ تُستخدم بعض القطرات لتوسيع حدقة العين، وفحص الشبكية بدقة، وكذلك بعض الأجهزة الخاصة مثل:

  • منظار الشبكية 

للكشف عن كيفية انعكاس الضوء على الشبكية.

  • محرك الإبصار 

لقياس خطأ الانكسار عبر عدة عدسات. 

فحوصات عين الكبار

توصي الأكاديمية الأمريكية لطب العيون بضرورة خضوع البالغين فوق الأربعين لإجراء فحص العين، حتى مع عدم وجود مشكلات في الرؤية.

إذ يجب فحص العين كل سنتين إلى أربع سنوات في عمر ما بين 40: 54 عامًا، وكل عام إذا كان عمرك فوق 55 عامًا.

أما في حالة الإصابة بداء السكري، أو ارتفاع ضغط الدَّم، أو وجود تاريخ عائلي من الإصابة بأمراض العيون، فلا تنتظر حتى بلوغ سن الأربعين.

والآن تعال -عزيزي القارئ- أجيبك عن بعض الأسئلة التي ربما تطرأ على ذهنك…

هل يتحسن طول النظر عند الأطفال؟

لنعرف هل يتحسن طول النظر عند الأطفال أم لا؟ يجب أولًا معرفة أنه يولد معظم الأطفال بدرجة خفيفة من مَدّ البصر، التي تزول من تلقاء نفسها مع نمو العين وتطورها، وذلك حتى سن المراهقة.

لذا؛ غالبًا لا يحتاج الأمر إلى تصحيح في الأطفال، كذلك تستطيع عيونهم التكيف وتركيز الضوء بشكل صحيح.

لكن إذا كانت حدة الأمر شديدة، أو لم يحدث التصحيح التلقائي بمرور الوقت، فمن المحتمل استمرار المشكلة معهم.

 يعد هذا الأمر سببًا رئيسًا في حدوث الكسل البصري عند بعض الأطفال، إذا لم يُتدارك مبكرًا.

لذا يوصي الخبراء بإجراء فحص النظر في عمر 6 أشهر إلى سنة، وفي عمر 3 إلى 8 سنوات أيضًا؛ تجنبًا لحدوث المضاعفات.

ما مضاعفات مَدّ البصر؟

عادةً لا يعاني البالغون المضاعفات، لكن التعامل الصحيح مع الأمر، قد يمكنهم من الرؤية بشكل أفضل حتى مع تقدم العمر، ويبطئ تدهور الحالة.

 قد يؤدي الإهمال إلى بعض المضاعفات مثل:

  • حول العين (Starbismus)

هو صعوبة التحكم في حركة العين وعدم تناسقها، ويعد من أهم الأسباب للإصابة بكسل العين.

كسل العين أو الغمش (Amblyopia)

يحدث في السن الصغير حتى 7 سنوات؛ حيث تفقد الدماغ قدرتها على التواصل مع إحدى العينين؛ ومن ثمّ الاعتماد على الرؤية بعين واحدة؛ مما يضعف الأخرى وتزداد حالتها سوءًا.

  • ضعف التركيز والانتباه في المدرسة للأطفال

تؤدي الإصابة بمد البصر في هذه السن المبكرة -لاسيّما لم يُصحَّح- إلى التأثير بدرجة كبيرة على مستوى الرؤية، وتشتيت انتباه الطفل.

  • مستوى إنتاجية منخفض في العمل

بالطبع لا يمكن إنجاز المهام على النحو المطلوب عند إصابة العين بأي مشكلة، وربما تتأثر سلامة الشخص نفسه.

 ما مقاسات النظر الطبيعي؟

كثيرا ما يتردد إلى مسامعنا 6/ 6 عند فحص النظر، فماذا تعني؟ وهل تشير إلى مقاسات النظر الطبيعي؟

 تدل هذه الأرقام على حدة البصر (Vision aquity)، وتعني قدرة العين على رؤية التفاصيل الدقيقة.

إذ يشير الرَّقْم العلوي إلى المسافة بينك وبين المخطط، التي تمكنك من قراءة السطر الذي أمامك.

بينما يشير السفلي إلى المسافة التي يمكن أن يقرأ عندها الأشخاص ذوو حدة البصر الطبيعية نفس السطر؛ لذا فإن 6/6 تشير إلى المقاس الطبيعي لحدة البصر. 

أعلى درجات طول النظر

تُقاس الأخطاء الانكسارية بالديوبتر، تشير الأرقام الموجبة إلى طول النظر، والأرقام السالبة إلى قصر النظر.

لكن كلما زاد العدد دل ذلك على كبر الخطأ الانكساري، وتنقسم درجاته إلى:

  • خفيفة 

يصل إلى 2 ديوبتر.

  • متوسطة ​​

 من 2 إلى 5 ديوبتر.

  • عالية 

أكثر من 5 ديوبتر، وهنا يصبح مَدّ البصر مفرطًا.

علاج طول النظر

للحصول على رؤية واضحة، قد تحتاج إلى:

  • النظارات الطبية 

تعد الاختيار الأكثر أمانًا وشيوعًا في خيارات تصحيح النظر؛ إذ تعمل على إعادة تركيز أشعة الضوء على الشبكية.

كذلك ربما يمكنها حماية العين من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.

هناك بعد أنواع النظارات يمكِن أن تُستخدم غالبًا في تصحيح مد البصر الناجم عن التقدم في العمر أو بعض حالات الحول، ومنها:

  • النظارات ثنائية البؤرة

تتميز النظارات ثنائية البؤرة بوجود خط فاصل يقسمها إلى جزأين، العلوي للمسافات البعيدة، والسفلي للقراءة أو لأداء المهام القريبة من النظر.

  • النظارات ثلاثية البؤرة

يتضمن هذا النوع من النظارات الرؤية البعيدة والمتوسطة والقريبة.

  • العدسات اللاصقة

تعمل مثل النظارات الطبية عبر تصحيح طريقة انحناء الضوء، لكنها صغيرة الحجم، وتوضع مباشرةً على سطح المقلة.

تتميز أيضًا بالراحة والأمان، لكن يجب تجنب ارتداؤها حال وجود جفاف بالعين، أو التهابات متكررة.

  • الجراحة

هناك العديد من الجراحات التي تستخدم لتصحيح النظر عبر إعادة تشكيل القرنية أو السطح الأمامي للعين، نذكر منها:

  • الليزك (LASIK)

يسمى أيضًا “ليزر تصحيح تحدب القرنية”، حيث تُجرى إعادة تشكيل الأنسجة الموجودة أسفل القرنية؛ لتتمكن من تركيز الضوء بشكل صحيح.

  • استئصال القرنية الانكساري للضوء (PRK)

مثل الليزك، لكنه يؤثر على سطح القرنية فقط.

  • تركيب عدسة بالقرنية (Corneal implants)

هناك بعض الدراسات بشأن استخدام زرع القرنية كإجراء مستقبلي لتصحيح مد البصر.

ملحوظة

قد لا يتناسب الإجراء الجراحي مع بعض الحالات؛ لذا يجب عليك مراجعة طبيبك أولًا قبل اتخاذ أي قرار؛ إذ ربما تحدث الأخطاء الانكسارية مرةً أخرى حتى بعد الجراحة.

هل يمكن التكيف مع مَدّ البصر؟

توجد بعض الإرشادات، التي من شأنها منع تدهور الحالة مثل:

  • اتباع إرشادات اختصاصي العيون.
  • راحة عينيك بانتظام، لا سيّما عند القراءة أو العمل على الأجهزة اللوحية.
  • تجنب الوهج الناتج عن شاشات التلفزيون والحاسوب.
  • إجراء فحوصات بصورة منتظمة، لا سيّما كنت تعاني حالة مزمنة، مثل: السكر والضغط.
  • تناول نظام غذائي صحي يحتوي على:
  • الخضراوات الداكنة.
  • الأسماك الغنية بأحماض أوميجا 3.
  • الأطعمة الغنية بفيتامينات E، وA، وC.

وختامًا…

بعد أن تعرفنا إلى “طول النظر” وأسبابه، وأعراضه، لا تتردد -عزيزي القارئ- في التوجه للطبيب فورًا، إذا شعرت بأية مشكلة في عينيك.

لأن تدارك الأمر في أوله، قد يجنبك الكثير من المشكلات مستقبلًا.

أتمنى لكم عيونًا سليمةً!

اقرأ أيضًا

متلازمة تولوزا هنت | شلل العين المؤلم 

الكسل البصري | استعمل نظرك أو اخسره

الجلوكوما | هل تنقشع الغمامة؟

المصدر
www.webmd.comwww.medicalnewstoday.commedlineplus.govpatient.infowww.aao.org

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى